المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السابع:حث النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة على حب عائشة رضي الله عنهما - فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - - جـ ٤

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثاني: الأحاديث الواردة في فضائلها، وفيه خمسة فصول:

- ‌الفصل الأول: منزلتها عند أبيها صلى الله عليه وسلم وفيه سبعة مباحث:

- ‌المبحث الأول:محبة النبي صلى الله عليه وسلم لها، واحتفاؤه بها

- ‌معنى قول الإمام البخاري في الرجل: (فيه نظر):

- ‌ محبة النبي صلى الله عليه وسلم لها

- ‌ هل فاطمة أفضل بنات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الأحاديثُ الدالَّةُ على اختصاصِ فاطمةَ بشئٍ من المحبَّةِ والاحتفاءِ والفضلِ إنما وردَتْ بعدَ وفاةِ أخواتِها، وتفرُّدِها عنهم، وذلك بعد…(شعبان 9 هـ)

- ‌ أحاديث موضوعة تدل على عظم محبة النبي صلى الله عليه وسلم وعنايته بفاطمة رضي الله عنها، مع تضمن بعضها قدحاً في مقام النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌آلُ البيت لهم من الفضائل الصحيحة ما يغنيهم عن هذه الأكاذيب المشينة

- ‌المبحث الثاني:زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لها في بيتها رضي الله عنها

- ‌مكان بيت فاطمة رضي الله عنها

- ‌المبحث الثالث:غيرة النبي صلى الله عليه وسلم عليها، وأنها بضعة منه

- ‌ متى كانت الخِطْبَة من علي، والخُطبَة من النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ إشكال في قول المِسْوَر بن مَخْرَمَة رضي الله عنه: «وأنا يومئذ محتلم»، ومنه يُعلم وقت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌هل قوله: «فاطمة بضعة مني» في وقت حياة بعض أخواتها كزينب، وأم كلثوم رضي الله عنهن

- ‌ لماذا بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر في خُطبَة؟ وواجه عليَّاً بما يُعاب به

- ‌المبحث الرابع:دخولها وزوجها وذريتها في آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ المراد بأهل البيت

- ‌المبحث الخامس:أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سِلْم لمَن سالمَها وزوجَها…وولدَيْها، وحَربٌ لمَن حارَبَهُم

- ‌الحديثُ تقلَّب بأيدي الشيعة الغلاة منهم ومَن دونهم، فذهب على أوجه شتَّى، لا يذهب مع طريق إلا ومعه وَهَنُه الشديد

- ‌المبحث السادس:اختياره صلى الله عليه وسلم لها الدار الآخرة

- ‌المبحث السابع:حثُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فاطمةَ على حُبِّ عائشةَ رضي الله عنهما

- ‌ العلاقة بين فاطمة، وعائشة رضي الله عنهما علاقة حميمية

- ‌الفصل الثاني: منزلة أبيها صلى الله عليه وسلم عندهاوفيه مبحثان:

- ‌المبحث الأول:برها بأبيها صلى الله عليه وسلم

- ‌نصرتها لأبيها صلى الله عليه وسلم

- ‌إطعامها والدها صلى الله عليه وسلم

- ‌معالجتها إياه صلى الله عليه وسلم

- ‌حزنها في مرض أبيها ووفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌برها بوالدتها خديجة رضي الله عنهما

- ‌ يُلحظ أن لفاطمةَ رضي الله عنها حضوراً في أسفار والدها صلى الله عليه وسلم ومشاهده

- ‌المبحث الثاني:حفظها لسِرِّ أبيها صلى الله عليه وسلم

- ‌ يجوز إظهار السِّرِّ إذا انتهى وقتُه، بإظهارِ اللَّهِ له، أو أظهرَهُ صاحبُه الذي أسرَّ بِهِ

- ‌الفصل الثالث: منزلتها عند الشيخين: أبي بكر وعمر رضي الله عنهم.وفيه مبحثان:

- ‌المبحث الأول:محبة أبي بكر ورعايته لها رضي الله عنهما

- ‌(مراسيل الشعبي)

- ‌ طعن الرافضة في أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه

- ‌المسألة الأولى: المحبة بين الصحابة وآل البيت

- ‌ حصل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من بعض قريش جفوة على بني هاشم، بسبب الغَيرة

- ‌ومن الأمارات الكبيرة الظاهرة في تلك العلاقة الطيبة المتينة:

- ‌المسألة الثانية: طلبُ فاطمة الميراث، وغضبُها على أبي بكر، ولمَ غضبت بعد علمها بالحديث

- ‌وكان لفاطمة رضي الله عنها من أبي بكر رضي الله عنه طلبان اثنان:

- ‌ حديث لا نورث، مروي أيضاً في كتب الرافضة

- ‌المسألة الثالثة: هل وقع أبو بكر في أذية فاطمة وإغضابها، مما يُغضِبُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم؟ولِمَ امتنع من إجابتها؟وبيان تأكيد آل البيت والصحابة حُكَمَ أبي بكر رضي الله عنهم

- ‌المسألة الرابعة: خُطبة فاطمة على ملأئٍ من الصحابة

- ‌المسألة الخامسة: إكرامُ أبي بكر فاطمة، وإحسانُه لها، وإعطاؤها المال الوفير

- ‌ تأثر متأخري الزيدية بالرافضة

- ‌المسألة السادسة: هل كشف أبو بكر بيت فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ لم أجد أحداً ذكره كما ذكرَته الرافضة:لم أكبس بيت فاطمة

- ‌المسألة السابعة: صحة الجملة الواردة في الحديث المخرَّج في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: «فهجرَتْه حتى ماتت»، وإجابةٌ على شُبهَة مَن أنكرها

- ‌ مراسيل الزهري

- ‌ تعريف الهجر لغة وشرعاً:

- ‌خلاصة ما قيل في هجر فاطمة رضي الله عنها

- ‌المسألة التاسعة:هل ترضَّى أبو بكر فاطمةَ قبل وفاتها رضي الله عنهما

- ‌المسألة العاشرة:لماذا لم يخبر عليٌّ أبا بكر بوفاة فاطمة، ليصلِّي عليها

- ‌المسألة الحادية عشرة: ما قيل في بيعة علي وآل هاشم أبا بكر ــ اختصاراً ــ مما يستفاد منه في علاقة فاطمة بأبي بكر رضي الله عنهم

- ‌المسألة الثانية عشرة:موقف فاطمة رضي الله عنها من بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌ لم تشارك في الحياة السياسية، ولم تحضر المجالس الشورية مع الرجال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين، بل وبعدهم أيضاً فترة طويلة

- ‌من شروط أهل الحل والعقد: الذكورية، وليس للنساء…مدخل فيه

- ‌ما يُلقَى مُشَافَهَةً جواباً لسؤال عابر، يختلِفُ عما يُكتب تحريراً، بل يختَلِفُ عما يُشرَحُ في متن عِلمِيٍّ يجمَعُ أطرافَ ما يُلقِيه الشارِحُ

- ‌لم يَرِدْ في موروث أهلِ السنة والجماعة حديثاً وعقيدةً وتاريخاً شئٌ عن مبايعة فاطمة أبا بكر رضي الله عنهما، وموقفها من البيعة

الفصل: ‌المبحث السابع:حث النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة على حب عائشة رضي الله عنهما

‌المبحث السابع:

حثُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فاطمةَ على حُبِّ عائشةَ رضي الله عنهما

-.

89.

[1] قال الإمام البخاري رحمه الله: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُنَّ حِزْبَيْنِ:

فَحِزْبٌ فِيهِ: عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ.

وَالحِزْبُ الآخَرُ: أُمُّ سَلَمَةَ، وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(1)

وَكَانَ المُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ صَاحِبُ الهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِ عَائِشَةَ.

فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(1)

أي بقيتهن، وهن: زينب بنت جحش الأسدية، وأم حبيبة الأموية، وجويرية بنت الحارث الخزاعية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، دون زينب بنت خزيمة أم المساكين. «فتح الباري» لابن حجر (5/ 206).

ص: 281

هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئَاً، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئَاً، فَقُلْنَ لَهَا، فَكَلِّمِيهِ قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضَاً، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئَاً

(1)

، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئَاً، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا:«لا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ، إِلَّا عَائِشَةَ» .

قَالَتْ: فَقَالَتْ: أَتُوبُ إِلَى اللهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللهِ.

ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ:«يَا بُنَيَّةُ أَلا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ» ؟ قَالَتْ: بَلَى، فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ، فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ.

فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ

(2)

، فَأَتَتْهُ، فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ:

(1)

قال ابن حجر في «فتح الباري» (5/ 208): (وفيه تنافس الضرائر وتغايرهن على الرجل، وأن الرجل يسعه السكوت إذا تقاولن، ولا يميل مع بعض على بعض. وفيه جواز التشكي والتوسل في ذلك. وما كان عليه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من مهابته والحياء منه، حتى راسلنه بأعزِّ الناس عنده فاطمة. وفيه سرعة فهمهن ورجوعهن إلى الحق، والوقوف عنده

).

(2)

قال ابن حجر في «فتح الباري» (5/ 208): (وفيه إدلالُ زينب بنت جحش على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لكونها كانت بنت عمَّته، كانت أمُّها أُميمة ـ بالتصغير ـ بنتَ عبدِ المطلب).

ص: 282

إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ، هَلْ تَكَلَّمُ، قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، قَالَتْ: فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ:«إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ» .

(1)

قَالَ البُخَارِيُّ: «الكَلامُ الأَخِيرُ قِصَّةُ فَاطِمَةَ» ، يُذْكَرُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.

(2)

وَقَالَ أَبُو مَرْوَانَ عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ: كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ.

وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَرَجُلٍ مِنَ المَوَالِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ:

(1)

قال ابن حجر في «فتح الباري» (5/ 207): (أي إنَّها شريفةٌ عاقلةٌ عارفةٌ كأبِيهَا، وكذا في رواية «مسلم»، وفي رواية النسائي المذكورة فرأيتُ وجهَه يتهلَّل. وكأنَّه صلى الله عليه وسلم أشار إلى أنَّ أبا بكر كان عالماً بمناقب مُضَر ومثالِبها، فلا يُستغرَب من بنتِه تلقِّي ذلك عنه، ومَن يشَابِهْ أبَهُ فما ظَلَمْ).

(2)

ينظر: «فتح الباري» لابن حجر (5/ 208).

ص: 283

كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَتْ فَاطِمَةُ.

[«الجامع الصحيح» للبخاري (ص 488)، كتاب الهبة، باب من أهدى إلى صاحبه، حديث رقم (2581)]

تخريج الحديث:

ــ أخرجه: البخاري في «صحيحه» ـ كما سبق ـ عن إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه أبي بكر عبدالحميد، عن سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.

ـ وأخرجه: مسلم في «صحيحه» (ص 990)، كتاب فضائل الصحابة، حديث رقم (2442) قال حدثني الحسن بن علي الحلواني، وأبو بكر بن النضر، وعبد بن حميد ـ قال عبد: حدثني وقال الآخران: حدثنا ـ يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن صالح، عن ابن شهاب، أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت

رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مِرْطي

(1)

، فأذن لها، فقالت: يا رسول اللَّه إن

(1)

المِرط: هو الكساء. «النهاية في غريب الحديث» (4/ 319).

ص: 284

أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، وأنا ساكتة، قالت فقال لها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم «أيْ بُنية ألستِ تحبينَ ما أحِبُّ»؟ فقالت: بلى، قال:«فأحبِّي هذه» .

قالت: فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهن بالذي قالت، وبالذي قال لها رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلن لها: ما نراك أغنيتِ عنَّا من شيءٍ، فارجعي إلى رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقولي له: إنَّ أزواجكَ ينشدنك العدل في ابنةِ أبي قحافة، فقالت فاطمة: واللَّهِ لا أكلِّمُه فيها أبداً.

قالت عائشة، فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينبَ بنتَ جحش، زوجَ النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت تُسَامِيني

(1)

منهُنَّ في المنزلةِ عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولم أرَ امرأة قطُّ خيراً في الدِّين من زينب، وأتقى للهِ وأصدقَ حديثاً، وأوصلَ للرَّحِمِ، وأعظمَ صدَقَةً، وأشَدَّ ابتذَالاً لِنفسِهَا في العَمَلِ الذي تصدق به، وتقربَ به إلى اللَّهِ تعالى، ما عدا سَوْرةٍ

(2)

من حِدَّةٍ

(1)

قال ابن الأثير في «النهاية في غريب الحديث» (2/ 405): (أي تُعاليني وتفاخرني، وهو مفاعلة من السمو: أي تطاولني في الحظوة عنده).

(2)

قال ابن الأثير في «النهاية» (2/ 420): أي ثورة. وقال ابن هشام الأنصاري

(ت 646 هـ) في «المفصح المفهم والموضح الملهم لمعاني صحيح مسلم» (ص 397):

(السَّوْرَة: الوثبة والسطورة، والسورة: السُّكر، وقد يغلب على الحدِّ، فيخرج اختلاط كاختلاط السكران، والأوبة من ذلك سريعة، فإنه على جرية الطباع والإيمان

).

ص: 285

كانت فيها، تُسْرعُ مِنها الفَيْئَةُ، قالت: فاستأذَنتْ على رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، ورسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مِرْطِهَا، على الحالة التي دخلَتْ فاطمةُ عليها وهُوَ بِهَا، فأذن لها رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

فقالت: يا رسولَ اللَّه إنَّ أزواجَك أرسلنني إليك يسألنكَ العدْلَ في ابنة أبي قُحَافة، قالت: ثم وقعَتْ بِي، فاستطالَتْ عَلَيَّ، وأنَا أرقُبُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأرقُبُ طَرْفَهُ، هل يأذَن لي فيها، قالت: فلَمْ تبرَحْ زينبُ حتَّى عرفَتُ أنَّ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر.

قالت: فلما وقعتُ بها لم أنشَبْهَا حتى أنحَيْتُ

(1)

عليها.

قالت: فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: وتبسَّم: «إنَّها ابنةُ أبي بكر» .

ــ وحدثنيه محمد بن عبد اللَّه بن قهزاذ، قال: عبداللَّه بن عثمان، حدثنيه عن عبداللَّه بن المبارك، عن يونس، عن الزهري، بهذا الإسناد، مثلَه

(1)

قال ابن هشام الأنصاري (ت 646 هـ) في «المفصح المفهم والموضح الملهم لمعاني صحيح مسلم» (ص 267): (أنحيتُ أي قصدتها وتعمدتها بالقول، وأصل أنحى: قصد ناحية).

ص: 286

في المعنى، غير أنه قال: فلما وقعت بها لم أنشَبْهَا أنْ أثخَنْتُهَا

(1)

غَلَبَةً.

(2)

* * *

(1)

أي أكثرت عليها من اللوم، والإثخان: الإكثار مما يُذكر، أو تُبيُّنُه قرينه الحال، لأنه من ثخن الشئ إذا كثُفَ. «المفصح المفهم» لابن هشام (ص 267).

(2)

ينظر للفائدة في طرق الحديث وألفاظه: «المسند المصنف المعلل» (39/ 414 ـ 421) حديث رقم (18952) وما بعده.

ص: 287

90.

[2] قال أبو يعلى الموصلي رحمه الله: حدثنا هارون بن

عبد اللهِ

(1)

، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثنا مجالد، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال: «ما يبكيك» ؟ قلت: سبَّتني فاطمة.

فدعا فاطمة فقال: «يا فاطمة، سببتِ عائشة» ؟ قالت: نعم يا رسول اللهِ.

قال صلى الله عليه وسلم: «يا فاطمة، أليس تُحبِّينَ مَنْ أُحِبُّ» ؟ قالت: نعم.

«وتُبغِضِيْنَ مَنْ أُبْغِضُ» ؟ قالتْ: بلى.

قال: «فإنِّي أُحِبُّ عائشةَ؛ فأَحِبِّيْهَا» .

قالَتْ فاطمةُ: لا أقُولُ لِعَائشةَ شَيْئَاً يُؤذِيْهَا أبَدَاً.

[«المسند» لأبي يعلى الموصلي (8/ 365) حديث رقم (4955)]

(1)

تصحَّف في مطبوعة «المطالب العالية» (16/ 559) رقم (4099)، إلى: هارون بن معروف. والصواب: في مطبوعة «المسند» ، و «المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي»

(3/ 207) رقم (1380)

ص: 288

دراسة الإسناد:

ــ هارون بن عبداللَّه بن مروان البغدادي البزَّاز، أبو موسى الحافظ، المعروف بالحمَّال.

ثقة، حافظ.

وصفه الذهبي في «السير» بالإمام، الحجة، الحافظ، المجود.

(1)

ــ حماد بن أسامة بن زيد بن سليمان بن زياد القرشي مولاهم، أبو أسامة الكوفي.

ثِقَةٌ، ثَبْتٌ.

(2)

ــ مُجالِد بن سعيد بن عمير الهمْداني، أبو عمرو، ويقال: أبو عمير، ويقال: أبو سعيد، الكوفي.

ضعيف خاصةً في الشعبي، وفيما ما حدث به في آخر عمره. ورواية أبي أسامة عنه ضعيفة.

(3)

(1)

ينظر: «الجرح والتعديل» (9/ 92)، «تهذيب الكمال» (30/ 96)، «سير أعلام النبلاء» (12/ 115)، «الكاشف» (4/ 413)، «تهذيب التهذيب» (11/ 8)،

«تقريب التهذيب» (ص 599).

(2)

سبقت ترجمته في الحديث رقم (38).

(3)

سبقت ترجمته في الحديث رقم (58).

ص: 289

ـ عامر بن شراحيل بن عبد، وقيل: عامر بن عبداللَّه بن شراحيل الشعبي الحِمْيَري، أبو عمرو الكوفي، من شعب همدان.

تَابِعِيٌّ، فَقِيهٌ، مَشْهُورٌ، ثِقَةٌ، مُجْمَعٌ عَلى فَضْلِهِ وَإِمَامَتِهِ.

(1)

ـ مسروق بن الأجدع الهَمْداني الوادعي، أبو عائشة الكوفي.

ثِقَةٌ، مُخَضْرَمٌ.

(2)

تخريج الحديث:

ــ أخرجه: أبو يعلى الموصلي في «مسنده» ــ كما سبق ــ.

ـ والبزار في «مسنده» ـ «كشف الأستار عن زوائد البزار»

(3/ 240) رقم (2661) ــ عن إبراهيم بن سعيد الجوهري.

ـ واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة»

(8/ 1512) رقم (2752) من طريق أبي كريب.

ثلاثتهم: (أبو يعلى، والجوهري، وأبو كريب) عن هارون بن عبداللَّه.

ــ وأبو عروبة الحراني في «حديثه» (ص 45) رقم (29) عن محمد بن العلاء، ومحمد بن عثمان بن كرامة.

(1)

سبقت ترجمته في الحديث رقم (58).

(2)

ستأتي ترجمته في الباب الثالث: حديث رقم (34).

ص: 290

ــ والحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 126) رقم (174) من طريق أبي الأزهر حَوْثَرَة بن محمد البصري.

أربعتهم: (هارون بن عبداللَّه، ومحمد بن العلاء، ومحمد بن عثمان بن كَرَامة، وأبو الأزهر) عن أبي أسامة، عن مجالد، عن عامر الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها، به.

قال البزار عقب الحديث: (لا نعلم رواه عن مجالد هكذا إلا أبو أسامة

(1)

).

فالحديث ضعيف، لضعف مجالد، وأكثر الأئمة على ضعف هذه الترجمة: أبو أسامة، عن مجالد، عن الشعبي. ـ كما سبق في ترجمة مجالد ـ.

هذا، وقد روي الحديث من وجه آخر، ليس فيه الشاهد:

أخرج: أحمد في «مسنده» (41/ 451) رقم (24986)

و (24987)، وأبو داوود في «سننه» (ص 531) كتاب الأدب، باب في الانتصار، حديث رقم (4898)، وابن جرير الطبري في «تفسيره»

(20/ 527)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (5/ 401) رقم

(3033 و 3034). مختصراً، والطبراني في «المعجم الكبير» (23/ 44)

(1)

تصحف في مطبوعة «كشف الأستار» : (إلا أبو إسماعيل).

ص: 291

رقم (117)، لم يذكر متنه، والحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 126) رقم

(175) ـ مختصراً ـ من طُرُقٍ عن عبد اللَّه بن عون، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أم محمد امرأة أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ

رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وعندنا زينب بنت جحش، فجعل يصنع شيئاً بيده، فقلت بيده، حتى فطنته لها، فأمسك، وأقبلت زينب تقحم لعائشة رضي الله عنها فنهاها، فأبت أن تنتهي، فقال لعائشة:«سبِّيها» فسببتُها، فغلبتُها، فانطلقَتْ زينب إلى علي رضي الله عنه فقالت: إن عائشة رضي الله عنها وقعت بكم، وفعلَت، فجاءت فاطمةُ فقال لها صلى الله عليه وسلم: «إنها حِبَّة أبيك

(1)

ورب الكعبة». فانصرفت، فقالت لهم: أني قلت له كذا وكذا، فقال لي كذا وكذا، قال: وجاء علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكلَّمه في ذلك.

لفظ أبي داوود، ولفظ أحمد مطولاً. وفي متن الحديث اختلاف.

ــ وأخرج: ابن أبي حاتم في «العلل» (6/ 419) رقم (2635)، والخرائطي في «اعتلال القلوب» (1/ 23) رقم (23)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (2/ 44)، والحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 127) رقم (176) من طريق أبي عمرو الحوضي حفص بن عمر، قال: حدثنا مبارك بن فضالة، عن علي بن زيد، عن عمَّته أم محمد، عن عائشة أن فاطمة ذكرت عائشة

(1)

قال ابن الأثير في «النهاية» (1/ 326): (الحِبُّ بالكسر: المحبوب، والأنثى: حِبَّة).

ص: 292

عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا بنية، إنها حبيبة أبيك» .

قال ابن أبي حاتم عقبه: (قال أبو زرعة: كذا قال الحوضي: علي بن زيد، عن عمَّتِه، وإنما هي: امرأة أبيه، عن عائشة).

فالحديث مداره على علي بن زيد بن جدعان ـ وهو ضعيف ـ

(1)

، عن امرأة أبيه: أُمَية بنت عبداللَّه، ويقال: أُمينة، وهي أم محمد، امرأة والد علي بن زيد بن جدعان، وليست بأمه

(2)

ـ وهي مجهولة، لم يرو عنها إلا ابن زوجها علي بن زيد ـ وهو ضعيف ـ، ولم يوثِّقها أحد.

قال ابن كثير في «تفسيره» (7/ 212) بعد أن ساق الحديث من ابن جرير: (هكذا ورد هذا السياق، وعلي بن زيد بن جدعان يأتي في رواياته بالمنكرات غالباً، وهذا فيه نكارة، والحديث الصحيح خلاف هذا السياق، كما رواه النسائي، وابن ماجه، من حديث خالد بن سلمة الفأفاء، عن عبداللَّه البهي، عن عروة قال: قالت عائشة، رضي الله عنها: ما علمتُ حتى دخلت عليَّ زينبُ بغير إذن وهي غضبى، ثم قالت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: حسبك إذا قلبت لك ابنة أبي بكر ذريعتيها ثم أقبلت عليَّ فأعرضت عنها، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم:«دونك فانتصري» .

(1)

«تقريب التهذيب» (ص 432).

(2)

«تقريب التهذيب» (ص 762) ـ ولم يحكم عليها ـ، وانظر:«الضعيفة» للألباني

(7/ 355)، و «تحرير تقريب التهذيب» (4/ 404).

ص: 293

فأقبلتُ عليها حتى رأيتُها وقد يبَسَ ريقُها في فَمِها، ما ترُدُّ عليَّ شيئاً. فرأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه. وهذا لفظ النسائي). انتهى

والحديث ضعَّفه الألباني في «السلسلة الضعيفة» (7/ 355) رقم

(3342)، بعلي بن زيد، وجهالة امرأة أبيه.

الحكم على الحديث:

الحديث ــ محل الدراسة ــ ضعيف، ويغني عنه الحديث الأول المخرَّج في «الصحيحين» .

* * *

ص: 294