المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌16- مجلس علي بن حمزة الكسائي مع المفضل بحضرة الرشيد - مجالس العلماء للزجاجي

[الزجاجي]

فهرس الكتاب

- ‌1- مجلس عيسى بن عمر الثقفي مع أبي عمرو بن العلاء

- ‌2- مجلس أبي عمرو مع أبي خيرة

- ‌3- مجلس المنتجع بن نبهان مع أبي خيرة

- ‌4- مجلس سيبويه مع الكسائي وأصحابه بحضرة الرشيد

- ‌5- مجلس الكسائي مع أبي محمد اليزيدي

- ‌6- مجلس عبد الملك بن قريب مع كيسان

- ‌7- مجلس الأصمعي مع المفضل عند عيسى بن جعفر

- ‌8- مجلس الأصمعي مع ابن الأعرابي عند سعيد بن سلم

- ‌9- مجلس الأصمعي مع أبي عمرو الشيباني

- ‌10- مجلس الكسائي مع يونس

- ‌11- مجلس العتابي كلثوم بن عمرو مع منصور النمري

- ‌12- مجلس الأصمعي مع عباس بن الأحنف

- ‌13- مجلس حماد الراوية مع مروان بن أبي حفصة

- ‌14- مجلس محمد بن زياد الأعرابي مع الحسين بن الضحاك بحضرة الواثق بالله

- ‌15- مجلس الأصمعي مع أبي توبة ميمون بن حفص

- ‌16- مجلس علي بن حمزة الكسائي مع المفضل بحضرة الرشيد

- ‌17- مجلس الكسائي مع الأصمعي عند الرشيد

- ‌18- مجلس يعقوب بن السكيت مع أبي عبد الله محمد بن زياد الأعرابي

- ‌19- مجلس يعقوب مع أبي نصر صاحب الأصمعي

- ‌20- مجلس الأثرم علي بن المغيرة مع يعقوب

- ‌21- مجلس أبي حاتم مع التوزي عند الأخفش

- ‌22- مجلس أبي عبيدة مع أبي عثمان المازني

- ‌23- مجلس محمد بن سليمان الهاشمي مع الأخفش

- ‌24- مجلس أبي عثمان المازني مع الأخفش سعيد بن مسعدة

- ‌25- مجلس ثعلب مع الرياشي

- ‌26- ومجلس ثعلب مع الرياشي

- ‌27- مجلس أحمد بن عبيد مع جماعة من أهل العلم

- ‌28- مجلس أبي حاتم سهل بن محمد مع يعقوب الحضرمي

- ‌29- مجلس أبي عمرو مع مقاتل بن سليمان

- ‌30- مجلس أبي الحسن سعيد بن مسعدة مع الرياشي عباس بن الفرج

- ‌31- مجلس الأصمعي مع الكسائي

- ‌32- مجلس الرياشي مع المازني

- ‌33- مجلس أبي مسحل عبد الوهاب بن حريش مع الأصمعي

- ‌34- مجلس أبي عثمان المازني [بكر بن] محمد بن حبيب مع أبي سوارٍ الغنوي

- ‌35- مجلس مروان مع الأخفش

- ‌36- مجلس أبي عمرو بن العلاء مع عمرو بن عبيد

- ‌37- مجلس أبي الحسن الأخفش مع أبي عثمان المازني

- ‌38- مجلس الفرزدق مع ابن أبي إسحاق الحضرمي

- ‌39- مجلس مروان مع سعيد بن مسعدة الأخفش

- ‌40- مجلس أبي عثمان المازني مع الأخفش سعيد بن مسعدة

- ‌41- مجلس أبي عثمان مع الأخفش أيضا

- ‌42- مجلس أبي العباس ثعلب مع محمد بن سلام

- ‌43- مجلس ثعلب مع محمد بن حبيب

- ‌44- مجلس ثعلب مع محمد بن سعدان

- ‌45- مجلس أبي العباس أحمد بن يحيى مع ابن الأعرابي محمد بن زياد

- ‌46- مجلس أبي العباس ثعلب مع محمد بن عبد الله بن طاهر

- ‌47 مجلس أبي العباس ثعلب مع أبي الأعرابي

- ‌48- مجلس أبي العباس ثعلب مع المازني

- ‌49- مجلس أبي العباس ثعلب مع أبي العباس المبرد

- ‌50- مجلس آخر لأبي العباس ثعلب مع أبي العباس المبرد

- ‌51- مجلس سلمة بن عياش مع أبي عمرو بن العلاء

- ‌52- مجلس محمد بن يزيد مع أبي عثمان المازني

- ‌53- مجلس أبي العباس ثعلب مع أبي العباس المبرد

- ‌54- مجلس أبي العباس ثعلب مع أبي إسحاق الزجاج

- ‌55- مجلس أبي العباس ثعلب مع محمد بن يزيد المبرد

- ‌56- مجلس آخر لأحمد بن يحيى مع محمد بن يزيد

- ‌57- مجلس أبي بكر محمد بن أحمد مع أبي إسحاق الزجاج

- ‌58- مجلس أبي جعفر أحمد بن محمد بن رستم الطبري مع أبي عثمان

- ‌59- مجلس أبي عثمان المازني مع جماعة من النحويين

- ‌60- مجلس محمد بن أحمد بن كيسان مع أبي العباس محمد بن يزيد المبرد

- ‌61- مجلس أبي العباس أحمد بن يحيى مع محمد بن قادم

- ‌62- مجلس الأصمعي وأبي عبيدة مع المازني

- ‌63- مجلس أبي زيد سعيد بن أوس مع عبد الملك بن قريب

- ‌64- مجلس أبي عثمان المازني مع أبي يعلى بن أبي زرعة

- ‌65- مجلس أبي عمر مع الأصمعي

- ‌66- مجلس أبي العباس مع أبي عثمان المازني

- ‌67- مجلس عيسى بن عمر مع الكسائي

- ‌68- مجلس أبي حاتم سهل بن محمد مع رجل من أهل إصبهان

- ‌69- مجلس سيبويه مع حماد بن سلمة

- ‌70- مجلس الأخفش مع يعقوب الحضرمي

- ‌71- مجلس عيسى بن عمر مع أبي عمرو بن العلاء

- ‌72- مجلس الطرماح مع رجل من بني عبس

- ‌73- مجلس عمرو بن بحر الجاحظ مع بشر المريسي

- ‌74- مجلس ذي الرمة مع رؤبة بن العجاج بحضرة بلال

- ‌75- مجلس أبي عمرو بن العلاء مع أبي الخطاب الأخفش

- ‌76- مجلس محمد بن يزيد مع أبي إسحاق

- ‌77- مجلس أبي محمد اليزيدي مع أبي عبيد الله

- ‌78- مجلس أبي محمد مع أبي عبيد الله والكسائي

- ‌79- مجلس أبي محمد مع الأحمر

- ‌80- مجلس أبي محمد مع الكسائي

- ‌81- مجلس سيبويه مع محمد بن عبد الله الأنصاري

- ‌82-مجلس أبي عمرو بن العلاء مع رجل من أهل العلم

- ‌83- مجلس الأعمش مع أبي عمرو بن العلاء

- ‌84- مجلس الأصمعي مع الفراء

- ‌85- مجلس عبد الله بن إدريس الأودي مع يحيى بن آدم

- ‌86- مجلس أبي عاصم مع عبد الله بن المثنى وأبي عمر الضرير

- ‌87- مجلس نصيب مع الكميت

- ‌88- مجلس الكسائي مع أبي الحسن المروزي

- ‌89- مجلس أبي توبة بن دراج مع الفراء

- ‌90- مجلس الأصمعي مع شعبة بن الحجاج

- ‌91- مجلس أبي عمرو بن العلاء مع رجل من أهل المدينة

- ‌92- مجلس أبي مسلم صاحب الدولة مع معاذ بن مسلم

- ‌93- مجلس أبي عبيدة الأحمر عند الفضل بن الربيع

- ‌94- مجلس أبي حاتم مع عمارة بن عقيل

- ‌95- مجلس أبي حاتم مع الأصمعي

- ‌96- مجلس النضر بن شميل مع المأمون

- ‌97- مجلس الأصمعي مع أبي عمرو الشيباني

- ‌98- مجلس بشار بن برد مع خلاد بن المبارك

- ‌99- مجلس الشعبي مع عبد الملك بن مروان

- ‌100- مجلس الفضل بن يحيى بن خالد مع أبي يوسف والواقدي

- ‌101- مجلس الفراء مع الكسائي

- ‌102- مجلس عبد الله بن محمد [ابن] البواب مع الأسود

- ‌103- مجلس الكميت مع حماد والطرماح وغيرهما

- ‌104- مجلس أبي الحسن بن كيسان مع أبي العباس المبرد

- ‌105- مجلس أبي يوسف يعقوب بن الدقاق مع أبي عبد الله محمد بن زياد الأعرابي

- ‌106- مجلس أبي حاتم مع رجل من أهل العلم بحضرة الأصمعي

- ‌107- مجلس يحيى بن الحارث الذماري مع يزيد بن أبي مالك

- ‌108- مجلس أبي عمرو بن العلاء مع رجل من مضر

- ‌109- مجلس سليمان بن علي مع أبي عمرو بن العلاء

- ‌110- مجلس أبي عمرو بن العلاء مع أبي حنيفة

- ‌111- مجلس أبي عمرو مع الأعمش

- ‌112- مجلس الأعرابي والأعجمي بحضرة أبي عبد الله

- ‌113- مجلس بلال بن أبي بردة مع عبد الله بن أبي إسحاق بحضرة أبو عمرو

- ‌114- مجلس مروان بن سعيد مع الكسائي بحضرة يونس

- ‌115- مجلس أبي حاتم مع رجل معتوه

- ‌116- مجلس يونس مع عبد الله بن أبي إسحاق

- ‌117- مجلس الخليل بن أحمد مع الليث بن المظفر

- ‌118- مجلس الخليل بن أحمد مع عبد الملك بن قريب الأصمعي

- ‌119- مجلس الكسائي مع يونس وابن أبي عيينة

- ‌120- مجلس الكسائي مع أبي محمد اليزيدي بحضرة الرشيد

- ‌121- مجلس الكسائي مع أبي يوسف

- ‌122- مجلس العباس بن محمد والخليل بن أحمد

- ‌123- مجلس أبي عمرو مع الأعرابي

- ‌124- مجلس الكسائي مع عيسى بن عمر الثقفي

- ‌125- مجلس الكسائي مع أبي الدينار الأعرابي

- ‌126- مجلس الكسائي مع حمزة الزيات

- ‌127- مجلس الكسائي مع يحيى بن زياد الفراء

- ‌128- مجلس أبي عمرو بن العلاء مع هارون

- ‌129- مجلس الوليد بن عبد الملك وسليمان أخيه

- ‌130- مجلس أبي عبد الله محمد بن زياد الأعرابي مع الأصمعي

- ‌131- مجلس أبي العباس أحمد بن يحيى مع محمد بن أحمد بن كيسان

- ‌132- مجلس محمد بن زياد الأعرابي مع أحمد بن حاتم

- ‌133- مجلس الكسائي مع أبي محمد اليزيدي

- ‌134- مجلس الأصمعي مع أبي عثمان المازني

- ‌135- مجلس أبي إسحاق الزجاج مع جماعة

- ‌136- مجلس أبي محمد اليزيدي مع يس الزيات

- ‌137- مجلس أبي عثمان المازني مع يعقوب بن السكيت

- ‌138- مجلس الخليل بن أحمد مع سيبويه

- ‌139- مجلس يونس بن حبيب مع شبيل بن عزرة الضبعى

- ‌140- مجلس أبي عثمان المازني مع أبي عمر الجرمي

- ‌141- مجلس أبي إسحاق إبراهيم بن السري مع رجل غريب

- ‌142- مجلس أبي عثمان المازني مع أبي الحسن سعيد بن مسعدة

- ‌143- مجلس أبي العباس ثعلب مع جماعة

- ‌144- مجلس أبي العباس أحمد بن يحيى مع أبي الحسن محمد بن كيسان

- ‌145- مجلس الأخفش سعيد مع المازني

- ‌146- مجلس مروان مع أبي الحسن سعيد بن مسعدة

- ‌147- مجلس أبي العباس ثعلب مع جماعة في مجلسه

- ‌148- مجلس أبي العباس مع رجل من النحويين

- ‌149- مجلس أبي عمرو بن العلاء مع أبي عبيدة

- ‌150- مجلس أبي عمرو مع الأصمعي

- ‌151- مجلس الأصمعي مع الكسائي

- ‌152- مجلس أبي يوسف صاحب أبي حنيفة مع علي بن حمزة بحضرة الرشيد

- ‌153- مجلس الأصمعي مع أبي العميثل

- ‌154- مجلس أبي عطاء مع أبي صفوان

- ‌155

- ‌156- مجلس أبي العباس ثعلب وأبي العباس المبرد

الفصل: ‌16- مجلس علي بن حمزة الكسائي مع المفضل بحضرة الرشيد

‌16- مجلس علي بن حمزة الكسائي مع المفضل بحضرة الرشيد

قال أبو العباس أحمد بن يحيى: روي عن أبي عمرو الشيباني أنه قال: أخبرنا المفضل قال: جاءني رسول الرشيد يوم خميس بكرا فقال لي: أجب. فدخلت عليه ومحمدٌ عن يمينه، والمأمون عن يساره، والكسائي بين يديه باركا، وهو يطارح محمدا والمأمون معاني القرآن، فسلمت فردّ وقال: اجلس. فجلست فقال لي: كم اسمٍ في سيكفيكهم الله؟ قلت: ثلاثة أسماء يا أمير المؤمنين، أولا اسم الله تبارك وتعالى لا إله إلا هو، والثاني اسم النبي صلى الله عليه وسلم، والثالث اسم الكفرة، فالياء والكاف المتصلتان بالسين لله جل عز، والياء والكاف المتصلتان بالهاء للنبي لله، والهاء والميم للكفرة. فقال: كذا أخبرنا الشيخ. وأشار بيده إلى الكسائي، والتفت إلى محمد، فقال له: أفهمت؟ فقال: قد فهمت يا أمير المؤمنين. قال: فاردد ذلك علي، فرده فقال: أحسنت! ثم روى ببصره إلي فقال: من يقول:

نفلق هاما لم تنله سيوفنا

بأسيافنا هام الملوك القماقم

فقلت: الفرزدق يا أمير المؤمنين. قال: فما أراد بذلك؟ ثم قال: لا، ولكن نفلق هاما لم تنله سيوفنا فيما زعم. قلت: هذا لفظ مدغم يستتر فيه صواب معناه على التقديم والتأخير، وذلك أنه قال: نفلق بأسيافنا هام

ص: 30

الملوك القماقم، ثم رجع فقال: ها من لم تنله سيوفنا، على التنبيه والتعجب. قال: صدقت، عندك مسألة. قلت: نعم يا أمير المؤمنين. [قال] : قال الفرزدق:

أخذنا بآفاق السماء عليكم

لنا قمراها والنجوم الطوالع

قال: قد أفدنا هذا متقدماًَ من هذا الشيخ علي بن حمزة. القمران: الشمس والقمر، كما قالوا في العمرين، يريدون أبا بكر وعمر. قلت: أزيد يا أمير المؤمنين في السؤال؟ قال: زد. قلت: فلم استحقوا هذا بعد؟ ولم قالوا ذلك؟ قال: لأن من شأن العرب إذا اجتمع شيئان من جنسٍ واحد فكان أحدهما أشهر سمي الآخر باسمه. ولما كان القمر أشهر عند العرب وأكثر في أوقات المشاهد، وتدركه ليلا ونهارا، سموا الشمس باسمه. وهي القصة في تسميتها أبا بكر عمر؛ إذ كانت خلافة عمر أكثر وأشهر في الإسلام للفتوح وطول المدة. قلت: بقي مع هذا زيادةٌ يا أمير المؤمنين. قال: لا أعرفها. ثم التفت إلى الكسائي فقال: أتعرف في هذا أكثر من الذي سمعت؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، هذا الذي [هو] معروف المعنى عند العرب. قال المفضل: فأمسك عني قليلا كالمستعمل فيه الفكرة ثم نظر إلي وقال: أعندك فيه زيادة؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، وهي فضيلة المعنى والغاية التي جرى إليها، ولولا ذلك ما كان بأولى بالشمس والقمر والنجوم من غيره، ولا يفتخر فيه بما حظ غيره كحظه، الشمس هاهنا إبراهيم الخليل عليه السلام، والقمر النبي صلى الله عليه وسلم، والنجوم أنت

ص: 31

يا أمير المؤمنين، وآباؤك من الخلفاء المهديين. فتهلل سرورا ثم قال: أغربت على الرجل محسنا. ثم رفع رأسه فقال: يا فضل. قال: لبيك يا أميري المؤمنين. قال: تحمل إلى منزله الساعة عشرة آلاف درهم، وائذن لمن حضر الباب من الشعراء. ثم وضع لي كرسي وللكسائي كرسي، وأشار إلينا، فجلس كل واحدٍ منا على كرسيه. فدخل الفضل وخلفه العماني ومنصور النمري، فسلما فرد، ثم قال للفضل: أدن الشيخ مني. فأخذ بيد العماني فقدمه إلى الموضع الذي كنت فيه جالسا، ثم قال له: تكلم بشرف أمير المؤمنين.

فأنشده:

قل للإمام المقتدى بأمه

ما قاسمٌ دون مدى ابن أمه

فقد رضيناه فقم فسمه

فضحك الرشيد وقال: وما ترضى أن أسميه ولي عهد وأنا جالسٌ حتى تنهضني قائما؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنه قيام عزم، ولو قام بذلك أمير المؤمنين متخطيا قام بشرفٍ يكون من شرفٍ يسود به هذان –وأشار إلى محمد وعبد الله- بمكان الأنف من الحاجبين. قال: صدقت، أفعل ما ذكرت، يا غلام القاسم. وهدر العماني حتى أتى على آخر الأرجوزة. ودخل القاسم فسلم، فأشار إليه فجلس إلى جانب عبد الله ثم التفت إليه فقال: جائزة هذا الشيخ اليوم عليك. قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فأنجزها له إذن فقد وعى إلي العهد. قال: حكم أمير المؤمنين. قال: بل حكمك، وما أنا والدخول في هذا؟ وأشار إلى النمري،

ص: 32

فدنا فأسمعه حتى إذا بلغ:

ما كدت أوفي شبابي كنه غرته

حتى انقضى فإذا الدنيا له تبع

قال: صدقت والله وأصبت، ولا خير في دنيا لا يخطر فيها برداء الشباب. ثم أمسك حتى أتى على باقي الشعر. واستؤذن لسعيد بن سلم فقال: يدخل. فسلم فرد عليه، وأشار إليه بالجلوس فقال: يا أمير المؤمنين، غلامٌ أعرابي من باهلة وفد على أمير المؤمنين سيدي ما سمعت بمديحٍ لشاعرٍ مثله. فقال: إنك قد استنبحت هذين الشيخين فهيء لهما أحجارك. فقال: هما يهباني لك يا أمير المؤمنين. والتفت إلى الفضل فقال: يدخل الشاعر. فدخل أعرابي في جبة خز ورداءٍ يمانٍ [قد شده في وسطه] ، ثم رد طرفه إلى منكبيه وعليه عمامة خز سوداء، فلما نظر إليه الرشيد تبسم، ثم أدني فسلم فرد عليه، فقال له سعيد: تكلم بشرف أمير المؤمنين. فأسمعه شعراً حسناً، [و] استوى الرشيد جالسا ثم قال له: أسمعك مستحسنا وأنكرك متهما، فإن كنت صاحب هذا الشعر فقل في هذين بيتين، وأشار إلى عبد الله ومحمد وهما حفافاه. فقال: يا أمير المؤمنين، حملتني على غير الجدد، روعة الخلافة وبهر البديهة، ونفور القول في الروية إلا بفكرٍ يتألف لي نفرانها، فليمهلني أمير المؤمنين قليلا. فقال: أمهلك وأجعل لك حسن اعتذارك بدلا في امتحانك. قال: يا أمير المؤمنين، نفست الخناق، وسهلت ميدان السباق. ثم قال:

بنيت بعبد الله بعد محمد

ذرى قبة الإسلام فاخضر عودها

هما طنباها بارك الله فيهما

وأنت أمير المؤمنين عمودها

ص: 33

فقال: أحسنت بارك الله فيك، فلا تكن مسألتك دون إحسانك. فقال: الهنيدة يا أمير المؤمنين. فأمر له بها، وخلع عليه ثلاث خلع.

ص: 34