المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني:زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لها في بيتها رضي الله عنها - فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - - جـ ٤

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثاني: الأحاديث الواردة في فضائلها، وفيه خمسة فصول:

- ‌الفصل الأول: منزلتها عند أبيها صلى الله عليه وسلم وفيه سبعة مباحث:

- ‌المبحث الأول:محبة النبي صلى الله عليه وسلم لها، واحتفاؤه بها

- ‌معنى قول الإمام البخاري في الرجل: (فيه نظر):

- ‌ محبة النبي صلى الله عليه وسلم لها

- ‌ هل فاطمة أفضل بنات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الأحاديثُ الدالَّةُ على اختصاصِ فاطمةَ بشئٍ من المحبَّةِ والاحتفاءِ والفضلِ إنما وردَتْ بعدَ وفاةِ أخواتِها، وتفرُّدِها عنهم، وذلك بعد…(شعبان 9 هـ)

- ‌ أحاديث موضوعة تدل على عظم محبة النبي صلى الله عليه وسلم وعنايته بفاطمة رضي الله عنها، مع تضمن بعضها قدحاً في مقام النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌آلُ البيت لهم من الفضائل الصحيحة ما يغنيهم عن هذه الأكاذيب المشينة

- ‌المبحث الثاني:زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لها في بيتها رضي الله عنها

- ‌مكان بيت فاطمة رضي الله عنها

- ‌المبحث الثالث:غيرة النبي صلى الله عليه وسلم عليها، وأنها بضعة منه

- ‌ متى كانت الخِطْبَة من علي، والخُطبَة من النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ إشكال في قول المِسْوَر بن مَخْرَمَة رضي الله عنه: «وأنا يومئذ محتلم»، ومنه يُعلم وقت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌هل قوله: «فاطمة بضعة مني» في وقت حياة بعض أخواتها كزينب، وأم كلثوم رضي الله عنهن

- ‌ لماذا بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر في خُطبَة؟ وواجه عليَّاً بما يُعاب به

- ‌المبحث الرابع:دخولها وزوجها وذريتها في آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ المراد بأهل البيت

- ‌المبحث الخامس:أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سِلْم لمَن سالمَها وزوجَها…وولدَيْها، وحَربٌ لمَن حارَبَهُم

- ‌الحديثُ تقلَّب بأيدي الشيعة الغلاة منهم ومَن دونهم، فذهب على أوجه شتَّى، لا يذهب مع طريق إلا ومعه وَهَنُه الشديد

- ‌المبحث السادس:اختياره صلى الله عليه وسلم لها الدار الآخرة

- ‌المبحث السابع:حثُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فاطمةَ على حُبِّ عائشةَ رضي الله عنهما

- ‌ العلاقة بين فاطمة، وعائشة رضي الله عنهما علاقة حميمية

- ‌الفصل الثاني: منزلة أبيها صلى الله عليه وسلم عندهاوفيه مبحثان:

- ‌المبحث الأول:برها بأبيها صلى الله عليه وسلم

- ‌نصرتها لأبيها صلى الله عليه وسلم

- ‌إطعامها والدها صلى الله عليه وسلم

- ‌معالجتها إياه صلى الله عليه وسلم

- ‌حزنها في مرض أبيها ووفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌برها بوالدتها خديجة رضي الله عنهما

- ‌ يُلحظ أن لفاطمةَ رضي الله عنها حضوراً في أسفار والدها صلى الله عليه وسلم ومشاهده

- ‌المبحث الثاني:حفظها لسِرِّ أبيها صلى الله عليه وسلم

- ‌ يجوز إظهار السِّرِّ إذا انتهى وقتُه، بإظهارِ اللَّهِ له، أو أظهرَهُ صاحبُه الذي أسرَّ بِهِ

- ‌الفصل الثالث: منزلتها عند الشيخين: أبي بكر وعمر رضي الله عنهم.وفيه مبحثان:

- ‌المبحث الأول:محبة أبي بكر ورعايته لها رضي الله عنهما

- ‌(مراسيل الشعبي)

- ‌ طعن الرافضة في أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه

- ‌المسألة الأولى: المحبة بين الصحابة وآل البيت

- ‌ حصل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من بعض قريش جفوة على بني هاشم، بسبب الغَيرة

- ‌ومن الأمارات الكبيرة الظاهرة في تلك العلاقة الطيبة المتينة:

- ‌المسألة الثانية: طلبُ فاطمة الميراث، وغضبُها على أبي بكر، ولمَ غضبت بعد علمها بالحديث

- ‌وكان لفاطمة رضي الله عنها من أبي بكر رضي الله عنه طلبان اثنان:

- ‌ حديث لا نورث، مروي أيضاً في كتب الرافضة

- ‌المسألة الثالثة: هل وقع أبو بكر في أذية فاطمة وإغضابها، مما يُغضِبُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم؟ولِمَ امتنع من إجابتها؟وبيان تأكيد آل البيت والصحابة حُكَمَ أبي بكر رضي الله عنهم

- ‌المسألة الرابعة: خُطبة فاطمة على ملأئٍ من الصحابة

- ‌المسألة الخامسة: إكرامُ أبي بكر فاطمة، وإحسانُه لها، وإعطاؤها المال الوفير

- ‌ تأثر متأخري الزيدية بالرافضة

- ‌المسألة السادسة: هل كشف أبو بكر بيت فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ لم أجد أحداً ذكره كما ذكرَته الرافضة:لم أكبس بيت فاطمة

- ‌المسألة السابعة: صحة الجملة الواردة في الحديث المخرَّج في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: «فهجرَتْه حتى ماتت»، وإجابةٌ على شُبهَة مَن أنكرها

- ‌ مراسيل الزهري

- ‌ تعريف الهجر لغة وشرعاً:

- ‌خلاصة ما قيل في هجر فاطمة رضي الله عنها

- ‌المسألة التاسعة:هل ترضَّى أبو بكر فاطمةَ قبل وفاتها رضي الله عنهما

- ‌المسألة العاشرة:لماذا لم يخبر عليٌّ أبا بكر بوفاة فاطمة، ليصلِّي عليها

- ‌المسألة الحادية عشرة: ما قيل في بيعة علي وآل هاشم أبا بكر ــ اختصاراً ــ مما يستفاد منه في علاقة فاطمة بأبي بكر رضي الله عنهم

- ‌المسألة الثانية عشرة:موقف فاطمة رضي الله عنها من بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌ لم تشارك في الحياة السياسية، ولم تحضر المجالس الشورية مع الرجال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين، بل وبعدهم أيضاً فترة طويلة

- ‌من شروط أهل الحل والعقد: الذكورية، وليس للنساء…مدخل فيه

- ‌ما يُلقَى مُشَافَهَةً جواباً لسؤال عابر، يختلِفُ عما يُكتب تحريراً، بل يختَلِفُ عما يُشرَحُ في متن عِلمِيٍّ يجمَعُ أطرافَ ما يُلقِيه الشارِحُ

- ‌لم يَرِدْ في موروث أهلِ السنة والجماعة حديثاً وعقيدةً وتاريخاً شئٌ عن مبايعة فاطمة أبا بكر رضي الله عنهما، وموقفها من البيعة

الفصل: ‌المبحث الثاني:زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لها في بيتها رضي الله عنها

‌المبحث الثاني:

زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لها في بيتها رضي الله عنها

-.

79.

[1] قال الإمام مسلم رحمه الله: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان، عن عُبيدِالله بن أبي يزيد، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرجتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في طائفةٍ من النهار، لايُكلِّمُني ولا أكلِّمُه، حتى جاء سوقَ بني قَينُقَاع، ثم انصرف، حتى أتى خِبَاء فاطمة فقال:«أثَمَّ لُكَع؟ أثَمَّ لُكَع» ؟ يعني حسناً فظنَنَّا أنه إنما تحبسه أمُّه لأن تغسِلَه وتُلبِسه سِخاباً، فلم يلبَث أنْ جاء يَسعى، حتى اعتنقَ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه، فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«اللهمَّ إني أُحِبُّه، فأَحِبَّه، وأحبِبْ مَنْ يُحِبُّه» .

[«الجامع الصحيح» للإمام مسلم، (ص 985)، كتاب فضائل الصحابة، حديث رقم (2421)]

تخريج الحديث:

ــ أخرجه الإمام مسلم في «صحيحه» ـ كما سبق ـ عن ابن أبي عمر.

ــ وأخرجه البخاري في «صحيحه» (ص 399)، كتاب البيوع، باب ما ذُكر في الأسواق، حديث (2122) عن علي بن عبدالله المديني.

كلاهما: عن سفيان بن عيينة.

ص: 113

ـ وأخرجه البخاري أيضاً في «صحيحه» (ص 1147)، كتاب اللباس، باب السِّخَاب للصبيان، حديث (5884) من طريق ورقاء بن عمر.

كلاهما: (سفيان، وورقاء) عن عبيدالله بن أبي يزيد، به.

وقد اخترتُ لفظ مسلم لأنه أتم وأكمل، وقد جاء عند البخاري في الموضع الأول هكذا: (خرج النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة النهار، لا يكلمني ولا أكلمه، حتى أتى سوق بني قينقاع، فجلس بفناء

(1)

بيت فاطمة .. ). ففيه سقط، كيف يكون فِناء فاطمة عند سوق بني قينقاع؟ !

قال ابن حجر: (قوله: «حتى أتى سوق بني قينقاع فجلس بفِنَاء بيت فاطمة فقال» هكذا في نسخ البخاري، قال الداوودي: سقط بعض الحديث عن الناقل، أو أدخل حديثاً في حديث؛ لأن بيت فاطمة ليس في سوق بني قينقاع. انتهى.

وما ذكره أولاً احتِمالاً هو الواقع، ولم يدخل للراوي حديثٌ في حديث، وقد أخرجه مسلم عن ابن أبي عمر، عن سفيان، فأثبت ما سقط منه، ولفظه:«حتى جاء سوق بني قينقاع، ثم انصرف حتى أتى فناء فاطمة» ، وكذلك أخرجه الإسماعيلي من طُرق عن سفيان

).

(2)

(1)

قال ابن حجر في «فتح الباري» (4/ 341): (الفِنَاء بكسر الفاء بعدها نون ممدودة أي: الموضع المتسع أمام البيت.

(2)

«فتح الباري» لابن حجر (4/ 341).

ص: 114

ولفظ البخاري في الموضع الثاني: كنتُ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في سوق من أسواق المدينة، فانصرفَ فانصرفتُ، فقال:«أين لكع ـ ثلاثاً ـ ادع الحسن بن علي» . فقام الحسن بن علي يمشي وفي عنقه السخاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بيده هكذا، فقال الحسن بيده هكذا، فالتزمه فقال:

«اللهم إني أحبُّه فأحبَّه، وأحبَّ من يحبُّه» .

وقال أبو هريرة: فما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ من الحسنِ بنِ علي، بعدما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما قال.

(1)

غريب الحديث:

ــ (لا يكلِّمُني ولا أكلِّمُه): قال ابن حجر: (أما من جانب النبي صلى الله عليه وسلم فلعله كان مشغولَ الفِكر بوَحْي أو غيرِه، وأما مِن جانب أبي هريرة فللتوقير؛ وكان ذلك من شأن الصحابة إذا لم يروا منه نشاطاً).

(2)

ــ (سوق بني قَينُقَاع): قينقاع: بضم النون، وفتحها وكسرها ـ مثلَّثة ـ، اسمٌ لشعب من اليهود الذين كانوا بالمدينة أُضيف إليهم سوقٌ كان بها.

(3)

ــ (خِبَاء فاطمة): أي منزلها وحجرتها، وأصل الخباء: أحد بيوت

(1)

وانظر: «المسند المصنف المعلل» (34/ 212) رقم (16053).

(2)

«فتح الباري» لابن حجر (4/ 341).

(3)

ينظر: «مشارق الأنوار» للقاضي عياض (2/ 198)، «معجم البلدان» (4/ 424).

ص: 115

العرب من وبَر أو صوف، ولا يكون من شعر. ويكون على عمودين أو ثلاثة.

فهو يطلق على بيوت الأعراب، ثم استُعمِل في غيرها من المنازل.

(1)

ــ (لُكَع): المراد به هنا: الصغير، سمَّاه لُكْعاً لِصِباه وصِغَره.

واللُّكع يطلق على: اللئيمُ، والعبدُ، والأحمقُ، ومَن لا يَتَّجِهُ لِمَنْطِقٍ ولا غيرِه، والمُهْرُ، والصَّغيرُ، والوَسِخُ.

فتأتي لمعنيين أساسيين: الاستصغار، والذم، كما قال الخطابي في «أعلام الحديث» .

وقال عياض: (يقال ذلك لكل من يستحقر، وللعبد، والأمَة، والوَغْدِ من الناس، والجاهل، والقليل العقل. والذكر لُكَع والأنثى لُكَاع، ومعناه: يا ساقط، ويا ساقطة، ويا دنئ وشبهه

).

(2)

ــ (سِخَابا): السِّخَاب: خيط ينظم فيه خرز، ويَلبَسه الصبيان والجواري.

(1)

ينظر: «تهذيب اللغة» (7/ 246)، «المخصص» (2/ 5)، «مشارق الأنوار»

(1/ 228)، «النهاية» (2/ 9).

(2)

ينظر: «الزاهر في معاني كلمات الناس» للأنباري (1/ 144)، «أعلام الحديث» للخطابي (2/ 1037)، «تهذيب اللغة» (1/ 205)، «مقاييس اللغة» (5/ 264)، «مشارق الأنوار» (1/ 357)، «النهاية» (4/ 268)، «القاموس المحيط» (ص 761).

ص: 116

وقيل: هو قلادة تُتَّخذ من قرنفل، ومحلب، وسَكِّ، ونحوه، وليس فيها من اللؤلؤ والجوهر شَئٌ.

(1)

* * *

(1)

ينظر: «غريب الحديث» لابن قتيبة (2/ 152)، «أعلام الحديث» للخطابي

(2/ 1038)، «مشارق الأنوار» (2/ 209)، «النهاية» (2/ 349).

ص: 117

80.

[2] قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، ح

حدثني محمد بن سلام، قال: أخبرنا عتَّاب بن بشير، عن إسحاق، عن الزهري، أخبرني علي بن حسين، أن حسين بن علي رضي الله عنهما أخبره أنَّ علي بن أبي طالب، قال: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَرَقَه وفاطمةَ عليها السلام بنتَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال لهم:«ألا تصلون» ؟

فقال علي: فقلت: يا رسولَ اللهِ، إنما أنفسنا بيد اللهِ، فإذا شاءَ أن يبعثَنا بعَثَنا، فانصرفَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حين قال له ذلك، ولم يرجع إليه شيئاً، ثم سمِعَهُ وهو مُدبِر، يضربُ فخذَه وهو يقول:

{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} (سورة الكهف، آية 54).

قال أبو عبدالله ــ أي البخاري ــ: (يقال: ما أتاك ليلاً فهو طارق

(1)

، ويقال الطارق: النجم»، و «الثاقب»: المضيء، يقال:«أثقب نارَك للموقد» ).

[«صحيح البخاري» (ص 1399)، كتاب الاعتصام، باب قول الله تعالى {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}، حديث رقم (7347)]

(1)

قال القاضي عياض: (الطُّرُوق ــ بضم الطاء ــ: كلُّ ما جاء بالليل، ولا يكون بالنهار إلا مجازاً). «مشارق الأنوار» (1/ 319)، وانظر:«النهاية» لابن الأثير (3/ 121).

ص: 118

تخريج الحديث:

ــ أخرجه البخاري في «صحيحه» ـ كما سبق ـ من طريق شعيب بن أبي حمزة، وإسحاق بن راشد الجزري.

ــ وأخرجه ـ أيضاً ـ في «صحيحه» (ص 223)، كتاب أبواب التهجد، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب، وطَرَق النبي صلى الله عليه وسلم فاطمةَ وعلياً عليهما السلام ليلةً للصلاة، حديث رقم (1127) من طريق أبي اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة.

ــ وأخرجه أيضاً في (ص 1424)، كتاب التوحيد، باب في المشيئة والإرادة، حديث (7465) من طريق شعيب بن أبي حمزة، ومحمد بن أبي عتيق.

ــ وأخرجه أيضاً في (ص 909)، كتاب التفسير، باب وكان الإنسان أكثر شئ جدلاً، حديث (4724) من طريق صالح بن كيسان.

ـ ومسلم في «صحيحه» ، (ص 306)، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، حديث (775) من طريق عُقيل بن خالد.

خمستهم: (شعيب، وإسحاق، ومحمد بن أبي عتيق، وصالح بن كيسان، وعُقيل) عن الزهري، به.

حديث صالح بن كيسان: مختصراً.

ص: 119

ووردت زيادات خارج الصحيحين:

ففي «مسند أحمد» (2/ 113) رقم (705)، والنسائي في «سننه» رقم (1612)، وأبو يعلى في «مسنده» (1/ 301) رقم (366)، وابن خزيمة في «صحيحه» (1/ 565) رقم (1139) من طريق ابن إسحاق، قال: حدثني حكيم بن حكيم بن عبَّاد بن حنيف

(1)

، عن الزهري، به، ولفظه: دخل عليَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وعلَى فاطمةَ من الليل، فأيقظَنا للصلاة، قال: ثم رجَعَ إلى بيتِه، فَصلَّى هوياً

(2)

من الليل، قال: فلم يسمعْ لنا حِسَّاً، قال: فرجع إلينا، فأيقظنا وقال:«قُومَا فصَلِّيا» . قال: فجلستُ وأنا أعركُ عيني، وأقول: إنَّا واللهِ ما نُصلِّي إلا ما كُتِبَ لنا، إنما أنفسنا بيدِ اللهِ، فإذا شاء أنْ يبعثَنا بعثَنَا. قال: فولَّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو يقول، ويَضرِب بيده على فخذه:«ما نصلي إلا ما كُتِبَ لنا، مَا نُصَلِّي إلا ما كُتِبَ لنا! ! وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدَلاً» .

(3)

* * *

(1)

صدوق، كما في «التقريب» (ص 213). وابن إسحاق صرَّحَ بالتحديث.

(2)

الهَوي بالفتح: الحين الطويل من الزمان. وقيل: هو مختص بالليل. «النهاية»

(5/ 285). وفي «القاموس المحيط» (ص 1347): (وهَوِيٌّ، كَغَنِيٍّ ويُضَمُّ، وتَهْواءٌ من اللَّيْلِ: ساعَةٌ).

(3)

وإسناده حسن، وانظر:«المسند المصنف المعلل» (21/ 166) رقم (9526).

ص: 120

81.

[3] قال الطحاوي رحمه الله: حدثنا محمد بن علي بن داود، قال: حدثنا مثنى بن معاذ بن معاذ، قال: حدثنا ليث بن داود البغدادي، قال: مبارك بن فضالة حدَّثَنَا عن الحسن، قال عمرانُ بن حصين رضي الله عنه: خرجتُ يوماً فإذا أنا برسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال لي: «يا عمرانُ، إنَّ فاطمةَ مَريضَةٌ، فهل لكَ أن تعودَها» .

قال: قلتُ: فِداك أبي وأمي، وأيُّ شَرَفٍ أشرَفُ مِن هذا؟

قال: «انطلِقْ» . فانطلقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وانطلقتُ معه، حتى أتى البابَ فقال:«السلامُ عليكم أدخُل» ؟ فقالت: وعليكم ادخُل.

فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أنا ومن معي» ؟ قالت: والذي بعثك بالحق ما عَليَّ إلا هذه العباءةُ.

قال: ومعَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَلاءَةٌ خَلِقَةٌ فرمى بها إليها، فقال لها:«شُدِّيهَا على رأسِكِ» ، ففعَلَتْ ، ثم قالت: ادخُل، فدخَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ودخلتُ معهَ، فقعد عند رأسها، وقعدتُ قريباً منه، فقال:«أَيْ بُنَيَّةُ، كيف تجِدَينَكِ» ؟ قالت: واللهِ يا رسولَ اللهِ إني لوَجِعَةٌ، وإنَّه ليزيدني وجَعَاً إلى وَجَعِي أنَّه ليس عندي ما آكُلُ.

فبكى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وبكَتْ فاطمةُ عليها السلام،

ص: 121

وبكيتُ معهما، فقال لها:«أَيْ بُنَيَّةُ، تصبَّري» ـ مرتين أو ثلاثاً ـ، ثم قال لها:«أَيْ بُنَيَّةُ، أما ترضين أن تكوني سيِّدَة نساءِ العالمين» ؟

قالت: يا ليتها ماتَتْ، وأينَ مريم بنتُ عمران؟

فقال لها: «أَيْ بُنَيَّةُ، تلكَ سيدة نساء عالمها، وأنتِ سيدة نساء عالَمك،

(1)

والذي بعثني بالحقِّ، لقد زوجتُكِ سيِّداً في الدنيا وسيِّداً في الآخرة، لايُبغِضُهُ إلا منافق».

[«مشكل الآثار» (1/ 141) رقم (149)]

دراسة الإسناد:

ــ محمد بن علي بن داود، أبو بكر البغدادي، المعروف بابن أخت غزال.

ثقة.

قال الخطيب: ثقة حسن الحديث.

وصفه الذهبي بِـ: الإمام، الحافظ، المجود. (ت 264 هـ).

(2)

(1)

قال ابن حجر في «الإصابة» (8/ 102 ـ 103): (فعلى هذا مريم خير نساء الأمة الماضية، وخديجة خير نساء الأمة الكائنة. ويحمل قصة فاطمة ـ إن ثبتت ـ على أحد أمرين: إما التفرقة بين السيادة والخيرية، وإما أن يكون ذلك بالنسبة إلى من وُجِد من النساء حين ذكَر قصة فاطمة).

(2)

ينظر: «تاريخ بغداد» (4/ 98)، «طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى (2/ 331)، «تاريخ دمشق» (54/ 314)، «سير أعلام النبلاء» (13/ 338).

ص: 122

ــ المثنى بن معاذ بن معاذ العنبري.

ثقة.

(1)

ــ ليث بن داود، أبو محمد القيسي البغدادي.

ضعيف.

ذكر الخطيب أنه روى: أحاديث مستقيمة.

قال الذهبي في «الميزان» و «المغني» : (روى عن: مبارك بن فضالة. أتى بخبر منكر جداً في «معجم» ابن الأعرابي).

ولم أجد له في «معجم ابن الأعرابي» عن مبارك إلا هذا الحديث ـ محل الدراسة ـ.

(2)

ــ مبارك بن فضالة بن أبي أمية القرشي العدوي مولاهم، أبو فضالة البصري.

صَدوقٌ، يُدَلِّس، ويُسَوِّي.

قال ابن حجر في «التقريب» : صدوقٌ، يُدلس، ويُسَوِّي.

(1)

ينظر: «تهذيب الكمال» (27/ 209)، «الكاشف» (4/ 241)، «تهذيب التهذيب»

(10/ 37)، «تقريب التهذيب» (ص 548).

(2)

ينظر: «تاريخ بغداد» (14/ 539)، «تاريخ الإسلام» (5/ 665)، «ميزان الاعتدال»

(3/ 413)، «المغني في الضعفاء» (2/ 235)، «لسان الميزان» (6/ 432).

ص: 123

وذكره ابن حجر في المرتبة الثالثه من مراتب المدلسين وهم: مَنْ أكثر مِنَ التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم مَن ردَّ حديثهم مطلقاً، ومنهم مَن قبلهم.

(ت 166 هـ).

(1)

ــ الحسن بن يسار البصري.

قال ابن حجر: (ثقة، فقيه، فاضل، مشهور، يرسل كثيراً، ويدلِس).

والحسن لم يسمع من عمران بن الحصين، قاله: ابن معين، وأحمد بن حنبل، وابن المديني، وأبو حاتم، وغيرهم.

(2)

تخريج الحديث:

ــ أخرجه: الطحاوي في «مشكل الآثار» ـ كما سبق ـ من طريق مثنى بن معاذ.

(1)

ينظر: «الكامل» لابن عدي (6/ 319)، «تهذيب الكمال» (27/ 180)، «ميزان الاعتدال» (4/ 12)، «تهذيب التهذيب» (10/ 28)، «تقريب التهذيب» (ص 548)، «تعريف أهل التقديس» (93)«هدي الساري» (ص 458).

(2)

ينظر: «المراسيل» لابن أبي حاتم (ص 38) رقم (119) وما بعده، «تهذيب الكمال»

(6/ 95)، «جامع التحصيل» للعلائي (ص 162) رقم (135)، «تهذيب التهذيب»

(2/ 263)، «تقريب التهذيب» (ص 197)، «التابعون الثقات المتكلَّم في سماعهم من الصحابة» د. مبارك الهاجري (1/ 315 ـ 327).

ص: 124

ــ وابن الأعرابي في «معجمه» (3/ 1140) رقم (2457)، وابن شاهين في «فضائل فاطمة» (ص 24) رقم (13) من طريق يوسف بن صاعد.

ــ والحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 130) رقم (184)، ومن طريقه:[ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (42/ 134)] من طريق أحمد بن علي بن مسلم الأبار.

ثلاثتهم: (مثنى بن معاذ، ويوسف بن صاعد، وأحمد الأبار) عن ليث بن داود القيسي، عن مبارك بن فضالة.

ــ وأخرجه الآجري في «الشريعة» (5/ 2117) رقم (1607)،

و (5/ 2198) رقم (1689)، وابن المغازلي في «مناقب علي» (ص 464) رقم (452) من طريق عبدالله بن داهر الرازي

(1)

، عن عمرو بن جُميع العبدي

(2)

، عن عمرو بن عبيد.

(3)

كلاهما: (مبارك بن فضالة، وعَمرو بن عبيد) عن الحسن البصري.

(1)

رافضي، متهم بالوضع. «لسان الميزان» (4/ 372).

(2)

أبو المنذر، وقيل: أبو عثمان، قاضي حلوان، متروك، واتُّهِم بالوضع. «لسان الميزان»

(6/ 196).

(3)

البصري، التميمي مولاهم، إمام المعتزلة، متروك، وكذَّبه بعضهم. «تهذيب الكمال»

(22/ 123)، «ميزان الاعتدال» (3/ 277).

ص: 125

ــ وأخرجه: أحمد بن منيع ـ كما في «إتحاف الخيرة المهرة» للبوصيري

(7/ 234) رقم (6743) ــ والسراج في «مسنده» ومن طريقه: [ابن عبدالبر في «الاستيعاب» (4/ 1895)]، وأبو نعيم في «الحلية» (2/ 42)، من طريق علي بن هاشم بن البريد

(1)

، عن كثير النَّوَّاء.

(2)

ــ والحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 131) رقم (186)، ومن طريقه:

[ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (42/ 134)] من طريق علي بن هاشم، عن كثير النواء، عن سعيد بن جبير.

فتفرَّدَ الحاكمُ من بينهم بذكر سعيد بن جبير.

كلاهما: (كثير النواء ـ سعيد بن جبير عند الحاكم ـ، والحسن البصري) عن عمران بن الحصين رضي الله عنه.

ــ رواية مبارك بن فضالة، عن الحسن معنعنة عند الجميع.

عند الآجري في الموضع الأول: زيادات، وفي الموضع الثاني رواه مختصراً.

ــ رواية ابن عساكر من طريق الأبار، عن ليث: مختصرة.

ــ قال أبو نعيم: كذا رواه علي بن هاشم مرسلاً، ورواه ناصح

(1)

صدوق يتشيع. «تقريب التهذيب» (ص 437).

(2)

شيعي، غالٍ في التشيُّع، ضعيفٌ ـ ستأتي ترجمته في الباب الثالث، حديث رقم (31) ـ.

ص: 126

أبو عبدالله، عن سماك، عن جابر بن سمرة متصلاً.

قال الذهبي في «تاريخ الإسلام» (2/ 29) عن حديث كثير النواء: هذا حديث ضعيف، وأيضاً فقد سقطَ بين كثير وعِمران رَجُلٌ.

وقال في «سير أعلام النبلاء» (2/ 126): كثير واهٍ، وسقط من بينه وبين عمران.

قلت: جاء بيان السقط في رواية الحاكم، فرواه ـ كما سبق ـ عن كثير، عن سعيد بن جبير، عن عمران.

فالحديث: ضعيف جداً، منكر، فيه علل:

1.

ليث بن داوود، ضعيف.

2.

مبارك بن فضالة يدلس تدليس تسوية، وقد رواه بالعنعنة.

3.

الحسن لم يسمع من عمران، فهو منقطع.

4.

متابعة عمرو بن عبيد المعتزلي لمبارك، باطلة، فيه ظلمات بعضها فوق

بعض.

5.

متابعة كثير النواء، ضعيفة، لضعف كثير وتشيعه، والانقطاع بينه وبين عمران عند غالب من روى حديثه.

ص: 127

وللحديث شاهد من حديث جابر بن سمرة، ومعقل بن يسار:

1.

حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه.

أخرجه: أبو نعيم في «الحلية» (2/ 42) قال حدثنا: محمد بن أحمد بن الحسن، قال: حدثنا عبدالرحمن بن عبدالله بن محمد المقرئ

(1)

، قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي الكوفي

(2)

، قال: حدثنا إسماعيل بن أبان الوراق

(3)

، قال: حدثنا ناصح أبو عبدالله

(4)

، عن سماك، عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: جاء نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فجلس، فقال:«إن فاطمة لوجعة» ، فقال القوم: لوعدناها، فقام فمشى حتى انتهى إلى الباب

الحديث.

وهذا ضعيف جداً، لضعف ناصح، وتفرده بالحديث.

2.

حديث معقل بن يسار رضي الله عنه.

أخرجه: الإمام أحمد في «مسنده» (33/ 422) رقم (20307)، ومن

(1)

وثَّقه الخليلي في «الإرشاد» (1/ 385).

(2)

ثقة. «تقريب التهذيب» (ص 123).

(3)

ثقة، تُكُلِّم فيه للتشيع. «تقريب التهذيب» (ص 144).

(4)

المحَلِّمي التميمي الكوفي الحائك، صاحب سماك بن حرب، ضعيف، شيعي، وقد روى أحاديث منكرة عن سماك، عن جابر بن سمرة.

ينظر: «تهذيب الكمال» (29/ 261)، «تهذيب التهذيب» (10/ 401)، «تقريب التهذيب» (ص 586).

ص: 128

طريقه: [ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (42/ 126)]، والطبراني في

«المعجم الكبير» (20/ 229) رقم (538) عن أبي أحمد محمد بن عبدالله الزبيري الأسدي.

والخطيب البغدادي في «تلخيص المتشابه» (2/ 834) من طريق أبي نعيم الفضل.

كلاهما: (الزبيري، وأبو نعيم) عن خالد بن طهمان

(1)

، عن نافع بن أبي نافع

(2)

،

عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: وضأَتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذات

(1)

الكوفي، وهو خالد بن أبي خالد، أبو العلاء الخفَّاف، مشهور بكنيته، قال الذهبي في

«الكاشف» (2/ 346): (صدوق شيعي، ضعفه ابن معين). وقال ابن حجر في

«التقريب» (ص 224): (صدوق، رُمي بالتشيع، ثم اختلاط).

(2)

نسبه الخطيب البغدادي: (الهمداني، أظنه كوفياً).

وقد اختُلف في تعيينه، فيُوجد اثنان باسم: نافع بن أبي نافع:

الأول: نافع بن أبي نافع البزاز، أبو عبدالله مولى أبي أحمد، قال عنه الخطيب في «تلخيص المتشابه» (2/ 834): مديني، روى عن أبي هريرة، وروى عنه: محمد بن عبدالرحمن بن أبي ذئب.

قال ابن حجر في «التقريب» (ص 588): ثقة. .

الثاني: نافع بن أبي نافع. قال الخطيب في «تلخيص المتشابه» (2/ 834): الهمداني، أظنه كوفياً، حدَّث عن معقل بن يسار، روى عنه: خالد بن طهمان السلولي

ثم ذكر له هذا الحديث ـ محل الدراسة ـ.

قال ابن حجر في «التقريب» (ص 588): (وهو نفيع أبو داوود الكوفي، وجَعْلُ المزي =

ص: 129

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الراوي عن معقل بن يسار، والراوي عن أبي هريرة واحداً، وَهَمٌ، قد شرحته في «تهذيب التهذيب» ).

وقال في «التقريب» أيضاً (ص 594): (نفيع بن الحارث، أبو داوود الأعمى، مشهور بكنيته، كوفي، ويقال له: نافع، متروك، وقد كذَبه ابن معين). وقال الذهبي في

«الكاشف» (4/ 404) عن نفيع بن الحارث الهمداني: تركوه، وكان يترفَّض.

وأما المزي في «تهذيب الكمال» (29/ 293) فقد جعل البزاز يروي عن أبي هريرة، ومعقل بن يسار. ويروي عنه: خالد بن طهمان. وانظر: «تحفة الأشراف» (8/ 465).

تعقبه ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (10/ 411) فقال في ترجمة البزاز: (

وأما الذي يروي عن معقل بن يسار، فقد أفرده ابن أبي حاتم عن الراوي عن أبي هريرة، فقال: يروي عن معقل. روى عنه: أبو العلاء. وسئل أبي عنه؟ فقال: هذا أبو داود نفيع، وهو ضعيف. قلتُ وسيأتي في ترجمته بعد قليل.

وقد عرف اسم الراوي عنه من رواية الترمذي، فإنه أخرج حديثه في فضائل القرآن من طريق أبي أحمد الزبيري، عن أبي العلاء خالد بن طهمان، عن نافع بن أبي نافع، ولم ينسبه، عن معقل بن يسار، رفعه:«من قال حين يصبح أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وثلاث آيات من سورة الحشر؛ وكَل اللهُ تعالى ألفَ ملَك يصلُّون عليه حتى يمسي .. الحديث» وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. انتهى.

ولم يصفه إلا بنافع بن أبي نافع. وكذلك أخرجه الدارمي في مسنده عن أبي هريرة من طريق أبي أحمد الزبيري.

وأخرج الحليمي في مسنده عن أبي أحمد الزبيري ثلاثة أحاديث أحدها هذا الحديث ووصفه في الجميع بنافع بن أبي نافع حسب. =

ص: 130

يوم، فقال:«هل لك في فاطمة تعودها» ؟ فقلت: نعم، فقام متوكئاً عليَّ، فقال:«أما إنه سيحمل ثقلها غيرك، ويكون أجرها لك» . قال: فكأنه لم يكن عليَّ شيءٌ حتى دخلنا على فاطمة، فقال لها:«كيف تجدينك» ؟ قالت: والله لقد اشتدَّ حُزني، واشتدت فاقتي، وطال سقمي».

= وخالد بن طهمان الذي دلَّس أبا داود كنيته فسماه بما لم يشتهر به، وكنَّاه فيه، فقال: وهو معدود فيمن اختلط، فظهر من هذا أن نافع بن أبي نافع اثنان.

وقال الذهبي في «الميزان» نافع بن أبي نافع عن معبد، لا يُعرف، هو أبو داود نُفيع). انتهى من «تهذيب ابن حجر» .

والحديث المذكور عند الترمذي برقم (2922)، والدارمي (3468) وغيرهم.

وانظر قول أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (8/ 459)

وعبارة الذهبي في «الميزان» (5/ 8): (نافع بن أبي نافع، عن معبد، لا يُعرف، ويقال: أبو داوود نُفيع، أحد الهلكى). وقال في موضع آخر (5/ 33): نفيع بن الحارث، أبو داوود النخعي الكوفي القاص الهمداني الأعمى

وذكر أقوال الأئمة الدالة على تَرْكِه، وذكرَ قول العقيلي: كان يغلو في الرفض

ثم قال الذهبي: قد دلَّسَه بعض الرواة فقال: نافع بن أبي نافع.

وقال العراقي في «التقييد والإيضاح» (2/ 290) ــ بعد إيراد الحديث محل الدراسة ـ:

(نافع بن أبي نافع هذا مجهول، قاله: علي بن المدينى. وجعله أبو حاتم نُفيعاً أبا داود، أحد الهلكى.

وأما المزي فجعله آخر ثقة تبعاً لصاحب الكمال. والأول هو الصواب).

فالراجح أن نافعاً هنا هو نُفيع المتروك الرافضي، قد دلَّسَه خالد بن طهمان.

ص: 131

قال أبو عبد الرحمن ـ عبدالله بن الإمام أحمد ـ: وجدتُ في كتاب أبي بخطِّ يدِه، في هذا الحديث، قال:«أومَا ترضين أني زوجتُكِ أقدم أمتي سِلماً، وأكثرُهم عِلماً، وأعظمهم حِلماً» .

لفظ الإمام أحمد.

وحديث معقل بن يسار هذا ضعيف جداً، آفته: نافع بن أبي نافع وهو نُفيع بن الحارث الهمداني أبو داوود الكوفي، متروك وقد اتُّهم، وهو رافضي، وقد دلَّسَه خالد بن طهمان ـ كما سبق تعيينه وبيانه في ترجمته ـ.

(1)

الحكم على الحديث:

حديث ثوبان حديث منكر، ضعيف جداً، وشاهداه مثله في الضعف، وبناءً عليه فلا يصح حديثٌ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم زار فاطمة رضي الله عنها

ـ وهي مريضة ـ، ومعَهُ أصحابُه رضي الله عنهم.

(1)

وانظر للفائدة: «الأحاديث الواردة في المرض والعيادة ـ دراسة موضوعية ـ» للشيخ

د. ياسر بن سعد العسكر، رسالة ماجستير، في قسم السنة، جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض (1426 هـ) ـ نشرةٌ تقنيةٌ لا وَرَقية ـ، حديث رقم (167).

ص: 132

غريب الحديث:

ــ (مُلاءَةٌ): جمعها: مُلَاء، هي الريطة، كل ثوب رقيق ليِّن. وقيل: الأزر البيض يرتدى بها. وهي المِلحَفة. وقال بعضهم: هي الإزار والريطة.

(1)

ــ (خَلِقَةٌ): البالية.

(2)

* * *

(1)

ينظر: «مقاييس اللغة» (2/ 467)، «التلخيص في معرفة أسماء الأشياء» للعسكري

(ص 141)، «المخصص» (1/ 389) و (5/ 27)، «النهاية» (4/ 352)، «تاج العروس» (1/ 438).

(2)

ينظر: «غريب الحديث» لأبي عبيد (4/ 56)، «غريب الحديث» للحربي (1/ 24)،

«التلخيص في معرفة أسماء الأشياء» (ص 149)، «القاموس المحيط» (ص 881).

ص: 133

الدراسة الموضوعية:

دلَّت أحاديث المبحث على عناية النبي صلى الله عليه وسلم بأولاده، مع محبته لهم، ومن مظاهر العناية: زيارتهم، وتفقد أحوالهم.

وهذا يدل أيضاً على بشرية النبي صلى الله عليه وسلم، لمحبته ورعايته أولاده، ويدل على كمال خُلُقه، فلم تكن النبوة ومهمامُّها، وما يواجهه من الأذى والمصائب حائلةً دون رعايته لأولاده، وزيارتهم، وتفقدهم، وفي هذا المبحث، ما يخص فاطمة رضي الله عنها ـ وكما قلتُ في المبحث السابق ـ لم يكن يخصها بشئ من الزيارة والاحتفاء في حياة أخواتها، فهو إمام العادلين صلى الله عليه وسلم.

إن تفرد فاطمة في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم بموت أخواتها كلها، يدعو والدَها النبيَّ صلى الله عليه وسلم إلى تكرار الزيارة والإيناس، خاصةً مع قُرْب بيتها، فهو مجاور لبيت عائشة رضي الله عنها من جهة الشمال ـ كما سيأتي بيانه بعد قليل ـ.

ومما يدل على عنايته صلى الله عليه وسلم وزيارته ابنته فاطمة في بيتها ـ زيادة على أحاديث المبحث ـ ما سبق من الأحاديث الكثيرة، الدالة على ذلك، منها: حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال: جاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بيتَ فاطمة فلمْ يجِدْ عليَّاً في البيت، فقال:«أينَ ابنُ عمِّك» ؟ قالت فاطمة:

ص: 135

كان بيني وبينه شيءٌ، فغاضَبَنِي، فخرج،

وقوله: «قُمْ أبا تُراب، قُمْ أبا تُراب» .

(1)

وحديثُ طلبِها الخادم، ثم مجيئ النبي صلى الله عليه وسلم إليها في بيتها.

(2)

وحديثُ فاطمة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم دخل عليها مرةً فأكل عندها مما مسَّتْهُ النارُ، ولم يتوضأ.

(3)

وحديث سهل بن سعدٍ: أن عليَّ بن أبي طالب دَخَلَ على فاطمةَ، وحسنٌ وحسينٌ يبكيان، فقال: ما يُبْكيهما؟ قالت: الجوعُ، فخرج عليٌّ، فوجد ديناراً بالسُّوق، .... وفيه زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لهما.

(4)

وحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة، فلم يدخل عليها

لوجود الستر الموشي.

(5)

فالأحاديث كثيرة جداً، والزيارة لأغراض شتى معلومة، منها:

(1)

في الصحيحين، سبق تخريجه في الحديث رقم (52).

(2)

في الصحيحين، وقد سبق تخريجه في الحديث رقم (56).

(3)

سيأتي تخريجه في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (3).

(4)

سبق تخريجه في الحديث رقم (59) وهو حسن لغيره

(5)

سبق تخريجه ضمن الحديث رقم (78)، وفي المبحث السابق أحاديث احتفائه بها: زيارته لفاطمة في بيتها من حديث ثوبان، وأبي ثعلبة الخشني أنه كان يبدأ بها إذا قدم من سفر

ـ وهي أحاديث ضعيفة ـ سبق تخريجها.

ص: 136

الإيناس وتفقد الحال، وما يصحبه من مداعبة الأولاد.

ومنها: إجابة لها بعد أن جاءت تبحث عنه ولم تجده ـ كما في حديث طلب الخادم ـ.

ومنها: أحاديث للتعليم والتربية ـ كما في حثه صلى الله عليه وسلم فاطمةَ وعلياً رضي الله عنهما على صلاة الليل.

ومنها: مجيئه لعيادتها ـ وهي مريضة ـ، لكن الأحاديث المروية التي أمكن الوقوف عليها: أنه صلى الله عليه وسلم عادها ومعه أصحابه ـ ضعيفة كما سبق ـ.

ومن أحاديث الزيارة التي فيها مداعبة لأولادها، ما رواه الطبراني في

«المعجم الكبير» (3/ 49) رقم (2652)، وفي «الدعاء» (3/ 1584) رقم (1960) قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن الأصبهاني

(1)

، قال: حدثنا أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي

(2)

، قال: حدثنا ابن أبي فديك

(3)

، قال: حدثنا

(1)

ثقة، فقيه. ينظر:«سير أعلام النبلاء» (14/ 142)، و «إرشاد القاصي والداني»

(ص 72) رقم (35).

(2)

ترجم له ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (2/ 79)، وسكت عنه. وذكره ابن حبان في «الثقات» (8/ 38).

(3)

محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فُدَيك الدِّيلي مولاهم، صدوق، ستأتي ترجمته في الباب الثالث:«مسند فاطمة» حديث رقم (27).

ص: 137

المتوكل بن موسى

(1)

، عن محمد بن مُسْرع

(2)

، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وقف رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على بيت فاطمة فسلَّم، فخرج إليه الحسن أو الحسين، فقال له رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«ارقَ بأبيك، أنتَ عينُ بقَّة» ، وأخذ بأصبعيه، فرَقَى على عاتقه، ثم خرج الآخر الحسن أو الحسين مرتفعة إحدى عينيه، فقال له

رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مرحباً بك، ارقَ بأبيك، أنت عينُ البقَّة» وأخذ بأصبعيه فاستوى على عاتقه الآخر، وأخذ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بأقفيتهما حتى وضع أفواههما على فِيه، ثم قال:«اللهم إني أحبُّهما، فأحبَّهما، وأحبَّ مَن يحبُّهما» .

ــ لم يَذكر الطبراني في «الدعاء» إلا طرفه الأخير، في قوله للحسن أو الحسين:«مرحباً بك» .

ولم أجد الحديث عند غير الطبراني.

وقد رُوي من وجه آخر ـ ليس فيه ذكر لفاطمة ـ:

أخرجه: ابن أبي شيبة في «مصنفه» (17/ 170) رقم (32857)، والبخاري في «الأدب المفرد» (ص 112) رقم (249)، وابن أبي الدنيا في

(1)

لم أجد له ترجمة.

(2)

لم أجد له ترجمة.

ص: 138

«العيال» (1/ 373) رقم (209)، وعبدالله بن أحمد في «زوائد فضائل الصحابة لأبيه» (2/ 787) رقم (1405)، والحارث بن أبي أسامة في

«مسنده» ــ كما في «بغية الباحث» ـ ط. مركز المدينة ـ (2/ 910) رقم

(993) ــ وانظر: «المطالب العالية» (16/ 201) رقم (3967) ـ، وخيثمةُ بنُ سليمان في «حديثه» (ص 204)، ومن طريقه: [ابن عساكر في

«تاريخ دمشق» (13/ 194)]، والطبراني في «المعجم الكبير» (3/ 49) رقم (2653)، ومن طريقه:[ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (13/ 194)]، والآجري في «الشريعة» (5/ 2165) رقم (1654)، وابن السني في

«عمل اليوم والليلة» (ص 372) رقم (421)، والرامهرمزي في «أمثال الحديث» (ص 128) رقم (99)، والحاكم في «معرفة علوم الحديث»

(ص 298) رقم (208)، من طريق معاوية بن أبي مُزرِّد

(1)

، عن أبيه

(2)

، عن أبي هريرة رضي الله عنه بنحوه، وفيه:«حُزُقَّة حُزُقَّة، ارْق عينَ بَقَّة» .

(3)

(1)

ليس به بأس. «تقريب التهذيب» (ص 568).

(2)

عبدالرحمن بن يسار، أبو مُزرِّد. مقبول. «تقريب التهذيب» (ص 385).

(3)

قال الأزهري في «تهذيب اللغة» (8/ 241): (ومنه قولهم في ترقيص الصبي: ترق عين بقه .. حزقة حزقه

قيل: عين بقة اسم قصر أو حصن، أرادت أن تقول له: ارقَ عين بقه، أي: اصعد إلى أعلاها، وقيل: ناغته بهذا فشبهته بعين البقة لصغر جثته).

وقال أبو عبدالله الحاكم عقب إخراجه الحديث: (سألتُ الأدباء عن معنى هذا الحديث؟ فقالوا لي: إن الحُزُقَّة: المقارب الخُطى والقصير الذي يقرب خطاه، وعين بقة أشار إلى البقة التي تطير ولا شيء أصغر من عينها لصغرها، وأخبرني بعض الأدباء أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد بالبقة فاطمة، فقال للحسين: يا قرة عين بقة ترق، والله أعلم). وانظر: «تاريخ دمشق» لابن عساكر (13/ 194) فقد أورد مثله من قول أبي نعيم.

قال ابن الأثير في «النهاية» (1/ 378): (الحزقة: الضعيف المتقارب الخطو من ضعفه. وقيل: القصير العظيم البطن، فذكرها له على سبيل المداعبة والتأنيس له. وترَقَّ: بمعنى اصعد. وعين بقة: كناية عن صغر العين. وحُزُقة: مرفوع على خبر مبتدأ محذوف، تقديره أنت حزقة، وحزقة الثاني كذلك، أو أنه خبر مكرر. ومن لم ينون حزقة أراد يا حزقة، فحذف حرف النداء وهو من الشذوذ، كقولهم: أطرق كرا، لأن حرف النداء إنما يحذف من العلم المضموم أو المضاف).

ص: 139

وقد ضعَّفَ الألبانيُّ الحديثَ من الوجهين كما في «السلسلة الضعيفة» (7/ 483) رقم (3486). والحويني ضعَّفَ الوجهَ الثاني في «النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة» (1/ 114) رقم (99)

فالحديث ضعيف، وأما حملُه الحسنَ والحسين، والدعاء لهما، فقد ورد في الصحيحين، كما سبق في الحديث (79). لكن ليس فيه: كلمة: حزقة، ارق عين البقة.

وقد ورد حديثٌ في «فضائل فاطمة» للحاكم (ص 66) رقم (67) قال: حدثنا عبدالرحمن بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبيد الأسدي، قال:

ص: 140

حدثنا إبراهيم بن الحسين، قال: حدثنا عبدالرحمن بن صالح، قال: حدثنا بكير بن وادع الحضرمي

(1)

، عن أبي الغصن، عن عبيدالله التمار، عن زينب بنت جحش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على فاطمة غداة من الغدوات وهي خبيثة النفس، فقال لها يابنتي ما لي أراك خبيثة النفس؟

قالت: يا أبتاه، قد أصبحنا وليس عندنا شئ، وحسن وحسين بين أيدينا قائمين، وعلي جاث .... وذكرَ معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم في طعام رُزقوه حالاً، ومجئ سائل، وقول فاطمة: يا أبتِ سائلٌ؟

فقال: «يابنتي هذا الشيطان جاء ليأكل من هذا الطعام، ولم يكن اللهُ ليطعمه من طعام الجنة» ).

وهو حديث موضوع، فيه شيخ الحاكم: عبدالرحمن بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبيد الأسدي، وهو كذاب.

(2)

وعدد من رجاله لم أقف لهم على ترجمة.

(3)

(1)

لم أجده، ويحتمل أنه تصحيف من: بكير بن واصل البرجمي الكوفي، قال ابن حجر في

«لسان الميزان» (2/ 362): (ذكره الطوسي في «رجال الشيعة» من الرواة عن جعفر).

(2)

«لسان الميزان» (5/ 97)، «الدليل المغني لشيوخ الدارقطني» للمنصوري (ص 220) رقم (219).

(3)

وانظر حديثاً مكذوباً بنحوه أورده الخركوشي (ت 407 هـ) في كتابه «شرف المصطفى» (2/ 447) من طريق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده.

ص: 141