الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زماننا أنه كان يكتب في الطرّة «1» لأرباب السيوف بعد الأميريّ «الكبيريّ الفلانيّ» بلقب الإضافة إلى لقب السلطان كالناصريّ ونحوه، بخلاف أرباب الأقلام فإنه لم تجر العادة بأن يكتب لهم ذلك في شيء من طرّة تقاليدهم ولا تواقيعهم، إلى أن لبس القاضي سعد الدين بن غراب الكلّوتة «2» ، واستقر إستادارا «3» في الدولة الناصرية فرج بن برقوق، ثم استقرّ مشيرا وكتب له تقليد بالإشارة كتب له في طرّة تقليده بعد الكبيريّ «الناصريّ» لجمعه بين السيف والقلم. ثم جرى بعض الكتّاب على مثل ذلك في غيره من أرباب الأقلام الأكابر: كالوزير، وكاتب السر، وناظر الخاصّ، وناظر الجيش، ومن في معناهم من أرباب الوظائف الديوانية. والحجة فيه ظاهرة من حيث إن كلّا من المذكورين إذا كتب عنه كتاب، كتب في أعلاه تحت البسملة «الملكيّ الناصريّ» وإذا كتب عنه قصّة، كتب فيها تحت البسملة «الملكيّ الفلانيّ» .
ومقتضى ذلك أن يكتب لقب الإضافة إلى لقب السلطنة في تقليده أو توقيعه على ما تقدّمت الإشارة إليه من فعل بعض الكتّاب.
الأمر الخامس- مما يجب على الكاتب مراعاته معرفة الوصف اللائق بصاحب الوظيفة
.
فيجب عليه مراعاة ما يناسبه من الأوصاف التي يقع بها تقريظه ومدحه:
فإن كان نائب سلطنة وصفه بالشجاعة، والنّجدة، وقوّة العزم، والشّهامة، وشدّة الشّكيمة، ونصرة الدّين، وكفّ [الأيدي]«4» العادية، وإرهاب العدوّ،
وقمع المفسدين، وإرغام أهل العدوان، وحماية الثّغور- إن كان في ثغر- ووفور الهيبة، وبعد الصّيت، وطيران السّمعة، مع بسط المعدلة والرّفق بالرعيّة، والرأفة بخلق الله تعالى، والشّفقة عليهم، والإحسان إلى الكافّة، والأخذ بقلوبهم، والوقوف مع أحكام الشريعة، وبذل الطاعة، والمناصحة، والمخالصة، وقدم هجرته في الدولة- إن كان قديم هجرة- ومرور الدّول عليه- إن كان قد مرّت عليه دول-، وأنه نشء الدولة- إن كان ابتداء أمره فيها-، ونحو ذلك.
وإن كان نائب قلعة وصفه بالحذق، واليقظة، وقوّة الحزم، وشدّة التحرّز، والمعرفة بأحوال الحصار وضروب القتال وطرق التحصين والمدافعة، ونحو ذلك.
وإن كان وزيرا وصفه بحسن التدبير، وجزالة الرأي، والاحتياط في الأمور، والقيام بمصالح الإسلام، وعمارة البلاد، والنّهوض في المهمّات، وكفّ الأيدي العادية، والأخذ على يد المتعدّي، وتنمية الأموال وتثميرها، وتسهيل ما يجري من الأرزاق على يده، وبذل المجهود في معاضدة الشريعة، وشبه ذلك مما يجري هذا المجرى.
وإن كان كاتب سرّ وصفه بالفصاحة والبلاغة، وقيام أقلامه في التأثير في العدوّ مقام السّيوف والرّماح، وكتبه في تفريق الكتائب مقام الجيوش والعساكر، وسداد الرأي، وكتم الأسرار، وحماية الممالك بنتائج أفكاره، وما شاكل ذلك.
وإن كان ناظر جيش وصفه بالمعرفة بأمور الجيوش وترتيبها، وأصناف الأمراء، والجند، والمستخدمين، وترتيب مقاماتهم، وما ينخرط في هذا السّلك.
وإن كان ناظر الخاص وصفه بالمعرفة بأمور الحساب، والنهضة في المهمّات، والمعرفة بأحوال ديوان الخاصّ وجهاته، والقدرة على تحصيل
الأموال وزيادتها، ومعرفة ما يحتاج إليه من أصناف الأقمشة والطّرز وغيرها، مع الأمانة والعفّة، وما يجري مجرى ذلك.
وإن كان مستوفي الصّحبة «1» وصفه بالمعرفة بفنون الكتابة، ونظم الحسبانات، والاحتياط في استرفاعها، مع الضبط والاحتراز والأمانة والعفّة وما هو من هذا القبيل.
وإن كان ناظر خزانة الخاصّ «2» وصفه بالأمانة، والعفّة، والمعرفة بأصناف الخزانة: من الأقمشة والتّشاريف، والطّرز، ومعرفة مراتب أربابها، وما يناسب كلّ واحد منهم من أنواع التشاريف من عاليها وهابطها، وما يطابق ذلك.
وإن كان قاضيا وصفه بغزارة العلم، وسعة الفضل، ونصرة السّنّة، وقمع البدعة، والعدل في الأحكام، وإنصاف المظلوم من الظالم، والأخذ للضعيف من القويّ، والنزاهة عن المطاعم الوخيمة، والمطامع الرديّة، والبعد عن الأهواء في الحكم، وما ينخرط في هذا السّلك.
وإن كان محتسبا «3» وصفه بعد وصفه بالفضل بالعفّة، والأمانة، وعلوّ الهمّة، وقوّة العزم، والصّرامة، ووفور الهيبة، والنّهوض بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنظر في مصالح المسلمين، وعدم محاباة أهل الدّنيا وأرباب الجاه، وأنه لا يفرّق في الحق بين الجليل والحقير، وما في معنى ذلك.
وإن كان وكيل بيت المال وصفه بعد العلم والديانة بالوقوف مع الحق، والتثبّت فيه، ومراعاته المصلحة العامّة في كل ما يتعلّق به، والمعرفة بشروط
الاعذار ومواقع إبداء الدافع ونفيه، وأنه يقدّم مصالح المسلمين على مصالح نفسه، وما يقارب ذلك.
وإن كان مدرّسا وصفه بسعة العلم، والتضلّع بالفنون، والأخذ من كلّ منها بحظّ وافر، وطول الباع في البحث والمناظرة، والوقوف مع الحقّ فيها، وعدم الجدال في الباطل، وتربية الطلبة، وتأديبهم، والتقريب على من عسر على فهمه شيء من المسائل، وعدم الترفّع عليهم، وتنزيلهم منازلهم في الفضل، وتقديم من برع منهم.
وإن كان خطيبا وصفه بالفصاحة، والبلاغة، وقوّة اللّسن، وشدّة الشّكيمة في الكلام، وتأثير وعظه في القلوب، وانسكاب الدموع من وقع عظاته، وما أشبه ذلك.
وإن كان شيخ خانقاه «1» وصفه بالورع، والزّهد، والنّسك، وقطع العلائق من الدنيا، وتربية المريدين وتسليكهم، والوقوف مع طريق السّلف الصالح.
وإن كان رئيس الأطبّاء وصفه بالحذق في الطّبّ، والمهارة فيه، وتقدّمه على غيره في الفنّ، والمعرفة بالعقاقير وما فيها من نفع وضرّ والمعرفة بالأمراض والعلل وطرق العلاج، وما يجري مجرى ذلك.
وإن كان رئيس الكحّالين «2» وصفه بالمعرفة في صنعة الكحل، والتقدّم على أبناء صنعته فيه، والمعرفة بحال العين وأمراضها، وأصناف الأكحال، وما يوافق كلّ علّة من ذلك، وما ينخرط في هذا السّلك.
وإن كان رئيس اليهود أو بطركا من بطاركة النصارى، وصفه بالمعرفة بأمور