الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أشموم، وولاية دمياط، وولاية قطيا، وكانت قبل ذلك طبلخاناه.
الطبقة الرابعة أمراء العربان بنواحي الديار المصرية
قد تقدّم في الكلام على ما يحتاج إليه الكاتب في المقالة الأولى ذكر أصول أنساب العرب، وانقسامهم إلى قحطانيّة وهم العاربة، وإلى عدنانيّة وهم المستعربة، وبيان رجوع كل بطن من بطون العرب الموجودين الآن بالديار المصرية وغيرها إلى قبيلتهم التي إليها ينتسبون، وبيان من بوجهي الديار المصرية القبليّ والبحريّ من القبائل، وأفخاذ كل قبيلة المتشعّبة منها. والمقصود بيان أمراء العربان بالوجهين المذكورين في القديم والحديث.
فأما الوجه القبليّ، فقد ذكر الحمداني «1» أن الإمرة كانت بالوجه القبليّ في ثلاثة أعمال:
العمل الأول- عمل قوص، وكانت الإمرة به في بيتين من بليّ «2» من قضاعة بن حمير بن سبإ من القحطانيّة.
الأول- بنو شاد المعروفون ببني شادي «3» . وكانت منازلهم بالقصر الخراب المعروف بقصر بني شادي بالأعمال القوصيّة، وتقدّم هناك أنه قيل إنهم من بني أميّة بن عبد شمس من قريش.
الثاني- العجالة. وهم بنو العجيل بن الذئب منهم أيضا، وكانوا معهم هناك.
العمل الثاني- عمل الأشمونين. وكانت الإمرة به في بني ثعلب من السّلاطنة، وهم أولاد أبي جحيش من الحيادرة من ولد إسماعيل بن جعفر الصادق، من عقب الحسين السّبط ابن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكانت منازلهم بدروت سربام «1» ، وغلب عليها الشريف حصن الدين بن ثعلب فعرفت بدروت الشّريف من يومئذ، واستولى عليها وعلى بلاد الصعيد. وقد تقدم أنه كان في آخر الدولة الأيوبية. فلما ولي المعزّ أيبك التّركمانيّ: أول ملوك الترك بالديار المصرية السلطنة، أنف من سلطته وسمت نفسه إلى السلطنة فجهز إليه المعز جيوشا، فجرت بينهم حروب لم يظفروا به فيها، وبقي على ذلك إلى أن كانت دولة الظاهر بيبرس، فنصب له حبائل الحيل وصاده بها وشنقه بالإسكندريّة.
العمل الثالث- البهنسى، وكانت الإمرة فيه في بيتين:
الأول- أولاد زعازع. (بضم الزاي) من بني جديدي من بني بلار من لواثة «2» من البربر أو من قيس عيلان على الخلاف السابق عند ذكر نسبهم في المقالة الأولى. قال الحمدانيّ: وهم أشهر من في الصعيد.
الثاني- أولاد قريش. قال الحمدانيّ: وهم أمراء بني زيد، ومساكنهم نويرة دلاص.
قال: وكان قريش هذا عبدا صالحا كثير الصدقة، ومن أولاده سعد الملك المشهور بنوه هناك.
وذكر المقرّ الشهابيّ بن فضل الله في «التعريف» : أن الإمرة بالوجه القبليّ في زمانه (وهو سلطنة الناصر محمد بن قلاوون وما وليها) كانت لناصر الدين عمر بن فضل، ولم يذكر مقرّته ولا من أيّ العرب هو، وذكر أيضا أن إمرة فيما فوق أسوان كانت في عرب يقال لهم الحدارية «1» في سميرة بن مالك. قال: وهو ذو عدد جمّ وشوكة منكية، يغزو الحبشة وأمم السودان ويأتي بالنهاب والسبايا، وله أثر محمود وفضل مأثور، وفد على السلطان «2» فأكرم مثواه، وعقد له لواء وشرّف بالتّشريف، وقلّد، وكتب إلى ولاة الوجه القبليّ عن آخرهم وسائر العربان بمساعدته ومعاضدته والركوب للغزو معه متى أراد، وكتب له منشور بما يفتحه من البلاد، وتقليد بإمرة عربان القبلة مما يلي قوص إلى حيث تصل غايته، وتركز رايته.
قلت: أما في زماننا فمذ وجّهت عرب هوّارة «3» وجوهها من عمل البحيرة إلى الوجه القبليّ ونزلت به انتشرت في أرجائه انتشار الجراد، وبسطت يدها من الأعمال البهنساوية إلى منتهاه حيث أسوان وما والاها، وأذعنت لهم سائر العربان بالوجه القبليّ قاطبة، وانحازوا إليهم وصاروا طوع قيادهم.
والإمرة الآن فيهم في بيتين:
الأول- بنو عمر: محمد وإخوته. ومنازلهم بجرجا ومنشأة إخميم، وأمرهم نافذ إلى أسوان من القبلة وإلى آخر بلاد الأشمونين من بحري.
الثاني- أولاد غريب. وبيدهم بلاد البهنسى، ومنازلهم دهروط وما حولها.
وأما الوجه البحريّ، فقد ذكر الحمدانيّ أن الإمرة فيهم في خمسة أعمال:
العمل الأول- الشرقيّة. قال: والإمرة فيها في قبيلتين.
الأولى- ثعلبة «1» ، وذكر أن الإمرة كانت فيهم في شقير بن جرجي من المصافحة من بني زريق، وفي عمر بن نفيلة من العليميين «2» .
الثانية- جذام «3» : وقد ذكر أن الإمرة كانت فيهم في خمسة بيوت.
الأول- بيت أبي رشد بن حبشي، بن نجم، بن إبراهيم من العقيليّين: بني عقيل بن قرّة، بن موهوب، بن عبيد، بن مالك، بن سويد، من بني زيد بن حرام، بن جذام؛ أمّر بالبوق والعلم.
الثاني- طريف بن مكنون «4» ، من بني الوليد، بن سويد المقدّم ذكره، وإلى طريف هذا ينسب بنو طريف من بلاد الشرقية. قال الحمدانيّ: وكان من أكرم العرب، كان في مضيفته أيام الغلاء اثنا عشر ألفا تأكل عنده، وكان يهشم الثريد في المراكب. قال: ومن بنيه فضل بن سمح بن كمّونة، وإبراهيم بن عالي؛ أمّر كل منهما بالبوق والعلم.
الثالث- بيت أولاد منازل من ولد الوليد المذكور، كان منهم معبد بن مبارك، أمّر بالبوق والعلم.
الرابع- بيت نميّ بن خثعم من بني مالك، بن هلبا بن مالك بن سويد، أقطع خثعم بن نميّ المذكور وأمّر، واقتنى عددا من المماليك الأتراك والروم
وغيرهم، وبلغ من الملك الصالح أيوب منزلة، ثم حصل عند الملك المعز أيبك التّركماني على الدرجة الرفيعة، وقدّمه على عرب الديار المصرية، ولم يزل على ذلك حتّى قتله غلمانه، فجعل المعز ابنيه: سلمى ودغش عوضه، فكانا له نعم الخلف، ثم قدم دغش دمشق فأمّره الملك الناصر صاحب دمشق يومئذ من بني أيوب ببوق وعلم، وأمّر الملك أيبك أخاه سلمى كذلك.
الخامس- بيت مفرّج بن سالم بن راضي من هلبا بعجة، ابن زيد، بن سويد، بن بعجة، من بني زيد بن حرام بن جذام، أمره المعزّ أيبك التركماني بالبوق والعلم. وذلك أنه حين أراد المعزّ تأمير سلمى بن خثعم المقدّم ذكره امتنع أن يؤمّر حتى يؤمّر مفرّج بن غانم «1» فأمّر.
العمل الثاني- المنوفية. والأمرة فيها لأولاد نصير الدين من لواتة، ولكن إمرتهم في معنى مشيخة العرب.
العمل الثالث- الغربية. والامرة فيه في أولاد يوسف من الخزاعلة من سنبس من طيّء من كهلان من القحطانية، ومقرّتهم مدينة سخا من الغربية.
العمل الرابع- البحيرة. وقد ذكر في «التعريف» : أن الإمرة في الدولة الناصرية ابن قلاوون كانت لخالد بن أبي سليمان وفائد بن مقدم. قال في «مسالك الأبصار» : وكانا أميرين سيدين جليلين ذوي كرم وإفضال وشجاعة وثبات رأي وإقدام.
العمل الخامس- برقة. قال في «التعريف» : ولم يبق من أمراء العرب ببرقة يعني في زمانه إلا جعفر بن عمر، وكان لا يزال بين طاعة وعصيان، ومخاشنة وليان، والجيوش في كل وقت تمدّ اليه، وقلّ أن تظفر منه بطائل أو رجعت منه بمغنم، وإن أصابته نوبة من الدهر. قال: وآخر أمره أن ركب طريق الواح حتى خرج من الفيّوم وطرق باب السلطان لائذا بالعفو، ووصل ولم يسبق به خبر، ولم
يعلم السلطان به حتى أستأذن له عليه وهو في جملة الوقوف بالباب، فأكرم أتمّ الكرامة وشرّف بأجلّ التشاريف، وأقام مدّة في قرى الإحسان وإحسان القرى وأهله لا يعلمون ما جرى، ولا يعلمون أين يمّم ولا أيّ جهة نحا، حتى أتتهم وافدات البشائر وجاءت منه. فقال له السلطان: لم لا أعلمت أهلك بقصدك إلينا؟
قال: خفت أن يقولوا: يفتك بك السلطان فأتثبّط، فاستحسن قوله، وأفاض عليه طوله، ثم أعيد إلى أهله، فانقلب بنعمة من الله لم يمسسه سوء ولا رثى له صاحب ولا شمت به عدوّ.
قلت: والإمرة اليوم في برقة في عمر بن عريف، وهو رجل ديّن وكان أبوه [عريف ذا دين متين رأيته]«1» في الإسكندرية بعد الثمانين والسبعمائة، واجتمعت به فوجدت آثار الخير ظاهرة عليه.