الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل (1)» فالعمل الدائم أفضل، فإذا زاد في بعض الأحيان عند النشاط فهذا ينفعه، ولا يضره.
(1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الجلوس على الحصر ونحوه، برقم (5862)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرا عن صوم، برقم (1958) واللفظ له.
8 -
بيان كيفية صلاة التهجد وقيام الليل
س: الأخ: ح، من الرياض، يسأل ويقول: ما هي طريقة صلاة التهجد؟ وهل القراءة فيها جهرا أم سرا؟ وجهوني وبينوا لي، جزاكم الله خيرا (1)
ج: الطريقة في صلاة الليل موسعة بحمد الله، إن شاء صلى قبل أن ينام ما يسر الله له، واحدة أو ثلاثا أو أكثر بعد سنة العشاء، وإن شاء أخر ذلك إلى آخر الليل، أو وسط الليل، فإذا قام صلى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ما كتب الله له؛ أربعا، أو ستا، أو ثمانيا، أو عشرا، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة، هكذا كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، ربما أوتر بثلاث، وربما أوتر بخمس، وربما أوتر بسبع، وربما أوتر بعشر
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم (210).
وزاد واحدة، تقول عائشة رضي الله عنها:«كان عليه الصلاة والسلام يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ثنتين ويوتر بواحدة (1)» وجاء عنها وعن أم سلمة وعن غيرهما «أنه ربما أوتر بسبع يسردها جميعا، وربما جلس في السادسة ويتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ولا يسلم ويأتي بالسابعة (2)» «وربما سرد خمسا لا يجلس إلا في آخرها، وربما صلى ثماني ركعات يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بخمس يسردها جميعا، فيكون الجميع ثلاث عشرة (3)» ، «وربما أوتر بتسع سردها جميعا، ليجلس في الثامنة ويتشهد التشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بالتاسعة ويسلم (4)» كل هذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام: «صلاة الليل مثنى مثنى (5)» يعني ثنتين ثنتين، هذا هو الأفضل، يسلم من كل ثنتين ثم يوتر
(1) أخرجه البخاري في كتاب الدعوات، باب الضجع على الشق الأيمن، برقم (6310)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (736).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض، برقم (746).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في ركعتي الفجر، برقم (1164)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (765).
(4)
سنن الترمذي الصلاة (457)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1708).
(5)
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).
بواحدة، هذا هو الأفضل والأكمل، وإذا فعل شيئا من الأنواع الأخرى فلا حرج؛ إذا أوتر بواحدة ولم يزد، أو بثلاث سلم من ثنتين ثم أوتر بواحدة، أو سرد الثلاث جميعا، ولم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، أو أوتر بخمس يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة فلا بأس، هذا أفضل، وإن سرد الخمس جميعا ولم يقعد إلا في الأخيرة فلا بأس، كل هذا بحمد الله من التوسعة، والواجب الخشوع في ذلك، يطمئن لا يعجل، لا ينقرها نقرا، بل يطمئن، الطمأنينة لا بد منها، كلما زاد في الخشوع فهو أفضل، وهكذا في الترتيل في القراءة، يرتل في القراءة، ويخشع فيها ولا يعجل في القراءة، ثم هو مخير؛ إن شاء خفض صوته، وإن شاء رفع صوته؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم ربما رفع، وربما خفض (1) هكذا قالت عائشة رضي الله عنها، «تارة يخفض صوته، تارة يرفع صوته (2)»
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، برقم (1328).
(2)
أخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار، باب: باقي المسند السابق، برقم (24634) وأبو داود في كتاب الطهارة، باب في الجنب يؤخر الغسل، برقم (226)، والنسائي في كتاب قيام الليل وتطوع النهار، باب كيف القراءة بالليل، برقم (1662)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في القراءة في صلاة الليل، برقم (1354).
فهو مخير يعمل الأصلح، إذا رأى أن خفض صوته أخشع له، وأقرب إلى راحته فلا بأس، وهو أفضل له، وإن رأى أن رفع صوته أخشع له، وأنشط له رفع صوته، إذا كان لا يؤذي أحدا من الناس، لا يشوش على نائمين، ولا مصلين، ما عنده أحد يشوش عليهم، فإذا رأى أن صوته إذا رفعه أنشط له فإنه يرفع صوته، والخلاصة أنه يعمل الأفضل، ويعمل الأصلح، إن رأى أن الأصلح خفض الصوت خفض، وإن رأى أن الأصلح له والأخشع له رفع الصوت رفع، لكن لا يرفع إلا إذا كان لا يؤذي أحدا، أما إذا كان حوله مصلون، أو حوله نوام يؤذيهم، يخفض صوته، ويراعي حالهم، ففي رمضان يرفع صوته في المسجد، إذا كان في المسجد الإمام يرفع صوته حتى يسمع الناس، وحتى يستفيدوا.
س: يقول السائل: أرجو أن تبينوا لي كيفية أداء صلاة وقيام الليل، وعن عدد الركعات، وماذا يقال في الركوع والسجود، وعن الآيات التي يستحب أن نقرأ في كل ركعة فيها (1)؟
ج: قيام الليل مشروع وسنة، ومن أعمال الصالحين، ومن أعماله صلى الله عليه وسلم، قال الله جل وعلا:{يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} (2){قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} (3)
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (276).
(2)
سورة المزمل الآية 1
(3)
سورة المزمل الآية 2
يعني النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الله جل وعلا:{وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} (1) الآية، وقال سبحانه عن عباد الرحمن في سورة الفرقان:{وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (2)، وقال تعالى في صفات عباد الله المؤمنين:{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} (3){وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (4)، فقيام الليل سنة مؤكدة، سواء في أوله، أو في وسطه، أو في آخره، لكن آخره أفضل، الثلث الأخير أفضل، إلا إذا كان يشق عليه ذلك، فإنه يوتر في أول الليل، يوتر بواحدة، بثلاث، بخمس، بسبع، بأكثر، يسلم من كل ثنتين، يصلي ثنتين ثنتين، ويجتهد في ترتيل القراءة، ويوتر بواحدة، وليس هناك شيء محدود، يقرأ ما تيسر؛ من أول القرآن، من وسط القرآن، من آخره، أو ينظم ختمة، يبدأ من أول القرآن إلى أن يختم ثم يعود، كله طيب، ليس في هذا حد محدود، لكن السنة أن يرتل، كما قال الله جل وعلا:{وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (5) كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ قراءة واضحة يرتلها؛ حتى يستفيد من يسمعها،
(1) سورة الإسراء الآية 79
(2)
سورة الفرقان الآية 64
(3)
سورة الذاريات الآية 17
(4)
سورة الذاريات الآية 18
(5)
سورة المزمل الآية 4
ويستحب له السؤال عند آيات الرحمة، والتعوذ عند آيات الوعيد، والتسبيح عند آيات التسبيح في تهجده، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام والسنة أن يسلم من كل ثنتين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«صلاة الليل مثنى مثنى (1)» يعني ثنتين ثنتين، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (2)» يقرأ فيها (الحمد){قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) في الركعة الأخيرة، ويقنت فيها بعد الركوع بالقنوت الشرعي الذي علمه النبي الحسن، وهو المعروف عند أهل العلم، والسنة عدم العجلة، يطمئن في ركوعه وسجوده وقراءته، لا يعجل، يطمئن كما كان النبي يصلي بطمأنينة، وترتيل للقراءة، وخشوع في الركوع والسجود، هكذا المؤمن، لا يعجل، يطمئن في ركوعه وسجوده، يطمئن في قراءته ولا يعجل، يخشع فيها تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، وإذا أوتر بواحدة، أو بثلاث، أو بخمس، أو بأكثر فلا بأس، الأمر واسع، صلاة الليل ما فيها حد محدود، لكن أفضلها إحدى
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).
(3)
سورة الإخلاص الآية 1