الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلت: أما سائر أرباب الوظائف من الأمراء المستقر مثلهم بالحضرة السلطانية: كرأس نوبة، وأمير مجلس، وأمير سلاح، وأمير اخور، وأمير جاندار، وأستادار المباشرة، وأستادار الصحبة، وشادّ الشراب خاناه، والجاشنكير، ومقدّم المماليك ونحوهم «1» ، فلا وجود لهم هناك. وإنما يكون للنائب مثلهم من أجناده كغيره من سائر الأمراء.
الصنف الثاني الوظائف الدّيوانية؛ وهي عشر وظائف
(منها) الوزارة- وهي تارة تعلو رتبة صاحبها بأن يكون جليل القدر، كما إذا كان قد تقدّمت له ولاية وزارة بالديار المصرية أو نحو ذلك فيصرّح له بالوزارة، وتارة تقصر رتبته عن ذلك فيطلق عليه ناظر المملكة الشامية، ولا يسمح له من ديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية باسم الوزارة، وإن كان الجاري على ألسنة العامة إطلاق لفظ الوزير عليه. وكيفما كان فإنما يوليه السلطان من الأبواب الشريفة، إن كان وزيرا كتب له تقليد، وإن كان ناظر المملكة كتب له مرسوم.
قلت: وقلّ أن يليها أرباب السيوف، فإن وقع ذلك احتاج معه إلى ناظر مملكة كما يكون ناظر الدولة مع الوزير ربّ السيف بالديار المصرية.
(ومنها) كتابة السّرّ- ويعبر عن متوليها في ديوان الإنشاء بالأبواب السلطانية بصاحب ديوان الإنشاء بالشام المحروس، ولا يقال فيه: صاحب دواوين الإنشاء كما في الديار المصرية. على أنها تضاهي كتابة السر بالديار المصرية في الرياسة ورفعة القدر. وموضوعها على نحو ما تقدّم في الديار المصرية. وكيفما كان فإنما يولّى من الأبواب السلطانية بتوقيع شريف، ويحترز السلطان فيها على أن يكون كاتب السر من خاصته الموثوق بهم ليطالعه بخفيات أمور المملكة وما
يحدث بها مما لعل النائب قد يخفيه «1» عن السلطان. وبديوانه كتّاب الدّست «2» وكتّاب الدّرج «3» كما بالديار المصرية، ويقال إنه كان عدّة كتّاب الدست في الأيام الناصرية ابن قلاوون نفرين وكتّاب الدّرج جماعة يسيرة، ثم زاد الأمر كما في الديار المصرية. وولايات كتّاب الدّست وكتّاب الدّرج بتواقيع كريمة عن النائب دون الأبواب الشريفة.
وأخبرني بعض أهل دمشق العارفين بأحوال المملكة أن كاتب السرّ في الزمن المتقدّم لم يكن يحضر دار العدل مع النائب، وإنما كان يحضر كتّاب الدست فقط فيوقّعون بما يحتاج إليه في المجلس وينصرفون إلى كاتب السر فيخبرونه بما اتّفق، وكاتب السر يجتمع بالنائب في أوقات مخصوصة فيما يتعلق «4» بالأمور السلطانية فقط، وكان كاتب السرّ ربما داجى «5» عليه الموقّعون فيما يقع بدار العدل فيلحقه بعض الخلل. فلما ولي كتابة السرّ القاضي «6» سعى السعي العظيم حتّى أذن له في الحضور بدار العدل والتوقيع فيه، واستمر ذلك إلى الآن.
(ومنها) نظر الجيش- وموضوعه التحدّث في الإقطاعات: إما في كتابة مربّعات تكتب بما يعينه النائب من الإقطاعات المتوفّرة عن أربابها بالموت ونحوها وتكميلها بخطوط ديوانه، ويجهزها النائب إلى الأبواب الشريفة ليشملها الخطّ الشريف السلطانيّ، وتحمل إلى ديوان الجيوش بالديار المصرية فتجعل
شاهدا مخلّدا فيه، وتكتب منه مربعة، بمقتضاها يخرج المنشور على نظيرها كما تقدّمت الإشارة إليه، وإما في إثبات المناشير الشريفة التي تصدر إليه من الأبواب السلطانية بديوانه حفظا لحسبانات المقطعين. وليس بالشام كتابة مناشير أصلا، بل ذلك مختص بالأبواب السلطانية، فإن كان فيه كتابة الدست وقّع بدار العدل في جملة الموقعين وإلا فلا، وإذا كان موقعا جلس مجلس ناظر الجيش وإن كان متأخرا في القدمة عن غيره من الموقّعين، وولاية هذا الناظر من الأبواب الشريفة السلطانية بتوقيع شريف. وبديوانه عدّة مباشرين من صاحب ديوان وكتّاب وشهود، ولايتهم عن النائب بتواقيع كريمة. وناظر الجيش هو الذي يحكم في المحاكمات الديوانية كما يحكم فيها مستوفي المرتجع «1» بالديار المصرية.
(ومنها) نظر المهمّات الشريفة- وهي وظيفة جليلة يكون متوليها من أرباب الاقلام رفيقا لشادّ المهمات المتقدّم ذكره من أرباب السيوف: من النائب أو حاجب الحجّاب أو غيرهما. وهي تارة تضاف إلى الوزارة، وتارة تفرد عنها بحسب ما يراه السلطان. وولايتها من الأبواب السلطانية بتوقيع شريف. وبهذا الديوان عدّة مباشرين من كتّاب وشهود؛ فيوليهم النائب بتواقيع كريمة.
(ومنها) نظر الخاص- وموضوعه هناك التحدّث فيما يتعلق بالمستأجرات السلطانية وغيرها من الأغوار وما يجري مجراها، وربما أضيف نظرها للوزير.
(ومنها) نظر الخزانة، ويعبر عنها بالخزانة العالية. ومتوليها يكون رفيقا للخازندارية من الطواشيّة المتقدّم ذكرهم، فيكون متحدّثا في أمر التشاريف والخلع وما معها؛ وهي وظيفة جليلة يوليها النائب بتوقيع كريم.
(ومنها) نظر البيمارستان النّوريّ- وقد صار النظر عليه معدوقا «2» بالنائب،
يفوّض التحدّث فيه إلى من يختاره من أرباب الأقلام.
(ومنها) نظر الجامع الأمويّ- وفي الغالب يكون مع قاضي القضاة الشافعيّ.
(ومنها) نظر خزائن السّلاح- وموضوعها كما في الديار المصرية، وولايتها عن النائب بتوقيع كريم.
(ومنها) نظر البيوت- وموضوعها على ما تقدّم في الديار المصرية، وولايتها عن النائب بتوقيع كريم. وأخبرني بعض الدّمشقيّين أن هذه الوظيفة اسم على غير مسمّى لا حقيقة لها ولا مباشرة، لعدم البيوت السلطانية هناك.
(ومنها) نظر بيت المال- وحكمها كما في الديار المصرية.
(ومنها) نظر ديوان الأسرى- وهو التحدّث في الأوقاف التي تفدى بها الأسرى.
(ومنها) نظر الأسواق- وموضوعها كما تقدّم في الديار المصرية من التحدّث على سوق الرقيق والخيل ونحوها، وولايتها عن النائب بتوقيع كريم.
(ومنها) نظر مراكز البريد- ومتوليها يكون رفيقا لأمير اخور البريد المقدّم ذكره، وولايته عن النائب بتوقيع كريم.
(ومنها) نظر الحوطات- وهو على نحو من استيفاء المرتجع بالديار المصرية في تحصيل الأموال السلطانية.
أما الحكم في المحاكمات الديوانية، فيختص بناظر الجيش كما تقدّم ذكره.
(ومنها) نظر المسابك- ومتوليه يكون رفيقا لشادّ المسابك المتقدّم ذكره في أرباب السيوف، وولايته عن النائب بتوقيع كريم. قلت: ويضم إلى كل نظر من هذه الأنظار مباشرون: من شهود وغيرهم، يكتب لذوي الصوب منهم تواقيع كريمة عن النائب بوظائفهم، في أنظار أخرى لا يسع استيفاؤها: كنظر المواريث