الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
برجا. قال ابن حوقل: وهي أنزه بلاد الشام بعد دمشق، ويمرّ بظاهرها العاصي والنهر الأسود مجموعين، وتجري مياههما في دورها ومساكنها ومسجدها الجامع، وماؤها يستحجر في مجاريه حتّى لا يؤثر فيه الحديد، وشربه يحدث رياح القولنج «1» ، والسلاح بها يسرع إليه الصّدأ ويذهب ريح الطّيب بالمكث فيها، وهي أحد كراسيّ بطاركة النصارى، ولها عندهم قدر عظيم. وقد قيل في قوله تعالى: وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ
«2» إنها أنطاكية وان ذلك الرجل «حبيب النّجّار» وقبره بها مشهور يزار. قلت:
وحينئذ فتصير ولايتها «3» المذكورة في «التعريف» و «مسالك الأبصار» : اثنتي عشرة ولاية.
ومينا أنطاكية المذكورة (السّويديّة) بضم السين المشدّدة وفتح الواو وسكون الياء المثناة تحت وكسر الدال المهملة وفتح الياء المثناة تحت المشدّدة وهاء في الآخر. قال في «تقويم البلدان» : وموضعها حيث الطول ستون درجة وخمس وأربعون دقيقة. وعندها مصبّ النهر العاصي، وهناك ينعطف البحر الروميّ ويأخذ غربا بشمال على سواحل بلاد الأرمن.
القسم الثاني من الأعمال الحلبية البلاد المتصلة بذيل البلاد المتقدّم ذكرها في الأعمال الحلبية من الشّمال، وهي المعروفة ببلاد الأرمن
قال في «التعريف» في مكاتبة متملك سيس: وهذه البلاد منها بلاد تسمى العواصم، ومنها بلاد كانت تسمى قديما بالثّغور، سميت بذلك لمثاغرتها الروم،
وإلى مثل ذلك أشار في «تقويم البلدان» أيضا.
فالعواصم (بفتح العين المهملة والواو وكسر الصاد المهملة وميم في الآخر) . قال ابن حوقل: وهي اسم للناحية وليست موضعا بعينه يسمّى العواصم. قال: وقصبتها أنطاكية. قال: وعدّ ابن خرداذبه «1» العواصم فكثّرها وجعل منها كورة منبج، وكورة تيزين وبالس ورصافة هشام، وكورة جومة وكذا شيزر وأفامية، وإقليم معرّة النّعمان، وإقليم صوران، وإقليم تلّ باشر وكفر طاب، وإقليم سلميّة، وإقليم جوسية، وإقليم لبنان إلى أن بلغ إقليم قسطل بين حمص ودمشق.
قلت: وأول من سماها بذلك الرشيد هارون حين بنى بها مدينة طرسوس الآتي ذكرها في سنة سبعين ومائة، والذي يظهر أنها سميت بذلك لعصمتها ما دونها من بلاد الإسلام من العدو، إذ كانت متاخمة لبلاد الكفر، واقعة في نحر العدو، وعساكر المسلمين حافظة لها.
والثّغور جمع ثغر (بفتح الثاء المثلثة وسكون الغين المعجمة وفي آخره راء مهملة) . قال في «المشترك» وهو اسم لكل موضع يكون في وجه العدو؛ قال:
وثغور الشام كانت أذنة وطرسوس وما معهما فاستولى عليها الأرمن.
وذكر السلطان عماد الدين صاحب حماة في تاريخه: أن الرشيد في سنة سبعين ومائة عزل الثغور كلّها من الجزيرة وقنّسرين وجعلها حيّزا واحدا وسماها العواصم.
قلت: ومقتضى ذلك أن تكون الثغور والعواصم اسما على مسمّى واحد، وعليه ينطبق كلام المقرّ الشهابيّ بن فضل الله في «التعريف» . وقد حدّد في «التعريف» هذه البلاد بجملتها فقال: وحدّها من القبلة وانحراف للجنوب بلاد