الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
40- مجلس أبي عثمان المازني مع الأخفش سعيد بن مسعدة
قال أبو يعلى: حدثني أبو عثمان قال: قال لي الأخفش في الجزاء: انجزم الفعل الأول بحرف الجزاء ما كان، وانجزم الآخر بالفعل الأول، كما تقول: زيد منطلق، فرفع زيدا الابتداء ورفع منطلقٌ زيدٌ. فقلت: لا أقول ذا، ولكني أقول: إنما انجزم الفعلان في الجزاء لامتناع وقوع الأسماء فيه، لأن الفعل لا حظ له في الإعراب، وإنما حظه السكون، فأعرب الفعل لما حل محل الاسم، فإذا امتنع الاسم من ذلك المحل رجع الفعل إلى أصله.
قال: والأخفش يذهب إلى أنه لما كان القول الأول يحتاج إلى ثواب صار كخبر الابتداء؛ لأنه لا يبين أحدهما عن صاحبه.
قال أبو عثمان: والنحويون يقولون: إنما يعمل في الجزاء ما عمل الجزاء فيه، نحو أيا تضرب أضرب.
فقلت: لم لا يكون الجواب هو العامل في أيا؟ فقال: لا يكون لمجيء الفعل الأول معنى؛ لأنه إنما يقع الأول بسبب الآخر. قلت له: فقول النحويين لا يعمل الجزاء إلا فيما عمل هو فيه لم ذاك؟ قال: لأنه يكون خبرا له، إذا قلنا أي تضرب أضرب، فيعمل فيه كما يعمل زيد في منطلق. قلت: فمنطلق لم يعمل في زيد، ويضرب يعمل في أي؟ فقال: إنما عمل لأن له معنى إذا عمل. ولو عمل منطلق في زيد لم يكن له معنى.
قال أبو عثمان: أتذكر إذ تقول، إذ لما مضى كيف أضافها إلى مستقبل؟ فقال: لأنه حكى ما مضى. قال: فلما جعلوا للماضي ما يدل عليه جعلوا إذا للمستقبل. وقال الأخفش: يجوز في قولك إذا قلت: بينما
يمشي فإذا زيد منطلق، أن يكون مفاجأة ويجوز أن يكون وقتا، كأنه قال: فوقت انطلاق زيد موجود.
قال أبو عثمان: فليس هاهنا شيءٌ إلا أن يقال له: رأيت إذا تصرف هذا التصرف اسما؟ أي إنه لا يتصرف هذا التصرف أي لا يضمر لما يجيء، لأن قولك فإذا زيد منطلق، إذا مضافة إلى زيد منطلق، وليس قبلها شيء يعمل فيها، فتكون ظرفا له، فليس لها وجه إلا أن تكون مبتدأة ويضمر لها حرف على قول الأخفش.
قال أبو عثمان: تكون ها هنا حرف المفاجأة ولا تكون وقتا.
وقال أبو عثمان: اسم والدليل على ذلك أنها تبنى على الابتداء في قولك: القتال إذا يأتيك زيد، وكان القتال إذ أتاك أخوك. ولا يقولون يعجبني أذ كان ذاك، ولا يعجبني أذا يكون ذاك، لأنهما لم يتصرفا في الأسماء أن يكونا فاعلين ولا مبتدأين.