الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
138- مجلس الخليل بن أحمد مع سيبويه
سئل الخليل بن أحمد عن قول الله جل وعز: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شيعةٍ أَيُّهُمْ أشد على الرحمن عتياً} ، فقال: هذا على الحكاية، كأنه قال: ثم لننزعن من كل شيعة الذين يقال: أيهم هو أشد عتيا. فقال سيبويه: هذا غلط، وألزمه أن يجيز لأضربن الفاسق الخبيث، بالرفع، على تقدير لأضربن الذي يقال له هو الفاسق الخبيث بالرفع، وهذا لا يجيزه أحد.
وقال يونس بن حبيب: الفعل ملغي، وأي مرفوع بالابتداء، وأشد خبره، كما يقال: قد علمت أيهم عندك.
قال سيبويه: وهذا أيضا غلط، لأنه لا يجوز أن يلغى إلا أفعال الشك واليقين، نحو ظننت وعلمت وبابهما. وهو كما قال.
وقال الفراء: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ من كل شيعةٍ أيهم أشد} أي لننزعن بالنداء فننادي: أيهم أشد على الرحمن عتيا.
وله فيه قول آخر، وهو أنه قال: يجوز أن يكون الفعل واقعا على موضع من، كما تقول: أصبت من كل طعامٍ ونلت من كل خيرٍ، ثم تقدر ننظر أيهم أشد على الرحمن عتيا.
وله فيه قول ثالث: قال: يجوز أن يكون معناه لننزعن من الذين تشايعوا ينظرون بالتشايع أيهم أشد على الرحمن عتيا، فتكون أي في صلة التشايع.
قال: وأجود هذه الأقاويل قول سيبويه والقول الأخير من قول الفراء، ففي الآية ستة أقوال: ثلاثة للبصريين، وثلاثة لأهل الكوفة.
قال سيبويه: أيهم ها هنا بتأويل الذي، وهو في موضع نصب بوقوع الفعل عليه، ولكنه يبنى على الضم لأنه وصل [بغير ما وصل] به الذي وأخواته؛ لأنه وصل باسمٍ واحد. فلو وصل بجملة لأعرب. فأشد خبر ابتداء مضمر تقديره هو أشد، وعتياً منصوب على التمييز. فلو أظهر المبتدأ لنصبت أي فقيل: لننزعن من كل شيعة أيهم هو أشد.