الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقالة الصحفية وأنواعها
مدخل
…
ثالثًا: المقالة الصحفية وأنواعها
منذ نشأة الصحافة العربية في منتصف القرن الماضي نشأ فن المقالة الصحفية التي تتناول "الظروف السياسية القائمة، وما تتركه من مشكلات تحتاج لحل سريع ورأي حاسم.. والكاتب فيه مقيد بموضوعات معينة لا تتجاوز أفكارًا معينة من الصحيفة، ويمتاز بالسهولة في التعبير، ويختلف طولًا وقصرًا، وتتعدد ألوانه بتعدد فنونه"1، ومن أنواع المقالة الصحفية:
أ- المقالة الافتتاحية.
ب- العمود الصحفي "الخاطرة".
جـ- مقالة الرأي.
د- مقالة عرض الكتب.
هـ- مقالة المتابعة "أو التغطية الصحفية".
وهذا تعريف موجز لهذه الفنون:
1 د. السيد مرسي أبو ذكري: المقال وتطوره في الأدب المعاصر، ص98، 99.
أ-
المقالة الافتتاحية:
تمثل سياسة الدولة، أو الحزب، أو الجهة التي تصدر الصحيفة، ويكتبها من تثق به الصحيفة دون أن يضع توقيعه عليها "ويستعين بالوثائق والأرشيف، ويلتمس الفكرة المثيرة والحقائق والشواهد المؤكدة للفكرة، ويلتزم بالخصائص التالية:
1-
الحذر والتحفظ في إبداء الرأي، والعمل على بلورته.
2-
العمل على إقناع القارئ، وتشويقه إلى متابعة القراءة.
3-
التماس الموضوعات الطازجة والمسايرة للحدث.
4-
النزوع إلى الاستمالة والتوجيه، ومخاطبة الرأي العام1.
ومن نماذجه: هذه الافتتاحية التي نشرتها جريدة "الندوة" تحت عنوانها الثابت "كلمة الندوة"، وهذا نصها:
كلمة الندوة المسلمون والحوار2
عشرات الضحايا الذين سقطوا في المواجهات وأعمال العنف الطائفية التي وقعت خلال اليومين الماضيين في "كراتشي" بباكستان، تعطي صورة سيئة عن المسلمين للعالم في عصر توصل أهله وشعوبه إلى العديد جدا من السبل والطرق لمعالجة الخلافات في الرأي التي تقع بين أبناء الشعب الواحد. بل وحتى بين الشعوب المختلفة.
ولعل أكبر الصفات التي يتميز بها إنسان هذا العصر عن عصور الغاب الغابرة، أنه توصل إلى التغلب على نوازع الشر والقتل في النفوس البشرية، وأحل محلها لغة التخاطب والتفاهم والحوار، كأسلوب حضاري يمنع الانغماس في مستنقعات الدم وحمأة الحقد والقتل والعنف.
وما حدث في كراتشي وعمد القائمون به إلى توجيه أسلحتهم إلى المصلين الخارجين من المساجد، عمل وحشي دون شك وهو لا يعطي صورة حقيقية للإسلام السمح، بل يكشف خبيئة نفوس الذين قاموا بهذه المذابح، وسواد قلوبهم، وبعدهم عن التحلي بأخلاق الإسلام الذي يحرم قتل النفس دون وجه حق. وأي حق في أن تحصد الرشاشات أرواح عدد من المصلين الذين تصادف أن أدوا الصلاة في المسجد الذي وقع عليه العدوان.
1 د. محمد صالح الشنطي: فن التحرير العربي: ضوابطه وأنماطه، ص247.
2 العدد "11024" الصادر في 27/ 5/ 1415 هـ، ص3.
والحقيقة: أن هذه النفوس تسيء إلى المسلمين وإلى صورة وحقيقة الإسلام1. وهي تعطي شعوب العالم صورة خادعة عن الإسلام، لأن الذين يقومون بتلك الأعمال والجرائم، إنما ينتمون إلى الإسلام اسما، ولكن حقيقة الإسلام بعيدة عن أي عنف أو عدوان، دون وجه حق، ولعل هذا هو ما يدفع المضللين في الدول الغربية للحديث عما يسمونه "الإرهاب الإسلامي" ويستخدمون ما يقع في بعض الدول العربية والإسلامية دليلًا على ما يذهبون إليه، في حين أن الواقع الإسلامي بعيد عن ذلك. ولا يعبر هذا الأسلوب الغوغائي عن حقيقة الحضارة الإسلامية، وما يزرعه الإسلام في نفوس أتباعه من أخلاق الرحمة والتسامح، وتأكيده النهي عن القتل دون وجه حق. ومن المؤكد أن ما يقع في بعض الدول العربية من عنف وقتل يتصاعد من سنوات.. وما تشهده بعض الدول الإسلامية، خاصة أفغانستان والصومال، هو في حقيقته خروج عن الأخلاق والآداب الإسلامية، بل يعتبر جريمة ترتكب على أيدي أناس لا يعرفون حقيقة الإسلام، بل تدفعهم إلى القتل طموحات أحلام مريضة، كان يمكن أن تكون مقبولة وشرعية، لو أنها عرفت الطريق السليم الحضاري لتحقيقها عن طريق الحوار والتفاهم، بدلًا من القتل والسحل. كما كان يمكن أن يتحلى أصحابها بضبط النفس بدلا من الانسياق مع النوازع الشريرة في النفس البشرية.
لقد أساءت بعض الجماعات إلى الصورة النقية للإسلام وتعاليمه ومبادئه السمحة، ولم يعد مقبولًا ولا معقولًا أن تتواصل هذه الإساءة التي تلحق الضرر بأبناء الأمة المسلمة وتسيء إلى صورة المسلمين في العالم، وهو ما تتطلع كل الشعوب المسلمة إلى وضع حد له، وأن يرتقي الجميع إلى مستوى المسئولية التي
1 الأصوب: وإلى صورة الإسلام وحقيقته.