الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التضمين والإيداع
1 - تعريفه:
1 - التضمين لغة:
جاء في اللسان (ضمن): «ضمّن الشيء الشيء: أودعه إيّاه
…
ومنه مضمون الكتاب كذا وكذا
…
والمضمّن من الشعر: ما ضمّنته بيتا، وقيل: ما لم تتمّ معاني قوافيه إلّا بالبيت الذي يليه».
واضح أن التضمين في الشعر يعني الاقتباس، أي أن الشاعر يضمّن قصيدته بيتا أو أبياتا ليست له، يدرجه أو يدرجها في سياق القصيدة.
وهو غير التّضمين الذي عدّ عيبا من عيوب القافية لأنّه يقضي على استقلالية البيت، إذ ينتهي البيت ولا ينتهي المعنى كقول الشاعر:
وليس المال فاعلمه بمال
…
من الأقوام إلّا للّذيّ
يريد به العلاء ويمتهنه
…
لأقرب أقربيه وللقصيّ
فضمّن بالموصول والصّلة على شدّة اتصال كلّ واحد منهما بصاحبه. وهذه الظاهرة وقعت بكثرة في شعر النابغة الذبياني.
2 - التضمين اصطلاحا:
جاء في معجم المصطلحات (1)«والتضمين في البديع العربي، أن يضمّن الشاعر شعره بيتا من شعر الغير مع التصريح بذلك إن لم يكن البيت المقتبس معروفا للبلغاء» .
(1). معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، وهبة- المهندس، ص 62.
فالتضمين إذا أن يودع الشاعر قصيدته بيتا أو أكثر أو شطرا ليس له، والبيت المستعار أو الجزء المستعار مقتبس كما جاء في المعجم، ولهذا بات من السهل ملاحظة العلاقة الوطيدة والتشابه الواضح بين الاقتباس والتضمين.
والتّضمين عند البلاغيين (1)«أن يضمّن الشعر شيئا من شعر الغير مع التنبيه عليه إن لم يكن مشهورا عند البلغاء» واضح من هذا التعريف أن الاقتباس إيراد شيء من القرآن والحديث، وأن التّضمين إيراد شيء من الشعر، وكلاهما قائم على استعارة معنى من الآخرين وضمّه إلى قصيدة يندرج ضمن سياقها.
ومن أمثلته:
1 -
تضمين بيت بلا تنبيه عليه لشهرته كما في قول الصاحب ابن عبّاد (البسيط):
وصاحب كنت مغبوطا بصحبته
…
دهرا، فغادرني فردا بلا سكن
هبّت له ريح إقبال، فطار بها
…
نحو السرور، وألجاني إلى الحزن
كأنّه كان مطويّا على إحن
…
ولم يكن في ضروب الشعر أنشدني
«إنّ الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا
…
من كان يألفهم في المنزل الخشن»
فالصاحب قد ضمّن قصيدته بيتا ليس له ولم ينبّه عليه ولو وضع ضمن علامة التّنصيص «» وهذا البيت من قصيدة مشهورة لأبي تمام.
2 -
تضمين أقلّ من بيت، كقول الحريري (الوافر):
على أنّي سأنشد عند بيعي
…
(1). الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني، ص 580.
فالحريري ضمّن القصيدة صدر بيت من قصيدة قيل هي للعرجي وقيل لأميّة بن أبي الصّلت، وتمام البيت هناك:
أضاعوني وأيّ فتى أضاعوا
…
ليوم كريهة وسداد ثغر
3 -
أحسن وجوه التضمين (1) «أن يزيد المضمّن في الفرع عليه في الأصل بنكتة، كالتورية والتشبيه كما في قول صاحب التحبير (ابن أبي الإصبع المصري)
إذا الوهم أبدى لي لماها وثغرها
…
ويذكرني من قدّها ومدامعي
…
فعجزا البيتين للمتنبّي، والمتنبي قصد بهما أنهم كانوا نزولا بين العذيب وبارق يجرون الرّماح وهم يطاردون الفرسان. أمّا صاحب التحبير فأراد بالعذيب تصغير العذب يريد به شفة الحبيبة وأراد ببارق ثغرها الضاحك شبيه البرق. وهذه تورية بديعة نادرة في بابها (2)، وشبّه تبختر قدّها بتمايل الرماح، وتتابع دموعه بجريان الخيل السوابق.
4 -
تضمين لا يخلو من تعديل طفيف في المقتبس، مثاله:
أقول لمعشر غلطوا وغضّوا
…
عن الشيخ الرشيد وأنكروه
هو ابن جلا وطلّاع الثنايا
…
متى يضع العمامة تعرفوه
لقد ضمّن الشاعر قصيدته البيت الثاني مستعارا من قصيدة لسحيم بن وثيل الريّاحي محدثا فيه تعديلا طفيفا لأنّه في الأصل:
أنا ابن جلا وطلّاع الثنايا
…
متى أضع العمامة تعرفوني
وهذا التعديل الطفيف غير مضرّ في نظر البلاغيين.
(1). الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني، ص 582 - 583.
(2)
. راجع: التورية وضروبها، وقد تقدّم الكلام عليها.