الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجملة الثانية في نواحيها وأعمالها، وهي على ضربين
الضرب الأول الحرم ومشاعر الحج الخارجة عن مكة
أما الحرم فهو ما يطيف بمكة مما يحرم صيده وقطع شجره وحشيشه ونحو ذلك، وقد تقدّم أن الله تعالى جعل ملائكة يحرسون القبّة التي أنزلها الله تعالى إلى آدم من الجنة ووضعت له مكان الكعبة وجعلت الملائكة حرسا لها كي لا يقع عليها بصر الشياطين، فكانت مواقف الملائكة هي حدود الحرم. قال ابن حوقل: وليس بمكة والحرم شجر يثمر إلا شجر البادية، أما خارج الحرم ففيه عيون وثمار.
واعلم أن مقادير جهات الحرم تتفاوت في القرب والبعد عن مكة، وعلى حدوده أعلام منصوبة في كل جهة تدلّ عليه. قال في «الروض المعطار» : قال الزبير: وأول من وضع علامات الحرم ونصب العمد عليه عدنان بن أدّ، خوفا من أن تندرس معالم الحرم أو تتغير. قال: وحدّه من التنعيم على طريق سرف إلى مرّ الظّهران خمسة أميال، وذكر في موضع آخر أنّها ستة أميال، وحدّه من طريق جدّة عشرة أميال، ومن طريق اليمن ستة أميال، ودوره سبعمائة وثلاثة وثلاثون ميلا.
ثم بحدود هذا الحرم أماكن مشهورة، يخرج إليها من مكة من أراد أن يهلّ بعمرة فيحرم منها.
أحدها- (التّنعيم) - بألف ولام لازمتين وفتح التاء المثناة فوق وسكون النون وكسر العين المهملة وسكون الياء المثناة تحت وميم في الآخر- وهو موضع على حدّ الحرم على طريق السالك من بطن مرّ وإلى مكة. قال في «الروض المعطار» : وسمّي التنعيم لأن الجبل عن يمينه اسمه نعيم والذي عن يساره اسمه ناعم والوادي الذي هو فيه اسمه نعمان؛ ومنه اعتمرت عائشة رضي الله عنها مع عبد الرحمن بن أبي بكر، وهناك مسجد يعرف بمسجد عائشة إلى الآن.
الثاني- (الحديبيّة) - بضم الحاء وفتح الدال المهملتين وسكون الياء المثناة تحت وكسر الباء الموحدة وفتح الياء المشدّدة وفي آخرها تاء- ونقل في «الروض المعطار» عن الأصمعي تخفيف الياء الثانية. قال في «تقويم البلدان» : وهو موضع بعضه في الحلّ وبعضه في الحرم، وفيه صدّ المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت؛ وهي أبعد أطراف الحرم عن البيت؛ وهي على مسيرة يوم؛ وهي في مثل زاوية للحرم. وذكر في «الروض المعطار» أن الحديبية اسم لبئر في ذلك المكان، ومذهب الشافعيّ أن العمرة منه أفضل من التنعيم.
الثالث- (الجعرّانة) - بكسر الجيم والعين المهملة وفتح الراء المهملة المشدّدة بعدها ألف ونون مفتوحة وهاء في الآخر- ونقل في «الروض المعطار» عن الأصمعي سكون العين وتخفيف الراء. قال: وهو مكان بين مكة والطائف ولكنه إلى مكة أقرب، ومنه أحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة في «1» وجهته تلك، ومذهب الشافعيّ أن العمرة منه أفضل من الحديبية.
وأما مشاعر الحج الخارجة عن مكة فثلاثة:
أحدها- منى بكسر الميم وفتح النون وألف مقصورة- سميت بذلك لما يمنى فيها من الدماء أي يراق. قال في «المشترك» : وبينها وبين مكة ثلاثة أميال- وهي تشبه القرية مبنية على ضفتي الوادي. وبها مسجد الخيف- بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء المثناة تحت وفي آخره فاء- وهو مسجد عظيم متّسع الأرجاء بغير سقف.
الثاني- (المزدلفة) - بضم الميم وسكون الزاي المعجمة وفتح الدال المهملة وكسر اللام وفتح الفاء وآخرها هاء- وهي موضع على يسرة الذاهب من منى إلى عرفة. قال النوويّ: سميت بذلك من التزلف والازدلاف وهو التقرّب، لأن الحجاج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها أي تقرّبوا ومضوا إليها، وتسمى