الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آخر؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: لا مانع أن تقنتوا معه وتصلوا معه؛ لأن له شبهة وقول بعض أهل العلم، وإن تيسر مسجد آخر فهو أفضل إن كان لا يقنت، وإلا هذا الذي يقنت تمسك بمذهب الشافعي ومالك لأنه جاهل، التقليد غلب على كثير من الناس، فإذا صليتم معه فلا حرج إن شاء الله، وإن تركه فهو أفضل له، كونه يترك القنوت، إلا إذا حدث حادث على المسلمين، عدو تسلط على المسلمين، يقنت في الفجر أو غيره يدعو عليه، أما القنوت العادي في الوتر. يقنت الفجر: اللهم اهدنا فيمن هديت. الصحيح أن المشروع تركه.
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (371).
107 -
بيان ما ينبغي فعله في مسائل الخلاف
س: نحن جماعة من رعايا الدول العربية نعمل بالمملكة، ولنا مسجد في مقر عملنا، نؤدي به جميع الصلوات، ولكن إمامنا له عادة بعد الركعة الثانية من صلاة الفجر دائما يرفع يديه بالدعاء لمدة طويلة، ويرفع المأمومون أيديهم أيضا خلفه، وبعد الدعاء يسجد ليكمل الصلاة، ولما كان أكثر المصلين يتجادلون في هذا
الموضوع، وأكثرهم يعتبره غير صحيح، ولا يجوز لأنهم لم يفعلوا ذلك في الحرمين، وهما مقياس وقدوة، وعندما أخبرنا الإمام بذلك أخبرنا بأن ذلك لا يعتبر دليلا، فنرجو توضيح الحقيقة، ولا زالت الشكوك بين المصلين حول هذا الموضوع، وإمامنا يقول لنا حينما قلنا له ذلك: قال: إن المذاهب متعددة، فهي تصل إلى ألف وستمائة مذهب في الإسلام، فما رأيكم في هذا الموضوع؟ أثابكم الله (1)
ج: لا ريب أن ما فعله الإمام قد قال به بعض أهل العلم، ويسمى القنوت، وهو الدعاء الذي يؤتى به بعد الركوع في الركعة الثانية من صلاة الفجر، فذهب إليه بعض أهل العلم كالشافعية رحمة الله عليهم، وهو قول معروف في الإسلام يحتجون ببعض الأحاديث الواردة في ذلك، عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه ما زال يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا (2)» ولكن الصواب في هذا أنه لا يشرع إلا للنوازل، إذا نزل بالمسلمين نازلة من عدو نزل بهم، فإنه لا بأس أن يقنتوا، بل يشرع لهم القنوت مدة معينة، ثم يتركون القنوت؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم (49).
(2)
أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246).
يقنت في النوازل وقتا معينا، ثم يترك ذلك عليه الصلاة والسلام، قال أنس رضي الله عنه:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو على قوم، "وقنت شهرا يدعو على أحياء من بني سليم (1)»
أما الحديث «أنه كان يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا (2)» فهو ضعيف كما بين أهل العلم، وقد ثبت في حديث آخر من حديث سعد بن طارق بن أشيم الأشجعي أنه قال لأبيه:«يا أبت، إنك صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي: أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال له أبوه: أي بني، محدث (3)» فبين طارق رضي الله عنه وهو صحابي جليل، أن قنوت الفجر محدث، وأنه لا ينبغي فعله، وهذا هو الأرجح، أرجح القولين، فينبغي للمؤمن أن يتحرى في صلواته وسائر أعماله ما يوافق السنة والكتاب العزيز وأقوال أهل العلم المعتبرين، وهذا القول هو الأرجح، بأنه لا ينبغي القنوت إلا إذا دعا
(1) أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم
…
، برقم (7341).
(2)
أخرجه أحمد في مسند المكثرين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، برقم (12246).
(3)
أخرجه أحمد في مسند المكيين، من حديث طارق بن أشيم الأشجعي والد أبي مالك، برقم (15449)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القنوت، برقم (402)، والنسائي في كتاب التطبيق، باب ترك القنوت، برقم (1080)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القنوت في صلاة الفجر، برقم (1241).
لقوم أو على قوم في النوازل، مثل إذا قنت يدعو للمجاهدين وعلى أعدائهم بعض الوقت ثم يترك، أما أن يستمر بالقنوت بعد الركوع في الركعة الثانية من الفجر دائما، فهذا الصواب أنه غير مشروع، وإن قال به من قال به من الشافعية وغيرهم، فالصواب أنه غير مشروع، وقد قال الله عز وجل:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (1) وإذا رددنا هذا الأمر إلى السنة وجدنا فيها الدلالة على أن هذا غير مشروع، فينبغي للإمام ترك ذلك وعدم فعله عملا بالسنة الصحيحة، واتباعا لبقية أهل العلم في هذا الباب، ولا سيما في هذه البلاد، فإن هذه البلاد أئمتها لا يقنتون في الفجر أخذا بالسنة الصحيحة التي بينا لك أيها السائل، وأما قول الإمام إن في الإسلام ألفا وستمائة مذهب هذا الكلام فيه مجازفة وكلام لا ينبغي، فإنه ليس كل مذهب يوجد يعتبر في الإسلام، هناك مذاهب باطلة، وهذه مبالغة قبيحة لا ينبغي للإمام أن يقول مثل هذا، فليس كل مذهب يدعي صاحبه أنه مذهب إسلامي يقبل، فالمذاهب التي لا توافق الكتاب والسنة لا تعتبر، والمذاهب المشهورة أربعة: الشافعية، والحنفية،
(1) سورة النساء الآية 59
والمالكية، والحنبلية، وهم أئمة وعلماء كبار، اشتهرت مذاهبهم وانتسب إليهم علماء، فاشتهروا بذلك، ويلحق بهم أيضا مذهب الظاهرية معروف، هذه مذاهب معروفة، وما اختلفوا فيه من المسائل يعرض على الكتاب والسنة، كل واحد قد يخطئ وقد يغلط في بعض المسائل، فما اختلفوا فيه - رحمة الله عليهم - يعرض على الكتاب والسنة، فما وافق القرآن أو السنة الصحيحة وجب الأخذ به، وترك ما خالفه، سواء كان وافق مذهب مالك أو مذهب أبي حنيفة أو الشافعي أو أحمد أو الظاهرية، هذا هو الصواب، أما المذاهب الأخرى التي يشير إليها هذا الإمام، فهذه لا يعول عليها، ولا يلتفت إليها بل ينبغي للمؤمن ألا يلتفت إلى غير هذه المذاهب، وهذه المذاهب هي المذاهب المعروفة عند أهل السنة، والمعروفة بالاستقامة وتحري الحق، وعدم الزيغ والبدعة، أما المذاهب الأخرى فإن عند أهلها من البدع وعندهم من الانحراف ما يوجب الوقوف عن الأخذ بمذاهبهم، وعدم النظر فيها خوفا من شرها وبدعتها، ولكن هذه المذاهب الخمسة المعروفة الظاهرية والمذاهب الأربعة تعتني بالسنة والكتاب، وتعتني بأقوال الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وليس عندهم البدع التي عند غيرهم، فلهذا اقتنع بها أهل العلم، ورأوها مذاهب إسلامية معتبرة، ولكن ما اختلفوا فيه من
ذلك يرجع فيه إلى الكتاب والسنة، ويعرض على كلام الله سبحانه وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، فما وافقهما أو أحدهما وجب الأخذ به وترك ما خالفه، وإذا عرضنا القنوت في الفجر دائما على الكتاب والسنة لم نجد فيهما ما يدل على شرعيته، بل يدل فيها ما جاء في حديث طارق بن أشيم رضي الله عنه على أنه لا يشرع هذا القنوت بصفة دائمة، وإنما يشرع عند النوازل في الدعاء على أعداء الله وفي الدعاء للمجاهدين في سبيل الله بالنصر في وقت معين وقت الحاجة، ثم يوقف ويمسك ولا يستمر، رزق الله التوفيق والهداية.
س: في صلاة الفجر وفي الركعة الأخيرة يقوم الإمام برفع يديه والدعاء، ومن وراءه يقولون: آمين. يؤمنون على ذلك، ما رأيكم في هذا (1)؟
ج: السنة عدم القنوت في الفجر إلا في النوازل، إذا نزل نازلة مثل جدب واستغاثوا، أو الدعاء على عدو لا بأس، عدو نزل بالمسلمين، أما كونهم يتخذونه عادة في الفجر، فالصواب أنه لا يشرع، وما كان النبي يفعل ذلك إلا عند الحاجة، لكن لو صليت مع أناس يقنتون لا بأس أن
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (382).
تؤمن معهم، لأن لهم شبهة، المسألة فيها خلاف بين العلماء، فإذا صليت مع جماعة يقنتون في الفجر، فلا بأس أن تصلي معهم، ولا بأس أن تؤمن على الدعاء معهم، لأن لهم شبهة في ذلك، ولأن بعض أهل العلم يرى ذلك.