الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويراجع والي قوص في الأمور المهمة.
وأما الوجه البحريّ، ففيه أربعة ولاة من هذه الرتبة.
الأوّل- والي قليوب، ولم تزل ولايتها إمرة عشرة.
الثاني- والي أشموم، ولم تزل عشرة أيضا.
الثالث- والي دمياط.
الرابع- والي قطيا، وكان قبل ذلك طبلخاناه.
الضرب الثاني من أعيان المملكة وأرباب المناصب حملة الأقلام، وهم على نوعين
النوع الأوّل أرباب الوظائف الدّيوانية، وهي كثيرة للغاية لا يسع استيفاؤها والمعتبر منها مما يجب الاقتصار عليه تسع وظائف
«1»
الأولى- الوزارة. وهي أجلّ الوظائف وأرفعها رتبة في الحقيقة لو لم تخرج عن موضوعها ويعدل بها عن قاعدتها. قال في «مسالك الأبصار» : وربها ثاني السلطان لو أنصف وعرف حقّه، لكنها لما حدثت عليها النيابة تأخرت وقعد بها مكانها حتّى صار المتحدّث فيها كناظر المال لا يتعدّى الحديث فيه، ولا يتسع له في التصرف مجال، ولا تمتدّ يده في الولاية والعزل لتطلّع السلطان إلى الإحاطة بجزئيّات الأحوال. قال: وقد صار يليها أناس من أرباب السيوف والأقلام بأرزاق على قدر الإنفاق، وقطيعتها أشهر من أن تذكر.
قال: وكان هذا السلطان (يعني الناصر محمد بن قلاوون رحمه الله قد أبطلها، وصار ما كان يتحدّث فيه الوزير منقسما إلى ثلاثة: ناظر المال، ومعه شادّ الدواوين لتحصيل المال وصرف النفقات، وناظر الخاص لتدبير الأمور العامّة وتعيين المباشرين، وكاتب السر للتوقيع في دار العدل مما كان يوقّع فيه الوزير
مشاورة واستقلالا. قلت: ولما عادت الوزارة بعد ذلك، صارت إلى ما كانت عليه من الاقتصار على التحدّث في المال، وبقيت كتابة السر على ما صارت إليه من التوقيع على القصص بدار العدل وغيرها. ثم إن كان الوزير صاحب قلم «1» ، فهو المستقلّ بمباشرة الوظيفة نظرا وتنفيذا ومحاسبة على الأموال، وإن كان صاحب سيف، كان مقتصرا على النظر والتنفيذ، وكان أمر الحساب في الأموال راجعا إلى ناظر الدولة معه.
ثم لوظيفة الوزارة أتباع كثيرة أجلها نظر الدولة واستيفاء الصّحبة واستيفاء الدولة.
فأما نظر الدولة: وهو المعبر عنه في مصطلح الدواوين المعمورة بالصّحبة الشريفة فموضوعها أن صاحبها يتحدّث مع الوزير في كل ما يتحدّث فيه ويشاركه في الكتابة في كل ما يكتب فيه، ويوقع في كل ما يوقّع فيه الوزير تبعا له. وإن كان الوزير صاحب سيف، كان ناظر الدولة هو المتحدّث في أمر الحسبانات، وما يتعلق بها والوزير مقتصر على النظر والتنفيذ.
وأما استيفاء الصحبة- فهي وظيفة جليلة رفيعة القدر. قال في «مسالك الأبصار» : وصاحبها يتحدّث في جميع المملكة مصرا وشاما، ويكتب مراسيم يعلّم عليها السلطان، تارة تكون بما يعمل في البلاد، وتارة بإطلاقات «2» ، وتارة باستخدامات كبار في صغار الأعمال، وما يجري مجراه.
قال: وهذا الديوان هو أرفع دواوين الأموال، وفيه تثبت التواقيع والمراسيم السلطانية، وكلّ من دواوين الأموال فهو فرع هذا الديوان وإليه يرجع حسابه وتتناهى أسبابه.
وأما استيفاء الدولة- فهي وظيفة رئيسية، وعلى متوليها مدار أمور الدولة في الضبط والتحرير ومعرفة أصول الأموال ووجوه مصارفها، ويكون فيها مستوفيان فأكثر.
الوظيفة الثانية- كتابة السر. قال في «مسالك الأبصار» : وموضوعها قراءة الكتب الواردة على السلطان وكتابة أجوبتها وأخذ خطّ السلطان عليها وتسفيرها، وتصريف المراسيم ورودا وصدرا، والجلوس لقراءة القصص بدار العدل والتوقيع عليها. وقد تقدّم في الكلام على الوزارة أنه صار يوقّع فيما كان يوقع عليه بقلم الوزارة مع مراجعة السلطان فيما يحتاج إلى المراجعة فيه، في أمور أخرى من التحدّث في أمر البريد وتصريف البريدية والقصّاد، ومشاركة الدّوادار في أكثر الأمور السلطانية مما تقدّم ذكره مفصلا. وبديوانه كتّاب الدّست: وهو الذين يجلسون معه في دار العدل ويقرأون القصص على السلطان ويوقّعون عليها بأمر السلطان، وكتّاب الدّرج: وهم الذين يكتبون الولايات والمكاتبات ونحوها مما يكتب عن الأبواب الشريفة «1» ، وربما شاركهم كتّاب الدست في ذلك.
الوظيفة الثالثة- نظر الخاصّ. وهي وظيفة محدثة «2» ، أحدثها السلطان الملك الناصر «محمد بن قلاوون» رحمه الله حين أبطل الوزارة على ما تقدّم ذكره، وأصل موضوعها التحدّث فيما هو خاصّ بمال السلطان. قال في «مسالك الأبصار» : وقد صار كالوزير لقربه من السلطان وتصرّفه، وصار إليه تدبير جملة الأمور وتعيين المباشرين يعني في زمن تعطيل الوزارة. قال: وصاحب هذه الوظيفة لا يقدر على الاستقلال بأمر إلا بمراجعة السلطان. ولناظر الخاصّ أتباع من كتّاب ديوان الخاصّ كمستوفي الخاص، وناظر خزانة الخاص ونحو ذلك مما لا يسع استيعابه.
الوظيفة الرابعة- نظر الجيش. وموضوعها التحدّث في أمر الإقطاعات بمصر والشأم والكتابة بالكشف عنها ومشاورة السلطان عليها وأخذ خطّه؛ وهي وظيفة جليلة رفيعة المقدار، وديوانها أوّل ديوان وضع في الإسلام بعد النبيّ صلى الله عليه وسلم في خلافة عمر. قال الزّهريّ «1» : قال سعيد بن المسيب «2» : وذلك في سنة عشرين من الهجرة، وسيأتي الكلام على ما يتعلق بها في الكلام على كتابة المناشير في المقالة السادسة إن شاء الله تعالى. ولناظر الجيش أتباع بديوانه يولّون عن السلطان، كصاحب ديوان الجيش وكتّابه وشهوده، وكذلك صاحب ديوان المماليك، وكاتب المماليك وشهود المماليك. فإن المماليك السلطانية فرع من الجيش ونظرهم راجع إلى ناظر الجيش.
الوظيفة الخامسة- نظر الدواوين المعمورة والصحبة الشريفة. وهو المعبر عنه بناظر الدولة «3» . وموضوعها التحدّث في كل ما يتحدّث فيه الوزير، وكلّ ما كتب فيه الوزير كتب فيه هو، يكتب فيه بمثل ما رسم به.
الوظيفة السادسة- نظر الخزانة. قال في «مسالك الأبصار» : وكانت أوّلا كبيرة الوضع لأنها مستودع أموال المملكة، فلما استحدثت وظيفة الخاص، صغر أمر الخزانة، وسميت بالخزانة الكبرى، وهو اسم فوق مسماه. قال: ولم يكن بها الآن إلا خلع تخلع منها أو ما يحضر إليها ويصرف أوّلا فأوّلا، وفي الغالب يكون ناظرها من القضاة أو من يلتحق بهم، ولناظر الخزانة أتباع يولّون عن السلطان كصاحب ديوان الخزانة.
الوظيفة السابعة- نظر البيوت والحاشية. وهو نظر جليل، وكلّ ما يتحدّث
فيه الأستادار له فيه مشاركة في التحدّث فيه، وقد تقدّم تفصيل حال وظيفة الأستادارية.
الوظيفة الثامنة- نظر بيت المال. وموضوعها حمل حمول المملكة إلى بيت المال والتصرف فيه تارة قبضا وصرفا وتارة بالتسويغ محضرا وصرفا. قال في «مسالك الأبصار» : ولا يليها إلا ذو العدالة البارزة من أهل العلم والديانة «1» .
الوظيفة التاسعة- نظر الإصطبلات السلطانية «2» . وموضوعها مباشرة إصطبلات السلطان والتحدّث في أنواع الخيول والبغال والدواب والجمال السلطانية، وعليفها وعدّتها، وما لها من الاستعمالات والإطلاقات، وكل ما يبتاع لها أو يباع منها، وأرزاق المستخدمين بها ونحو ذلك.
الوظيفة العاشرة- نظر دار الضيافة والأسواق. وموضوعها التحدّث في أمر ما يتحصّل من سوق الخيل والرقيق ونحوهما، وصرف ذلك في كلفة من يرد إلى الأبواب السلطانية من رسل الملوك ونحوهم، وصرف مرتبات مقررة لأناس في كل شهر؛ والتحدّث فيها ولاية وعزلا وتنفيذا راجع إلى الدّوادار؛ وللوزير المشاركة معه في المتحصّل في شيء مخصوص.
الوظيفة الحادية عشرة- نظر خزائن السلاح. وموضوعها التحدّث على كل ما يستعمل من السلاح السلطانيّ، وعادته أن يجمع ما يتحصّل من عمل كل سنة ويجهّز في يوم معين، ويحمل على رؤوس الحمّالين إلى خزائن السلاح بالقلعة المحروسة، ويخلع عليه وعلى رفقته من المباشرين.
الوظيفة الثانية عشرة- نظر الأملاك السلطانية. وموضوعها التحدّث على الأملاك الخاصّة بالسلطان من ضياع ورباع وغير ذلك.
الوظيفة الثالثة عشرة- نظر البهار والكارميّ «1» . وموضوعها التحدّث على واصل التجار الكارميّة «2» من اليمن من أصناف البهار وأنواع المتجر، وهي وظيفة جليلة تارة تضاف إلى الوزارة وتجعل تبعا لها، وتارة تضاف إلى الخاص وتجعل تبعا لها، وتارة تنفرد عنهما بحسب ما يراه السلطان.
الوظيفة الرابعة عشرة- نظر الأهراء «3» بمصر بالصناعة. وهي شونة الغلال السلطانية التي يتكلم عليها الوزير، وموضوعها التحدّث فيما يصل إليها من النواحي من الغلال وغيرها، وما يصرف منها على الإصطبلات الشريفة والمناخات السلطانية وغير ذلك.
الوظيفة الخامسة عشرة- نظر المواريث الحشريّة «4» . وموضوعها التحدّث على ديوان المواريث الحشرية ممن يموت ولا وارث له، أو وله وارث لا يستغرق ميراثه، مع التحدّث في إطلاق جميع الموتى من المسلمين وغيرهم.
الوظيفة السادسة عشرة- نظر الطواحين السلطانية «5» بمصر بالصناعة أيضا.
وهو مغلق عظيم فيه عشرة حجارة يخرج منها في كل يوم نحو خمسين تليسا «6» .
الوظيفة السابعة عشرة- نظر الحاصلات. وهو المعبّر عنه بنظر الجهات؛ وموضوعه التحدّث في أموال جهات الوزارة من متحصّل ومصروف أو حمل لبيت المال وغيره.
الوظيفة الثامنة عشرة- نظر المرتجعات «1» . وموضوعها التحدّث على ما يرتجع ممن يموت من الأمراء ونحو ذلك، وقد رفضت هذه الوظيفة وتعطّلت ولايتها في الغالب وصار أمر المرتجع موقوفا على مستوفي المرتجع، وهو الذي يحكم في القضايا الديوانية ويفصلها على مصطلح الديوان، وهو المعبر عنه بديوان السلطان.
الوظيفة التاسعة عشرة- نظر الجيزة. وموضوعها التحدّث على ما يتحصّل من عمل الجيزيّة التي هي خاص السلطان، وهي فرع من فروع الدواوين.
الوظيفة العشرون- نظر الوجه القبليّ. وموضوعها التحدّث على بلاد الصعيد بأسرها مما يتحصّل فيها من ميراث وغيره.
الوظيفة الحادية والعشرون- نظر الوجه البحريّ. وموضوعها كموضوع نظر الوجه القبليّ المتقدّم ذكره.
الوظيفة الثانية والعشرون- صحابة ديوان الجيش «2» . وموضوعها التحدّث في كل ما يتحدّث فيه ناظر الجيش من أمر الإقطاعات.