الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
49- مجلس أبي العباس ثعلب مع أبي العباس المبرد
قال أبو العباس أحمد بن يحيى: حضرت أنا ومحمد بن يزيد عند محمد بن عبد الله بن طاهر، وكان أول مجلس حضرته معه، فقال لي محمدٌ بن عبد الله: قول الله جل وعز: {الَّذِينَ يتسللون منكم لواذاً} ، فقلت له: إذا كان لاوذت وقاولت فمصدره لواذا وقوالا، وإذا كان لذت فهو لياذا. فقال المبرد: هذا صوابٌ وأنا أفهم الأمير. قال أبو العباس: فغاظني، ثم جرى كلامٌ فذكرنا الأزد، فقلت لمحمد: قرأنا شعر الأزد على أبي المنهال وكان عالما به، قد قرأه على مؤرج وعلى خالد. فقال المبرد: قد قرأناه ولم يقرأه قط. فقال له الأمير: على من؟ فقال: إنه كانت تأتينا الأعراب فيمجدوننا (أي يكثرون، كما يقولون: أمجد الدابة علفا) فسكت عنه. وكان محمد يفهم.
ثم ذكرنا الفراء فقلت: هو كان الشيء بين الشيئين، لا يكون على هذه الجنبة ولا على هذه الجنبة. فقال لي: مثل أي شيء؟ فقلت له: مثل قولك: زيد طعامك آكل، فآكل لفظه لفظ الأسماء ومعناه معنى الأفعال. فقال المبرد: آكل اسمٌ عمل عمل فعل ويفعل. قلت: فيجوز طعامك رأيت آكلا؟ فقال: نعم. فقلت: هذا خطأ. فقال له محمد بن عبد الله: أليس زعمت أن آكلا اسم تأويله إذا نصب أكل ويأكل؟ قال:
نعم. قال له: فهذا خطأ، لأنه لا يكون طعامك رأيت أكل ويأكل. فقال: ليس بيننا اختلاف في قوله زيد هل يقول وهل قام، ولا يجيزون زيد هل قائم. فقلت له: هذا لا يجوز، ولا يقولون: زيد هل يقوم وزيد هل قام.
ثم قال: هذا يشك فيه.
قال أبو العباس: فبلغني أنه يحكي ما دار بيننا على غير ما كان، فقلت لطاهر: قد جرى بيننا عند الأمير شيء، فابعث فاسأله. فبعث فسأله فقال: والله ما قلت كذا ولا تكلمت به، فوقع محمد إلى ابنه طاهر:((الناس يخطئون فاسمع منهما ولا تؤرثن بينهما، ولا تخرج توقيعي إلى أحد)) .