الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
1- مجلس عيسى بن عمر الثقفي مع أبي عمرو بن العلاء
حدثني أبو عبد الله الحسن بن علي قال: حدثني أبو عبد الله اليزيدي عن عمه عن جده أبي محمد. وقال أبو جعفر محمد بن حبيب: ذكر أبو محمد اليزيدي قال:
جاء عيسى بن عمر إلى أبي عمرو بن العلاء ونحن عنده فقال: يا أبا عمرو، ما شيءٌ بلغني أنك تجيزه؟ قال: وما هو؟ قال: بلغني أنك تجيز: ((ليس الطيب إلا المسك)) بالرفع. قال: فقال له أبو عمرو: نمت يا أبا عمر وأدلج الناس، ليس في الأرض حجازي إلا وهو ينصب، ولا في الأرض تميمي إلا وهو يرفع.
قال اليزيدي: ثم قال أبو عمرو: تعال أنت يا يحيى، وتعال أنت يا خلف -لخلفٍ الأحمر- اذهبا إلى أبي المهدي فلقناه الرفع فإنه لا يرفع، واذهبا إلى المنتجع التميمي ولقناه النصب فإنه لا ينصب.
قال: فذهبت أنا وخلفٌ وأتينا أبا المهدي فإذا هو يصلي وكان به عارض، وإذا هو يقول في الصلاة: إخسأنان عني! قال: ثم قضى صلاته وانفتل إلينا فقال: ما خطبكما؟ قلنا: جئنا نسألك عن شيءٍ من كلام العرب. فقال: هاتيا. فقلت له: كيف تقول: ليس الطيب إلا المسك؟
فقال: أتأمراني بالكذب على كبرة سني فأين الجادي؟ قال ابن حبيب: وحكى ابن الأعرابي: فأين بنة الإبل؛ وأين كذا وأين كذا؟ قال اليزيدي: فقال له خلفٌ: ليس الشراب إلا العسل. قال: فما يصنع سودان هجر، ما لهم شرابٌ إلا هذا التمر.
قال اليزيدي: فلما رأيت ذلك منه قلت له: ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله والعمل بها. قال: فقال: هذا كلامٌ لا دخل فيه، ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله والعمل به. فنصب.
قال اليزيدي: فقلت له: ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله والعمل به. ورفعت، فقال: لا، ليس هذا من لحني ولا من لحن قومي. قال: فكتبنا ما سمعنا منه. قال: فقال: ألا أنشدكما أبياناً قلتها حين سمعت تراطن هذه الأعاجم حولي؟ قلنا: بلى. فأنشدنا:
يقولون لي شنبذ ولست مشنبذا
…
طوال الليالي أو يزول ثبير
ولا قائلا زوذا لأعجل صاحبي
…
وبستان في صدري علي كبير
ولا تاركاً لحناً لأحسن لحنكم
…
ولو دار صرف الدهر حيث يدور
قال: فكتبنا هذه الأبيات ثم أتينا المنتجع، فأتينا رجلا يعقل، فقال
له خلف: ليس الطيب إلا المسك، قال: فرفع، ولقناه وجهدنا به في ذلك، فلم ينصب وأبي إلا الرفع.
قال: فأتينا أبا عمرو فأعلمناه وعنده عيسى بن عمر لم يبرح، قال فأخرج عيسى خاتمه من يده ثم قال: لك الخاتم، بهذا والله فقت الناس!
قال محمد بن سلام الجمحي: [كان أبو مهدي] هذا، وهو من باهلة، يضرب حنكيه يمينا وشمالا ويقول: إخسأنان عني. فسألناه عن ذلك فقال: جنانٌ تذأمني. أي تركبني.