الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآن، فقد ترك ما هنالك واكتفي بأوراق تكتب من دواوين الأمراء بأسماء أجناده وتخلّد بديوان الجيوش، ثم كلما مات واحد منهم أو فصل من الخدمة عرض بديوان الجيش واحد مكانه يعبر فيه عرض من ديوان ذلك الأمير.
ومن عادتهم أن من مات من الأمراء والجند قبل استكمال سنة خدمته حوسب في مستحق إقطاعه على مقدار مدّته، وكتب له بذلك محاسبة من ديوان الجيوش، ويكون ما يتحصّل من المغل شركة بين المستقرّ وبين الميت أو المنفصل على حسب استحقاق القراريط، كل شهر من السنة بقيراطين.
ومن عادة الأمراء أنه إذا مر السلطان في متصيّداته بإقطاع أمير كبير، قدّم له من الإوزّ والدّجاج وقصب السكر والشعير ما تسمو إليه همة مثله فيقبله منه، ثم ينعم عليه بخلعة كاملة يلبسها، وربما أمر لبعضهم بشيء من المال فيقبضه.
المقصد العاشر في ولاة الأمور من أرباب السيوف بأعمال الديار المصرية، وهم على أربع طبقات
الطبقة الأولى النّواب، والمستقرّ بها ثلاث نيابات
الأولى- نيابة الإسكندريّة: وهي نيابة جليلة، نائبها من الأمراء المقدّمين يضاهي في الرتبة نيابة طرابلس وما في معناها أو يقاربها، وبها حاجب أمير عشرة، وحاجب جنديّ، ووال للمدينة، وأجناد حلقة عدّتهم مائتا نفر، يعبر عنهم بأجناد المائتين، وبها قاضي قضاة مالكيّ، وقاض حنفيّ مستحدث، وربما كان بها قاض شافعيّ، والمالكيّ أكبر الكل بها، وهو المتحدّث في أموال الأيتام والأوقاف. على أنه ربما ولي قضاء قضاتها في الزمن الماضي شافعيّ، وبها موقّع يعبر عنه في البلد بكاتب السر، وناظر متحدّث في الأموال الديوانية، ومعه مستوف، وتحت يده كتّاب وشهود؛ وبها محتسب؛ وليس بها قضاة عسكر ولا مفتو دار عدل؛ ووكيل بيت المال بها نائب عن نائب بيت المال بالقاهرة، وتركّز بها أمراء المقدّمين والطبلخانات في غير الزمن الذي يمتنع سير المراكب الحربية في البحر بشدّة
الريح منها، ووال للتركيز يسمّى الحاجب. وقد مرّ القول على معاملتها، وذكر أحوالها في الكلام على قواعد الديار المصرية المستقرة فأغنى عن إعادته هنا.
وهذه النيابة مع جلالة قدرها ورفعة محلّها ليس لها عمل يحكم فيه نائبها ولا قاضيها ومحتسبها، بل حكمهم قاصر على المدينة وظواهرها لا يتعدّى ذلك، بخلاف غيرها من سائر نيابات المملكة؛ وبها كرسيّ سلطنة بدار النيابة؛ وعادة الخدمة السلطانية بها في أيام المواكب أن يركب نائب السلطنة من دار النيابة وفي خدمته مماليكه وأجناد المائتين المتقدّم ذكرهم، ويخرج من دار النيابة عند طلوع الشمس، ويسير في موكبه والشّبّابة السلطانية بين يديه حتّى يخرج من باب البحر، ويخرج الأمراء المركّزون على حدتهم أيضا، ويجتمعون في الموكب ويسيرون خارج باب البحر ساعة ثم يعودون، ويتوجه النائب إلى دار النيابة في مماليكه وأجناد المائتين، وقد فارقه الأمراء المركّزون وتوجه كلّ منهم إلى منزله. فإذا صار إلى دار النيابة: فإن كان في ذلك الموكب سماط، وضع الكرسيّ في صدر الإيوان مغشّى بالأطلس الأصفر ووضع عليه سيف نمجاة سلطانية ومدّ السماط تحته وأكل مماليك النائب وأجناد المائتين وجلس النائب بجنبة من الإيوان والشباك مطلّ على مينا البلد، ويجلس القاضي المالكيّ عن يمينه، والقاضي الحنفيّ عن يساره، والناظر تحته، والموقّع بين يديه، ورؤوس البلد على قدر منازلهم، وترفع القصص فيقرؤها الموقّع على النائب فيفصلها بحضرة القضاة ثم ينصرف الموكب.
قلت: وهذه النيابة مستحدثة، وكان ابتداء ترتيبها في سنة سبع وستين وسبعمائة في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين حين طرقها الفرنج وفتكوا بأهلها وقتلوا ونهبوا وأسروا، وكانت قبل ذلك ولاية تعدّ في جملة الولايات الطبلخاناه، وكان لواليها الرتبة الجليلة والمكانة العلية.
الثانية- نيابة الوجه البحريّ. وهي مما استحدث في الدولة الظاهرية برقوق، ونائبها من الأمراء المقدّمين، وهو في رتبة مقدّم العسكر بغزّة الآتي ذكره في المماليك الشامية، ومقرّ نيابتها مدينة دمنهور بالبحيرة، وحكمه على جميع بلاد