الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
60- مجلس محمد بن أحمد بن كيسان مع أبي العباس محمد بن يزيد المبرد
قال أبو الحسن محمد بن أحمد: سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى يقول في أنتما وأنتم: زيدت الميم في تثنية الاسم وجمعه لقلته، وذلك أن قولك: قمت وقمت على حرف واحد. فقيل له: فكيف اختير لذلك الميم؟ فقال: لأن هذا اسمٌ والميم من زوائد الأسماء.
وقال بعض أصحابه يقوي قوله: قالوا ابنمٌ يريدون الابن، ويزيدون عليه الميم، تكثيراً. ومثله ما زيدت عليه الميم: فسحم، وستهم، وزرقم.
فسألت أبا العباس محمد بن يزيد فقال: زعم أصحابنا أن الإضمار الذي في الفعل إذا ثنى وجمع في النية كان ذلك بحرف واحد، نحو ضربا وضربوا، فأرادوا أن يفرقوا بين تثنيته وتثنية ما كان مضمرا بحرف وأكثر من حرف، لأنه قد ضارع المظهر، كظهور حرف يستدل به على المضمر، وتثنية المظهر بحرفين، فجعلوا تثنيته تضارع تثنية المضمر الذي لا يبين له حرف، ويضارع تثنية المظهر الذي يثنى ويجمع بحرفين، فقالوا: قمتما، وهما، وأنتما، وضربتكما، وأياكما، وغلامكما وغلامهما، فكانت الألف كزيادة الألف في قولك الرجلان. والميم كالنون، إلا أنها جعلت قبل الألف ليوافق لفظ ضربا، ويكون بزيادتها مع الميم كزيادة الألف في الأسماء بعدها النون، وكان في ذلك تحصينٌ لها من السقوط؛ لأن النون في الأسماء الظاهرة تسقطها الإضافة، والمضمر لا يضاف.
قال أبو الحسن: فقلت: المضمر الذي فيه ظهور حرف واحد أو أكثر، المؤنث والمذكر ينفصل أحدهما من الآخر بدليل في ذلك الحرف، والتثنية تبطل ذلك الدليل، فأرادوا أن ينتقل الواحد عن الفصلين جميعا، أعني الفتح والكسر، والواو والياء والألف، لأنها لا تلي إلا فتحة، فجعلوا الميم معها زائدة لتقع عليها فتحة الألف، ولينتقل العلمان اللذان كانا في الواحد في التثنية [إلى] حركةٍ تجمعهما لم تكن في الواحد، فقلت: قمتما فأسقطت الكسرة والفتحة وجمعتهما بالضمة، وكذلك أسقطت الواو من هو والياء من هي، وأسقطت الألف من قولك: رأيتها، والضمة أو الواو من قولك: رأيتهو، والياء من مررت بهي.
وقال غيره: إنما فتحوا التاء في أنت للمذكر وفي المؤنث أنت بالكسرة ليفرقوا بين المخاطبين، فإذا ثنوهما قالوا أنتما، فضموا التاء لأنها حركة لم تكن للمذكر والمؤنث، فعلم أنها لبناء التثنية، وزادوا ميما ليقع عليها الفتح وتسلم الحركة.
وقال قوم: إنما ضموا التاء في التثنية لأن حركتها في الواحد تنفتح مرة وتكسر أخرى. فجاءوا بحركة لا تزول. وكذا أنا، الاسم همزة ونون، والألف للوقف. الدليل على ذلك قول حاتم:((هكذا فزدى أنه)) فوقف بالهاء. وكذلك نحن، مبني على الضم وأصله فعل: نحن بضم الحاء وسكون النون بعدها، فلما سكنوا الحاء ألقوا حركتها على النون.
فإن قال قائل: هذه الميم يدل من نون التثنية، لأن الميم أخت النون في المخرج، وقدموها قبل الألف لئلا يلتبس الكلام، قال قولا قويا.
وقال الفراء: إذا قلت هو فالهاء هي الاسم والواو صلة. وكذلك قالوا في المؤنث: هي، الهاء هي الاسم والياء صلة، والصلة تسقط إذا
ثنيت. فلما ثنى الاسمان ألحقوا ميما ثم جاءوا بالألف للتثنية، ووقوا بالميم فتحة الألف، لئلا يلتبس الجمع بالتأنيث وبالأدوات.
فإذا قلت هما أدخلت الميم ورجعت الهاء إلى ضمتها. فإن قلت: قد كانت مكسورة في المؤنث، فإنما كسروا لأن الياء لا تنحوها إلا الكسرة. وفرقوا بين المؤنث والمذكر، كما قالوا أنت للمذكر وأنت للمؤنث، فلما ثنوا أدخلوا الميم وردوا الضمة فقالوا: أنتما. وإنما اتفق المؤنث والمذكر في أنت لأن الفرق كانت حركة لم تكن بحرف.
فإن قلت: هو وهي حرف، فهما صلة وليست بأصل، فسقطا.