الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأحكام الراجحة الميزان، والأنظار الحسنة الأثر والعيان، والمقاصد التي وفت بالغاية التي لا تستطاع في هذا الميدان؛ فكم من قضيّة جلا بمعارفه مشكلها، ونازلة مبهمة فتح بإدراكه مقفلها، ومسألة مهملة عرّف نكرتها وقرّر مهملها، حتّى قرّت بعدالته وجزالته العيون، وصدقت فيه الآمال الناجحة والظّنون، وكان في تصديره لهذه الولاية العظمى من الخير والخيرة ما عسى أن يكون- كان أحقّ بالتشفيع لولاياته وأولى، وأجدر بمضاعفة النّعم التي لا تزال تترادف على قدره الأعلى.
فلذلك أصدر له- أيده الله- هذا الظهير الكريم مشيرا بالترفيع والتنويه، ومؤكّدا للاحتفاء الوجيه، وقدّمه- أعلى الله قدمه، وشكر نعمه- خطيبا بالجامع الأعظم [من حضرته]«1» - عمره الله بذكره- من علية الخطباء، وكبار العلماء، وخيار الفقهاء الصّلحاء؛ فليتولّ ذلك في جمعاته، مظهرا في الخطبة أثر بركته وحسناته، عاملا على ما يقرّبه عند الله من مرضاته، ويظفره بجزيل مثوباته، بحول الله وقوّته.
الضرب الثالث (ما يكتب لأرباب الوظائف الديوانية)
وهذه نسخة ظهير بالقلم الأعلى المعبّر عنه في بلادنا بكتابه السر؛ وهي:
هذا ظهير كريم نصب للمعتمد به الإنافة «2» الكبرى ببابه فرفعه، وأفرد له متلوّ العز جمعه ووتره وشفعه، وقرّبه في بساط الملك تقريبا [أرغم به أنف عداه ووضعه]«3» ، وفتح له باب السعادة وشرعه، وأعطاه لواء القلم الأعلى فوجب على من دون رتبته، من أولي صنعته، أن يتّبعه، ورعى له وسيلته السابقة عند
استخلاص الملك لمّا ابتزّه الله من يد الغاصب وانتزعه؛ وحسبك من ذمام لا يحتاج إلى شيء معه.
أمر به الأمير فلان لفلان- وصل الله سعادته، وحرس مجادته- أطلع له وجه العناية أبهى من الصبح الوسيم، وأقطعه جناب الإنعام الجميم، وأنشقه أرج الحظوة عاطر النسيم، ونقله من كرسيّ التدريس والتعليم، إلى مرقى التّنويه والتكريم، والرتبة الّتي لا يلقّاها إلا ذو حظّ عظيم، وجعل أقلامه جيادا لإجالة أمره العليّ وخطابه السنيّ، في ميادين الأقاليم، ووضع في يده أمانة القلم الأعلى، جاريا من الطريقة المثلى على النّهج القويم، واختصه بمزيّة الشّفوف على كتّاب بابه الكريم. لمّا كان ناهض الوكر في طلبة حضرته من البداية، ولم يزل تظهر عليه لأولي التمييز مخايل هذه العناية: فإن حضر حلق العلم جلّى في حلبة الحفّاظ إلى الغاية، وإن نظم أو نثر أتى بالقصائد المصقولة، والمخاطبات المنقولة، فاشتهر في بلده وغير بلده، وصارت أزمّة العناية طوع يده، بما أوجب له المزيّة في يومه وغده.
وحين ردّ الله عليه ملكه الذي جبر به جناح الإسلام، وزيّن وجوه الليالي والأيّام، وأدال الضّياء من الظلام، وكان ممّن وسمه الوفاء وشهره، وعجم الملك عود خلوصه وخبره، فحمد أثره، وشكر ظاهره ومضمره، واستصحب عليّ ركابه الذي صحب اليمن سفره، وأخلصت الحقيقة نفره، وكفل الله ورده وصدره، ميمون النّقيبة، حسن الضّريبة، خالصا في الأحوال المريبة، ناطقا عن مقامه بالمخاطبات العجيبة، واصلا إلى المعاني البعيدة بالعبارات القريبة، مبرّزا بالخدم الغريبة، حتّى استقام العماد، ونطق بصدق الطاعة الحيّ والجماد، ودخلت في دين الله أفواجا العباد والبلاد، لله الحمد على نعمه الثّرّة العهاد، وآلائه المتوالية التّرداد، رعى له- أيّده الله- هذه الوسائل وهو أحقّ من يرعاها، وشكر له الخدم المشكور مسعاها، فقصر عليه الرّتبة الشّمّاء التي خطبها بوفائه، وألبسه أثواب اعتنائه، وفسّح له مجال آلائه، وقدّمه- أعلى الله قدمه، وشكر نعمه- كاتب السّرّ، وأمير النهي والأمر، تقديم الاختبار، والاغتباط بخدمته