الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا القليل النادر.
ففي أوّل النهار يمدّ سماط أوّل لا يأكل منه السلطان شيئا، ثم سماط ثان بعده قد يأكل منه السلطان وقد لا يأكل، ثم سماط ثالث بعده يسمى الطاريء، ومنه مأكول السلطان.
وفي أخريات النهار يمدّ سماطان الأوّل والثاني المسمى بالخاص، ثم إن استدعي بطاريء حضر، وإلا فبحسب ما يؤمر به، وفي كل هذه الأسمطة يسقى بعدها المشروب من الأقسما السكّرية عقب الأكل. وأما في الليل فيبيت بالقرب من مبيته أطباق من أنواع المآكل المختلفة والمشروب الفائق ليتشاغل أصحاب النّوب بالمأكول والمشروب عن النوم. قال في «مسالك الأبصار» : ولكل ذي إمرة بمصر من خواص السلطان عليه السكر والحلوى في شهر رمضان، والضّحية على مقادير رتبهم.
المقصد السابع في اختصاص صاحب هذه المملكة بأماكن داخلة في نطاق مملكته، يمتاز بها على ملوك الأرض من المسلمين وغيرهم
منها الكعبة المعظمة داخلة في نطاق هذه المملكة، واختصاصه بكسوتها ودوران المحمل في كل سنة.
أما كسوة الكعبة، فإنها كانت في الزمن الأوّل مختصّة بالخلفاء، وكانت خلفاء بني العبّاس يجهزونها من بغداد في كل سنة، ثم صارت إلى ملوك الديار المصرية يجهزونها في كل سنة، واستقرّت على ذلك إلى الآن. ولا عبرة بما وقع من استبداد بعض ملوك اليمن في بعض الأعصار بذلك في بعض السنين، وهذه الكسوة تنسج بالقاهرة المحروسة بمشهد الحسين من الحرير الأسود مطرّزة بكتابة بيضاء في نفس النسج، فيها: إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ
«1» الآية.
ثم في آخر الدولة الظاهرية برقوق استقرّت الكتابة صفراء مشعّرة بالذهب. ولهذه الكسوة ناظر مستقلّ بها، ولها وقف أرض بيسوس من ضواحي القاهرة يصرف منها على استعمالها.
وأما دوران المحمل، فقد جرت العادة أنه يدور في السنة مرتين: المرّة الأولى في شهر رجب بعد النصف منه، يحمل وينادى لأصحاب الحوانيت التي في طريق دورانه بتزيين حوانيتهم قبل ذلك بثلاثة أيام، ويكون دورانه في يوم الاثنين أو الخميس لا يتعدّاهما، ويحمل المحمل على جمل وهو في هيئة لطيفة من خركاه وعليه غشاء من حرير أطلس أصفر، وبأعلاه قبّة من فضة مطلية ويبيت في ليلة دورانه داخل باب النصر بالقرب من باب جامع الحاكم، ويحمل بعد الصبح على الجمل المذكور ويسير إلى تحت القلعة، فيركب أمامه الوزير والقضاة الأربعة والمحتسب والشهود وناظر الكسوة وغيرهم، ويركب جماعة من المماليك السلطانية الرمّاحة ملبسين المصفّات «1» الحديد المغشّاة بالحرير الملوّن، وخيولهم ملبسة البركستوانات «2» والوجوه الفولاذ كما في القتال، وبأيديهم الرماح، عليها الشطفات السلطانية فيلعبون تحت القلعة كما في حالة الحرب، ومنهم جماعة صغار بيد كل منهم رمحان يديرهما في يده وهو واقف على ظهر الفرس، وربما كان وقوفه في نعل من خشب على ذباب سيفين من كل جهة؛ وهو يفعل كذلك ويهيئوا من أزيار النفط وغيرها جملة مستكثرة، ويطلق تحت القلعة في خلال ذلك، ثم يذهب إلى الفسطاط فيمرّ في وسطه، ثم يعود إلى تحت القلعة ويفعل كما في الأوّل إلّا أنه أقل من ذلك؛ ثم يحمل من «3» من جامع الحاكم ويوضع في مكان هناك إلى شوّال؛ وفي خلال ذلك كله الطبلخانات والكوسات السلطانية تضرب خلفه، ويخلع فيه على جماعة مستكثرة؛ وكذلك يفعل في نصف شوّال إلا