الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويأتي بعد السكّاكي الخطيب القزويني (ت 734 هـ) ليعرّفه التعريف الذي بقي متداولا في كتب البلاغة إلى يومنا هذا، حيث يقول (1):
«وهو علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه» . وهذا هو التعريف الذي اعتمده معجم المصطلحات العربية الذي تقدّم ذكره.
البيان والدلالة:
إن تأثّر الخطيب القزويني بالبحث المنطقي حمله على تقديم علم البيان بمقدّمة تحدّث فيها عن أنواع الدلالة. فلقد ذهب الخطيب القزويني إلى أن (2)«دلالة اللفظ: إمّا ما وضع له، أو على غيره» وتحدث عن:
أ- الدلالة الوضعيّة، وهي- كما يفهم من كلامه- التي يتطابق فيها المدلول مع اللفظ الذي وضع له من غير زيادة أو نقصان، كدلالة لفظ (البيت) على البيت الحقيقي.
ب- الدلالة التّضمّنية، وهي- كما يفهم من كلامه- التي يدلّ اللفظ فيها على جزء ما وضع له كأن يطلق البيت على غرفة منه، لأن جزء المعنى متضمّن في المعنى الكلّي وداخل فيه كالغرفة بالنسبة إلى البيت.
ج- الدلالة الالتزامية: وهي- كما يفهم من كلامه- التي يدلّ فيها اللفظ على لازم معناه الموضوع له كدلالة الإنسان على الضّحك، ودلالة الأسد على الشجاعة. فمعنيا الضحك والشجاعة
(1). الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني، ص 326.
(2)
. الإيضاح في علوم البلاغة، الخطيب القزويني، ص 326.
غير داخلين في مفهوم كلمة (إنسان) وكلمة (أسد) ولكنّهما أمران لازمان لهما.
وقد جمع الدلالتين: التضمّنية، والالتزامية تحت عنوان الدلالة العقلية.
وذهب البلاغيّون المتأخّرون إلى أن علم البيان لا يتعلّق البحث فيه بالدلالة الوضعية؛ لأنّ التعبير المستخدم في معناه الأصلي ليس فيه زيادة أو نقصان في وضوح الدلالة. أمّا الدلالتان الأخريان فهما لبّ الدراسة البيانية؛ لأنّ المعنى الواحد قد يكون جزءا من معنى آخر أو لازما له، فإذا استخدم اللفظ الدال على ذلك المعنى، وأريد به معنى آخر مرتبط به ارتباط التّضمّن أو الالتزام كان هناك مجال للتفاوت في وضوح الدلالة وغموضها.
وسنرى أثر هاتين الدلالتين في أسلوبي المجاز المرسل والكناية بشكل واضح، وسوف نلمح ظلالهما في الاستعارة، والتشبيه ولو على تفاوت بين مظهر منه وآخر.