الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتجنيس، والإسناد وتحقيق معنى الخبر، وغيرها من موضوعات البلاغة.
ذكرنا أسماء هذه الكتب على سبيل المثال لا الحصر لأنّ المصنّفين ذكروا أيضا في هذا الباب كلا من كتاب: الجمان في تشبيهات القرآن لابن ناقيا البغدادي (ت 485 هـ)، والكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل للزمخشري (ت 538 هـ)، وبديع القرآن لابن أبي الأصبع المصري (ت 654 هـ)، والطراز المتضمن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز للعلوي (ت 759 هـ) ومعترك الأقران في إعجاز القرآن للسيوطي (ت 911 هـ).
وهكذا يمكننا القول: إن القرآن الكريم كان الباعث على تصنيف هذا الكم الهائل من الكتب البلاغية المرتبطة بفهم وتفسير القرآن معنى ومبنى. ولقد جعل أبو هلال العسكري تعلّم البلاغة فرضا على من يريد التعرف إلى بلاغة القرآن وإعجازه عند ما قال (1): «إنّ أحقّ العلوم بالتعلم، وأولاها بالتحفظ- بعد المعرفة بالله جل ثناؤه- علم البلاغة، ومعرفة الفصاحة، الذي به يعرف إعجاز كتاب الله تعالى» .
ألا يكون كلام العسكري هذا تفسيرا لوفرة المصنفات البلاغية التي تناولت إعجاز القرآن، وكانت ثمرة أسئلة بحثوا عن أجوبة لها فيما قدموه من جهود، وما بذلوه من آراء؟
2 - 2 - علاقة البلاغة بالشعر:
عرف الشعر العربي في القرن الثاني للهجرة صراعا بين تيارين شعريين هما: تيار المحافظين، وتيار المجددين. وتكلم النقاد
(1). العسكري، أبو هلال، كتاب الصناعتين، ص 7.
على موجة الصراع بين أنصار المحافظة والتقليد من جهة، وأنصار التجديد من جهة ثانية. هذه الحقبة عرفت على صعيد الشعر مصطلحا جديدا هو: الخصومة بين القدامى والمحدثين.
هذه الخصومة وجهت الدارسين شطر دواوين الشعراء لدراسة ما فيها من بيان ساطع وقدرة على التخييل تسعف على ابتكار تشابيه جديدة وتفنّن في ضروب الاستعارة والمجاز، وراحوا يتقصون ما في دواوين هؤلاء من طباق وجناس وترصيع باحثين عن عناصر الصورة الشعرية واللغة الشعرية المميزة.
وما دمنا بصدد الخصومة بين القدامى والمحدثين، فإننا نجد أنفسنا مجبرين على الإشارة- ولو بسرعة- إلى عدد من المصنفات التي أفرزتها تلك الخصومة. فمن أبرز هذه المصنفات:
1.
الوساطة بين المتنبي وخصومه لأبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني (ت 366 هـ).
2.
الموازنة بين أبي تمام والبحتري لأبي القاسم الحسن بن بشر الآمدي (ت 371 هـ).
هذان المصنفان وازنا بين الشعراء، وذكر صاحباهما بحوثا في البلاغة اقتضاها حسن الشرح والتعليل لبيان ما في وجوه المفاضلة من تميّز هذا الشاعر على ذاك في التخييل، وعناصر الصورة الشعرية.
ولعله من المفيد هنا الإشارة إلى كتاب سبق عصر الخصومة هذه، هو كتاب البديع لأبي العباس عبد الله بن المعتز (ت 299 هـ).
لقد تعقّب ابن المعتز ظاهرة البديع فوجده في شعر السابقين لموجة الحداثة، غير أن المحدثين عرفوا به لأنهم أفرطوا في استخدامه وأسرفوا في تكلّفه. قال ابن المعتز (1) «قد قدمنا في أبواب كتابنا هذا
…
(1). ابن المعتز، البديع، تحق د. محمد عبد المنعم خفاجي، دار الجيل ص 73 - 74.