الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
54- مجلس أبي العباس ثعلب مع أبي إسحاق الزجاج
قال أبو عمر: كان أبو العباس أحمد بن يحيى عندي في منزلي بمدينة أبي جعفر المنصور، فدخل علينا إبراهيم بن السري الزجاج، فسأل أبا العباس عن الخراتين ما هما؟ وذكر أن رسول أمير المؤمنين المعتضد خرج إليه فسأله عن ذلك، فقال له أبو العباس: يقول ابن الأعرابي: هما كوكبان من كواكب الأسد. ويقول أبو نصر صاحب الأصمعي؛ هما كوكبان في زبرة الأسد. (والزبرة: الوسط) . والذي عندي أنهما كوكبان بعد الجبهة والقلب. فأنكر ذلك وقال: أنا أقول: إنهما كوكبان في منخري الأسد، وهما من خرت الإبرة، وهو ثقبها، فقال أبو العباس: هذا خطأ؛ لأن خراة لا تكون من الخرت، وقال: هما خراتان لا يفترقان. بل خراة مثل حصاة وحصاتان. فدفع ذلك قال: فقد قيل يومٌ أرونانٌ من الرنة، يراد به الشدة. فقال له: هذا يقوله ابن الأعرابي، وهو غلط، لأن أرونان لا يكون من الرنة ولكنه من الرون، وهو ماء الرجل وذلك لأنه إذا شرب قتل. فأريد يوم شديد كشدة هذا. فقال له: فأعطنا في الخراتين أنهما كما قلت حجة. فقال: الفراء ينشد:
إذا رأيت أنجما من الأسد
…
جبهته أو الخراة والكتد
بال سهيلٌ في الفضيخ ففسد
…
وطاب ألبان اللقاح فبرد
فهذا دليل على أنهما ليسا في المنخر. فقال: أعطني الكتاب الذي فيه هذا. فغضب أبو العباس وقال له: تقول لي هذا القول! والله ما كلمتك قط إلا له –وأومأ إلي- وإلا فلست في موضع تكلم أو تخاطب، لا والله ولا صاحبك! وقد كنت أرفع نفسي عنه وعن مناظرته، لا والله ولا صاحب صاحبك عندي في حد من أناظره لو كان حاضرا –يريد بذلك المازني- وقام ماضيا.
وقال: معنى ((بال سهيلٌ)) : مثلٌ، أي جاء الشتاء ففسد الفضيخ وجاد اللبن. وقال:((طاب وبرد)) لأنه رده على الواحد، لأن الجمع بمعنى الواحد؛ لأن اللبن والألبان بمعنى واحد.
قال لي أبو بكر: فلقيت الزجاج في غد ذلك اليوم فحدثني بأمر المجلس، فقلت له: فأنت تقول حصى وحصيات، فتقول في خراةٍ مثل هذا خراة وخريات؟ فأمسك، فجئت إلى ثعلب فحدثته بذلك فسر به.