الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدين بن الحكيم الطياريّ أن لسلطان هذه المملكة على جميعهم خراجا يستأديه منهم، وأنهم ربما طولبوا بالخراج في سنة ممحلة لوقوع الموتان «1» بدوابهم، أو سقوط الثلج ونحوه، فباعوا أولادهم لأداء ما عليهم من الخراج.
وأما مقادير أرزاق جندهم، فقد حكى عن شجاع الدين عبد الرحمن أن كل من كان بيد آبائه شيء من الإقطاع فهو بيد أبنائه. ثم قال: والأمراء لهم بلاد، منهم من تغلّ بلاده في السنة مائتي ألف دينار رابح وما دون ذلك إلى مائة ألف دينار رابح.
أما الجند فليس لأحد منهم إلا نقود تؤخذ، كلهم فيها على السواء، لكل واحد منهم في السنة مائتا دينار رابح.
وأما زيّهم في اللبس، فحكى عن شجاع الدين الترجمان أيضا أنه كان زيهم زيّ عسكر مصر والشام في الدولة الإسلامية وما يناسب ذلك، ثم غلب على زيهم زيّ التتر إلا أنهم بعمائم صغار مدوّرة.
القسم الثالث من مملكة توران مملكة القان الكبير
قال في «التعريف» : وهو أكبر الثلاثة، (يعني ملوك الأقسام الثلاثة المتقدّمة الذكر) . وهو صاحب الصّين والخطا ووارث تخت جنكز خان. قال:
وقد تواترت الأخبار بأنه أسلم ودان بدين الإسلام، ورقم كلمة التوحيد على ذوائب الأعلام. قال: وإن صحّ وهو المؤمل، فقد ملأت الأمة المحمدية الخافقين، وعمرت المشرق والمغرب، وامتدّت بين ضفّتي البحر المحيط. قال في «مسالك الأبصار» : وهو القائم مقام جنكز خان والجالس على تخته. قال: وهو كالخليفة على بني عمّه من بقية ملوك توران: من مملكة إيران، وصاحب القبجاق، وصاحب ما وراء النهر. فإذا تجدّد في مملكة أحد منهم مهمّ كبير، مثل لقاء
عسكر، أو قتل أمير كبير بذنب، أو ما يناسب ذلك، أرسل إليه وأعلمه به، وإن كان لا افتقار إلى استئذانه، ولكنها عادة مرعيّة بينهم.
وقد ذكر في «مسالك الأبصار» عن نظام الدين بن الحكيم الطياريّ أنه لم يزل يكتب إلى كلّ من القانات الثلاثة، يأمرهم بالاتحاد والألفة، وإذا كتب إليهم بدأ باسمه قبلهم، وإذا كتبوا إليه بدؤا باسمه قبلهم. قال: وكلهم مذعنون له بالتقدّم عليهم. قال في «مسالك الأبصار» : وأهل هذه المملكة هم أهل الأعمال اللطيفة، والصنائع البديعة؛ التي سلمت إليهم فيها الأمم. وقد تكتب «1» الكتب من أحوالهم بما أغنى عن ذكره. قال: ومن عادة المجيدين في الصنائع أنهم إذا عملوا عملا بديعا، حملوه إلى باب الملك، وعلّق عليه ليراه الناس، ويبقى سنة، فإن سلم من عائب أسدى إلى صاحبه الإحسان، وإن عيب عليه وتوجّه العيب، وضع قدر الصانع ولم يوجه العيب [على] من عابه.
وقد حكى المسعوديّ في «مروج الذهب» أن صانعا منهم صوّر عصفورا على سنبلة في نقش ثوب كمخا وعلقه، فاستحسنه كل من رآه، حتّى مرّ به رجل فعابه باستقامة السنبلة، لأن العصفور من شأنه أنه إذا وضع «2» على السنبلة أمالها.
وحكى في «مسالك الأبصار» عن بدر الدين حسن الإسعرديّ أن بعض صنّاعهم عمل ثيابا من الورق وباعها على أنها من الكمخاوات «3» الخطائية، لا يشكّ فيها شاكّ، ثم أظهرهم على ذلك فعجبوا منه.
وحكي عن الشريف حسن السّمرقنديّ أنه كان بهذه البلاد، فشكا ضرسه، فأراه لرجل من الخطا، فوضع يده عليه، فأخرج منه قطعة متأكلة، ووضع مكانها قطعة من ضرس أجنبيّ، ودهنه بدهن وأمره أن لا يشرب ماء يومه، فالتصق حتّى