الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجملة الثانية في نواحيها وأعمالها، وهي على ضربين
الضرب الأول حماها ومرافقها
واعلم أن للمدينة الشريفة حمى، حماه النبيّ صلى الله عليه وسلم وحرّمه كما حرّم إبراهيم عليه السلام مكة. قال في «الروض المعطار» : حماها اثنا عشر ميلا؛ وخارج بابها الشرقيّ البقيع المتقدّم ذكره، وهو مدفن أكثر أمواتها، وهو بالباء الموحدة في أوله، ويسمى بقيع الغرقد- بفتح الغين المعجمة وسكون الراء المهملة وفتح القاف ودال مهملة في الآخر. قال «الأصمعيّ» : سمي بذلك لأنه قطع ما به من شجر الغرقد يوم مات عثمان رضي الله عنه. وبه قبر إبراهيم بن النبيّ صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية، وقبر الحسن بن عليّ بن أبي طالب؛ وإلى جانبه قبر العبّاس: عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقبر عثمان بن عفّان رضي الله عنه في قبة دونهما، وقبر مالك بن أنس إمام المذهب المعروف؛ وحول المدينة حدائق النخل الأنيقة؛ وثمرها من أطيب الثمر وأحسنه، وغالب قوت أهلها منه.
الضرب الثاني في مخاليفها وقراها، والمشهور منها ثمانية أماكن
الأول- (قباء) - بضم القاف وفتح الباء الموحدة وألف في الآخر- ويروى بالمدّ والقصر والمدّ أشهر. قال في «الروض المعطار» : ومن العرب من يذكّره فيصرفه، ومنهم من يؤنثه فلا يصرفه. قال: وسميت قباء ببئر كانت بدار توبة ابن الحسن بن السائب بن أبي لبابة يقال لها قباء، وهي قرية غربيّ المدينة على ميلين منها، وبها مسجد التّقوى الذي أخبر الله تعالى عنه بقوله: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ
«1» . وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
يأتي قباء كل يوم سبت راكبا وماشيا؛ ومصلّاه بها مشهور.
الثاني- (خيبر) - بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء المثناة تحت وفتح الباء الموحدة وراء مهملة في الآخر- قال الزجاجيّ: سميت بخيبر بن قانية وهو أول من نزلها، وهي بلدة بالقرب من المدينة الشريفة. قال ابن سعيد: طولها أربع وستون درجة وست وخمسون دقيقة، وعرضها سبع وعشرون درجة وعشرون دقيقة. وهي بلدة عامرة آهلة ذات نخيل وحدائق ومياه تجري. قال في «تقويم البلدان» : وهي بلدة بني عنزة من اليهود، والخيبر في لغة اليهود الحصن، وهي في جهة الشّمال والشرق عن المدينة على نحو ست مراحل وقيل أربع مراحل. قال الإدريسيّ: وهي ذات نخيل وزرع، وكانت في صدر الإسلام دارا لبني قريظة والنّضير، وبها كان السّموءل بن عاديا الشاعر المشهور.
الثالث- (فدك) - بفتح الفاء والدال المهملة وكاف في الآخر- قال الزجاجيّ: سميت بفدك بن حام، وقيل: سميت بفيد بن حام، وهو أول من نزلها.
قال في «الروض المعطار» : وبينها وبين المدينة يومان، وحصنها يقال له الشمروخ على القرب من خيبر، وكان أهلها قد صالحوا النبيّ صلى الله عليه وسلم على النصف من ثمارها في سنة أربع من الهجرة، ولم يوجف عليها المسلمون بخيل ولا ركاب فكانت له صلى الله عليه وسلم خالصة؛ وكان معاوية بن أبي سفيان قد وهبها لمروان بن الحكم، ثم ارتجعها منه لموجدة وجدها عليه. فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، ردّها إلى ما كانت عليه في زمن «1» رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تغلّ في أيام إمرته عشرة آلاف دينار، يتجافى عنها.
الرابع- (الصّفراء) - مؤنث أصفر- وهو واد على ستّ مراحل من المدينة كثير المزارع والمياه والحدائق. أخبرني بعض أهل الحجاز أن به أربعة وعشرين نهرا على كل نهر قرية، وعيونه تصب فضلها إلى ينبع؛ وهو بيد بني حسن الشرفاء.
الخامس- (ودّان) - بفتح الواو وتشديد الدال المفتوحة وألف ثم نون- وهو واد به قرى خراب لا تحصى كثرة.
السادس- (الفرع) - بضم الفاء وسكون الراء المهملة وبالعين المهملة- وهو واد في جنوبيّ المدينة على أربعة أيام منها يشتمل على عدّة قرى آهلة، أخبرني بعض أهل الحجاز أن به أربعة عشر نهرا على كل نهر قرية، وماؤها يصب في رابغ حيث يحرم حجّاج مصر، وعليها طريق المشاة من مكة إلى المدينة. قال في «الروض المعطار» : ويقال إنها أول قرية مارت إسماعيل عليه السلام التمر بمكة، وهي الآن بيد بني حرب.
السابع- (الجار) - قال في «اللباب» : بفتح الجيم وألف وراء مهملة- وهي فرضة المدينة الشريفة على ثلاث مراحل منها. قال ابن حوقل: وبينها وبين ساحل الجحفة نحو ثلاث مراحل، منه عن أيلة على نحو عشرين مرحلة.
الثامن- (وادي القرى) - بضم القاف وفتح الراء المهملة وألف في الآخر جمع قرية. قال في «الروض المعطار» : وهي مدينة كثيرة النخيل والبساتين والعيون، وبها ناس من ولد جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وهم الغالبون عليها، وتعرف بالواديين، والذي أخبرني به بعض أهل الحجاز أنه كان بها عيون كثيرة عليها عدّة قرى فخربت لاختلاف العرب، وهي الآن خراب لا عامر بها ولو عمرت أغنت أهل الحجاز عن الميرة من غيرها.
قلت: وبالغ الإدريسيّ في «نزهة المشتاق» فعدّ من مخاليفها تيماء ودومة الجندل، ومدين، والتحقيق خلاف ذلك.
فأمّا تيماء- بفتح التاء المثناة من فوق وسكون الياء المثناة من تحت وميم ثم ألف في الآخر- فقد عدّها في «تقويم البلدان» من بادية الشأم تقريبا. قال في «العزيزيّ» : وهي حاضرة طيىء وبها الحصن المعروف بالأبلق المنسوب إلى السّموءل بن عاديا. قال في «تقويم البلدان» : وهي الآن أعمر من تبوك، وبها نخيل قائمة.