المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول:محبة أبي بكر ورعايته لها رضي الله عنهما - فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - - جـ ٤

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثاني: الأحاديث الواردة في فضائلها، وفيه خمسة فصول:

- ‌الفصل الأول: منزلتها عند أبيها صلى الله عليه وسلم وفيه سبعة مباحث:

- ‌المبحث الأول:محبة النبي صلى الله عليه وسلم لها، واحتفاؤه بها

- ‌معنى قول الإمام البخاري في الرجل: (فيه نظر):

- ‌ محبة النبي صلى الله عليه وسلم لها

- ‌ هل فاطمة أفضل بنات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الأحاديثُ الدالَّةُ على اختصاصِ فاطمةَ بشئٍ من المحبَّةِ والاحتفاءِ والفضلِ إنما وردَتْ بعدَ وفاةِ أخواتِها، وتفرُّدِها عنهم، وذلك بعد…(شعبان 9 هـ)

- ‌ أحاديث موضوعة تدل على عظم محبة النبي صلى الله عليه وسلم وعنايته بفاطمة رضي الله عنها، مع تضمن بعضها قدحاً في مقام النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌آلُ البيت لهم من الفضائل الصحيحة ما يغنيهم عن هذه الأكاذيب المشينة

- ‌المبحث الثاني:زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لها في بيتها رضي الله عنها

- ‌مكان بيت فاطمة رضي الله عنها

- ‌المبحث الثالث:غيرة النبي صلى الله عليه وسلم عليها، وأنها بضعة منه

- ‌ متى كانت الخِطْبَة من علي، والخُطبَة من النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ إشكال في قول المِسْوَر بن مَخْرَمَة رضي الله عنه: «وأنا يومئذ محتلم»، ومنه يُعلم وقت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌هل قوله: «فاطمة بضعة مني» في وقت حياة بعض أخواتها كزينب، وأم كلثوم رضي الله عنهن

- ‌ لماذا بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر في خُطبَة؟ وواجه عليَّاً بما يُعاب به

- ‌المبحث الرابع:دخولها وزوجها وذريتها في آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ المراد بأهل البيت

- ‌المبحث الخامس:أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سِلْم لمَن سالمَها وزوجَها…وولدَيْها، وحَربٌ لمَن حارَبَهُم

- ‌الحديثُ تقلَّب بأيدي الشيعة الغلاة منهم ومَن دونهم، فذهب على أوجه شتَّى، لا يذهب مع طريق إلا ومعه وَهَنُه الشديد

- ‌المبحث السادس:اختياره صلى الله عليه وسلم لها الدار الآخرة

- ‌المبحث السابع:حثُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فاطمةَ على حُبِّ عائشةَ رضي الله عنهما

- ‌ العلاقة بين فاطمة، وعائشة رضي الله عنهما علاقة حميمية

- ‌الفصل الثاني: منزلة أبيها صلى الله عليه وسلم عندهاوفيه مبحثان:

- ‌المبحث الأول:برها بأبيها صلى الله عليه وسلم

- ‌نصرتها لأبيها صلى الله عليه وسلم

- ‌إطعامها والدها صلى الله عليه وسلم

- ‌معالجتها إياه صلى الله عليه وسلم

- ‌حزنها في مرض أبيها ووفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌برها بوالدتها خديجة رضي الله عنهما

- ‌ يُلحظ أن لفاطمةَ رضي الله عنها حضوراً في أسفار والدها صلى الله عليه وسلم ومشاهده

- ‌المبحث الثاني:حفظها لسِرِّ أبيها صلى الله عليه وسلم

- ‌ يجوز إظهار السِّرِّ إذا انتهى وقتُه، بإظهارِ اللَّهِ له، أو أظهرَهُ صاحبُه الذي أسرَّ بِهِ

- ‌الفصل الثالث: منزلتها عند الشيخين: أبي بكر وعمر رضي الله عنهم.وفيه مبحثان:

- ‌المبحث الأول:محبة أبي بكر ورعايته لها رضي الله عنهما

- ‌(مراسيل الشعبي)

- ‌ طعن الرافضة في أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه

- ‌المسألة الأولى: المحبة بين الصحابة وآل البيت

- ‌ حصل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من بعض قريش جفوة على بني هاشم، بسبب الغَيرة

- ‌ومن الأمارات الكبيرة الظاهرة في تلك العلاقة الطيبة المتينة:

- ‌المسألة الثانية: طلبُ فاطمة الميراث، وغضبُها على أبي بكر، ولمَ غضبت بعد علمها بالحديث

- ‌وكان لفاطمة رضي الله عنها من أبي بكر رضي الله عنه طلبان اثنان:

- ‌ حديث لا نورث، مروي أيضاً في كتب الرافضة

- ‌المسألة الثالثة: هل وقع أبو بكر في أذية فاطمة وإغضابها، مما يُغضِبُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم؟ولِمَ امتنع من إجابتها؟وبيان تأكيد آل البيت والصحابة حُكَمَ أبي بكر رضي الله عنهم

- ‌المسألة الرابعة: خُطبة فاطمة على ملأئٍ من الصحابة

- ‌المسألة الخامسة: إكرامُ أبي بكر فاطمة، وإحسانُه لها، وإعطاؤها المال الوفير

- ‌ تأثر متأخري الزيدية بالرافضة

- ‌المسألة السادسة: هل كشف أبو بكر بيت فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ لم أجد أحداً ذكره كما ذكرَته الرافضة:لم أكبس بيت فاطمة

- ‌المسألة السابعة: صحة الجملة الواردة في الحديث المخرَّج في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: «فهجرَتْه حتى ماتت»، وإجابةٌ على شُبهَة مَن أنكرها

- ‌ مراسيل الزهري

- ‌ تعريف الهجر لغة وشرعاً:

- ‌خلاصة ما قيل في هجر فاطمة رضي الله عنها

- ‌المسألة التاسعة:هل ترضَّى أبو بكر فاطمةَ قبل وفاتها رضي الله عنهما

- ‌المسألة العاشرة:لماذا لم يخبر عليٌّ أبا بكر بوفاة فاطمة، ليصلِّي عليها

- ‌المسألة الحادية عشرة: ما قيل في بيعة علي وآل هاشم أبا بكر ــ اختصاراً ــ مما يستفاد منه في علاقة فاطمة بأبي بكر رضي الله عنهم

- ‌المسألة الثانية عشرة:موقف فاطمة رضي الله عنها من بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌ لم تشارك في الحياة السياسية، ولم تحضر المجالس الشورية مع الرجال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين، بل وبعدهم أيضاً فترة طويلة

- ‌من شروط أهل الحل والعقد: الذكورية، وليس للنساء…مدخل فيه

- ‌ما يُلقَى مُشَافَهَةً جواباً لسؤال عابر، يختلِفُ عما يُكتب تحريراً، بل يختَلِفُ عما يُشرَحُ في متن عِلمِيٍّ يجمَعُ أطرافَ ما يُلقِيه الشارِحُ

- ‌لم يَرِدْ في موروث أهلِ السنة والجماعة حديثاً وعقيدةً وتاريخاً شئٌ عن مبايعة فاطمة أبا بكر رضي الله عنهما، وموقفها من البيعة

الفصل: ‌المبحث الأول:محبة أبي بكر ورعايته لها رضي الله عنهما

‌المبحث الأول:

محبة أبي بكر ورعايته لها رضي الله عنهما

-.

94.

[1] قال الإمام البخاري رحمه الله: حدثني يحيى بن معين، وصدَقَة، قالا: أخبرنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن واقد بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال أبو بكر رضي الله عنه:

«ارْقُبُوا محمَّدَاً صلى الله عليه وسلم في أهلِ بَيْتِهِ» .

[«الجامع الصحيح» للبخاري (ص 715)، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما، حديث رقم (3751)]

تخريج الحديث:

ــ أخرجه: البخاري في «صحيحه» ـ كما سبق ـ عن يحيى بن معين، وصدَقة ـ هو ابن الفضل المروزي ـ، عن محمد بن جعفر ـ المشهور بغندر ـ.

ــ وأخرجه أيضاً في (ص 710)، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب قرابة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حديث (3713) عن عبداللَّه بن عبدالوهاب ـ وهو الحجبي ـ، حدثنا خالد ـ وهو ابن الحارث بن سليم الهجيمي ـ.

كلاهما: (محمد بن جعفر «غندر»، وخالد بن الحارث) عن شعبة، عن واقد بن محمد ـ هو ابن زيد بن عبداللَّه بن عمر ـ، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، به.

ص: 359

فائدة: وردت زيادة في أوله، وهي: «يا أيها الناس

»

أخرجها: ابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (2/ 897) رقم

(3803) عن المثنى بن معاذ، عن خالد بن الحارث وغندر.

ــ وأبو زرعة الدمشقي في «الفوائد المعللة» (ص 220) رقم (162) عن أبي بكر بن أبي شيبة ويحيى بن معين، عن غندر.

والنجَّاد في «مجلس من أماليه» ـ رواية المحاملي، مخطوط في المكتبة الشاملة ــ (ص 7) رقم (6) من طريق حفص بن عمر الرازي.

ثلاثتهم: (خالد، وغندر، وحفص بن عمر) عن شعبة، به. مثله إلا أنه ذكر في أوله: «يا أيها الناس

غريب الحديث:

ــ (ارْقُبُوا محمداً في أهل بيته): أي احفظوه فيهم.

قال ابن حجر: (يُخاطب بذلك الناس ويوصيهم به، والمراقبة للشيء: المحافظة عليه، يقول: احفظوه فيهم فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم).

(1)

* * *

(1)

ينظر: «مشارق الأنوار» (1/ 298)، «النهاية» (2/ 248)، «فتح الباري» لابن حجر (7/ 79).

ص: 360

95.

[2] عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ عليها السلام بِنْتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وَفَدَكٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا المَالِ» ، وَإِنِّي وَاللهِ لا أُغَيِّرُ شَيْئَاً مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئَاً، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلَاً، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ، وَصَلَّى عَلَيْهَا.

وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنِ ائْتِنَا وَلا يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ، كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: لا وَاللهِ لا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي، وَاللهِ لآتِيَنَّهُمْ.

فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللهُ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرَاً سَاقَهُ اللهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ

ص: 361

اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَصِيبَاً، حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ

أَبُو بَكْرٍ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(1)

أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي

(2)

،

وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ

(1)

سبق في «التمهيد» : المبحث الثالث ذكر كلام ابن حجر عند هذه الجملة في تعداد أقارب النبي صلى الله عليه وسلم الأدنين.

(2)

فائدة: قال الصنعاني (ت 1182 هـ) في «التحبير لإيضاح معاني التيسير» (3/ 767): (لا يخفى أن هذا ليس جواباً عما ذكره عليٌّ عليه السلام؛ لأنه ذكرَ الاستبداد الذي وقع منهم في أمر الخلافة؛ فأعرض أبو بكر رضي الله عنه عن جواب هذا، وسلك الأسلوب المحكم، كأنه يريد في نفسه أن ذلك أمرٌ قدْ وقَعَ، وقد انقادَ لهُ الناسُ، وأنه لا حاجةَ إلى الخوض فيه، والاعتذار عنه، وغايتُهُ أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يقُل: كنتُ أنا أحقُّ بهذا الأمر حتى يحتاج إلى الجواب، بل ذكر أنه كان الأولى أن لا تستبدوا بالأمر دون بني هاشم).

جاء في «مروج الذهب» للمسعودي ـ وهو شيعي ـ (2/ 307): (أنه لما بويع أبو بكر في يوم السَّقيفة، وجُدِّدَتْ البيعة له يوم الثلاثاء على العامة، خرَجَ عليٌّ فقال: أفسدتَ علينا أمورَنا، ولم تستشر، ولم تَرْعَ لنا حقاً، قال أبو بكر: بلى، ولكني خشيت الفتنة

إلخ).

دلَّ هذا وغيره على أنَّ غضبَ عليٍّ إنما هو مِن استبداد أبي بكر ـ في نظره كما في حديث عائشة في «الصحيحين» ـ ومعنى الاستبداد كما في هذا النص: عدم المشاورة، والاستعجال بالأمر.

وانظر: «الأنباء المستطابة في مناقب الصحابة والقرابة» لابن سيد الناس القفطي

(ص 226).

تنبيه: لا يخفى أنه لا ينبغي أن يُخصَّصَ عليٌّ هنا ـ والحديث في شأنٍ بينه وبين أبي بكر رضي الله عنهما ـ بقوله: عليه السلام ـ إن كانت من الصنعاني وليست من النساخ ـ، وكذا تخصيصه بقوله: أمير المؤمنين. فكلٌّ منهما أمير للمؤمنين في خلافته، وأبو بكر أفضل هذه الأمة بعد نبينا صلى الله عليه وسلم. ويأتي عليٌّ رابعَ هذه الأمة بعد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أجمعين.

فائدة: قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في «التعليق على صحيح مسلم» (9/ 80):

(لا يمكن أن نُخطئَ الصحابة رضي الله عنهم في بيعة أبي بكر رضي الله عنه ونصوِّب علياً رضي الله عنه فيما رأَى؛ لأن ما رآه علي رضي الله عنه مخالفٌ لظاهر ما جاءت به السُّنَّة، وهو أنه أحقُّ من أبي بكر رضي الله عنه وغيره، لقرابته من رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وذلك لوجوه

ثم ذكرها وهي أوجه أحقية أبي بكر بالخلافة).

قلت: غالب العلماء على أن قول علي في مصالحته بأنه استُبِدَّ بالأمر دونهم، هو عدم مشاورتهم بالرأي في البيعة، لا أنه أو بني هاشم أحق بالخلافة، وانظر:«تحذير العبقري من محاضرات الخضري» لمحمد العربي التباني (1/ 196).

ص: 362

هَذِهِ الأَمْوَالِ، فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الخَيْرِ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرَاً رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ.

فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ العَشِيَّةَ لِلْبَيْعَةِ.

فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ عَلَى المِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ البَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ.

ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ، وَحَدَّثَ: أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلا إِنْكَارَاً لِلَّذِي

ص: 363

فَضَّلَهُ اللهُ بِهِ، وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الأَمْرِ نَصِيبَاً، فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا.

فَسُرَّ بِذَلِكَ المُسْلِمُونَ، وَقَالُوا: أَصَبْتَ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبَاً، حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ المَعْرُوفَ».

تخريج الحديث:

الحديث في «الصحيحين» ، وغيرهما من دواوين الإسلام.

سبق تخريجه في الحديث رقم (27)

ومن ألفاظه في الصحيحين: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مِنْ خَيْبَرَ، وَفَدَكٍ، وَصَدَقَتَهُ بِالْمَدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكَاً شَيْئَاً، كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ بِهِ إِلَّا عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ.

ومنها: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّه لا أَدَعُ أَمْرَاً رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهِ إِلَّا صَنَعْتُهُ، قَالَ: فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَتْ.

* * *

ص: 364

96.

[3] عن عبداللهِ بن بريدة، عن أبيه، قال: خطبَ أبو بكر، وعمر رضي الله عنهما فاطمة رضي الله عنها، فقال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم:

«إنها صَغِيرةٌ» .

فخَطبَهَا عليٌّ رضي الله عنه، فَزوَّجَهَا منه.

الحديث حسن، وقد سبق برقم (33)

وذُكر معه شواهده من حديث:

عِلْبَاء بن أحمر اليشكري رحمه الله ــ وهو حديث ضعيف ـ

ومرسل المخضرم: حُجْر بن عَنْبَس الحضرمي الكوفي رحمه الله.

وحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ـ موضوع ـ

حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ـ ضعيف جداً ـ

* * *

ص: 365

97.

[4] قال ابنُ سعد: أخبرنا عبدُاللهِ بن نُمَير، قال: حدثنا إسماعيل، عن عامر قال: «جاء أبو بكر إلى فاطمة حين مَرضَتْ، فاستَأذَنَ، فقَال عليٌّ: هذَا أبُو بَكْرٍ عَلى البَابِ، فَإنْ شِئْتِ أنْ تَأذَنِي لَهُ؟ قَالَتْ: وذلكَ أحبُّ إليكَ؟ قال: نعم.

فدخلَ عَلَيْهَا، واعتَذَرَ إليْهَا، وكلَّمَهَا؛ فرَضِيَتْ عَنْهُ».

[«الطبقات الكبرى» لابن سعد (8/ 27)]

دراسة الإسناد:

ــ عبداللَّه بن نُمير الهمْداني، أبو هشام الكوفي. قال الذهبي: حُجَّة. وقال ابن حجر: ثقة، صاحب حديث، من أهل السُّنَّة.

(1)

ــ إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي مولاهم البجلي، ثقة، ثبت.

(2)

ــ عامر بن شراحيل الشعبي الهمْداني، تَابِعِيٌّ، ثقة، ولِد لِستِّ سنين خلَتْ من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وتوفي 103 هـ أو 104 هـ.

(3)

(1)

«الكاشف» (3/ 207)، «تقريب التهذيب» (ص 360).

(2)

«تقريب التهذيب» (ص 146).

(3)

سبقت ترجمته في الحديث رقم (58).

ص: 366

تخريج الحديث:

أخرجه: ابن سعد في «الطبقات الكبرى» ـ كما سبق ـ عن عبداللَّه بن نُمير.

ــ وابن شاهين في الجزء الذي جمعه في «ذكر ما جرى في أمر الخُمُس وفَدَك»

(1)

ــ كما في «جامع الآثار» لابن ناصر الدين الدمشقي (7/ 360 ـ 361) ــ من طريق منصور بن أبي الأسود.

ــ والبيهقي في «السنن الكبرى» (6/ 301)، وفي «دلائل النبوة»

(7/ 281)، وفي «الاعتقاد» ـ ط. الفضيلة ـ (ص 496) قال: أخبرنا

أبو عبداللَّه الحافظ

(2)

، قال: حدثنا أبو عبداللَّه محمد بن يعقوب

(3)

، قال: حدثنا محمد بن عبدالوهاب

(4)

، قال: حدثنا عبدان بن عثمان العتكي

(5)

ـ

(1)

لا أعلمه مطبوعاً.

(2)

أبو عبداللَّه الحاكم، صاحب «المستدرك على الصحيحين» .

(3)

محمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني الحافظ، أبو عبد اللَّه ابن الأخرم النيسابوري، ثقة حافظ، (ت 344 هـ) ينظر:«سير أعلام النبلاء» (15/ 466)، «الروض الباسم في تراجم شيوخ الحاكم» (2/ 1282) رقم (1103).

(4)

ابن حبيب بن مهران العبدي، أبو أحمد الفرَّاء النيسابوي، ثقة، عابد. «تقريب التهذيب»

(ص 524).

(5)

عبداللَّه بن عثمان بن جبَلَة العتَكي، أبو عبدالرحمن المروزي الملقَّب «عبدان» ، ثقة، حافظ. «تقريب التهذيب» (ص 347).

ص: 367

بنيسابور ـ قال: أخبرنا أبو حمزة.

(1)

كلاهما: (عبداللَّه بن نُمير، ومنصور بن أبي الأسود، وأبو حمزة السُّكَّري) عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي.

ــ لفظ ابن شاهين: «يا بنت الحبيب بأبي أنتِ وأمي، وبأبي أبي ولدك، إنما هجرتُ داري، وخرجت من أهلي ومالي في حبكم، فما خير عيش حياة أعيشها وأنتِ عليَّ ساخطةٌ، فإن كان عند من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ذلك عهد؛ فإني أشهد على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقول: «لا نورَّث إنما تركناه صدقة» .

قال: فما قام حتى رضيَ ورضيَتْ.

ــ ولفظ البيهقي: قال الشعبي: «لما مرضت فاطمة، أتاها أبو بكر الصديق، فاستأذن عليها فقال عليٌّ: يا فاطمة هذا أبو بكر يستأذن عليك، فقالت: أتحب أن آذن؟ قال: نعم.

(2)

فأذنَتْ له، فدخل عليها يترضاها، وقال: واللَّهِ ما تركتُ الدارَ، والمالَ، والأهلَ، والعشيرةَ، إلا ابتِغَاءَ مرضاةِ اللَّه،

(1)

تصحَّفَ في مطبوعة «السنن الكبرى» ـ الهندية ـ، وكذا في ط. هجر (13/ 127): إلى أبي ضمرة.

وهو محمد بن ميمون المروزي، أبو حمزة السُّكَّري، ثقة، فاضل. «تقريب التهذيب»

(ص 539).

(2)

قال الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (2/ 121): (قلتُ: عَمِلَتْ السُّنَّةَ رضي الله عنها فلَمْ تأذَنْ في بيتِ زوجِها إلا بَأَمْرِهِ).

ص: 368

ومرضاةِ رسولِه، ومرضاتِكم أهلَ البيت، ثم ترضَّاها حتى رَضِيَتْ».

قال البيهقي عقبه في «السنن الكبرى» : (هذا مرسلٌ حسَن، بإسناد صحيح).

أورد ابن كثير في «البداية والنهاية» (8/ 196) إسنادَ ومتنَ البيهقي، ثم قال: (وهذا إسنادٌ جيِّدٌ قَويٌّ.

والظاهر أن عامِراً الشعبي سمِعَه من عَليٍّ، أو ممَّن سمِعَهُ مِن عَليٍّ).

قال ابن حجر في «فتح الباري» (6/ 202) بعد أن خرَّجه من البيهقي: (وهو وإن كان مرسلاً فإسناده إلى الشعبي صحيح، وبه يزول الإشكال في جواز تمادي فاطمة عليها السلام على هجر أبي بكر .... ) ثم ذكر ابن حجر كلام العلماء في معنى هجر فاطمة ـ وسيأتي في الدراسة الموضوعية ـ.

وأشار له في موضع آخر (6/ 202)، بقوله: (

لذلك فإن ثبتَ حديث الشعبي أزال الإشكال، وأَخلِقْ بالأمر أن يكون كذلك؛ لما عُلِمَ من وُفُورِ عَقلِهَا ودِينِها عليها السلام).

الحكم على الحديث:

الحديث مرسل، إسنادُه إلى الشعبي: صحيح.

وما بعد الشعبي رجلٌ أو رجلان لا يُدرَى مَن يكونا؟

والمرسل من أنواع الأحاديث الضعيفة.

ص: 369