المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني:حفظها لسر أبيها صلى الله عليه وسلم - فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - - جـ ٤

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثاني: الأحاديث الواردة في فضائلها، وفيه خمسة فصول:

- ‌الفصل الأول: منزلتها عند أبيها صلى الله عليه وسلم وفيه سبعة مباحث:

- ‌المبحث الأول:محبة النبي صلى الله عليه وسلم لها، واحتفاؤه بها

- ‌معنى قول الإمام البخاري في الرجل: (فيه نظر):

- ‌ محبة النبي صلى الله عليه وسلم لها

- ‌ هل فاطمة أفضل بنات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الأحاديثُ الدالَّةُ على اختصاصِ فاطمةَ بشئٍ من المحبَّةِ والاحتفاءِ والفضلِ إنما وردَتْ بعدَ وفاةِ أخواتِها، وتفرُّدِها عنهم، وذلك بعد…(شعبان 9 هـ)

- ‌ أحاديث موضوعة تدل على عظم محبة النبي صلى الله عليه وسلم وعنايته بفاطمة رضي الله عنها، مع تضمن بعضها قدحاً في مقام النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌آلُ البيت لهم من الفضائل الصحيحة ما يغنيهم عن هذه الأكاذيب المشينة

- ‌المبحث الثاني:زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لها في بيتها رضي الله عنها

- ‌مكان بيت فاطمة رضي الله عنها

- ‌المبحث الثالث:غيرة النبي صلى الله عليه وسلم عليها، وأنها بضعة منه

- ‌ متى كانت الخِطْبَة من علي، والخُطبَة من النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ إشكال في قول المِسْوَر بن مَخْرَمَة رضي الله عنه: «وأنا يومئذ محتلم»، ومنه يُعلم وقت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌هل قوله: «فاطمة بضعة مني» في وقت حياة بعض أخواتها كزينب، وأم كلثوم رضي الله عنهن

- ‌ لماذا بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر في خُطبَة؟ وواجه عليَّاً بما يُعاب به

- ‌المبحث الرابع:دخولها وزوجها وذريتها في آل النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ المراد بأهل البيت

- ‌المبحث الخامس:أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سِلْم لمَن سالمَها وزوجَها…وولدَيْها، وحَربٌ لمَن حارَبَهُم

- ‌الحديثُ تقلَّب بأيدي الشيعة الغلاة منهم ومَن دونهم، فذهب على أوجه شتَّى، لا يذهب مع طريق إلا ومعه وَهَنُه الشديد

- ‌المبحث السادس:اختياره صلى الله عليه وسلم لها الدار الآخرة

- ‌المبحث السابع:حثُّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فاطمةَ على حُبِّ عائشةَ رضي الله عنهما

- ‌ العلاقة بين فاطمة، وعائشة رضي الله عنهما علاقة حميمية

- ‌الفصل الثاني: منزلة أبيها صلى الله عليه وسلم عندهاوفيه مبحثان:

- ‌المبحث الأول:برها بأبيها صلى الله عليه وسلم

- ‌نصرتها لأبيها صلى الله عليه وسلم

- ‌إطعامها والدها صلى الله عليه وسلم

- ‌معالجتها إياه صلى الله عليه وسلم

- ‌حزنها في مرض أبيها ووفاته صلى الله عليه وسلم

- ‌برها بوالدتها خديجة رضي الله عنهما

- ‌ يُلحظ أن لفاطمةَ رضي الله عنها حضوراً في أسفار والدها صلى الله عليه وسلم ومشاهده

- ‌المبحث الثاني:حفظها لسِرِّ أبيها صلى الله عليه وسلم

- ‌ يجوز إظهار السِّرِّ إذا انتهى وقتُه، بإظهارِ اللَّهِ له، أو أظهرَهُ صاحبُه الذي أسرَّ بِهِ

- ‌الفصل الثالث: منزلتها عند الشيخين: أبي بكر وعمر رضي الله عنهم.وفيه مبحثان:

- ‌المبحث الأول:محبة أبي بكر ورعايته لها رضي الله عنهما

- ‌(مراسيل الشعبي)

- ‌ طعن الرافضة في أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه

- ‌المسألة الأولى: المحبة بين الصحابة وآل البيت

- ‌ حصل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من بعض قريش جفوة على بني هاشم، بسبب الغَيرة

- ‌ومن الأمارات الكبيرة الظاهرة في تلك العلاقة الطيبة المتينة:

- ‌المسألة الثانية: طلبُ فاطمة الميراث، وغضبُها على أبي بكر، ولمَ غضبت بعد علمها بالحديث

- ‌وكان لفاطمة رضي الله عنها من أبي بكر رضي الله عنه طلبان اثنان:

- ‌ حديث لا نورث، مروي أيضاً في كتب الرافضة

- ‌المسألة الثالثة: هل وقع أبو بكر في أذية فاطمة وإغضابها، مما يُغضِبُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم؟ولِمَ امتنع من إجابتها؟وبيان تأكيد آل البيت والصحابة حُكَمَ أبي بكر رضي الله عنهم

- ‌المسألة الرابعة: خُطبة فاطمة على ملأئٍ من الصحابة

- ‌المسألة الخامسة: إكرامُ أبي بكر فاطمة، وإحسانُه لها، وإعطاؤها المال الوفير

- ‌ تأثر متأخري الزيدية بالرافضة

- ‌المسألة السادسة: هل كشف أبو بكر بيت فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ لم أجد أحداً ذكره كما ذكرَته الرافضة:لم أكبس بيت فاطمة

- ‌المسألة السابعة: صحة الجملة الواردة في الحديث المخرَّج في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها: «فهجرَتْه حتى ماتت»، وإجابةٌ على شُبهَة مَن أنكرها

- ‌ مراسيل الزهري

- ‌ تعريف الهجر لغة وشرعاً:

- ‌خلاصة ما قيل في هجر فاطمة رضي الله عنها

- ‌المسألة التاسعة:هل ترضَّى أبو بكر فاطمةَ قبل وفاتها رضي الله عنهما

- ‌المسألة العاشرة:لماذا لم يخبر عليٌّ أبا بكر بوفاة فاطمة، ليصلِّي عليها

- ‌المسألة الحادية عشرة: ما قيل في بيعة علي وآل هاشم أبا بكر ــ اختصاراً ــ مما يستفاد منه في علاقة فاطمة بأبي بكر رضي الله عنهم

- ‌المسألة الثانية عشرة:موقف فاطمة رضي الله عنها من بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌ لم تشارك في الحياة السياسية، ولم تحضر المجالس الشورية مع الرجال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهديين، بل وبعدهم أيضاً فترة طويلة

- ‌من شروط أهل الحل والعقد: الذكورية، وليس للنساء…مدخل فيه

- ‌ما يُلقَى مُشَافَهَةً جواباً لسؤال عابر، يختلِفُ عما يُكتب تحريراً، بل يختَلِفُ عما يُشرَحُ في متن عِلمِيٍّ يجمَعُ أطرافَ ما يُلقِيه الشارِحُ

- ‌لم يَرِدْ في موروث أهلِ السنة والجماعة حديثاً وعقيدةً وتاريخاً شئٌ عن مبايعة فاطمة أبا بكر رضي الله عنهما، وموقفها من البيعة

الفصل: ‌المبحث الثاني:حفظها لسر أبيها صلى الله عليه وسلم

‌المبحث الثاني:

حفظها لسِرِّ أبيها صلى الله عليه وسلم

-

94.

[1] عَنْ مَسْرُوقٍ، قال: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِيِنَ رضي الله عنها، قَالَتْ: إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُ جَمِيعَاً، لَمْ تُغَادِرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام تَمْشِي، لا وَاللهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ:«مَرْحَباً بِابْنَتِي» . ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدَاً، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ، فَإِذَا هِيَ تَضْحَكُ، فَقُلْتُ لَهَا أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ: خَصَّكِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهَا: عَمَّا سَارَّكِ؟ قَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ لَمَا أَخْبَرْتِنِي، قَالَتْ: أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ، فَأَخْبَرَتْنِي، قَالَتْ: أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الأَمْرِ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي:

«أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي بِهِ العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلا أَرَى الأَجَلَ إِلَّا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي، فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ» .

قَالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، قَالَ:«يَا فَاطِمَةُ، أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ» .

ص: 349

الحديث في الصحيحين.

وجاء في بعض طُرقِه خارج الصحيحين:

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: أَيْ بُنَيَّةُ، أَخْبِرِينِي مَاذَا نَاجَاكِ أَبُوكِ؟

فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: نَاجَانِي عَلَى حَالٍ سِرٍّ، ظَنَنْتِ أَنِّي أُخْبِرُ بِسِرِّهِ وَهُوَ حَيٌّ. فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى عَائِشَةَ أَنْ يَكُونَ سِرَّاً دُونَهَا، فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ لِفَاطِمَةَ: يَا بُنَيَّةُ، أَلَا تُخْبِرينِي بِذَلِكَ الْخَبَرِ؟ قَالَتْ: أَمَّا الْآنَ، فَنَعَمْ

الحديث.

(1)

وقد روي من حديث أمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا فَاطِمَةَ عَامَ الْفَتْحِ فَنَاجَاهَا فَبَكَتْ، ثُمَّ حَدَّثَهَا فَضَحِكَتْ.

قَالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهَا عَنْ بُكَائِهَا وَضَحِكِهَا.

قَالَتْ: «أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يَمُوتُ؛ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ إِلَّا مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ؛ فَضَحِكْتُ» .

الحديث في «السنن» ـ وهو ضعيف ـ.

(2)

* * *

(1)

سيأتي تخريجه، مع الزيادات عليهما، في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (33).

(2)

سيأتي تخريجه في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (28).

ص: 350

الدراسة الموضوعية:

من كمال دِين فاطمة رضي الله عنها، وعَقْلِها، ومحبَّتِها للنبي صلى الله عليه وسلم وبِرِّها به، أنها حفظت سِرَّ أبيها ونبيها صلى الله عليه وسلم، ولم تخبر به أحداً حياة النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

وعِلمُهَا بأنه سِرٌّ؛ إمَّا لكونِ النبي صلى الله عليه وسلم صرَّحَ لها بأنه سِرٌّ، لا يرغبُ أن يعلمَ به أحدٌ، أو عَلِمَتْ هي بالقرينة الفعلية والحالية، حينما أسرَّ الحديثَ إليها من بين سائر زوجاته في المجلس.

قال ابن عثيمين رحمه الله: (والسِّرُّ هو ما يقع خُفيةً بينك وبين صاحبك، ولا يحل لك أن تفشي هذا السِّرَّ أو أن تُبيِّنَه لأحد، سواءٌ قال لك: لا تبيِّنَه لأحد؛ أو عُلِم بالقرينة الفعلية أنه لا يُحِبُّ أن يطَّلِعَ عليه أحدٌ؛

أو عُلِمَ بالقرينة الحالية أنه لا يحبُّ أن يطَّلِعَ عليه أحدٌ.

مثالُ الأول: اللفظ: أن يُحدِّثَك بحديثٍ ثم يقول: لا تخبر أحداً، هو معك أمانة.

ومثال الثاني: القرينة الفعلية: أن يُحدِّثَك وهو في حال تحديثه إياك يلتفت، يَخشَى أن يكون أحدٌ يَسمَعُ؛ لأنَّ معنى التفاته أنه لا يُحبُّ أن يطلع عليه أحَدٌ.

ومثالُ الثالث: القرينة الحالية: أن يكون هذا الذي حدَّثكَ به أو أخبرك

ص: 351

به من الأمور التي يستحي مِن ذِكْرِها، أو يخشى مِن ذِكْرِهَا، أو ما أشبهَ ذلك؛ فلا يحل لك أن تبِّين وتفشي هذا السِّرَّ).

(1)

لقد فهِمَتْ فاطمةُ رضي الله عنها أنه سِرُّ، فامتنعَتْ من إخبار عائشة رضي الله عنها به، ولما مات صلى الله عليه وسلم، أخبرَتْ بذلك، وقد بوَّب عليه البخاري في «صحيحه» بقوله: باب مَنْ ناجى بين يدي الناس، ومَن لم يُخبِرْ بِسِرِّ صاحبِهِ فإذا مات أخبَرَ بِهِ.

(2)

دلَّ ذلك أنَّ هذا السِّرَّ انتهى بموتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال ابن بطال:(وفيه: أنه لا ينبغى إفشاء السر إذا كانت فيه مضرة على المُسِرِّ، لأن فاطمة لو أخبرت نساءَ النبيِّ ذلك الوقت بما أخبرها به النبيُّ صلى الله عليه وسلم من قُرب أجله؛ لحَزِنَّ لذلك حُزنَاً شديدَاً، وكذلك لو أخبرتهن أنها سيدة نساء المؤمنين، لَعظُم ذلك عليهن، واشتدَّ حُزنهن، فلما أمِنَت ذلك فاطمة بعد موته؛ أخبرت بذلك).

(3)

نقل ابنُ حجر كلامَ ابن بطال ـ السابق ـ وتعقَّبَه، فقال: (قلتُ: أما

(1)

«شرح رياض الصالحين» (4/ 36).

(2)

«صحيح البخاري» (ص 1210)، كتاب الاستئذان، حديث رقم (6285).

(3)

«شرح صحيح البخارى» لابن بطال (9/ 61). وانظر: «التوضيح لشرح الجامع الصحيح» لابن الملقن (29/ 141).

ص: 352

الشق الأول فحقُّ العبارةِ أن يقول: فيه جوازُ إفشاء السر إذا زال ما يترتب على إفشائه من المضرة؛ لأن الأصل في السر الكتمان وإلا فما فائدته.

وأما الشق الثاني فالعِلة التي ذكرها مردودةٌ؛ لأن فاطمة رضي الله عنها ماتت قبلهن كلهن، وما أدري كيف خفي عليه هذا؟ ! ثم جوَّزْتُ أن يكونَ في النسخة سقم، وأن الصواب: فلما أمِنَت من ذلك بعد موته. وهو أيضاً مردود؛ لأن الحزن الذي علَّلَ به لم ينزل بموتِ النبي صلى الله عليه وسلم، بل لو كان كما زعم، لاستمرَّ حزنهن على ما فاتهن من ذلك).

(1)

وحِفظُها سِرَّ أبيها صلى الله عليه وسلم منقبةٌ من مناقبها رضي الله عنها، وكذلك كان الصحابة رضي الله عنهم يحفظون سِرَّ النبي صلى الله عليه وسلم، من ذلك:

أبو بكر حينما عرض عليه عُمَرُ الزواج بحفصة رضي الله عنهم، وكان يعلم أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها، ولم يرغب أن يُبدِيَ ذلك، فأعرضَ عن عمر، ثم لما خطبها النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ أخبره أبو بكر عذره في عدم إجابته؛ حيث قال: (لعلك وجدتَ عليَّ حين عرضتَ عليَّ حفصة فلم أرجع إليك؟ قال: نعم، قال: فإنه لم يمنعني أنْ أرجع إليكَ فيما عرضتَ، إلا أني قد علمتُ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قد ذكرَها، فلم أكُنْ لأفشي سِرَّ رسولِ اللَّه

(1)

«فتح الباري» لابن حجر (11/ 80).

ص: 353