الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12- مجلس الأصمعي مع عباس بن الأحنف
قال الأصمعي: بعث إلي محمد بن هارون، فدخلت عليه وفي يده كتابٌ يديم النظر فيه ويتعجب منه، فقال لي: يا عبد الملك، أما تعجب من هذا الشاب وما يجيء به؟ فقلت: من هو؟ فقال: عباس بن الأحنف. ثم رمى إلي الكتاب فإذا فيه شعرٌ قاله عباس، وهو:
إذا ما شئت أن تصنع
…
شيئاً يعجب الناسا
فصور هاهنا فوزا
…
وصور ثم عباسا
ودع بينهما شبرا
…
وإن زدت فلا باسا
فإن لم يدنوا حتى
…
ترى راسيهما راسا
فكذبها بما قاست
…
وكذبه بما قاسى
قال الأصمعي: وكان بيني وبين عباس شيء فقلت: مسترقٌ يا أمير المؤمنين. قال: ممن؟ قلت: من العرب والعجم. قال لي: ما كان من العرب؟ قلت: رجلٌ يقال له ((عمر)) ، هوي جارية يقال لها ((قمر)) ، فقال:
إذا ما شئت أن تصنع
…
شيئاً يعجب البشرا
فصور هاهنا عمراً
…
وصور هاهنا قمرا
فإن لم يدنوا حتى
…
ترى بشريهما بشرا
فكذبها بما ذكرت
…
وكذبه بما ذكرا
قال: فما كان من العجم؟ قلت: رجل يقال له ((فلقا)) ، هوي جارية يقال لها ((روق)) فقال:
إذا ما شئت أن تصنع
…
شيئاً يعجب الخلقا
فصور هاهنا روقا
…
وصور هاهنا فلقا
فإن لم يدنوا حتى
…
ترى خلقيهما خلقا
فكذبها بما لاقت
…
وكذبه بما يلقى
فبينا نحن كذلك إذ جاء الحاجب فقال: عباسٌ بالباب. فقال: ائذن له. فدخل فقال: يا عباس، تسرق معاني الشعر وتدعيه! فقال: ما سبقني أحد. فقال محمد: هذا الأصمعي يحكيه عن العرب والعجم. ثم قال: يا غلام ادفع الجائزة إلى الأصمعي. فلما خرجنا قال لي العباس: كذبتني وأبطلت جائزتي! فقلت: أتذكر يوم كذا. ثم أنشأت أقول:
إذا وترت امرأ فاحذر عداوته
…
من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا