الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصالح متنوعين في تهجدهم بالليل، منهم من يصلي ثلاثا وعشرين، ومنهم من يصلي أكثر من ذلك، فالأمر في هذا واسع والحمد لله.
47 -
حكم صلاة الوتر ثلاث ركعات بتشهدين كالمغرب
س: مستمعة تسأل وتقول: صلاة الوتر ركعتان، أو أكثر ثم واحدة؟ هل ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه واصل الثلاث ركعات بتسليمة واحدة؟ وهل إذا كان هذا صحيحا عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجلس في كل ركعتين أم لا؟ وما هي صفتها؟ وكذلك الدعاء قبل السلام أو بعده، أو في السجود هل يجوز أن يأتي بدعاء من نفسه، أو بما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ (1)
ج: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أوتر بثلاث مفصولة، يسلم من الثنتين، وأوتر بواحدة، وهذا هو الغالب من فعله صلى الله عليه وسلم، أنه يوتر بواحدة وحدها، ويفصل ما قبلها، وكان في الغالب يصلي إحدى عشرة، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، وربما أوتر بثلاث سردهن، لم يجلس إلا في الأخيرة وهذا قليل، والغالب أنه
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (278).
يسلم من الثنتين، أما كونه يصليها كالمغرب فهذا مكروه، ولا ينبغي؛ لأنه تشبيه لها بالمغرب، وقد جاء في بعض الأحاديث النهي عن ذلك فلا تصلى كالمغرب، لكن يصليها بالتسليم من الثنتين ثم يوتر بواحدة، أو يسردها سردا ويصليها جميعا بدون جلوس إلا في الأخيرة، هذا هو المشروع، ولكن الأفضل أن يسلم من كل ثنتين، وأن تكون الواحدة مفردة مستقلة، سواء صلى ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك، أما الدعاء فالإنسان يدعو بما شاء، بما أحب من الدعوات الطيبة التي ليس فيها محذور، لكن الوارد أفضل، إذا تيسر له دعاء يحفظه فهو أفضل، وله أن يدعو بحاجاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:«ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك)، قالوا: يا رسول الله، إذن نكثر؟ قال: (الله أكثر (1)» فلم يحدد الدعاء عليه الصلاة والسلام، بل
(1) أخرجه أحمد في مسند الأنصار من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، حديث رقم (22279)، والترمذي في كتاب الدعوات، باب في انتظار الفرج وغير ذلك، برقم (3573).
بين أن كل دعاء ليس فيه إثم ولا قطيعة رحم يرجى إجابته مطلقا، لكن إذا تيسر له دعاء معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا به يكون أفضل من غيره، مثل السجود يقول:«اللهم اغفر لي ذنبي كله: دقه وجله، وأوله وآخره، وعلانيته وسره (1)» هذا كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا دعا بغير ذلك:«اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (2)» هذا من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا دعا بقوله: اللهم اغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين. لا بأس، أو قال: اللهم أصلح قلبي وعملي. أو: اللهم ارزقني كسبا حلالا، أو زوجة صالحة، أو ذرية طيبة. أو ما أشبه ذلك من الدعوات الطيبة لا حرج في السجود، وفي آخر الصلاة، وفي كل وقت من أوقات حياتك، لكن في السجود أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (483).
(2)
أخرجه الترمذي في كتاب القدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، برقم (2140)، وابن ماجه في كتاب الدعاء، باب دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، برقم (3834).
وهو ساجد، فأكثروا الدعاء (1)» ويقول صلى الله عليه وسلم:«أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم (2)» يعني: حري أن يستجاب لكم، وكان صلى الله عليه وسلم لما علم أصحابه التحيات أرشدهم إلى الدعاء، قال:«ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو (3)» وفي اللفظ الآخر: «ثم يتخير من المسألة ما شاء (4)» فبين صلى الله عليه وسلم أنه يدعو بما أحب ولا يتقيد بوارد، بل يدعو بما يسر الله له، لكن يكون الدعاء دعاء طيبا، ليس فيه إثم، وليس فيه قطيعة رحم، بل من الدعوات الطيبة النافعة، ولو كانت ما وردت، ولو كان ما سمعها في الأحاديث، والحمد لله، وهكذا في بقية الأوقات، يدعو في غير الصلاة، يدعو الضحى وهو جالس، أو في الظهر، أو في الليل وهو جالس، أو واقف أو يمشي، أو يدعو في صلاة النافلة الضحى، أو في تهجده في الليل، المقصود أن الدعاء مطلوب في الصلاة وفي خارج الصلاة، والحمد لله.
(1) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم (482).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، برقم (479).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الأذان، باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب، برقم (835).
(4)
أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، برقم (402).