الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجميعها تزرع على المطر، وربما زرع بعضها على ماء العيون، والشعير والذرة أكثر الحبوب وجودا، ويزرع فيه على العيون البطّيخ: الأخضر والأصفر، والقثّاء، والباذنجان، والدّبّاء، والملوخيا، والهندبا، والفجل، والكرّاث، والبصل، والثّوم.
وأما فواكهه ففيه الرّطب، والعنب، والموز والتّفّاح، والسّفرجل، واللّيمون وغير ذلك.
وأما رياحينه ففيه التامر حنّاء، ويسمّى عندهم الفاغية: بالفاء وغين معجمة وياء مثناة تحت وهاء في الآخر.
وأما مواشيه ففيه الإبل والضّان، والمعز بكثرة، والبقر بقلّة. وبه من الخيل ما يفوق الوصف حسنه، ويعجز البرق إدراكه.
وأما وحوشه ففيه الغزلان، وحمر الوحش، والذّئاب، والضّباع، والثعالب، والأرانب وغيرها.
وأما طيوره ففيه الحمام، والدجاج، والحدأة، والرّخم.
الطرف السادس في قواعده وأعماله؛ وفيه ثلاث قواعد
القاعدة الأولى مكة المشرفة، وفيها جملتان
الجملة الأولى في حاضرتها
وقد ذكر العلماء رحمهم الله لها ستة عشر اسما. «مكّة» بفتح الميم وتشديد الكاف المفتوحة وهاء في الآخر. كما نطق به القرآن الكريم في قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ
«1» ؛ سميت
بذلك لقلة مائها أخذا من قولهم امتكّ الفصيل ضرع أمه إذا امتصه، وقيل لأنها تمكّ الذنوب بمعنى أنها تذهب بها، ويقال لها أيضا (بكّة) بإبدال الميم باء موحدة. وبه نطق القرآن أيضا في قوله تعالى: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ
«1» قال الليث: «2» سميت بذلك لأنها تبكّ أعناق الجبابرة أي تدقّها والبك الدّق؛ وقيل بالميم الحرم كلّه وبكّة المسجد خاصة، حكاه الماورديّ عن الزهريّ وزيد بن أسلم؛ وقيل بالباء اسم لموضع الطواف، سمي بذلك لازدحام الناس فيه والبكّ الازدحام. ومن أسمائها أيضا (أمّ القرى) و (البلد الأمين) و (أم رحم) بضم الراء وإسكان الحاء المهملتين لأن الناس يتراحمون فيها ويتوادعون؛ و (صلاح) مبنيّ على الكسر كقطام ونحوه؛ و (الباسّة) لأنها تبسّ الظالم أي تحطمه؛ و (الناسّة) بالنون لأنها تنسّ الملحد فيها أي تطرده؛ و (النّسّاسة) لذلك أيضا؛ و (الحاطمة) لأنها تحطم الظالم كما تقدّم؛ و (الرأس) و (كوثى) بضم الكاف وفتح المثلثة؛ و (القدس) و (القادس) و (المقدّسة) . قال النوويّ: وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى، ولذلك كثرت أسماء الله تعالى وأسماء رسوله صلى الله عليه وسلم وقد تقدّم أنها من جملة الحجاز. وحكى ابن حوقل عن بعض العلماء أنها من تهامة ورجحه في «تقويم البلدان» . وموقعها في الإقليم الثاني من الاقاليم السبعة. قال في «كتاب الأطوال» «3» : طولها سبع وستون درجة وثلاث عشرة دقيقة، وعرضها إحدى وعشرون درجة وأربعون دقيقة. وقال في «القانون» «4» : طولها سبع وستون درجة فقط، وعرضها إحدى وعشرون درجة وعشرون دقيقة. وقال في «رسم المعمور» «5» : طولها سبع وستون درجة، وعرضها إحدى وعشرون. وقال كوشيار:«6»
طولها سبع وستون درجة وعشر دقائق، وعرضها إحدى وعشرون درجة وأربعون دقيقة. وقال ابن سعيد: طولها سبع وستون درجة وإحدى وثلاثون دقيقة، وعرضها إحدى وعشرون درجة وعشرون دقيقة. وهي مدينة في بطن واد والجبال محتفّة بها، فأبو قبيس مشرف عليها من شرقيها وأجياد بفتح الهمزة مشرف عليها من غربيها. قال الجوهريّ: سمي بذلك لموضع خيل تبّع منه. قال في «الروض المعطار» : وسعتها من الشمال إلى الجنوب نحو ميلين، ومن أسفل أجياد إلى ظهر جبل قعيقعان مثل ذلك. قال الكلبيّ: ولم يكن بها منازل مبنية في بدء الأمر؛ وكانت جرهم والعمالقة حين ولايتهم على الحرم ينتجعون جبالها وأوديتها ينزلون بها؛ ثم جاءت قريش بعدهم فمشوا على ذلك إلى أن صارت الرياسة في قريش لقصيّ بن كلاب فبنى دار النّدوة، يحكم فيها بين قريش؛ ثم صارت لمشاورتهم وعقد الألوية في حروبهم؛ ثم تتابع الناس في البناء، فبنوا دورا وسكنوها، وتزايد البناء فيها حتى صارت إلى ما صارت. وبناؤها بالحجر وعليها سور قديم قد هدم أكثره وبقي أثره والمسجد في وسطها. وقد ذكر الأزرقيّ في «تاريخ مكة» أن الكعبة كانت قبل أن تدحى الأرض رابية حمراء مشرفة على وجه الماء، ولما أهبط الله آدم عليه السلام وجاء إلى مكة، استوحش فأنزل الله تعالى إليه قبّة من الجنة من درّة بيضاء لها بابان فوضعت مكان البيت فكان يتأنّس بها، وجعل حولها ملائكة يحفظونها من أن يقع بصر الشياطين عليها. قال في «الروض المعطار» : وكان الحجر الأسود كرسيّا يجلس عليه. قال: وطوله ذراع. والذي ذكره الماورديّ وغيره أن الملائكة لما قالوا: أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها
«1» لاذوا بالعرش خوفا من غضب الله تعالى فطافوا حوله سبعا فرضي عنهم وقال: ابنوا في الأرض بيتا يعوذ به من سخطت عليه من بني آدم فبنوا هذا البيت، وهو أول بنائه؛ ثم بناها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام كما أخبر الله تعالى بقوله: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ
«2» قال في «الروض المعطار» : ولم يجعل لها سقفا. قال:
ثم انهدمت الكعبة فبنتها العمالقة، ثم انهدمت فبنتها جرهم، ثم انهدمت فبناها قصيّ بن كلاب وسقفها بخشب الدّوم وجريد النخل وجعل ارتفاعها خمسا وعشرين ذراعا، ثم استهدمت وكانت فوق القامة فأرادت قريش تعليتها فهدمتها وبنتها، والنبيّ صلى الله عليه وسلم عمره خمس وعشرون سنة، وشهد بناءها معهم، وكان بابها بالأرض فقال أبو حذيفة بن المغيرة: يا قوم ارفعوا باب الكعبة حتى لا يدخل إلا مسلم «1» ففعلوا ذلك وسقفوها بخشب سفينة ألقاها البحر إلى جدّة.
قال في «الروض المعطار» : وكان طولها ثماني عشرة ذراعا، ثم احترق البيت حين حوصر ابن الزّبير بمكة وتأثّرت حجارته بالنار، فهدمه ابن الزبير وأدخل فيه ستة أذرع من الحجر، وقيل سبعة، وجعل له بابين ملصقين بالأرض:
شرقيّا وغربيّا يدخل من أحدهما ويخرج من الآخر، وجعل على بابها صفائح الذهب، وجعل مفاتيحه من ذهب. قال في «الروض المعطار» : وبلغ بها في العلوّ سبعا وعشرين ذراعا. فلما قتل ابن الزبير كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجّاج يأمره بإعادته على ما كان عليه في زمن النبيّ صلى الله عليه وسلم من بناء قريش فهدم جانب الحجر وأعاده إلى ذلك، وسدّ الباب الغربي ورفع الشرقيّ عن الأرض إلى حدّه الذي هو عليه الآن؛ وكان عبد الملك بن مروان بعد ذلك يقول:«وددت أني كنت حمّلت ابن الزبير من بناء الكعبة ما تحمّل» .
ثم جدّد المتوكل رخام الكعبة فأزّرها بفضة وألبس سائر حيطانها وسقفها الذهب، وهو على ذلك إلى الآن. وهو مبنيّ بالحجر الأسود مستطيل البناء على التربيع، في ارتفاع خمسة وعشرين ذراعا.
وله أربعة أركان:
الأول- ركن الحجر الأسود. وهو ما بين الشرق والجنوب، ومنه يبتدأ الطواف.
الثاني- الشاميّ. وهو ما بين الشرق والشمال، سمّي بذلك لمسامتته بعض بلاد الشام، وداخله باب المطلع إلى سطح الكعبة.
الثالث- الغربيّ. وهو ما بين الشمال والغرب، سمي بذلك لمسامتته بلاد المغرب، ولو سميّ بالمصريّ لكان جديرا به لمسامتته بلاد مصر.
الرابع- اليماني. وهو ما بين الغرب والجنوب، سمي بذلك لمسامتته بلاد اليمن ولذلك خففت الياء في آخره نسبة إلى اليمن. وقال ابن قتيبة: سميّ بذلك لأنه بناه رجل من اليمن يقال له ابن أبي سالم، وقد يطلق عليه وعلى ركن الحجر الأسود اليمانيان، وعلى الشاميّ والغربيّ الشاميّان تغليبا.
ثم بين ركن الحجر الأسود وبين الركن الشاميّ أربعة وعشرون ذراعا، وبالقرب من الركن الأسود في هذا الجدار باب الكعبة على أربعة أذرع وشيء من الأرض يرقى إليه بدرج من خشب توضع عند فتح الباب؛ والملتزم بين الركن الأسود والباب الشرقيّ؛ وبالقرب من الركن الشاميّ منه مصلّى آدم عليه السلام.
وهذا الجدار مقسوم بثلاث جهات:
الأولى- من الركن الاسود إلى باب الكعبة. وهي في جهة القبلة لأهل البصرة، والأهواز، وفارس، وأصبهان، وكرمان، وسجستان، وشمال بلاد الصّين وما على سمت ذلك.
الثانية- من الباب إلى مصلى آدم عليه السلام. وهي جهة القبلة لأهل الكوفة، وبغداد، وحلوان، والقادسيّة، وهمذان، والرّيّ، ونيسابور، ومرو، وخوارزم، وبخارا، ونسا، وفرغانة، والشاش، وخراسان، وما على سمت ذلك.
الثالثة- من مصلى آدم عليه السلام إلى الركن الشاميّ. وهي جهة القبلة لأهل الرّها، والموصل، وملطيّة، وشمشاط، والحيرة، وسنجار، وديار بكر، وأرمينية إلى باب الأبواب، وما على سمت ذلك.
وبين الركن الشاميّ والركن الغربيّ أحد وعشرون ذراعا، وبأعلى هذا
الجدار الميزاب في الوسط منه وخارجه الحجر (بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم) مستديرا به على سمت الركنين، يفصل بينه وبين البيت فرجتان.
وهذا الجدار مقسوم بثلاث جهات أيضا:
الأولى- من الركن الشاميّ إلى دون الميزاب. وهي جهة القبلة لدمشق، وحماة، وسلميّة، وحلب، ومنبج، وميّافارقين، وما سامت ذلك.
الثانية- وسط الجدار من الميزاب وما إلى جانبه. وهي جهة القبلة للمدينة النبوية (على ساكنها أفضل الصلاة والسلام) وجانب الشام الغربيّ، وغزّة، والرّملة، وبيت المقدس، وفلسطين، وعكّا، وصيدا.
الثالثة- ما يلي هذه الجهة إلى الركن الغربيّ. وهي جهة القبلة لمصر بأسرها من أسوان إلى دمياط، والإسكندريّة، وبرقة، وكذلك طرابلس الغرب، وصقلّية، وسواحل الغرب، والأندلس وما على سمت ذلك. وبين الركن الغربيّ والركن اليماني في هذا الجدار الباب المسدود تجاه الباب المفتوح.
وهذا الجدار مقسوم بثلاث جهات أيضا:
الأولى- من الركن الغربيّ إلى ثلث الجدار. وهي جهة القبلة لأهل الشمال من بلاد البجاوة، والنّوبة، وأوسط الغرب من جنوب الواحات إلى بلاد الجريد «1» إلى البحر المحيط وما على سمت ذلك من عيذاب، وسواكن، وجنوب أسوان، وجدّة، ونحو ذلك.
الثانية- من ثلث الجدار إلى دون الباب المسدود. وهي جهة القبلة لأهل الجنوب من بلاد البجاوة ودهلك وسواكن والنوبة والتّكرور وما وراء ذلك وعلى سمته.
الثالثة- من دون الباب المسدود إلى الركن اليماني. وهي جهة القبلة لأهل الحبشة، والزّنج، والزّيلع، وأكثر بلاد السودان وما والاها من البلاد أو كان على سمتها.
وبين الركن اليماني وركن الحجر الأسود عشرون ذراعا، أنقص من مقابله بذراع، وبالقرب من ركن الحجر الأسود من هذا الجدار مصلّى النبيّ صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة.
وهذا الجدار مقسوم بثلاث جهات:
الأولى- الركن اليماني إلى سبعة أذرع من الجدار. وهي جهة القبلة لتدمر، وحضر موت، وعدن، وصنعاء، وعمان، وصعدة، والشّحر، وسبإ، وزبيد وما والاها أو كان على سمتها.
الثانية- من حدّ الجهة المتقدّمة إلى دون مصلّى النبيّ صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة.
وهي جهة القبلة لجنوب بلاد الصّين، والسّند، والتّهائم، والبحرين، وما سامت ذلك.
الثالثة- من مصلّى النبيّ صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة إلى ركن الحجر الأسود. وهي جهة القبلة لأهل واسط، وبلاد الصّين، والهند، والمرجان، وكابل، والقندهار.
والمعبر، وما والاها من البلاد أو كان على سمتها.
ويقابل الجدار الشرقيّ من البيت مما يلي ركن الحجر الأسود زمزم وسقاية العبّاس، ويقابله مما يلي الركن الشاميّ مقام إبراهيم عليه السلام. وقد تقدّم الكلام عليه في عجائب الحجاز فيما مرّ؛ ويسمّى ما بين الكعبة وزمزم والمقام الحطيم (بالحاء والطاء المهملتين) . قال في «الروض المعطار» : سمي بذلك لأنه كان من لم يجد من الأعراب ثوبا من ثياب أهل مكة يطوف فيه رمى ثيابه هناك وطاف عريانا. وخارج المسجد الصّفا والمروة اللذان يقع السعي بينهما.