الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأبصار» : ولا يليها إلا أهل العلم والديانة، ومجلسه بدار العدل: تارة يكون دون المحتسب، وتارة فوقه بحسب رفعة قدر كل منهما في نفسه.
الوظيفة الخامسة- الحسبة. وهي وظيفة جليلة رفيعة الشأن، وموضوعها التحدّث في الأمر والنهي، والتحدّث على المعايش والصنائع، والأخذ على يد الخارج عن طريق الصلاح في معيشته وصناعته. وبالحضرة السلطانية محتسبان:
أحدهما بالقاهرة، وهو أعظمهما قدرا وأرفعهما شأنا؛ وله التصرف بالحكم والتولية بالوجه البحري بكماله خلا الإسكندريّة، فإن لها محتسبا يخصها، والثاني بالفسطاط ومرتبته منحطة عن الأول؛ وله التحدّث والتولية بالوجه القبليّ بكماله، والذي يجلس منهما بدار العدل في أيام المواكب محتسب القاهرة فقط دون محتسب مصر؛ ومحلّ جلوسه دون وكيل بيت المال، وربما جلس أعلى منه إذا كان أرفع منه بعلم أو نحوه.
الصنف الثاني من أرباب الوظائف الدينية من لا مجلس له بالحضرة السلطانية
وهذه الوظائف لا حصر لعددها على التفصيل، ولا سبيل إلى استيفاء ذكرها على تفاوت المراتب فوجب الاقتصار على ذكر المهمّ منها.
ثم هذه الوظائف منها ما هو مختصّ بشخص واحد، ومنها ما هو عامّ في أشخاص.
فأما التي هي مختصة بشخص واحد.
فمنها (نقابة الأشراف) وهي وظيفة شريفة، ومرتبة نفيسة؛ موضوعها التحدّث على ولد عليّ بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه من فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم المراد بالأشراف، في الفحص عن أنسابهم والتحدّث في أقاربهم والأخذ على يد المتعدّي منهم ونحو ذلك، وكان يعبّر عنها في زمن الخلفاء المتقدّمين بنقابة الطالبيّين.
ومنها (مشيخة الشيوخ) والمراد بها مشيخة الخانقاه «1» التي أنشأها الملك الناصر محمد بن قلاوون بسرياقوس من ضواحي القاهرة.
أما مشيخة الخانقاه الصلاحية بالقاهرة المعروفة بسعيد السعداء، فإنها وإن قدم زمنها وعظم قدرها دون تلك في المشيخة.
ومنها (نظر الأحباس المبرورة) وهي وظيفة عالية المقدار، وموضوعها أن صاحبها يتحدّث في رزق الجوامع والمساجد والرّبط والزوايا والمدارس من الأرضين المفردة لذلك من نواحي الديار المصرية خاصة، وما هو من ذلك على سبيل البرّ والصدقة لأناس معيّنين، وأصل هذه الوظيفة أن اللّيث بن سعد «2» رحمه الله اشترى أراضي من بيت المال في نواح من البلدان وحبّسها على وجوه البرّ، وهي المسماة بديوان الأحباس بوجوه العين، ثم أضيف إلى ذلك الرّباع والدور المعروفة بالفسطاط وغيره، ثم أضيف إليها رزق الخطابات «3» ، ثم كثرت الرّزق من الأرضين في الدولة الظاهرية بيبرس بواسطة الصاحب بهاء الدين بن حنا وأخذت في الزيادة إلى زماننا؛ وهي تارة يتحدّث فيها السلطان بنفسه، وتارة النائب، وفي غالب الوقت يتحدّث فيها الدّوادار الكبير على ما استقرّ عليه الحال آخرا.
ومنها (نظر البيمارستان) والمراد البيمارستان المنصوريّ الذي أنشأه المنصور قلاوون بين القصرين، وكان دارا لستّ الملك أخت الحاكم الفاطميّ فغيّر معالمه وزاد فيه، وليس له نظير في الدنيا في برّه ومعروفه؛ وهي من أجلّ
الوظائف وأعلاها؛ وعادة النظر فيه من أصحاب السيوف لأكبر الأمراء بالديار المصرية.
وأما التي هي عامّة في أشخاص.
فمنها (الخطابة) وهي في الحقيقة أجلّ الوظائف وأعلاها رتبة، إذ كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعلها بنفسه، ثم فعلها الخلفاء الراشدون فمن بعدهم، وهي على كثرة الجوامع بالديار المصرية بحيث إنها لا تحصى كثرة- لا يتعلق منها بولاية السلطان إلا القليل النادر: كجامع القلعة إلا إذا كان مفردا عن القضاء ونحو ذلك مما لا ناظر له خاصّ.
ومنها (التداريس)«1» وهي على اختلاف أنواعها من الفقه والحديث والتفسير والنحو واللغة وغير ذلك لا يولّي السلطان فيها إلا فيما يعظم خطره ويرتفع شأنه مما لا ناظر له خاصّ كالمدرسة الصلاحية «2» بجوار تربة الإمام الشافعي رضي الله عنه، والزاوية الصلاحية «3» بالجامع العتيق بالفسطاط، وهي المعروفة بالخشابية، والمدرسة المنصورية «4» بالبيمارستان المنصوريّ المتقدّم ذكره بين القصرين؛ ودرس الجامع الطولوني «5» ونحو ذلك.