الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
102- مجلس عبد الله بن محمد [ابن] البواب مع الأسود
حدث أبو هفان قال: قال عبد الله بن محمد، ابن البواب:
كنت خليفة الفضل بن الربيع في حجبة الهادي، فأنا في داره ذات يومٍ إذ سمعته يقول لبعض خدمه: ينبغي أن تحفظ عني ما تؤديه إلى غيري، وتحفظ عن غيري ما تؤديه إلي، فرب رسولٍ لملكٍ قد غمه وشانه، وأوصل إليه الهموم بتحريف الرسالة وما لم يكن يحتسبه.
قال عبد الله بن محمد: فوالله ما أمسى الهادي من ذلك اليوم حتى وقع له ذلك بعينه، عزم في ذلك اليوم على الصبوح، فدخل على أمه الخيزران، فسألته أن يولي خاله الغطريف اليمن، فقال: أذكريني به قبل أن أشرب. فلما عزم على الشرب وجهت إليه منيرة تذكره، فقال لها: ارجعي فقولي لها: اختاري [له] : طلاق بنته عبيدة، أم ولاية اليمن. فلم تفهم إلا قوله:((اختاري له)) . فمرت وعادت فقالت: قد اخترت اليمن. فطلق عبيدة بنته، فسمع الصياح، فقال: ما لكم؟ فأعلمته أمه الخيزران الخبر. قال: أنت اخترت له. فقال: ما هكذا أدت إلى الرسالة! فقال:
وإنا إليه راجعون، إني والله تقدمت اليوم في هذا الأمر خائفا منه أن يقع على مثل ما وقع، يأبى قضاء الله إلا أن يمضي ما قدره. ثم أمر صالحا صاحب المصلي أن يقف بالسيف على رءوس الندماء فيطلقوا نساءهم. فخرج إلى الخدم بذلك كي لا آذن لأحد، وعلى الباب رجلٌ واقف متلفعٌ بطيلسانه، يراوح بين رجليه على معرفة دابته، فعن لي بيت فأنشدته:
خليلي من سعدٍ ألما فسلما
…
على مريم لا يبعد الله مريما
وقولا لها: هذا الفراق عزمته
…
فهل موعدٌ قبل الفراق فيعلما
فقال الرجل المتلفع بطيلسانه: ((فنعلما)) أبقاك الله، فقلت له: ما الفرق بين فيعلما وفنعلما؟ فقال: إن الشعر يصلحه معناه، ويفسده معناه، ما حاجتنا إلى أن يعلم الناس أسرارنا؟ فقلت: أنا أعلم بالشعر منك. قال: فلمن الشعر؟ قلت للأسود بن عمارة النوفلي. قال: فأنا هو فدنوت منه وأخبرته خبر الهادي، واعتذرت من مراجعتي إياه. فضرب دابته وقال: هذا أحق منزلٍ بترك!