الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقول: وهذا هو الصواب أن المرأة لا علاقة لها بالأمور السياسية ـ كما سبق بيانه ـ، و
لم يَرِدْ في موروث أهلِ السنة والجماعة حديثاً وعقيدةً وتاريخاً شئٌ عن مبايعة فاطمة أبا بكر رضي الله عنهما، وموقفها من البيعة
…
ـ والعلمُ عندَ اللَّهِ تعالى ـ.
3.
قوله: أسَرَّ البيعةَ عن فاطمة، لم أجدْهُ عند أحد من العلماء، بل غاية ما وُجِدَ، أنه بايع مع الناس يوم الثلاثاء، ثم وافقَ فاطمة في البُعْدِ وعدم الحضور أو نحو هذا، أما أنه أخفى عنها البيعة، فلم أجده، فضلاً عن أن القول الراجح ـ كما سبق في المبحث السابق ـ أن علياً لم يبايع إطلاقاً إلا بعد وفاة فاطمة رضي الله عنها.
* * *
خلاصة هذا المبحث
1.
بين الآل والصحب رضي الله عنهم محبة ووئام، وأُلفَةٌ ومناصرة.
2.
من دلائل هذه المحبة: تبادل الثناء بينهما، والرواية، والمصاهرة، والتسمية بأسماء الخلفاء الراشدين.
3.
صحَّ عن خليفةِ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أبي بكر رضي الله عنه الوصيةُ والعناية بآل البيت رضي الله عنهم.
4.
امتنع أبو بكر من إعطاء فاطمة ميراثها؛ طاعةً للَّهِ ورَسُولِه صلى الله عليه وسلم؛ لورود الخبر الصحيح بأنَّ الأنبياء لا يُورثون. ولم تكن فاطمة تعلم بالحديث، ولم يصح شئ في أن أبا بكر أعطاها جزءاً من الميراث، بل كان ينفق عليها وعلى آل البيت ويكرمهم غاية الإكرام رضي الله عنهم.
5.
طلبت فاطمة من خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبي بكر الصديق الراشد أن يتولَّى زوجها عليٌّ رعاية صدقات النبي صلى الله عليه وسلم، فامتنع أبو بكر، لأنه الخليفة، وسيقوم عليها ويفعل كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل فيها، وقام رضي الله عنه بالأمانة حقَّ قيام.
6.
حزِنَت فاطمةُ لرد طلبَيها، وعتَبَتْ على أبي بكر ــ وليست معصومة ــ، فهجَرَتْهُ ولم تكلِّمْهُ في الميراث ولا غيرِه، حتى توفِّيَتْ، ومعنى الهجران هنا: الانقباض وترك ما كانت ترفع إليه من حاجياتها، وليس هو
الهجران المحرَّم.
7.
لم يخطئ أبو بكر، ولم يقصِّر، بل أحسنَ وأكرمَ، وما ورد في مرسل الشعبي أنه ترضَّاها، لا يصح، بل كان مشغولاً بشؤون الخلافة، وحرب المرتدين، وغير ذلك.
والأصل في هذه المسألة: [أعني الهَجْر، ومسألة الصلاة عليها وعدم إخبار عليٍّ أبا بكر، ودَفنُها ليلاً، ومَن صلَّى عليها، وبيعةُ علي أبا بكر بعد موت فاطمة] الأصل في ذلك كلِّه: حديثُ عائشة المخرَّج في «الصحيحين» وهو صريحٌ على ظاهِره لا تأويل فيه. ولا يصح دعوى بعض المعاصرين بإدراج شئ منه، وضَعفِه.
8.
لم يقع من أبي بكر ظُلْمٌ ولا أذِيَّةٌ على فاطمة، ولا على أحدٍ من آل البيتِ رضي الله عنهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (أما الصدِّيقُ فإنه مع قيامه بأمورٍ من العلم والفقه عَجز عنهما غيرُه حتى بيَّنَها لهم، لم يُحفَظْ له قولٌ يُخالِفُ فيه نصاً، وهذا يدلُّ على غاية البراعة والعِلْم، وأمَّا غيرُه فحُفِظَت له أقوالٌ كثيرة خالَفَتْ النصوصَ لِكون النصوصِ لم تَبْلُغْهُ
…
).
(1)
(1)
«منهاج السنة النبوية» (7/ 507).
9.
الخطب المروية عن فاطمة رضي الله عنها أنها قامت على ملأئ من الصحابة، وذَكَرتْ مظلمتَها، كلُّها مكذوبة.
10.
حديثُ كشْفِ أبي بكر بيتَ فاطمة، وندَمِهِ على ذلك قُبيل وفاتِه، حديثٌ باطل مكذوب.
11.
الراجح أن علياً لم يبايع أبا بكر إلا بعد وفاة فاطمة رضي الله عنهم.
12.
لم أقف على شئ في موروث أهل السنة والجماعة: حديثاً، وعقيدةً، وتاريخاً، يتعلق بموقف فاطمة من بيعة أبي بكر رضي الله عنهما، والمرأةُ في الإسلام لا علاقة لها بالأمور السياسية البتة، فاليقينُ أنها وبقية النساء ـ ومنهن أمهاتُ المؤمنين أزواجُ النبي صلى الله عليه وسلم ـ يتبعن ما اختارَه الرِّجَال مِن أهل الحلِّ والعَقْد ـ واللَّه تعالى أعلم ـ.