الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب- اصطلاحا:
جاء في كتاب التعريفات (1)«البيان عبارة عن إظهار المتكلّم المراد للسامع» فالجرجاني اكتفى بجانب الوضوح وأهمل جانب الذكاء والقصد إلى الأعلى من طرائق التعبير عن المعاني. أما المحدثون فقد تنبّهوا إلى هذه الطرائق في التعبير عن المعنى مركّزين على جانب التخييل والتصوير، فجاء في معجم المصطلحات العربية (2):«هو علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة» وكأنه يريد القول: إيراد المعنى مرّة بطريق التشبيه، وإيراده ثانية من طريق المجاز، وثالثة من طريق الكناية، وهكذا.
إنّه باختصار: علم يعرف به إيراد المعنى الواحد في صور مختلفة، متفاوتة في وضوح الدلالة. وكان محقا القائل (3): «إن البيان العربي هو علم دراسة صورة المعنى الشعري. أما البديع والعروض والقافية فهي علوم تهتمّ
أساسا بالصورة الصوتيّة في التعبير الشعري».
ج- البيان كما فهمه النّقاد والبلاغيّون:
عقد الجاحظ (ت 255 هـ) بابا من أبواب كتابه البيان والتبيين بعنوان: باب البيان، حاول أن يوضّح فيه معنى البيان ودلالته فقال (4):
(1). كتاب التعريفات، الجرجاني، ص 48.
(2)
. معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، وهبة- المهندس، ص 46.
(3)
. الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنّقدي، الولي محمّد، ص 51.
(4)
. البيان والتبيين، الجاحظ 1/ 75.
ركّز الجاحظ على وظيفة البيان فحصرها في التعبير الواضح عن المعنى الخفيّ. فكيف يوفّق الشاعر أو المبدع إلى حلّ هذه الإشكالية؟ يوضّح الجاحظ هذا الرأي، أو هو يحاول توضيحه بقوله (1):
فالمعنى في نظر الجاحظ مقنّع ومضمر وعلى المبدع أن يكشف هذا القناع، ويظهر هذا المضمر المستكنّ في النفوس لأنّ غاية الأمر الفهم والإفهام بأية طريقة وبأي وسيلة. هذا الكلام على الوضوح والإظهار والإبانة أهمل العناية بالجانب الفنّي، أي الطريقة الواجب اعتمادها للكشف عن المعاني المضمرة. ففنّية التعبير هي الجانب الذي يعنى به البيان لا الكلام كيفما اتّفق.
وبقي فهم الجاحظ للبيان سائدا إلى أن ظهر كتاب السّكاكي (ت 626 هـ)(مفتاح العلوم) الذي غدا فيه البيان علما مستقلا من علوم البلاغة الثلاثة. وقد عرّفه السكّاكي بقوله (2): «هو معرفة إيراد المعنى الواحد في طرق مختلفة بالزيادة في وضوح الدلالة عليه وبالنقصان ليحترز بالوقوف على ذلك عن الخطأ في مطابقة الكلام لتمام المراد
منه» وموضوعات البيان عند السكّاكي وتلاميذه هي: التشبيه والمجاز والكناية.
(1). مفتاح العلوم، السكّاكي، ص 162.
(2)
. مفتاح العلوم، السكّاكي، ص 162.