الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عشرة، أو ثلاث عشرة؛ تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم، يسلم من كل ثنتين، ويوتر بواحدة، هذا هو أفضلها، وإن أوتر بأكثر من هذا فلا بأس.
9 -
بيان وقت صلاة التهجد
س: مستمعة تسأل سماحتكم وتقول: حدثوني عن كيفية صلاة التهجد؟ ومتى يبدأ بالساعة تقريبا؟ لأني لم أعرف وقتها بالضبط، وهو الثلث الأخير من الليل، وهل يجوز للمرأة أن تفعل ذلك؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: التهجد من الليل يبدأ إذا فرغ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، هذا هو حال التهجد، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، في الحديث عن ابن حذافة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم، وهي الوتر فجعلها الله لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر (2)» فإذا أوتر الإنسان
(1) السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم (276).
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب استحباب الوتر، برقم (1418)، والترمذي في كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل الوتر، برقم (452)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الوتر، برقم (1168).
في أول الليل أو في وسطه، أو في آخره فقد فعل السنة، والأفضل في آخر الليل إذا تيسر ذلك، فإن لم يتيسر أوتر في أوله قبل أن ينام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» وقالت عائشة رضي الله عنها: «من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوتر من أوله، ومن وسطه ومن آخره، ثم انتهى وتره إلى السحر عليه الصلاة والسلام (2)» يعني في آخر حياته استقر وتره في آخر الليل، وقال صلى الله عليه وسلم:«أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (3)» فإذا تهجد في السدس الرابع، أو السدس الخامس فهذا أفضل ما يكون، وإن جعل وتره وتهجده كله في الثلث الأخير فذلك
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب ساعات الوتر، برقم (996)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وعدد ركعات النبي في الليل، برقم (745).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام
…
، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به
…
، برقم (1159).
أفضل كما في حديث جابر، حيث قال: قال صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» وإذا صار تهجده في السدس الرابع، أو الخامس صار ذلك أفضل؛ لأنه يوافق صلاة داود، فيجمع بين آخر الليل في السدس الخامس، والسدس الرابع في أول النصف الأخير، وكل ذلك بحمد الله فيه خير عظيم.
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).
س: سمعت في برنامجكم عن صلاة التهجد، وأن أفضل أوقاتها الثلث الأخير من الليل، أريد معرفة المزيد عن صلاة التهجد - جزاكم الله خيرا - وعن عدد ركعاتها (1)
ج: الأفضل آخر الليل إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» رواه مسلم في الصحيح، ويقول صلى الله عليه وسلم في
(1) السؤال التاسع من الشريط رقم (248).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).
الحديث الصحيح: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (1)» هذا التنزل الإلهي فرصة عظيمة للدعاء والعبادة للمؤمن، يدعو ربه؛ لأنه يقول سبحانه:«من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2)» فإذا تيسر للمؤمن والمؤمنة أن يكون التهجد في آخر الليل، في الثلث الأخير كان أفضل، حتى يوافق هذا النزول الإلهي، وهذا الجود من الرب والتفضل منه سبحانه وتعالى، وإذا أوتر في أول الليل كفى ذلك، وهذا النزول يليق بالله، لا يشابه خلقه سبحانه وتعالى، هذا من أحاديث الصفات، فهو نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو، كما أن الاستواء يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، كما قال تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (3)، معناها ارتفع وعلا، وهو استواء يليق به سبحانه، لا يشابه الخلق في استوائهم، وهكذا النزول؛ نزول إلى سماء الدنيا، نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، ولا يشابهه الخلق في شيء من صفاته، لا في النزول ولا في الاستواء، ولا في
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).
(3)
سورة طه الآية 5
السمع والبصر، ولا في الكلام، ولا في غير ذلك، قال سبحانه وتعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (1)، والتهجد أفضل ما يكون بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، هذا أفضل، كان النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب يوتر بإحدى عشرة، أو بثلاث عشرة، وربما أوتر بسبع أو خمس أو ثلاث، وأقل شيء واحدة، ركعة واحدة بعد صلاة العشاء، وبعد الراتبة، وإن أوتر بثلاث كفى، أو بخمس كفى، أو بسبع كفى، ولكن الأفضل إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة، يسلم من كل ثنتين، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، كان يسلم من كل ثنتين ثم يوتر بواحدة مفردة، ويقول صلى الله عليه وسلم:«صلاة الليل مثنى مثنى (2)» يعني ثنتين ثنتين، «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (3)» يعني يوتر بواحدة النهاية، ولو صلى أكثر صلى عشرين وأوتر بواحدة أو بثلاث، أو صلى أربعين وأوتر بواحدة أو بثلاث، أو صلى أكثر فلا بأس، كله واسع بحمد الله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما حدد عددا معلوما من الركعات؛ أطلق، قال:«صلاة الليل مثنى مثنى (4)» ، ولم يحدد، فدل على التوسعة والحمد لله، ولكن أفضل ذلك
(1) سورة الشورى الآية 11
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).
(3)
صحيح البخاري الجمعة (991)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (749)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1694)، سنن أبي داود الصلاة (1326)، مسند أحمد (2/ 5)، موطأ مالك النداء للصلاة (269)، سنن الدارمي الصلاة (1459).
(4)
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).
إحدى عشرة أو ثلاث عشرة؛ تأسيا به صلى الله عليه وسلم، واقتداء به عليه الصلاة والسلام في رمضان وغيره.
س: السؤال عن صلاة التهجد متى تكون؟ وهل هي في أول الليل أو في آخره؟ وما الحكم إذا قرأ فيها الإنسان بسورة (يس) أو (تبارك) من المصحف الشريف؛ حتى لا يخطئ في القراءة؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: التهجد يبدأ من بعد صلاة العشاء إلى آخر الليل، كله تهجد، والأفضل آخر الليل لمن يتيسر له ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» رواه مسلم في الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم:«وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه (3)» قال: «هي أحب الصلاة» وقال عليه الصلاة والسلام: «ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل
(1) السؤال الخامس من الشريط رقم (313).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام
…
، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به
…
، برقم (1159).
الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (1)» متفق على صحته، هذا يدل على مشروعية القيام آخر الليل، وأنه أفضل، وأنه مظنة الاستجابة، يقول الرب:«من يدعوني فأستجيب له؟ (2)» وهكذا، جوف الليل، صلاة داود، الثلث الرابع والخامس، كلها مظنة الإجابة، وكلها محل فضل بالصلاة والتهجد، وذلك أفضل من أول الليل، لكن من كان يخشى ألا يقوم من آخر الليل فإنه يشرع له الإيتار في أول الليل، بعد صلاة العشاء قبل أن ينام، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة (3)» هذا نزول يليق بالله، لا يكيف، ولا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، يوصف جل وعلا بالنزول، والاستواء على العرش والكلام والإرادة والمشيئة، والسمع والبصر، وغير هذا من الصفات الواردة في القرآن العظيم والسنة الصحيحة، فيجب وصفه بها سبحانه على الوجه اللائق به جل وعلا، من غير تشبيه له بخلقه، كما قال سبحانه وتعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (4) وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (5){اللَّهُ الصَّمَدُ} (6){لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (7){وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (8)،
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).
(4)
سورة الشورى الآية 11
(5)
سورة الإخلاص الآية 1
(6)
سورة الإخلاص الآية 2
(7)
سورة الإخلاص الآية 3
(8)
سورة الإخلاص الآية 4
وقال سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (1)، فالله جل وعلا لا مثيل له، ولا كفو له، ولا شيبه له، سبحانه وتعالى، وهو الكامل في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، وهو ينزل نزولا يليق بجلاله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، إلى السماء الدنيا آخر الليل في الثلث الأخير، يقول جل وعلا:«من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2)» فمن تيسر له القيام آخر الليل فهو أفضل، ومن لم يتيسر له ذلك فليوتر في أول الليل، وأقل ذلك ركعة واحدة، يوتر فيها في أول الليل، أو في آخره، فكلما زاد فهو أفضل، يسلم من كل ثنتين؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«صلاة الليل مثنى مثنى (3)» أي ثنتين ثنتين «فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة، توتر له ما قد صلى (4)» يعني المتهجد بالليل يصلي ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، ثم يوتر بواحدة يقرأ فيها (الحمد) و (قل هو الله أحد) هذا هو السنة، وأفضل ذلك إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة؛ لأن هذا هو
(1) سورة النحل الآية 74
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).
(4)
أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).
وتر النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب، كان وتره في الغالب إحدى عشرة، أو ثلاث عشرة عليه الصلاة والسلام، ومن شاء أوتر بأكثر من هذا فلا بأس، ليس له حد محدود، ولو أوتر بخمسين أو ستين أو مائة، يسلم من كل ثنتين فلا بأس، ويوتر بواحدة، لكن كونه يوتر بإحدى عشرة، أو ثلاث عشرة هذا هو الأفضل، وإن أوتر بثلاث أو بخمس أو بسبع كله طيب، لكن السنة أن يسلم من كل ثنتين، فإن سرد ثلاثا وأوتر بها، أو خمسا وأوتر فيها سردا لم يجلس فيها فلا بأس، قد ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا لو سرد سبعا لم يجلس إلا في آخرها فلا بأس، وإن جلس في السادسة، وأتى بالتشهد الأول، ثم قام وأتى بالسابعة كذلك، ورد هذا وهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، سرد السبع في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان جلس في السادسة وتشهد، ثم قام قبل أن يسلم وأتى بالسابعة، وهكذا سرد تسعا جلس في الثامنة للتشهد الأول، ثم قام وأتى بالتاسعة، ولكن الأفضل هو ما كان يغلب عليه فعله، عليه الصلاة والسلام، وهو أن يسلم من كل ثنتين، هذا هو الأفضل، وهو موافق لقوله صلى الله عليه وسلم:«صلاة الليل مثنى مثنى (1)» أي ثنتين ثنتين، يسلم من كل ثنتين، وفق الله الجميع.
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة، باب الحلق والجلوس في المسجد، برقم (472)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل مثنى مثنى، برقم (749).
س: يسأل المستمع ويقول: إن العلماء قالوا بأن أفضل الأوقات لقيام الليل هو الثلث الأخير، ولكنني لا أعرف كيف يبدأ تقسيم هذا الليل؛ من وقت الغروب حتى شروقها، أم من وقت غروبها حتى وقت صلاة الفجر (1)؟
ج: الليل من غروب الشمس إلى طلوع الفجر، هذا الليل، وأفضل أوقاته الثلث الأخير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (2)» هذا الوقت هو الوقت العظيم، وقت التنزل الإلهي، وقت دعوة الرب للعباد أن يسألوه، وأن يتضرعوا إليه جل وعلا، فهذا هو أفضل الوقت، وبعده جوف الليل.
(1) السؤال الثاني والثلاثون من الشريط رقم (403).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).
س: رسالة وصلت من ليبيا، من م. م يقول: ما هو الوقت المناسب لصلاة الليل؟ وما هو وقت الدعاء المناسب؟ وماذا يقول الإنسان فيه؟ جزاكم الله خيرا (1)
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (403).
ج: أفضل الأوقات الثلث الأخير إذا تيسر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (1)» رواه مسلم في الصحيح؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول سبحانه: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (2)» متفق على صحته، هذا الحديث العظيم يدل على أن التهجد آخر الليل في الثلث الأخير أفضل لهذا الحديث العظيم، فينبغي للإنسان الدعاء، والسؤال والتوبة إلى الله عز وجل في هذا الوقت العظيم، وإن صلى في وسط الليل فهو وقت فاضل وعظيم، وإن صلى أول الليل بعد صلاة العشاء كله خير، ولكن إن كان يخشى ألا يقوم فالسنة أن يصلي قبل أن ينام، «وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا الدرداء بالإيتار قبل النوم (3)» والسبب - والله أعلم - أنهما
(1) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).
(3)
أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (722).
كانا يدرسان الحديث، ويخشى ألا يقوما في آخر الليل، والخلاصة أنه من طمع أن يقوم آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف ألا يقوم آخر الليل فليوتر أول الليل، والحمد لله، وأما قوله:«ينزل ربنا (1)» فهذا وصف يليق بالله عند أهل السنة والجماعة، يثبتون ما يليق بالله، وإنه نزول يليق بالله، لا يسأل الخلق عن كيفية نزوله، كما أنه لا يسأل المخلوقون عن صفاته كلها وكيفيتها، لا في الاستواء ولا في الرحمة، ولا في الغضب ولا في الرضا، ولا في غير ذلك من صفاته، بل يجب إثبات صفات الله لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، هكذا قال أهل السنة والجماعة كما نص على ذلك أهل العلم كمالك بن أنس، رحمه الله، والشافعي، وأحمد والثوري، وابن المبارك، والأوزاعي، وغيرهم، وقد جمع أبو العباس ابن تيمية رحمه الله أقوالهم في فتوى الحموية، وهو كتاب عظيم مفيد، وأهل السنة والجماعة يثبتون جميع الصفات لله، ما جاء في القرآن والسنة الصحيحة على الوجه اللائق بالله كالاستواء، والنزول، والغضب والرضا، والرحمة، والسمع، والبصر، والكلام، وغير ذلك، كلها يثبتونها لله سبحانه وتعالى
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).
على الوجه اللائق بالله جل وعلا، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، كما قال الله سبحانه:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1){اللَّهُ الصَّمَدُ} (2){لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (3){وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4)، وقال سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (5)، وقال سبحانه:{فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (6)، هذا هو الواجب على جميع المسلمين، إثبات صفات الله وأسمائه له سبحانه، كما جاءت في القرآن، وكما جاءت في السنة الصحيحة، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، بل يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، مع الإيمان بحقائقها، وأنها حق، وأنها لا تشابه صفات المخلوقين، بل هي ثابتة لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى من غير مشابهة بخلقه في شيء من صفاته جل وعلا، هذا هو قول أهل الحق، وهذا هو قول أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة المنصورة، وهم الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة، هم الطائفة المنصورة وهم الفرقة الناجية وهم أهل الحق، فالواجب السير على
(1) سورة الإخلاص الآية 1
(2)
سورة الإخلاص الآية 2
(3)
سورة الإخلاص الآية 3
(4)
سورة الإخلاص الآية 4
(5)
سورة الشورى الآية 11
(6)
سورة النحل الآية 74
منهجهم، والاستقامة على طريقهم، وطاعة الله ورسوله، والإخلاص لله في العمل، واتباع الشريعة وعدم البدعة، هكذا درج أهل السنة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان في توحيد الله، والإخلاص له، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، والاستقامة على دين الله، وإثبات صفات الله وأسمائه على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، هكذا درج أهل السنة والجماعة، وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأتباعهم بإحسان وهم الفرقة الناجية المذكورة في قوله صلى الله عليه وسلم: "
…
«لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة؛ واحدة في الجنة، وثنتان وسبعون في النار، قيل: يا رسول الله، من هم؟ قال: الجماعة (1)» هذه الواحدة هم أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة المنصورة، التي قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس (2)» والعلماء هم رأس هذه الطائفة، وأهل
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، برقم (3992).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب سؤال المشركين أن يريهم آية، حديث رقم (3641)، ومسلم في كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم " لا تزال طائفة
…
"، حديث رقم (1037) واللفظ له.
الحديث هم رأس هذه الطائفة، وأئمة هذه الطائفة، وعلى رأسهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فهم خير هذه الأمة، ثم العلماء من أهل السنة والجماعة بعدهم، وأهل الحديث هم أئمة هذه الطائفة، وهم من رؤسائهم وقادتهم، فالمعنى أن أهل الحديث هم خلاصتهم، وهم أئمتهم، وهكذا العلماء علماء الحق، كلهم من أهل السنة والجماعة، وكلهم من الطائفة المنصورة، وهكذا عامتهم هم من الطائفة المنصورة، عامتهم من الرجال والنساء الذين درجوا وساروا على أهل السنة والجماعة بالاستقامة على الحق والإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله، وتمسكوا بشرعه، هؤلاء كلهم أهل السنة والجماعة، وكلهم يدعون الفرقة الناجية، وكلهم يقال لهم: الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، نسأل الله أن يجعلنا وإياك والمستمعين من أهل السنة، نسأل الله أن يجعلنا منهم، نسأل الله أن يثبتنا على الحق وأن يعيذنا من مضلات الفتن.
س: حدثونا عن نفل قيام الليل ومتى يكون نزول الله عز وجل إلى السماء الدنيا بالساعة تقريبا (1)
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم (370).
ج: التهجد بالليل سنة وقربة، وأفضله آخر الليل، أفضله السدس الرابع والخامس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«أحب الصلاة إلى الله صلاة داود؛ كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه (1)» ويقول عليه الصلاة والسلام: «ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (2)» فالسنة للمؤمن أن يتحرى هذين الوقتين السدس الرابع، والسدس الخامس الذي هو صلاة داود ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، يعني السدس الرابع والسدس الخامس، وينام السدس الأخير؛ يتقوى على أعمال النهار، وإن تعبد في الثلث الأخير وقت التنزل، السدس الخامس والسادس فهذا كله طيب، والنصف يبدأ بالساعة، من مضي نصف الساعات التي يتكون منها الليل. الليل يختلف على كل حال على حسب ساعات الليل، فإذا كان الليل اثني عشر بدأ النصف في أول الساعة السابعة بعد غروب الشمس، وإذا كان الليل إحدى عشرة ساعة بدأ بعد مضي خمس ساعات ونصف من غروب الشمس بدأ النصف، وهكذا.
(1) أخرجه البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب أحب الصلاة إلى الله صلاة داود، وأحب الصيام
…
، برقم (3420)، ومسلم في كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به
…
، برقم (1159).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).
س: كيف أقوم الليل؟ وفي أي ساعة بالتحديد، علما بأنني أنتهي من عملي الساعة العاشرة والنصف في الليل، ثم كم عدد الركعات التي أصليها لقيام الليل بالتفصيل؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: تقوم من الليل حسب التيسير، إذا يسر الله لك تقوم، والأفضل في آخر الليل في الثلث الأخير، وإلا صليت في وسط الليل، في أول الليل، كله طيب، وتصلي ثنتين ثنتين، ثم تختم بواحدة، تقرأ فيها الحمد وقل هو الله أحد، وليس في هذا حد محدود، صل ما تيسر لك من ثلاث وخمس أو سبع أو تسع أو إحدى عشرة أو ثلاث عشرة، هذا أكثر ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ثلاث عشرة، وإن صليت أكثر من ذلك، عشرين أو أكثر وتوتر بواحدة كله طيب، المقصود مثلما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«خذوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا (2)» ويقول صلى الله عليه وسلم: «أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه
(1) السؤال الثلاثون من الشريط رقم (344).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صوم شعبان، حديث رقم (1970)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان، حديث رقم (782).
وإن قل (1)» كله طيب بعد صلاة العشاء، تصلي ركعة واحدة، وترا بعد الراتبة، أو تصلي ثلاثا تسلم من ثنتين، ثم تصلي واحدة وترا أو تصلي خمسا، وتسلم من كل ثنتين أو تسردها جميعا، كله لا بأس على حسب التيسير، لا تتكلف، فاتق الله ما استطعت، فهي نافلة ليست واجبة، والأفضل إذا تيسر لك أن تكون الصلاة في آخر الليل، في الثلث الأخير، فهذا الأفضل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:«ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى الثلث الآخر، فيقول سبحانه: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له (2)» فإذا تيسر لك آخر الليل فهذا أفضل، ويقول صلى الله عليه وسلم:«من خاف ألا يقوم من آخر الليل، فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره، فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (3)» ويقول أبو هريرة رضي الله عنه: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث، صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن
(1) أخرجه البخاري في كتاب اللباس، باب الجلوس على الحصر ونحوه، برقم (5862)، ومسلم في كتاب الصيام، باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرا عن صوم، برقم (1958) واللفظ له.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).
(3)
أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).
أوتر قبل أن أنام (1)» وهكذا أوصى أبا الدرداء، والسبب - والله أعلم - أنهما كانا يدرسان الحديث أول الليل فيخشيان ألا يقوما من آخر الليل، فأوصاهما بالقيام والوتر في أول الليل، أما الذي يطمع في آخر الليل، ويستطيع فهو أفضل كما تقدم، وفق الله الجميع.
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب صيام أيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، برقم (1981)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان، برقم (721).
س: أرجو إرشادي عن صلاة التهجد؛ إذ إني أصليها في الحادية عشرة ليلا، وأتلو فيها القرآن جهرا، هل لها ميعاد غير ذلك (1)؟
ج: الصلاة في جوف الليل وآخر الليل، أفضل وإن صلتيها قبل أن تنام فلا بأس، والصلاة في جوف الليل أفضل، وفي آخر الليل أفضل وأفضل، وإن صليتها بعد صلاة العشاء قبل أن تنام، خوفا ألا تقوم فلا بأس بذلك، وآخر الليل أفضل لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل (2)» رواه
(1) السؤال الثاني عشر من الشريط رقم (264).
(2)
أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، برقم (755).
مسلم في الصحيح، ولقوله صلى الله عليه وسلم:«ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (1)» وفي لفظ آخر يقول جل وعلا: «هل من سائل فيعطى سؤله، هل من مستغفر فيغفر له، هل من تائب فيتاب عليه (2)» هل من مستغفر، هذا في الثلث الأخير، هذا أفضل الأوقات للتهجد وللعبادة، وهذا النزول يليق بالله لا يشابهه نزول المخلوقين، هذا النزول ثابت في الأحاديث الصحيحة المتواترة، وهو نزول يليق بالله، مثل الاستواء ومثل الغضب والرضا، تليق بالله، لا يشابه خلقه في استوائه على عرشه، ولا يشابه خلقه في غضبه ورضاه، ولا يشابه خلقه في محبته وكلامه، ونحو ذلك، وهكذا النزول، نزول يليق بالله، لا يعلم كيفيته إلا هو سبحانه وتعالى، لكنه لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، لقوله سبحانه:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (3)، ولقوله سبحانه:{فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} (4)،
(1) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب الدعاء في الصلاة من آخر الليل، برقم (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، برقم (758).
(2)
أخرجه أبو يعلى في مسنده من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما برقم (5936)، (10/ 342).
(3)
سورة الشورى الآية 11
(4)
سورة النحل الآية 74
ولقوله عز وجل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1){اللَّهُ الصَّمَدُ} (2){لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} (3){وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (4)، سبحانه وتعالى هذه قاعدة عند أهل السنة والجماعة، قاعدة بأن جميع أسماء الرب وصفاته، كلها تليق به، وأسماؤه كلها نعوت، كلها في الصفات: الرحمن الرحيم العليم الحكيم، السميع البصير، هي أسماء، وهي نعوت وصفات كلها تليق بالله، يجب إثباتها لله إثباتا بريئا من التمثيل، ويجب أن ينزه الله سبحانه عن مشابهة خلقه، تنزيها بريئا من التعطيل، فأهل الحق من أهل السنة والجماعة يثبتون صفات الله وأسماءه، ويقرونها كما جاءت مع الإيمان بها، واعتقاد أنها حق على الوجه اللائق به سبحانه، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا، هذه أقوال أهل الحق، من أهل السنة والجماعة، من الصحابة وأتباعهم والتابعين، وأتباع التابعين، كمالك والشافعي، وأحمد، وأبي حنيفة، والثوري، وغيرهم من أئمة الإسلام، كلهم هذه عقيدتهم تابعين في ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.
(1) سورة الإخلاص الآية 1
(2)
سورة الإخلاص الآية 2
(3)
سورة الإخلاص الآية 3
(4)
سورة الإخلاص الآية 4