الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
14- مجلس محمد بن زياد الأعرابي مع الحسين بن الضحاك بحضرة الواثق بالله
قال إسحاق بن زياد أبو العباس أخو ابن الأعرابي: قال أبو عبد الله ابن الأعرابي:
دخلت على الواثق بالله، فقرأ علي الفتح بن خاقان شعر طرفة فقال:
تذكرون إذ نقاتلكم
…
إذ لا يضر معدما عدمه
قال: فقلت له: زد فيها ألفا: ((أتذكرون)) . قال: فقال لي الحسين بن الضحاك وهو نديم أمير المؤمنين، وكان معه محمد بن عمر الرومي: قد خزم مرة بقوله ((إذ لا)) ويخزم بألف أخرى في أوله؟ قال فقلت له: العرب تخزم أول الشعر، إذا احتاجت أن تصله بما قبله خزمته بالحرف والحرفين، وقد خزمه طرفة في أوله وأوسطه، الألف الأولى والثانية.
قال: وأنشدته قول امرئ القيس:
فلعمرك ما سعدٌ بخلةٍ آثم
…
ولا نأنإٍ يوم الحفاظ ولا حصر
فخزم بالفاء: وأنشدته قول قد بن مالك الوالبي:
تعالوا نجمع الأموال حتى
…
نجحدل من قبيلتنا المئينا
وإلا فتعالوا نجتلد بمهنداتٍ
…
نشق بها الحواجب والشئونا
فخزم بقوله: ((وإلا)) ولم يقل: تعالوا نجتلد، وخزم بالفاء التي في ((تعالوا)) ، فخزم مرتين.
وأنشدته لبعض بني تميم:
[إذا أنت لم تستقبل الأمر لم تجد
…
لك الدهر في أدباره متعلقا
وإذا أنت لم تترك أخاك وزلة
…
إذا زلها أوشكتما أن تفرقا
فخزم بالواو.
قال: وقرأ قصيدة عنترة:
نهدٍ تعاوره الكماة مكلم
…
وكان رواه أبو مسلم المغرب فقال أبو عبد الله ((نقذٍ تعاوره الكماة)) . قال المغرب: ما سمعت بهذا إلا هكذا. قال أبو عبد الله: يروى هذا وهذا جميعا، و ((نقذ)) أجود القولين وأشعر. وإنما جاءوا بمثلي ليختار لهم خير الكلام.
قال: وأنشدته قول عمرو بن كلثوم:
وتحملنا غداة الروع جردٌ
…
عرفن لنا نقائذ وافتلينا
يقول: استتنقذناهن من أعدائنا فصارت لنا، فهي نقائذ، وذلك أعز لهم: أن يكونوا غالبين أبدا، إنما هم على خيولٍ غنموها من آخرين ونتجت عندهم.
قال: ثم قرأ قصيدة عمرو بن كلثوم: ((ألا هبي)) . قال: وكان قد علمه:
فصالوا صولة فيما يليهم
…
وصلنا صولة فيما يلينا
قال: فرددت ((صولة)) وقلت: ((فصالوا صولهم)) ، ألا ترى قوله:((وصلنا صولنا)) . قال: فأعجب ذلك أمير المؤمنين، وقالوا جميعا: هو أعلم بذلك منا يا أمير المؤمنين. فجزاه أمير المؤمنين خيرا وأمر له بعشرة آلاف درهم.