الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يؤتمن على مثله إلا الأمين، وتفوّض إليه من حجج الخصوم المرفوعين إليك ما لا يفوّض إلا لذي العفاف والدّين- وأن تتفقد مع ذلك أمره، وتتصفّح عمله، وتشرف على ما تحت يديه بما يؤدّيك إلى إحكامه وضبطه، ويؤمّنك من وقوع خلل فيه- وأن تختار لحجابتك من لا يتجهّم الخصوم، ولا يختصّ بعضها دون بعض بالوصول، وتوعز إليه في بسط الوجه؛ ولين الكنف، وحسن اللفظ، ورفع المؤونة، وكفّ الأذى.
فتقلّد ما قلّدناك من ذلك عاملا بما يحقّ عليك لله جلّ وعزّ ذكره، ومستعينا به في أمرك كلّه: فإنّا قلّدناك جسيما، وحمّلناك عظيما، وتبرّأنا إليك من وزره وإصره، واعتمدنا عليك في توخّي الحقّ وإصابته، وبسط العدل وإفاضته، واقبض لأرزاقك وأرزاق كتّابك وأعوانك ومن يحجبك ولثمن قراطيسك وسائر مؤنك في كل شهر أربعين دينارا، فقد كتبنا إلى عامل الخراج بازاحة ذلك، أوقات استحقاقك إيّاه ووجوبه لك، وإلى عامل المدينة بالشّدّ على يدك، والتقوية لأمرك، وضمّ العدّة التي كانت تضم إلى القضاة من الأولياء إليك، وهما فاعلان ذلك إن شاء الله تعالى.
الحالة الثالثة- ما كان عليه الأمر في زمن بني أيّوب
.
وكانوا يسمّون ما يكتب عن ملوكهم من الولايات لأرباب السيوف والأقلام «تقاليد» و «تواقيع» و «مراسيم» وربّما عبّروا عن بعضها ب «المناشير» وهي في الافتتاحات على ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى
- أن تفتتح الولاية بخطبة مبتدأة بالحمد لله تعالى ثم يؤتى بالبعديّة، ويذكر ما سنح من حال الولاية والمولّى، ويوصّى المولّى بما يليق بولايته؛ ثم يقال:«وسبيل كلّ واقف عليه من النّواب العمل به» أو نحو ذلك.
وهي على ثلاثة أصناف:
الصنف الأوّل- أرباب السيوف من هذه المرتبة
.
وهذه نسخة توقيع بولاية ناحية وإقطاع بلادها لمتولّيها، وهي:
الحمد لله على عوائده الجميلة وعواطفه، وفوائده الجزيلة وعوارفه، ناصب الحقّ وناصره، وقاصم الباطل وقاصره، ومنير الدين ومديله، ومبير الكفر ومذيله، وشادّ أزر أوليائه وسادّ ثغرهم، وناصر معزّهم ومعزّ نصرهم، الذي أضفى علينا مدارع نعمه، وأصفى لدينا مشارع كرمه، وأعلق أيدينا من العدل بأوكد الأسباب والأمراس، وصرف بنا صرف العسف وكفّ بكفايتنا كفّ البؤس عن الرعيّة والباس، وجلب إلى استجلاب الشكر من الناس همّتنا، وطوى على حبّ البرّ وإبرار المحب طويّتنا، وحسم بما أولاناه من أيد «1» مادّة كلّ يد تمتدّ إلى محظور، ويسّرنا ببساط العدل المطويّ لما طوى بعدلنا بساط الظّلم المنشور، وأبى لنا أن نكفر نعمة أو نهبها لكافر، أو ندع شكر منّة أو نودعها عند غير شاكر.
ولمّا كان الأمير فلان ممن سبقت لجدّه ولأبيه- تعاهد الله بالعهاد مثواهما، وخص بثرّار الرحمة ثراهما- الحرم الأكيدة، والخدم الطريفة والتّليدة، ولم يزالا مجتهدين في تعمير هذا البيت وتشييد أسّه، ملازمي الإدآب «2» في إنمائه وتشديد غرسه، مفضيين بالموالاة إلى مواليه، مفصحين بالمعاداة لمعاديه، رأينا- لا زال الإقبال لارائنا مقابلا ومرافقا، والسعد مساعدا والتوفيق موافقا- أن نلحقه بدرجة أوّليه، ونورده من كرمنا مورد جدّه وأبيه، ونثني إليه عنان عنايتنا، ونرعاه بعين رعايتنا، ونلحفه جناح لطفنا، ونبوّئه مقعد شرف تحت ظلّنا، ونحرس حدّه من الفلول، وجدّه من الخمول، وعوده من الخور، وورده من الكدر، وأن نقرّره على ما بوّأنا فيه والده من الهبات والإنعام، والإفضال والإحسان، وجميع ما دخل تحت اسمه من المعاقل والبلدان، وسيوضّح ذلك بقلم الدّيوان.