الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
140- مجلس أبي عثمان المازني مع أبي عمر الجرمي
حدثني بعض إخواني قال: حدثنا أبو إسحاق الزجاج قال: أخبرنا محمد بن يزيد قال: حدثني المازني قال:
قال أبو عمر الجرمي يوما في مجلسه: من سألني عن بيتٍ لا أعرفه من جميع ما قالته العرب فله علي سبق. قال: فسأله بعض من حضر -قال أبو العباس: السائل المازني ولكنه كنى عن نفسه- فقال له: كيف تروي هذا البيت:
من كان مسرورا بمقتل مالكٍ
…
فليأت نسوتنا بوجه نهار
يجد النساء حواسرا يندبنه
…
قد قمن قبل تبلج الأسحار
قد كن يخبأن الوجوه تسترا
…
فالآن حين بدأن للنظار
فقال له: كيف تروي: بدأن، أو بدين؟ فقال: بدأن. فقال: خطأ، إنما هو ((بدون)) . فقال له: أخطأت. ففكر ثم قال: إن لله، هذا عاقبة البغي.
قال المبرد: مثل هذا لا يخفى على الجرمي، إنما غولط.
وقع في هذه الحكاية سهوٌ من الحاكي لها أو من الناقل، وذلك أنه حكى أن المازني حضر مجلس الجرمي، وهذا غلط، والذي حدثني به علي بن سليمان وغيره أن الجرمي تكلم بهذا بحضرة الأصمعي والسائل له الأصمعي. وإنما كان ذلك على الأغلوطة والتجربة.
ومعنى الأبيات أن العرب كانت لا تندب قتلاها ولا تبكي عليها حتى يثأر بها، فإذا قتل قاتل القتيل بكت عليه وناحت. يقول: من كان مسرورا بمصرع مالك فقد قتلنا قاتله، وهؤلاء النساء يندبنه.
والدليل على ذلك قوله: ((حواسرا)) لأن النساء لا تكشف رءوسها إلا بعد أن أدركت بثأر قتلاها.
وقوله: ((بوجه نهار)) حكى ثعلب عن ابن الأعرابي أنه موضع، وقال هو وغيره: وجه النهار: أول النهار. وقال الله جل وعز: {وجه النهار واكفروا آخره} .