الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي قضايا مفتعلة في بيئتنا، نقلوها عن الغرب للمباهاة، أو للتدريب الذهني.
النموذج الثاني: نجيب الكيلاني في ذمة الله
للدكتور حلمي محمد القاعود1:
مساء الاثنين الخامس من شهر شوال الحالي "مارس"، انتقل إلى رحاب الله تعالى الكاتب والأديب والشاعر الإسلامي "نجيب الكيلاني" بعد صراع طويل مع المرض الخبيث حيث أجرى أكثر من عملية دقيقة، إحداها في مستشفى الملك فيصل التخصصي، وقد توفاه الله بعد عمر حافل بالجهاد من أجل دينه.
ولد نجيب الكيلاني في قرية "شرشابة" مركز "زفتى" عام1931م، وتخرج في كلية الطب بجامعة القاهرة "فؤاد الأول سابقًا" أوائل الخمسينات، وعمل بمستشفيات الحكومة المصرية، وغادر مصر بعد هزيمة 1967 للعمل في البلاد العربية ومنها الكويت والإمارات، حيث استمر في الأخيرة قرابة العشرين عامًا إلى أن أحيل على التقاعد عند بلوغه الستين قبل خمسة أعوام تقريبًا.
كانت بدايات الكيلاني القصصية مبشرة بمولد كاتب متميز، فحصل في منتصف الخمسينيات وأواخرها على عدد من الجوائز المهمة، مثل جائزة المجمع اللغوي، وجائزة وزارة التربية والتعليم، وحظيت روايته "الطريق الطويل"
1 جريدة "الجزيرة""2806" الصادر في 17/ 10/ 1415هـ- 18/ 3/ 1995م.
باهتمام خاص، حيث اشترت منها الوزارة كميات كبيرة لمكتبات المدارس، وترصد الرواية قصة كفاح أسرة فقيرة من أجل تعليم ابنها وتحرز نجاحًا كبيرًا مع وجود المعوقات والصعوبات المادية والاجتماعية. وظهرت في هذه الرواية روح إسلامية متسامحة، تبلورت فيما بعد بقية رواياته وقصصه.
لجأ نجيب الكيلاني إلى التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية يستقي منهما روافد أعماله الروائية والقصصية، فكتب مجموعة من الأعمال المهمة التي قدمت التاريخ والسيرة في أسلوب قصصي جيد، يحقق المتعة والفائدة في آن، فضلًا عن قدرته على اختيار الأحداث والشخوص التي تمثل معادلًا للواقع المعاصر بأحداثه وشخوصه، ويمكن القول: إن التاريخ كان منجمًا ثرًّا استدعاه الكيلاني، أو صاغه من جديد في صورة روائية ليعالج من خلاله واقعًا راهنًا موّارًا بالأحداث والآمال في لغة فنية تحقق ما يسمى بالسهل الممتنع. ومن أبرز أعماله الروائية "نور الله" في جزءين، و"قاتل حمزة"، و"حارة اليهود"، و"دم لفطير صهيون"، و"أرض الأنبياء"، و"مواكب الأحرار"، و"نابليون في الأزهر"، و"اليوم الموعود"، و"النداء الخالد"، و"أرض الأشواق"، و"رأس الشيطان"، و"عمر يظهر في القدس".
وإلى جانب التاريخ والسيرة، فإن نجيب الكيلاني قد غزا ميدانا بكرًا لم يتجه إليه أحد قبله، وهو صياغة تاريخ المسلمين المظلومين في عديد من الدول والمناطق، حيث قامت قوى الشر بالتعتيم على مأساتهم وما جرى لهم.. مثلما جرى في تركستان "الصين وروسيا" وأندونيسيا، ونيجيريا، وأثيوبيا. لقد تكشفت هذه المأساة مؤخرا بسقوط الاتحاد السوفيتي والدول التابعة له، وعرف الناس من خلال الأحداث الدامية في القوقاز، والبوسنة والهرسك وأثيوبيا
وأريتريا أن هناك مسلمين مضهدين محرومين من دينهم وأشقائهم المسلمين في بلاد العرب وغيرها. كان نجيب الكيلاني أسبق الكتاب، ولعله الوحيد من العرب الذين عرّفوا بهؤلاء الضحايا، فكتب "ليالي تركستان"، و"عذراء جاكرتا"، و"عمالقة الشمال"، و"الظل الأسود".
وفي السنوات الأخيرة قفز نجيب الكيلاني قفزة فنية هائلة، حين انتقل إلى رصد الواقع المعاصر ومعالجته روائيًّا، فيما يمكن أن نطلق عليه "الواقعية الإسلامية"، وهي مختلفة بلا ريب عن الواقعية الأوروبية "الاشتراكية والانتقادية"؛ لأنها محكومة بروح الإسلام وعدالته غير المنحازة لطبقة أو فئة. إنها واقعية تنحاز للحق وللإنسان الذي كرمه الخالق. وفي هذه القفزة يعالج نجيب الكيلاني قضايا المجتمع من خلال الظواهر الطارئة والغريبة التي طرأت على أهله وناسه، والقيم المادية التي استجدت فأفسدت النفوس والقلوب والعقول، وجعلت المقاييس الاجتماعية تبتعد عن تحقيق العدل والحرية والتسامح والرحمة. لقد كتب نجيب الكيلاني مجموعة من الروايات الجميلة التي تستبطن الواقع والإنسان معًا في رؤية إسلامية نقية، وأسلوب متميز استطاع أن يعتمد على السرد الحي والحوار الشفاف، محققًا، ربما لأول مرة، قدرة فريدة على تضمين الحوار الروائي آيات قرآنية وأحاديث شريفة، دون أن يشعر القارئ بالافتعال أو التكلف.. ومن هذه الروايات:"اعترافات عبد المتجلي"، و"امرأة عبد المتجلي"، و"أقوال أبو الفتوح الشرقاوي" و"ملكة العنب"، و"مملكة البلعوطي"، و"أهل الحميدية"، و"الرجل الذي آمن".
ولقد ظل نجيب الكيلاني وفيًّا للأسلوب الروائي التقليدي، ولكنه طوره من الداخل إذا صح التعبير، فقد استطاع مثلًا أن يضمن الحوار آيات القرآن
الكريم والأحاديث الشريفة كما سبقت الإشارة، وأخذ يختزل الوصف، مركزا على أبرز الملامح في الشخوص أو الأماكن أو الأحداث، وراح يطعم وصفه بصورة جزئية فيها من الطرافة والجدة أكثر مما فيها من التقليد والتكرار، وفي الوقف ذاته استفاد بما يسمى الاسترجاع "الفلاش باك" والمونولوج "الحوار الداخلي" إلى حد ما، وتخلى عما يمكن تسميته بالثرثرة الفلسفية أو السياسية التي تطبع أعمال كثير من الروائيين، ولقد كتب نجيب الكيلاني اثنتين وثلاثين رواية طويلة مما يجعله واحدا من أغزر كتابنا الروائيين.
وإلى جانب الرواية، فقد كتب عددا من المجموعات القصصية القصيرة استوحاها غالبًا من عمله طبيبًا، ومن البيئة القروية التي عاش فيها طفولته وشبابه، ومن التاريخ. وتقرب مجموعاته القصصية من عشر مجموعات منها:"موعدنا غدا" و"العالم الضيق" و"عند الرحيل" و"دموع الامير" و"فارس هوازن" و"حكايات طبيب".
وكان "نجيب الكيلاني" شاعرًا أيضًا له أكثر من خمسة دواوين من بينها: "أغني الغرباء"، و"عصر الشهداء"، و"نحو العلا"، و"كيف ألقاك" ويتسم شعره في مجمله بالبساطة والوضوح، والتعبير الفطري المباشر وهو غير التعبير الفج المباشر. وتحس في شعره بالصدق والعذوبة في آن، وقد صاغه صياغة عمودية صافية. ويذكر أن له ديوانًا ضائعًا حدثني عنه رحمه الله. فقده في فترة الاعتقال. وفي المجال الإبداعي أيضًا كتب نجيب الكيلاني المسرحية، وله بعض المسرحيات التي استلهمها من التاريخ، ومنها مسرحية "على أسوار دمشق".
أما في مجال البحث فقد تنوعت الموضوعات التي طرقها نجيب الكيلاني، فقد كتب في الثقافة الإسلامية، والبحوث الأدبية والقضايا الصحية والطبية التي تهم قطاعات عريضة من الناس، ومن أهم هذه البحوث التي نشرها بحثه عن "محمد إقبال" وقد بدا في كثير من أفكاره ورؤاه متأثرا بالشاعر الباكستاني الكبير الذي يمثل مرحلة مهمة من مراحل الجهاد الإسلامي في العصر الحديث. ثم بحوثه حول نظرية الأدب الإسلامي، وتصوراته لهذا الأدب الذي صار اليوم حقيقة راسخة، وله رابطة عالمية تحمل اسمه وتدعو إليه، وتصدر مجلة فصلية تضم بين غلافيها أهم ما ينتجه الأدباء الإسلاميون المعاصرون، ولعل كتابه "الإسلامية والمذاهب الأدبية" مع كتابه "مدخل إلى الأدب الإسلامي" من أبرز بحوثه في هذا المجال.
ويمكن القول: إن رصيده في الكتب الثقافية التي تتناول الإسلام وقضاياه لا يقل أهمية عن كتبه وبحوثه الأدبية، فله كتب: الطريق إلى اتحاد إسلامي"، و"الإسلام والقوى المضادة"، و"نحن والإسلام"، و"تحت راية الإسلام"، و"حول الدين والدولة"، و"أعداء الإسلامية"، وغيرها.
أما في المجال الصحي والطبي فله كتاب: "في رحاب الطب النبوي"، ولعله أول من تناول هذا الموضوع الذي يكتب عنه الكثيرون الآن، وله كتب صحية أخرى منها. "الدواء سلاح ذو حدين"، و"الصوم والصحة"، و"الغذاء والصحة"، و"التيفوئيدن الدفتريا عدو الطفولة"، و"مستقبل العالم في صحة الطفل"، و"الجدري والجديري"، و"التحصين وقاية لطفلك"، و"احترس من ضغط الدم".
وبصفة عامة: فإن الإنتاج الأدبي والفكري والعلمي لنجيب الكيلاني يتسق تمامًا مع تكوينه الإنساني؛ فأدبه وفكره وعلمه جميعًا تصب في نهر الخير والفضيلة والنهضة. وهي معالم تميز شخصيته وتطبعها بطابع المودة والتسامح والإرادة الصلبة. إنه محب للخير في كل زمان ومكان، وباحث عنه بالوسائل المتاحة، وكان يعي جيدًا أن الخير هو المنتصر مهما كانت قوة الشر وجبروته، ولعل هذا يفسر سر تحول الكثير من شخصياته، وانتقالها من عالم الجريمة إلى عالم الفضيلة، وهو انتقال فطري عفوي تلقائي، ويأتي بطريقة فنية محكمة لا افتعال فيها ولا تكلف. ثم إنه كان متسامحًا، ولا ينظر للوراء، ولا يختزن كراهية ولا عداوة لأحد، بل إنه يجعلك في بعض الأحيان تأسى من أجل بعض الأشرار دون أن تحقد عليهم، لقد منحته قيم الإسلام روحًا طيبة، خصبة، تعطي وتثمر حتى في أحلك اللحظات. وكان يوقن في كل الأحوال أن الجزاء عند خالق العباد وليس عند العباد. ومن هنا نستطيع أن نفهم لماذا آثر الإنتاج على الدعاية، والإبداع على الشهرة، ومع أن كثيرين أقل منه موهبة ومكانة طارت بصيتهم الركبان الإعلامية، فإنه لم يشعر بأدنى أسف على تجاهله في الحياة الأدبية المعاصرة، وكان حريصًا على أن يذكر لي أن بعض رواياته تجاوزت في طبعاتها المائة ألف نسخة، وهو رقم غير قليل إذا عرفنا أن متوسط توزيع الرواية عند المشاهير في حدود خمسة آلاف نسخة فقط.
لقد أعطى الكيلاني الكثير، وأغدق الكثير على من يستحق، ومن لا يستحق، وكان مؤلما لي بصفة خاصة أن من لا يستحق تنكَّر له، ولم يف بجزء بسيط مما كان ينبغي أن يقدم للرجل. لقد طلب أحدهم مبلغا ضخما ليشارك بمقالة عنه في عدد خاص تصدره مجلة إقليمية محدودة الانتشار. ورحل الرجل
دون أن يعلم بهذا الجحود الذي ليس غريبًا على صاحبه، ولكني علمت وانفعلت وتأثرت. ومهما يكن من أمر، فإن الأجيال التي تقرأ نجيب الكيلاني أكثر وفاء من بعض الذين أحسن إليهم وهم لا يستحقون، فقد عبر عن نبض الأمة، وحمل هويتها عبر سطوره، وواجه قضايا الناس بشجاعة الشرفاء النبلاء، كما واجه المرض الخبيث بشجاعة المؤمن ويقين المجاهد، نسأل الله أن يرحم نجيب الكيلاني، وأن يدخله فسيح جناته، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
ونقدم تلخيصًا لهذا الموضوع بقلم طالب:1
تلخيص"نجيب الكيلاني في ذمة الله"
انتقل إلى رحاب الله تعالى مساء الاثنين الخامس من شوال 1415ـ السادس من مارس 1995 الكاتب والأديب الإسلامي"نجيب الكيلاني" بعد صراع مع المرض الخبيث، وتوفي بعد عمر حافل قضاه في الجهاد من أجل دينه.
ولد نجيب الكيلاني عام "1931" وتخرج في كلية الطب، وعمل بمستشفيات الحكومة المصرية، وتنقل للعمل في البلاد العربية إلى أن أحيل إلى التقاعد.
كانت بدايته القصصية تبشر بمولد كاتب متميز، وقد حصل على كثير من الجوائز المهمة والقيمة، وحظيت روايته "الطريق الطويل" باهتمام خاص.
1 الطالب فهيد سالم الشمَّري، المستوى 2/ 1 "ج" ـ كلية اللغة العربية بالرياض، الفصل الجامعي الثاني لعام 1415هـ- 1416هـ.
لقد جعل نجيب الكيلاني التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية مصدرًا لأعماله الروائية والقصصية فكتب في التاريخ والسيرة في أسلوب قصصي جيد.
ومن أبرز أعماله الروائية: "نور الله" في جزأين، و"قاتل حمزة"، و"عمر يظهر في القدس".
لقد أبدع نجيب الكيلاني في صياغة تاريخ المسلمين المظلومين في عديد من الدول والمناطق، حيث يعد هو مبدع هذا الميدان ولم يسبقه إليه أحد، فكتب "ليالي تركستان" و"عذراء جاكرتا". وفي آخر سنوات عمره تمكن من رصد الواقع المعاصر ومعالجته روائيًّا، الذي يمكن أن يطلق عليه "الواقعية الإسلامية" معالجًا من خلال رواياته الكثير من قضايا المجتمع المختلفة.
ولقد تأثر نجيب الكيلاني في كتاباته ورواياته بالدين الإسلامي، حيث تضمنت رواياته العديد من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، وقد كتب اثنتين وثلاثين رواية طويلة. كما كتب العديد من المجموعات القصصية القصيرة التي استوحاها من عمله طبيبًا أو بيئته القروية.
وهو شاعر أيضًا، وله خمسة دواوين من بينها "أغاني الغرباء"، وشعره جيد يتسم بالوضوح والبساطة.
ولقد كتب في الثقافة الإسلامية، والبحوث الأدبية، والقضايا الصحية والطبية، ومن أهم هذه البحوث في الثقافة الإسلامية بحثه عن "محمد إقبال" وفي البحوث الأدبية كتاباه عن "الإسلامية والمذاهب الأدبية"، و"مدخل إلى الأدب الإسلامي"، وفي المجال الطبي له كتاب "في رحاب الطب النبوي" وهو أول من تناول هذا الموضوع.
رحم الله الأديب الشاعر الطبيب نجيب الكيلاني، فلقد أثرى بفكره وعلمه وأدبه مجالات كثيرة في حياتنا المعاصرة.
التعليق على التلخيص:
1-
هذا تلخيص جيد لطالب، يكشف عن فهمه للموضوع الذي لخصه
2-
لم نحس بأن هذا موضوعٌ ملخص، فقد أحسسنا بأننا نقرأ موضوعًا متكاملا.
3-
يؤخذ عليه أنه نقل بعض جمل الموضوع الذي لخصه مثل "مساء الاثنين الخامس من شوال، انتقل إلى رحاب الله تعالى، بعد صراع مع المرض".
د- الفارق بين التلخيص والخلاصة:
التلخيص يكون في ربع حجم ما يراد تلخيصه، أما الخلاصة فتكون في عشر حجمه، ويقول البعض: إنها ينبغي ألا تزيد عن ثلاثمائة كلمة" وهي تمثل نسبة صغيرة جدًّا من حجم المقال الأصلي، وفي هذا العدد المحدود من الكلمات تعطي صورة أمينة للأصل، ومن ثم يمكن القول بأن الخلاصة هي لب التلخيص1.
نموذج للخلاصة2:
ولد نجيب الكيلاني في قرية "شرشابة" المصرية عام 1931م، وتخرج في كلية
1 ينظر كتاب "التحرير العربي"، مرجع سابق، ص174.
2 بقلم الطالب محمد حسين عبد الله، المستوى 2/ 1"جـ" كلية اللغة العربية بالرياض، الفصل الدراسي الثاني، العام الجامعي 1415هـ-1416هـ.
الطب من جامعة فؤاد الأول، وقد عمل بعد التخرج في مستشفيات مصر، ثم الكويت، فالإمارات حتى أحيل إلى التقاعد قبل وفاته بخمس سنوات.
وقد كان مبرَّزًا في الرواية والقصة والشعر والبحث الأدبي، ويعد من الذين رفعوا راية الرواية والقصة الإسلامية في العالم العربي، وقد اهتم -إلى جانب الروايات والقصص- بالتاريخ الإسلامي، والسيرة النبوية، والأدب الإسلامي.
وقد اهتم بأحوال المسلمين، وعبر عن مآسيهم في رواياته، وله عدد من الروايات الواقعية تجعله رائدًا للواقعية الإسلامية.