الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السابعة: صحة الجملة الواردة في الحديث المخرَّج في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: «فهجرَتْه حتى ماتت» ، وإجابةٌ على شُبهَة مَن أنكرها
.
1.
حديث عائشة المخرَّج في الصحيحين ـ وهو الأول في هذا المبحث ـ ليس فيه إدراج.
2.
ورد في بعض طُرُقِه ـ خارج الصحيحين ـ إدراج صريح:
جاء في رواية عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها ضمن الحديث:(قال معمر: فقال رجل للزهري: فلم يبايعه عليٌّ ستة أشهر؟ قال: لا، ولا أحدٌ من بني هاشم حتى بايعَه عليٌّ).
أخرجه: عبدالرزاق في «المصنف» (5/ 472) رقم (9774)، ومن طريقه: [أحمد بن علي المروزي في «مسند أبي بكر الصديق» (ص 87) رقم
…
(38)، وأبو عوانة في «مستخرجه» (4/ 251) رقم (6679)، وابن جرير الطبري في «تاريخه» (3/ 207 ـ 308)].
وأورده الحُميدي في زوائده في «الجمع بين الصحيحين» (1/ 86)، وفي ط. دار الكمال المتَّحدة
(1)
(1/ 118) رقم (6)، ونقله من الحميدي:
(1)
وهي أفضل طبعات كتاب الحُميدي، وفيها تمييز زياداته على الصحيحين بالحمرة، وقد ميزت هذه الزيادة.
ابن هبيرة في «الإفصاح»
(1)
(1/ 70)، وكذا ابن الأثير في «جامع الأصول» (4/ 103) ـ دون بيان، بل عزاه لمسلم ـ.
3.
قال البيهقي في «السنن الكبرى» (6/ 300): (قال معمر: قلت للزهري: كم مكثت فاطمة بعد النبى صلى الله عليه وسلم؟ قال: ستة أشهر.
فقال رجل للزهري: فلم يبايعه علي رضي الله عنه حتى ماتت فاطمة رضي الله عنها؟
قال: ولا أحدٌ من بني هاشم.
رواه البخارى فى «الصحيح» من وجهين عن معمر. ورواه مسلم عن إسحاق بن راهويه وغيره عن عبد الرزاق.
وقول الزهري فى قعود علي رضي الله عنه عن بيعة أبى بكر رضي الله عنه حتى توفيت فاطمة رضي الله عنها منقطع
(2)
؛
وحديثُ أبي سعيد رضي الله عنه في مبايعته
(1)
لأن شرحه على كتاب «الجمع بين الصحيحين» للحميدي.
(2)
فهو وإن كان منقطعاً إلا أن في الحديث ما يدل على هذا القول، مثل قول عائشة رضي الله عنها:(فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ) فهذا صريح في معنى القول الذي أدرجه الزهري، ولا يتصور مع هذا الوصف الكبير:[استنكار وجوه الناس، مصالحة، مبايعة] أن يكون علي رضي الله عنه بايع أول الأمر، ثم انقطع لانشغاله بفاطمة ـ كما قيل ـ، بل العبارات واضحة في انقطاعه وعدم مبايعته ـ وسيأتي مزيد بيان حول هذه المسألة ـ، وكذلك:(فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رقَى عَلَى المِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ البَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ). وهذا أيضاً دالٌ على مسألة التخلف عن البيعة منذ اليوم الأول، لأن عذره الذي اعتذر به أن أبا بكر استبدَّ بالأمر دونهم.
لذا حديث عائشة رضي الله عنها وما دلَّ عليه هو الأصل في الباب، وأما حديث أبي سعيد المشار إليه، ففيه إعلال ـ كما سيأتي ـ، لايستقيم لطرح حديث الصحيحين، ودلالته، ولو مع ظهور الإدراج من قول الزهري في رواية معمر المخرَّجة في «مصنف عبدالرزاق» ، وغيره.
وللباحث المغربي: محمد العمراني حلحول الحسني الغرناطي، كتاب مفرد عن مظلومية الزهراء، سمَّاه:«ترياق السموم لإبطال فرية الهجوم» ــ لم يطبع بعد ـ، وقد نشر جزءاً منه يتعلق بهذه المسألة ـ محل البحث ـ في موقع:«ملتقى أهل الحديث» في الشبكة العالمية.
إياه حين بُويع بيعة العامة بعد السقيفة أصحُّ.
ولعلَّ الزهري أراد قعوده عنها بعد البيعة، ثم نهوضه إليها ثانياً، وقيامه بواجباتها، واللَّه أعلم). انتهى كلام البيهقي.
وقال البيهقي ـ أيضاً ـ في كتابه «الاعتقاد» ـ ط. الفضيلة ـ (ص 494 ـ 495): (والذي روى أن علياً لم يبايع أبا بكر ستة أشهر ليس من قول عائشة، إنما هو من قول الزهري، فأدرجه بعض الرواة في الحديث في قصة فاطمة رضي الله عنهم، وحفِظَه معمر بن راشد، فرواه مُفصَّلاً، وجعلَه من قول الزهريِّ منقطعاً من الحديث).
ظهر مما سبق أن أن عبارة الإدراج واضحة من قول الزهري، في عدم مبايعة علي وآل هاشم.
وأشار البيهقي أول كلامه إلى إدراج: مكوث فاطمة ستة أشهر، ثم صرَّح بانقطاع وإدراج قعود علي.
ولفظة مكث فاطمة ستة أشهر، متصلة لم يقل أحد بإدراجها، ولو ورد من قول الزهري، حتى أن البيهقي جزم بإدراج الجملة الثانية: بيعة علي وآل هاشم فقط.
أطلت في هذه المسألة لزيادة بيان ما يرد في رقم (4) و (5).
4.
الحديث في «الصحيحين» ـ كما سبق في أول المبحث ـ: (
…
فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، فهجرته فلمْ تكلِّمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها عليٌّ ليلاً، ولم يؤذن بها أبا بكر وصلَّى عليها، وكان لعلي من الناس وجهٌ حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر عليٌّ وجوه الناس، فالتمسَ مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن يبايع تلك الأشهر، فأرسل إلى أبي بكر: أن ائتنا ولا يأتنا أحدٌ معك، كراهية لمحضر عمر
…
).
قال ابن حجر العسقلاني: (وأشار البيهقيُّ إلى أن في قوله: «وعاشت إلخ» إدراجاً، وذلك أنه وقع عند «مسلم» من طريق أخرى، عن الزهري فذكر الحديث وقال في آخره: قلت للزهري: كم عاشت فاطمة بعده؟ قال:
ستة أشهر. وعزا هذه الرواية لِـ «مسلم» ، ولم يقع عند مسلم هكذا، بل فيه كما عند البخاري موصولاً، واللَّه أعلم).
(1)
الخلاصة أن المدرج ما ورد صريحاً واضحاً في «مصنف عبدالرزاق» ، وأن قول البيهقي في مكث فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم موصول، إنما الإدراج في عدم مبايعة أبي بكر، وبني هاشم.
إذن ليس في حديث عائشة في «الصحيحين» عبارة مدرجة، ولم يقل أحدٌ قط ـ بعد البحث الشديد ـ أن مسألة هَجْرِ وعَتَبِ فاطمةَ علَى أبي بكر حتى توفيت، مُدرَجٌ.
5.
صدر في عام (1428 هـ) كتاب بعنوان: «تسديد الملِك لحكم أبي بكر رضي الله عنه في فدَك، ورد الفرية المزعومة: مظلومية الزهراء» للشيخ: عبدالفتاح بن محمود سرور.
وهو كتاب جيد ثريٌّ في الباب في نقولاته من كتب السنة، وكتب الشيعة، لكنه زعم ـ وفقه اللَّه ـ في (ص 36) أن عدداً من جمل حديث عائشة مختلف في نسبتها إلى قائلها: الأُولى: فأبَى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة، فوجدت عليه، فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت. والثانية: عاشت ستة أشهر،
(1)
«فتح الباري» (7/ 494)، وبنحوه في «عمدة القاري» للعيني (17/ 258)، لكنه لم يبين كما بين ابن حجر أنه لم يرد في مسلم إلا موصولاً.
ودفنها زوجها ليلاً، ولم يؤذِن بها أبا بكر. والثالثة: وكان لعلي وجه حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر وجوه الناس، والتمس مصالحة أبا بكر. الرابعة: ولم يكن يبايع تلك الأشهر، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد؛ كراهية محضر عمر
…
ثم ذكر خطبة أبي بكر وعلي.
وذكر (ص 38) من الرواة مَن قال: (قالت: فهجرته فاطمة).
قلت: هي في رواية المروزي، والباقون:(قال: فهجرته).
قلت: ولا يخفى على طالب علم أن هذه الصيغ من الرواة، لا يؤخذ منها أن هذه اللفظة مدرجة أو غير مدرجة.
ثم ذكر المؤلف الجمل السابقة وفصَّل فيها بدءاً من (ص 40)، يهمُّنِي منها هنا: مسألة هجر فاطمة، قال عنها: الظاهر أنه ثابت عن عائشة، والزهري، وكذا ما جاء من القول: وكان لعلي وجه من الناس حياة فاطمة .. إلخ.
كذا قال، وهو قول بلا حجة، فالقول في الحديث كله قول عائشة، ولم يأت ما يصرف شيئاً منه ليكون مدرجاً من قول الزهري، والزهري ـ هنا ـ راويه عن عروة عن عائشة، فكيف يستقيم الرأي الذي ذكره الباحث: عبدالفتاح: أنه مدرج من قول الزهري وهو أيضاً من قول عائشة؟ !
6.
وصدر ـ أيضاً ـ في عام (1437 هـ) كتاب بعنوان: «حديث عائشة رضي الله عنها وقصة فدك ـ دراسة حديثية فقهية ـ» للشيخ د. عثمان بن
محمد الخَمِيس ـ من دولة الكويت ـ
(1)
ظهر لي أنه قصد بتأليف هذا الكتاب من أوله إلى آخره: تخريج حديث عائشة المخرَّج في الصحيحين، وتضعيف عبارة: فهجرته حتى توفيت.
ذكر ـ وفقه اللَّه ـ أن الحديث مداره على الزهري، ورواه عن الزهري ستة.
وذكر في (ص 72) أنه ترك الروايات الضعيفة، والروايات المختصرة جداً كما في رواية يونس عن الزهري عند البخاري؛ لأنه ليس فيها ذكر لفاطمة.
وخرَّج الروايات عن الزهري، ووضع في (ص 111) حال الرواة عن الزهري ومن بعدهم، ثم بدأ يوازن بين الروايات، فقال:
في (ص 114): (الروايات متغايرة جداً بين بسط واختصار) ثم بيَّنَها.
وأبرز في (ص 116) قول البيهقي في إدارج الزهري مسألةَ: قعود علي عن البيعة.
(1)
للشيخ جهود طيبة في مناقشة الرافضة ـ جزاه اللَّه خيراً، ونفع به ـ، وكانت رسالته الماجستير بعنوان:«الأحاديث الواردة في شأن السبطين الحسن والحسين رضي الله عنهما» ، والدكتوراه:«كتاب المراجعات لعبدالحسين الموسوي ـ دراسة حديثية نقدية ـ» وكلتاهما مطبوعة.
وفي (ص 117) وضع جدولاً لبيان الفروق بينها: مَن ذكرها، ومَن لم يذكرها، ومَن ذكر الهجر والعتب، والعتب والوجد، والهجر وعدم الكلام، ومبايعة علي
…
أقول: والحقيقة أن العبارات واحدة: هجر وعتب ووَجْد وعدم كلام حتى توفيت.
وأما مسألة مبايعة علي، وردت عند عبدالرزاق ـ كما سبق بيانه قبل قليل ـ.
ثم ذكر الدكتور ـ وفقه اللَّه ـ في (ص 120) جدولاً يبين حال الرواة بالنسبة للزهري.
وفي (ص 123) ذكر أن هجر فاطمة، يحتمل أمرين: إما أن يكون مدرجاً ـ وهو الظاهر لي ـ وإما أن يكون مؤقتاً كما في رواية البيهقي .... ثم ذكر حديث مراضاة أبي بكر فاطمة من البيهقي، وقول البيهقي: هذا مرسل حسن بإسناد صحيح.
أقول: هذا هو لُبُّ الكتاب وأصلُه، وباعثُه، ثم ختَمَ ـ وفقه اللَّه ـ الكتاب من (ص 123) بمسائل مختصرة عن: هجرفاطمة، وهل فدك إرث أم هبة؟ ومسألة مبايعة علي.
وفي الخاتمة (ص 142) ذكر النتيجة:
أنَّ الاضطراب الذي وقع في هذا الحديث إنما هو بسبب الزهري، وعليه يكون الزهري حدَّث بهذا الحديث أكثر من مرة، وفي أكثر من مجلس، وكان يُعلِّق ويَشرح ويُضيف، فيظن البعض أنه من الحديث، فيضيفُه إلى عائشة رضي الله عنها، ورواية معمر ظاهرة في ذلك جداً ....
وبناء على ذلك يكون ما ذُكر من غضب فاطمة وهجرها لأبي بكر، وعدم مبايعة علي؛ مدرجاً من كلام الزهري وليس من كلام عائشة
…
).
هذا كتابه ـ وفقه اللَّه ـ، وهذا رأيه، وهو المتخصص بالسُّنَّة، والردُّ عليه من وجوه:
1.
لا ضير على مَن يناقش أهل البدع من الرافضة وغيرهم أن يذكر الحقيقة كما هي، ولا يجد في نفسه حرجاً منها، فليس فيما يهرب منه إلزامٌ ببدعة، أو تشنيع على أهل السنة ومعتقدهم، فالحق أبلج، والباطل لجلج، وأهلُ الحق لهم ألف ألف باب من الحق، بل الأبواب كلها مشرعة؛ وأهل الباطل ليس لهم مدخل إلا كسَمِّ الخِياط.
2.
غنيٌّ عن البيان ما تواتر عند المسلمين فضلاً عن أهل الحديث مكانة الصحيحين وعظم شأنهما في الإسلام، ورأى المتخصصون الأحاديثَ المنتقدة عليهما من قبل بعض الأكابر سابقاً، والأصاغر والبدع لاحقاً، وكيف طرحها المحققون وأبانوا متانتهما، وحموا حماهما، فمَن قَرُبَ منهما؛ اتَّهَمُوه.
3.
الدكتور ـ وفقه اللَّه ـ عَمَد إلى هذا الحديث ـ وهو في
…
«الصحيحين» ـ وجمَع ألفاظه وطُرَقه عن الزهري، واستبعد بعض الطرق، لأنها لم تذكر الهجر، وكذا استبعد الطرق الضعيفة! !
وهذا ليس منهج أهل العلم، لأن الحديث ــ إن كنتَ تراه مُعَلَّاً ـ، فيجب عليك جمع الطرق كلها، وما يدريك لعل الذي طرحته ممن لم يذكر الموضوع الذي جعلته نصب عينك، يكون سبباً في إعلال من ذكرَهَا ـ.
4.
لما جمع الدكتور ـ وفقه اللَّه ـ الروايات كان نظره مقتصراً على قضية: (فهجرته) فقط، أعمل عليها النظر، وحام حولها، وخرج بالاختلاف والتغاير والاضطراب، وحكَم عليها بالإدراج؛ السؤال: لماذا لم ينظر في باقي جمَل الحديث؟ ! ففي الحديث جملةٌ عن دفن علي فاطمة ليلاً ولم يخبر بها أبا بكر، وأخرى عن طلب علي المصالحة وأن يأتي أبو بكر وحده كراهةً لحضور عمر، وثالثة في قول علي عن أبي بكر: فاستبدَّ علينا، ورابعة: وكان المسلمون قريباً حين راجع الأمر المعروف، هذه الجمل الأربعة لو نظر فيها لخرج بنتيجة كما خرج بالنتيجة الأولى:
فقد ذكرها عُقيل عن الزهري: عند البخاري برقم (4240)، ومسلم (1759).
ولم يذكرها: صالح بن كيسان، عن الزهري، عند البخاري (3092)، ومسلم (1759).
ولا شعيب، عن الزهري، عند البخاري (3711).
هذا نظر سريع في روايات الصحيحين، لو نُظر إلى الروايات خارج الصحيحين لوجدنا اختلافاً وتغايراً ـ حسب رؤية الدكتور ـ!
5.
كأن الدكتور فرح بإشارة الانقطاع الواردة في قول البيهقي،
…
(في بيعة علي وآل هاشم)، وهي ظاهرة واضحة لا إشكال فيها ـ كما سبق بيانها ـ فرح بها، ليستخرج منها أن الزهري يزيد في الحديث، وأن الهجران أيضاً مُدرَجٌ، ومثله ما فعله الشيخ: عبدالفتاح سرور، فقد وسَّع الأخير دائرة الإدراج لتشمل جملاً كثيرة!
6.
الحديث في «الصحيحين» وغيرهما، مطوَّلاً مفصَّلاً مكرراً عند البخاري، يزيد في موضع، ويختصر في آخر، وهذا دأب أهل الحديث، وموضوع: الهجر والعتب والوجد وعدم الكلام في هذا الحديث بمعنى واحد، وليس في الحديث أدنى اضطراب، فكيف بالتغاير الشديد حسب وصفه؟ ! ولو طبَّق الدكتور منهجه هذا على أحاديث «الصحيحين» الطوال؛ لخرج منها كلِّها بأن فيها تغايراً شديداً، وأنها مضطربة، أعني الاضطراب الذي فهمه هو من هذا الحديث!
7.
أيعمَد إلى قصة طويلة مفصَّلة حسَّاسَة في قضية كُبرى، يُخرِجْهَا الشيخانُ وغيرُهما، ثم ينظر إلى المدار ـ وهو جبلٌ عظيم واسعُ الرواية ـ: الإمام الزهري، فيضرب عليه الروايات بعضها في بعض، يُعل المختصرة
بالمطولة، ويضع الجداول ليحاكم الروايات حسب كلمة الوجد والهجر والغضب، والتي لم تذكر بالتي ذكرت الهجران، يدور دورانا ليصل إلى ما لم يصل إليه الأئمة طيلة القرون السالفة في موضوع تحت الأنظار، وقد دار حوله النقاش الكثير، أتُعتَبر هذه حقيقة علمية؟
أم تجرؤٌ على القواعد العلمية ومكانة الصحيحين؟ !
أما حسيكة في النفس من كلمة «فهجرته» ، والبحث عما يزيلها، ليصفو الحديث عما يكدر على أهل السنة ـ برأيه ـ!
كأن الحديث لم يُخرجه الشيخان مطوَّلاً، وكأن الزيادة مما وقع فيها اختلاف، وطال الحديث حولها في الكتب الأولى التي انتقدت بعض أحاديث الصحيحين؟ !
سبحان اللَّه! كيف تجاوز الأئمة الأولون، والشراح، والمستخرجون، والمخرِّجون، والمنتقدون، والمناقشون لقضية علي وفاطمة مع أبي بكر، كيف تجاوزوا النظر في (إدراج = وضعف واضطراب) لفظة الهجر؛ لتظهر في القرن الخامس عشر فقط؟ !
8.
إذا كان هذا مدرج من قول الزهري، وقوله هذا مرسل لم يرد له إسناد متصل، ومراسيل الزهري شرٌّ من مُرسَل غيره، فكيف يَسكت العلماء عنه وهو يدور في متون السنة، ويتربع في الصحيحين، بل يتنقل في صحيح البخاري؟ !