الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول:
برها بأبيها صلى الله عليه وسلم
-
91.
[1] قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثنا أحمد بن إسحاق السورماري، قال: حدثنا عبيداللهِ بن موسى، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبداللهِ رضي الله عنه قال: بينما رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة وجمْعُ قريش في مجالسهم، إذ قال قائلٌ منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي أيكم يقوم إلى جَزُورِ آل فلان، فيعمد إلى فَرْثِهَا ودَمِها وسَلَاها، فيجيءُ به، ثم يُمْهِلُه حتى إذا سجَدَ وضعَهُ بين كتفَيه، فانبعثَ أشقَاهم، فلمَّا سجدَ
…
رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وضعَه بين كتفيه! ! وثبَتَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ساجداً، فضحكوا حتى مالَ بعضُهم إلى بعض من الضحك، فانطلق منطلقٌ إلى فاطمة عليها السلام ـ وهي جويرية ـ، فأقبلت تسعى، وثبتَ النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً حتى ألقَتْهُ عنه، وأقبلَتْ عليهم تسُبُّهم، فلمَّا قضَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الصلاة، قال:«اللَّهم عليكَ بقُريش، اللَّهم عليكَ بِقُريش، اللَّهم عليك بِقُريش» ، ثم سمَّى:«اللَّهم عليكَ بعَمْرو بنِ هشام، وعُتبةَ بنِ ربيعة، وشيبةَ بنِ ربيعة، والوليدِ بنِ عتبة، وأُمَيَّةَ بنِ خلف، وعقبةَ بنِ أبي مُعيط، وعمارة بنِ الوليد» .
قال عبدُاللهِ: فوَاللهِ لقد رأيتُهم صرعى يوم بدر، ثم سُحِبوا إلى القليب، قليبِ بدر، ثم قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«وأُتبِعَ أصحابُ القليبِ لَعْنَةً» .
[«الجامع الصحيح» للبخاري (ص 119) كتاب الصلاة، باب المرأة تطرح عن المصلي شيئاً من الأذى، حديث رقم
…
(520)]
تخريج الحديث:
ــ أخرجه: البخاري في «صحيحه» ـ كما سبق ـ من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق.
ــ وفي (ص 68) كتاب الطهارة، باب إذا ألقي على المصلي قَذَر
…
أو جيفة لم تفسد عليه صلاته، حديث (240) من طريق شعبة، ويوسف بن إسحاق السَّبِيعي.
ــ و (ص 611) كتاب الجزية والموادعة، باب طرح جيف المشركين في البئر ولا يؤخذ لهم ثمن، حديث رقم (3185)، و (ص 731)، كتاب مناقب الأنصار، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابُه من المشركين بمكة، حديث رقم (3854)، ومسلم في «صحيحه» (ص 746)، كتاب الجهاد والسِّيَر، حديث رقم (1794) من طريق شعبة.
ــ وفي (ص 563) كتاب الجهاد والسير، باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، حديث رقم (2934)، ومسلم في «صحيحه»
…
(ص 746)، كتاب الجهاد والسِّيَر، حديث رقم (1794) من طريق سفيان الثوري.
ــ و (ص 753)، كتاب المغازي، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش، حديث رقم (3960)، ومسلم في «صحيحه» (ص 746)، كتاب الجهاد والسِّيَر، حديث رقم (1794) من طريق زهير بن معاوية.
ــ وأخرجه: مسلم في «صحيحه» (ص 746)، كتاب الجهاد والسِّيَر، حديث رقم (1794) من طريق زكريا بن أبي زائدة.
ستتهم: (إسرائيل، وشعبة، ويوسف بن إسحاق، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، وزكريا بن أبي زائدة) عن أبي إسحاق السبيعي، عن عمرو بن ميمون، عن عبداللَّه بن مسعود رضي الله عنه.
ــ في حديث شعبة ويوسف عند البخاري: قال ابن مسعود: وأنا أنظر لا أغني شيئاً، لو كان لي مَنَعَةٌ. لفظ زكريا عند مسلم:(وأنا قائم أنظر، لو كانت لي مَنَعَةٌ طَرحْتُه).
ــ وفيه: حتى جاءت فاطمة فطرحَتْهُ عن ظهره.
ــ وفيه أيضاً: فشقَّ عليهم إذْ دعا عليهم، قال: وكانوا يرون أنَّ الدعوة في ذلك البلد مستجابة.
ولم يحفظ الراوي الرجل السابع.
ــ وفي حديث الثوري عند البخاري: قال أبو إسحاق: ونسيت السابع. قال البخاري عقبه: (وقال يوسف بن إسحاق، عن أبي إسحاق: أمية بن خلف، وقال شعبة: أمية أو أُبَيُّ. والصحيحُ أُمية)
ـ وفي حديث شعبة عند البخاري برقم (3185) و (3854)، ومسلم: أن الذي جاء بِسَلَى الجزور، ووَضَعَه على ظهر النبيِّ صلى الله عليه وسلم، هو عقبة بن أبي مُعيط.
ــ وفيه: حتى جاءت فاطمة عليها السلام، فأخذت من ظهره، ودَعَتْ على مَن صنع ذلك.
ــ وفيه: فلقد رأيتُهم قُتُلوا يوم بدر، فأُلقُوا في بئرٍ غير أميةَ، أو أُبَيٍّ، فإنه كان رجلاً ضخماً، فلما جرُّوه تقطعَتْ أوصالُه قبل أن يُلقى في البئر.
ــ حديث زهير عند البخاري ومسلم: مختصر، وفيه:«لقد رأيتهم صرعى، قد غيَّرتهم الشمسُ، وكان يوماً حاراً» .
ــ حديث زكريا عند مسلم، بنحوه، وفيه أن الذي طلَبَ سَلَا الجَزُور، وأمَرَ بوضعِه على ظَهْرِ الرسول صلى الله عليه وسلم هُو: أبو جهل .... فانبعث أشقى القوم فأخذه ..... وفيه: وذكر السابع ولم أحفظه.
ــ وفيه: قال أبو إسحاق: «الوليد بن عقبة غلط في هذا الحديث» .
ــ وعند مسلم من حديث شعبة: (وأمية بن خلف أو أُبَيُّ بنُ خلف، ــ شعبة الشاكُّ ــ قال: فلقد رأيتهم قُتلوا يوم بدر، فألقوا في بئر، غير أنَّ أمية
…
أو أُبَيَّاً تقطعت أوصاله فلم يلق في البئر).
ــ وعند مسلم من حديث الثوري: (وذكر فيهم الوليد بن عتبة، وأمية بن خلف، ولم يشك، قال أبو إسحاق: ونسيت السابع).
غريب الحديث:
ــ (جزُور): الجَزورُ من الإبل: يَقَعُ على الذكَر والأنثى.
وقال الحُميدي: الجَزور من الإبل كالجزرة من الغنم، وهو ما يصلح للذبح.
وقال الحِميَري: ما يُجْزَر من الإِبل والبقر.
وقال ابن الأثير: (الجزور: البعير ذكراً كان أو أنثى، إلا أن اللفظة مؤنثة، تقول هذه الجزور، وإن أردت ذكراً، والجمع: جُزُرٌ وجَزَائِر).
(1)
ــ (فَرثِها): الفَرْث: السِرجين ما دام في الكَرِشِ، والجمع: فُروثٌ.
وفي «تصحيح التصحيف» : (ويقولون لما يخرج من الكَرِش: الفَرْثُ
(1)
. ينظر: «الصحاح» (2/ 612)، «تفسير غريب ما في الصحيحين» للحُمَيدي (ص 91)،
…
«شمس العلوم» للحِمْيَري (2/ 1083)، «النهاية» (1/ 266).
فيوهمون فيه، لأنه يُسمَّى فَرْثاً ما دام في الكَرش، قال اللَّه تعالى:{مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا} (النحل، آية 66)، فإذا لُفِظ منها سُمِّي: السِّرْجِين).
(1)
ــ (سَلَى الجَزُور): الجزور الناقة، وأما السَلى، فقال ابن الأثير: (الجلد الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفاً فيه.
وقيل: هو في الماشية السلا، وفي الناس: المشيمة، والأول أشبه؛ لأن المشيمة تخرج بعد الولد، ولا يكون الولد فيها حين يخرج).
(2)
* * *
(1)
ينظر: «الصحاح» (1/ 289)، «مجمل اللغة» لابن فارس (ص 719)، «مشارق الأنوار» (2/ 150)، «تصحيح التصحيف وتحرير التحريف» للصفدي (ص 403).
(2)
ينظر: «النهاية» (2/ 396)، وانظر:«غريب الحديث» لأبي عُبيد القاسم بن سلَّام
…
(1/ 299)، «تهذيب اللغة» (13/ 49).
92.
[2] قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثنا عبدُاللهِ بن مَسْلمة، قال: حدثنا عبدالعزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل رضي الله عنه: أنه سُئل عن جُرح النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحد، فقال:
…
«جُرِح وجْهُ النبي صلى الله عليه وسلم، وكُسِرَتْ ربَاعِيَّتُهُ، وهُشِمَتْ البَيْضَةُ على رأسِه، فكَانت فاطمةُ عليها السلام تغْسِلُ الدَّمَ، وعَليٌّ يُمسِك، فلما رأتْ أنَّ الدمَ لا يزيدُ إلا كثرةً، أخذَتْ حصِيراً فأحرَقَتْهُ حتَّى صَارَ رمَادَاً
(1)
، ثم ألزَقَتْهُ؛ فاستَمْسَكَ الدَّم».
[«الجامع الصحيح» للبخاري (ص 559) كتاب الجهاد والسِّيَر، باب لُبس البيضة، حديث رقم (2911)]
(1)
في «شرح صحيح البخارى» لابن بطال (9/ 419): (قال المهلَّب: فيه أن قطع الدم بالرماد من المعلوم القديم المعمول به، لا سيما إذا كان الحصير من ديس السَّعدى فهى معلومةٌ بالقبض وطيب الرائحة، فالقبض يسدُّ أفواه الجراح، وطيب الرائحة يذهب بزهم الدم، وإذا غسل الدم بالماء كما فعل أولا بجُرح النبي صلى الله عليه وسلم فليجمد الدم ببرد الماء إذا كان الجرح سهلاً غير غائر، وأمَّا إذا كان غائرَاً فلا تؤمن فيه آفات الماء وضرره، وكان أبو الحسن ابن القابسى يقول: لوددنا أن نعلم ذلك الحصير ما كان؛ فنجعله دواء لقطع الدم.
قال ابن بطال: وأهل الطب يزعمون أن كل حصير إذا أُحرق يقطع رمادُه الدَّمَ، بل الأرمدة كلها تفعل ذلك؛ لأن الرماد من شأنه القبض، وقد ترجم أبو عيسى الترمذى لحديث سهل بن سعد بهذا المعنى، فقال: باب التداوى بالرماد، ولم يقل باب التداوى برماد الحصير).
تخريج الحديث:
ــ أخرجه: البخاري في «صحيحه» ـ كما سبق ـ ومسلم في «صحيحه» (ص 745)، كتاب الجهاد والسير، حديث رقم (1790) من طريق عبدالعزيز بن أبي حازم.
والبخاري في «صحيحه» (ص 558) كتاب الجهاد والسِّيَر، باب المِجَن، ومن يترِّس بترس صاحبه، حديث (2903)، وفي (ص 774)، كتاب المغازي، باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أُحُد، حديث رقم (4075)، وفي (ص 1122)، كتاب الطب، باب حرق الحصير ليُسَدَّ به الدَّمَ، حديث رقم (5722)، ومسلم في «صحيحه» (ص 745)، كتاب الجهاد والسير، حديث رقم (1790) من طريق يعقوب بن عبدالرحمن القارئ.
ــ والبخاري في «صحيحه» (ص 69) كتاب الوضوء، باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه، حديث (243)، وفي (ص 580)، كتاب الجهاد والسِّيَر، باب دواء الجرح بإحراق الحصير، وغسل المرأة عن أبيها الدم عن وجهه، وحمل الماء في الترس، حديث رقم (3037)، وفي (ص 1038)، كتاب النكاح، باب «ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن» إلى قوله:«لم يظهروا على عورات النساء» ، حديث رقم (5248)، ومسلم في «صحيحه»
…
(ص 745)، كتاب الجهاد والسير، حديث رقم (1790) من طريق سفيان بن عيينة.
ــ ومسلم في «صحيحه» (ص 745)، كتاب الجهاد والسير، حديث رقم (1790) من طريق سعيد بن أبي هلال، ومحمد بن مطرِّف.
خمستهم: (عبدالعزيز بن أبي حازم، ويعقوب بن عبدالرحمن القارئ، وسفيان بن عيينة، وسعيد بن أبي هلال، ومحمد بن مطرِّف) عن أبي حازم الأعرج، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، به.
ــ في حديث سفيان عند البخاري رقم (3037) ورقم (243):
…
(أبو حازم: سألوا سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه بأي شيء دُووِيَ جُرح النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما بقي مِن الناس أحدٌ أعلمُ به منِّي، كان عليٌّ يجئ بالماء في تُرسِه
…
».
ــ وفي حديث سفيان في الموضع الآخر برقم (5248): (فسألوا سهل بن سعد الساعدي، وكان مِن آخرِ مَن بقِيَ مِن أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة). وفيه أيضاً وفي الموضع الآخر برقم (243): (وعليٌّ يأتي بالماء على تُرسِه). وفيهما: (فحُشي به جُرْحُه).
ــ وفي حديث يعقوب عند البخاري رقم (4075): (وعلي بن أبي طالب يسكب الماء بالمجن). وفي رقم (5722) و (2903): (يختلف بالماء
في المِجَنِّ).
(1)
ــ ومسلم من حديث عبدالعزيز بمثل رواية البخاري.
غريب الحديث:
ــ (وكُسِرَتْ ربَاعِيَّتُهُ): قال ابن العراقي: (بفتح الراء والباء الموحدة وتخفيفها، وكسر العين المهملة، وفتح الياء المثناة من تحت وتخفيفها: هي السن التي تلي الثنية من كل جانب، وللإنسان أربع ثنايا، وهي الواقعة في مقدَّم الفم: ثنتان من أعلى، وثنتان من أسفل.
وتليها الرباعيات أربع أيضاً: ثنتان من أعلى، وثنتان من أسفل.
وقد تبيَّن مما تقدم أن الذي كسر من رباعياته الرباعية اليمنى السفلى).
وفي «مصابيح الجامع» : (والفاعل لهذه القضيةِ الشنعاءِ قيل: هو
…
(1)
المِجَنُّ هو التُّرس، لِأَنَّهُ يُسْتَجَنُّ بِهِ، قاله أبو عبيد، وفي النهاية»: لأنه يُواري حامله: أي يستره، والميم زائدة؛ لأنه من الجِنة: السُّترة.
قال القاضي عياض: (والمجن: الترس. و «يسكب» : يصب. «وشُجَّ» : جُرح.
وحملُ الماء فى المجن يدل أن ترسهم أو ما كان منها مقعداً، وفيه استعمال السلاح فى مصالح المسلمين وإن كان فى غير ما وضعت له).
ينظر: المخصص (2/ 47)، «إكمال المُعلِم بفوائد مسلم» لعياض (6/ 164)، «النهاية» (1/ 308) و (4/ 301).
عبد اللَّه بنُ قَمِئَةَ، وقيل: عُتبةُ بن أبي وقاص، وذلك يومَ أُحُد
…
).
(1)
ــ (وهُشِمَتْ البَيْضَةُ على رأسِه):
في «النهاية» : (الهَشْم: الكسر. والهَشِيم من النبات: اليابس المتكسر. والبيضة: الخوذة).
وقال أبو هلال العسكري: (البيضةُ، والجمعُ القليلُ البَيْضاتُ، ثمَّ البيضُ. ويُقالُ لَها: المغفرُ والزَّنيعةُ والتَّركُ).
وقال السيوطي: (البَيضة: بفتح الموحَّدَة: ما يُلبس في الرأس من آلات الحرب).
(2)
* * *
(1)
ينظر: «طرح التثريب» للعراقي وابنه (7/ 212)، «مصابيح الجامع» للدماميني
…
(6/ 286)، وانظر:«الصحاح» (3/ 1214)، «مشارق الأنوار» (1/ 280)، «فتح الباري» لابن حجر (7/ 372).
(2)
ينظر: «التلخيص في معرفة أسماء الأشياء» للعسكري (ص 327)، «النهاية»
…
(5/ 264)، و «التوشيح شرح الجامع الصحيح» للسيوطي (5/ 1958).
93.
[3] قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثني مالك بن أنس، عن أبي النَّضْر مولى عمر بن
…
عبيداللهِ، أنَّ أبا مرة مولى أم هانئ بنت أبي طالب، أخبره أنه سَمِعَ أم هانئ بنت أبي طالب، تقول: ذهبتُ إلى رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عام الفتح، فوجدتُه يغتسلُ، وفاطمةُ ابنتُه تستُرُه، قالت: فسلَّمتُ عليه، فقال:«مَنْ هذه» ؟ ، فقلتُ: أنا أم هانئ بنت أبي طالب.
فقال: «مرحبَاً بأم هانئ» . فلما فرغ من غُسْلِهِ، قام فصلى ثماني ركعات مُلتَحِفَاً في ثوب واحد، فلما انصرف، قلتُ:
…
يا رسول اللهِ، زعَمَ ابنُ أمِّي أنه قاتِلٌ رجُلاً قدْ أجَرْتُهُ، فلانَ بنَ هُبيرة، فقال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم:«قد أجَرْنَا مَنْ أجَرْتِ يا أمَّ هانئ» .
قالت أم هانئ: وذاك ضُحى.
[«الجامع الصحيح» للبخاري (ص 92) كتاب الصلاة، باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحِفاً به، حديث رقم (357)]
تخريج الحديث:
ــ أخرجه: الإمام مالك في «الموطأ» ـ رواية أبي مصعب الزهري ــ رقم (403)، ورواية يحيى (28) عن أبي النضر، به.
ومِن طريق الإمامِ مالك:
أخرجه: البخاري في «صحيحه» ــ كما سبق ـ عن إسماعيل بن أبي أويس.
ــ وفي (ص 76)، كتاب الغسل، باب التستر في الغسل عند الناس، حديث رقم (280)، و (ص 1187)، كتاب الأدب، باب ما جاء في زعموا، حديث رقم (6158) عن عبداللَّه بن مسلمة بن قعنب.
ـ وفي (ص 608)، كتاب الجزية والموادعة، باب أمان النساء وجِوارِهنَّ، حديث رقم (3171) عن عبداللَّه بن يوسف.
ـ ومسلم في «صحيحه» (ص 152)، كتاب الحيض، حديث
…
(336)، و (ص 284) كتاب صلاة المسافرين وقصرها، حديث
…
(82 ــ 336) مطولاً، عن يحيى بن يحيى.
أربعتهم: (إسماعيل بن أبي أويس، وعبداللَّه بن مسلمة، وعبداللَّه بن يوسف، ويحيى بن يحيى) عن مالك بن أنس، عن أبي النضر مولى عمر بن
…
عبيداللَّه.
ورواه مسلم أيضاً في «صحيحه» (ص 152)، كتاب الحيض، حديث (336) من طريق يزيد بن أبي حبيب.
ومن طريق الوليد بن كثير، كلاهما عن سعيد بن أبي هند.
ــ ورواه مسلم في «صحيحه» (ص 284) كتاب صلاة المسافرين وقصرها، حديث (83 ــ 336) من طريق وهيب بن خالد، عن جعفر بن
محمد، عن أبيه محمد بن علي بن الحسين.
ثلاثتهم: (أبو النضر مولى عمر بن عبيداللَّه، وسعيد بن أبي هند، ومحمد بن علي بن الحسين) عن أبي مرة، عن أم هانئ رضي الله عنها، به.
ــ حديث عبداللَّه بن مسلمة في الموضع الأول مختصراً، وفي الموضع الثاني تاماً.
ــ عند مسلم في الموضع الأول مختصراً، وفي الثاني: تاماً.
ــ عند مالك في «الموطأ» ومسلم: «تستره بثوب» .
ـ لفظ يزيد، عن سعيد: «فسترت عليه فاطمة ثم أخذ ثوبه
…
فالتحف به»، ولفظ الوليد عن سعيد:«فسترته ابنته فاطمة بثوبه، فلما اغتسل أخذه فالتحف به» .
ففي حديث سعيد بن أبي هند، زيادة:«فالتحف به» . أي بالثوب الذي سُتِر به.
ــ حديث محمد بن علي، عن أبي مُرة ـ مولى عقيل ـ، مختصراً،
…
لم يذكُرِ الاغتسالَ، وسَتْرَ فاطمة. وأخرجه: مسلم في «صحيحه» (ص 284) كتاب صلاة المسافرين وقصرها، حديث (80 ــ 336) من طريق شعبة، عن عَمرو بن مرة، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن أم هانئ ـ بنحوه ـ ولم يذكر الاغتسالَ وسَترَ فاطمة.
ورواه أيضاً (81 ــ 336) من طريق الزهري، عن ابنِ عبدِاللَّه بن الحارث بن نوفل، عن أبيه، عن أم هانئ ـ بنحوه ـ وفيه:«فأُتي بثوبٍ فسُتر عليه، فاغتسل» . ولم يذكر فاطمة.
فائدة: كانت فاطمة رضي الله عنها قريبة من أبيها صلى الله عليه وسلم في فتح مكة ـ زيادة على الحديث السابق ـ، من ذلك ما رُوِي من حديث أم هانئ رضي الله عنها قالت: لما كان يومُ الفتحِ ـ فتحِ مكة ـ جاءت فاطِمةُ، فجلست عن يسار رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأُمُّ هانئ عن يمينه، قال: فجاءت الوليدةُ بإناءٍ فيه شرابٌ فناولتْهُ، فشَرِبَ منه، ثم ناولَه أُمِّ هانئ، فشربَتْ منه، فقالت: يا رسولَ اللَّه، لقد أفطرتُ وكنتُ صائمةً، فقال لها:«أكُنْتِ تقضِينَ شيئاً» ؟ قالت: لا، قال:«فلا يَضُرُّكِ إن كان تطوُّعاً» .
وهذا حديث ضعيف
(1)
، يُغني عنه ما سبق في الصحيحين مِن قُربها
(1)
. أخرجه: أبو داوود في «سننه» ، (ص 278)، كتاب الصوم، باب في الرخصة في ذلك
…
ــ أي النية في الصيام ـ رقم (2456)، ومن طريقه: [الجصاص في «أحكام القرآن»
…
(1/ 296)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 277)، وابن عبدالبر في «التمهيد»
…
(12/ 73)]، والدارمي في «مسنده» (2/ 1085) رقم (1777)، والطبراني في
…
«المعجم الكبير» (24/ 425) رقم (1035) عن عثمانَ بنِ أبي شيبةَ، قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبداللَّه بن الحارث، عن أم هانئ رضي الله عنها، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= به.
وهذا ضعيف، يزيد هو الهاشمي، ضعيف كَبِر فصار يتلقَّن، وكان شيعياً. «تقريب التهذيب» (ص 632).
وقد روي من طُرق أخرى عن أم هانئ ــ ليس فيها ذكرٌ لفاطمة رضي الله عنهما ــ
أخرجه: الإمام أحمد في «مسنده» (44/ 478) رقم (26909 و 26910)،
…
و (45/ 381) رقم (27385)، وإسحاق بن راهوية (5/ 29) رقم (2132)، والنسائي في «السنن الكبرى» (3/ 365) رقم (3288 إلى رقم 3295)، وغيرهم.
وانظر في طُرقه: «المسند المصنف المعلل» (40/ 629 إلى 634) رقم (19483 إلى 19485)، و «أنيس الساري» للبصارة (1/ 797 ـ 803)، وتخريج الشيخ زايد النشيري لِـ «شرح العمدة ـ الصيام ـ» لابن تيمية.
والحديث فيه اختلاف كثير في إسناده، وفيه لفظة منكرة، حيث ذكر أنه كان يوم الفتح، وهي أسلَمَت عام الفتح، وكان في رمضان، فكيف يلزمها قضاؤه؟ !
وقد أعلَّه الأئمةُ المتقدِّمون، فانظر:«السنن الكبرى» للنسائي (3/ 368) رقم
…
(3295)، «أحكام القرآن» للجصاص (1/ 296)، «العلل» للدارقطني (15/ 364) رقم (4069)، «التمهيد» لابن عبدالبر (12/ 73)، «الجوهر النقي» لابن التركماني بحاشية السنن البيهقي» (4/ 278)، «الأحكام الصغرى» لعبدالحق الأشبيلي
…
(2/ 229)، «شرح العمدة» لابن تيمية ـ كتاب الصيام ـ بتخريج زايد النشيري
…
(2/ 617 ـ 621)، «البدر المنير» (5/ 734)، «التلخيص الحبير» (3/ 1468) رقم (3127).
وصحَّحَهُ بعضُ المتأخرين، والمعاصرين: =
وسَترِها لأبيها صلى الله عليه وسلم عند الغُسل، ولاشك أنها كانت مرافقة لأبيها صلى الله عليه وسلم مِن خروجه من المدينة إلى عودته إليها.
غريب الحديث:
ــ (أجَرْنَا مَن أجَرْتِ): مِن أجَار يُجير، والإجارة هي الأمان، أي: أمَّنا مَن أمَّنتِ.
(1)
* * *
= انظر: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» (6/ 717) رقم (2802)، و «صحيح أبي داود» ـ الأم ـ للألباني (7/ 215) رقم (2120).
(1)
ينظر: «تفسير غريب ما في الصحيحين» للحميدي (ص 566)، «مشارق الأنوار»
…
(1/ 19)، «مصابيح الجامع» للدماميني (2/ 79)، «مجمع بحار الأنوار» للفتَّني
…
(1/ 24).