الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
126- مجلس الكسائي مع حمزة الزيات
حدثني أحمد بن جعفر قال: حدثني محمد بن فرج الغساني قال:
سمعت أبا عمر يقول: سمعت الكسائي يقول: حداني على النظر في النحو أني كنت أقرأ على حمزة الزيات، فتمر بي الحجة ولا أتجه لها، ولا أدري ما الجواب فيها، فأرجع إلى المختصر الذي عمله أهل الكوفة، وكان يسمى هذا المختصر ((الفصل)) فلا أتبين فيه حجة. وكانت قبائل العرب متصلة بالكوفة، فخرجت وأهلي لا يعلمون بخروجي، وذاك أني خفت أن أستأمر أبي فلا يأذن لي في الخروج، لما كان يغلظ علي في لزوم الدكان، فلما صرت إلى ظاهر الكوفة ولقيت القبائل جعلت أسألهم فيخبروني مشافهة وينشدوني الأشعار، فأنظر إلى ما في يدي وإلى ما أسمعه منهم فأجد الحجة تلزم ما عندي، فما زلت أكتب عنهم حتى نفدت نفقتي وشحب وجهي وجلدي، فصرت كأني رجلٌ منهم، فاشتريت شملتين، فاتزرت بواحدة وارتديت بأخرى، ولبثت كذلك ما شاء الله ثم رجعت إلى الكوفة، فلما دخلتها لم تطب نفسي أن آتي منزلنا حتى أمر بمسجد حمزة الزيات، فمررت بهم وهم يقرءون القرآن، فلما دخلت المسجد
لم يعرفني أحدٌ منهم البتة، لسوادي وخلوقة ثيابي، فسلمت وجلست في ناحيةٍ من المسجد، فسمعت بعضهم يقول [لبعض: هذا حائك. فقال بعضهم] : إن كان حائكاً فسوف يقرأ سورة يوسف. فما زلت ساكتا لا أكلمهم ولا أنضم إليهم، ثم قمت فأتيت القارئ الذي يعرض على حمزة فجلست عنده قريبا منه، فلما فرغ من قراءته جلست باركا بين يدي حمزة، ثم ابتدأت فقرأت سورة يوسف، فلما بلغت الذيب قال لي حمزة:((الذئب)) بالهمز، فقلت له: إنه يهمز ولا يهمز أيضا. فلم يقل لي شيئا، فلما فرغت من السورة قال لي حمزة: بارك الله عليك، إني أشتبه قراءتك بقراءة فتى كان يأتينا يقال له علي بن حمزة. قال: فقمت عند ذلك وسلمت عليه وصافحته، فقال لي: يا علي، إنه تغيرت حليتك في عيني حتى لم أثبتك، فما كان حالك ويحك؟ إن أهلك لما فقدوك أقاموا عليك النوائح، أين كنت؟
قلت: خرجت إلى البادية في أشياء استفدتها من العرب.
قال: ثم قمت من عنده إلى منزلنا.