الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولهذا قال النقّاد الغربيون (1): «الشعر تفكير بالصور» (قول شليجل) و «المنبع الأساسي للشعر الخاص هو الصورة» (قول لويس).
أما جان كوهين فيرى أن الاستعارة تشكّل الخاصية الأساسية للغة الشعرية.
أهمية الصورة في النقّد العربي:
رأى المحدثون أنّ العاطفة والانفعال يكيّفان أسلوب اقتناصها.
ورأى بعضهم أن الصورة قائمة أساسا على العبارات المجازية.
ولقد ذهب د. عبد القادر القطّ الى أنها (2): «الشكل الفنّي الذي تتخّذه الألفاظ والعبارات بعد ان ينظمها الشاعر في سياق بياني خالص ليعّبر عن جوانب التجربة الشعرية الكاملة في القصيدة، مستخدما طاقات اللغة وإمكاناتها والدلالة والتركيب والإيقاع والحقيقة والمجاز والترادف والتضّاد، والمقابلة والتجانس وغيرها من وسائل التعبير الفنّي» .
واضح أن الصورة شملت أدوات التعبير كلها، ولهذا كان البديع والبيان والمعاني والعروض والقافية وغيرها من وسائل الصورة الشعرية.
ولهذا ذهب بعضهم الى ان (البيان) علم دراسة صورة المعنى الشعري. أما البديع والعروض والقافية فعلوم تهتّم بالصورة الصوتية في التعبير الشعري.
(1). م. ن. ص 8 نقلا عن ويليك.
(2)
. الاتجاه الوجداني في الشعر العربي المعاصر، د. عبد القادر القطّ، ص 435.
وكثيرا ما ركّز النّقاد على الاستعارة فجعلوها لبّ الصورة الشعرية فالجرجاني اعتبرها عمدة التصوير والتشكيل للمعنى الغفل.
وقد عالج بعض الاستعارات تحت عنوان (المعاني التخييلية). وإذا كان الجرجاني قد ميّز بين التخييل المعتدل والتخييل المغرق فإنه فعل ذلك ليرفض النوع الثاني من التخييل البعيد عن الاستعارة.
ورأى السّكاكي أن الاستعارة التصريحية تخييلية وعرّفها بقوله (1):
«هي أن تسمي باسم الصورة متحقّقة، صورة عندك وهمية محضة تقدّرها مشابهة لها
…
» فالاستعارة إذا ركن من أركان الصورة عنده.
وقد ذهب السكّاكي الى أن الكناية أيضا صورة شعرية أو هي من الصور الشعرية المتعدّدة.
وإذا كان التخييل أساسا للصورة فإنّ حازما القرطاجنّي يعدّه قائما في الشعر من أربعة أنحاء: المعنى والأسلوب
واللفظ والنظم (الوزن) والتخييل منه ما هو ضروري ومنه ما ليس بضروري ولكنّه مستحّب.
وقد تكلّم المحدثون على الصورة التشبيهيّة وخاصة في التشبيه التمثيلي والتشبيه الاستداري لأنّه من القوالب المركبة للصورة. كما تحدّثوا عن الصورة الاستعارية، والصورة الكنائية والصورة المجازية والصورة الرمزية التي صارت سمة من سمات الشعر الحديث.
(1). مفتاح العلوم، السكّاكي، ص 376 - 377.
ولقد بدا لبعض النّقاد أن الصورة بديل عن التشبيه والاستعارة ولهذا فإن الصورة عندهم تأتي بأسلوب الحقيقة، كما تأتي بأسلوب المجاز.
والصورة المجرّدة ليست صورة شعرية لأنّ هذه تشترط وجود شعور قويّ في الصورة ينبعث من الأفكار والتراكيب المترابطة.
وبتأثير الرومنسية ربط النقّاد المحدثون التشبيه بالشعور والوجدان.
لهذا رأوا أن صور النّقد القديم قائمة على نزعة حسّية كالشعر القديم مقصّرة عن نقل العواطف والمشاعر التي تنتاب مبدعها من حزن وندم وفرح وغبطة وبهجة وارتياح، فهي إذا جامدة عاجزة عن نقل الداخل مكتفية بتصوير الخارج. والصورة الفنية الناجحة هي القادرة على استشفاف البعد الانساني والنفسي للصورة الحسيّة.