الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22- مجلس أبي عبيدة مع أبي عثمان المازني
حدثني إسماعيل بن محمد قال: حدثني أبو العباس محمد بن يزيد قال: حدثني أبو عثمان المازني قال:
قال لي أبو عبيدة: ما أكذب النحويين؟ فقلت له: لم قلت ذلك؟ فقال: يقولون إن هاء التأنيث لا تدخل على ألف التأنيث، وأن الألف التي في علقي ملحقةٌ وليست للتأنيث. قال: فقلت: وما أنكرت من ذلك؟ قال: سمعت رؤبة ينشد:
فحط في علقى وفي مكور
…
فقلت له: فما واحد العلقى؟ قال لي: علقاةٌ. قال أبو عثمان: فلم أفسره له لأنه كان أغلظ من أن يفهم مثل هذا، وحق ذا أن يكون علقي جمعا موضوعا على غير علقاة، ولكن كالشاء من شاة. ومن زعم –وهو قول أبي العباس- أن شاء جمع شاةٍ على لفظها كتمرة وتمر فإنما يقول: الهمزة بدل من الهاء لازم. وذلك أن شاةٌ حذفت منها هاء، ولو جاء على تمرة وتمر لقلنا في الجميع شاة فاعلم، فوصلنا بالهاء؛ لأن حق شاة شاهة، وقد كانت الهمزة تبدل من الهاء للمجاورة فقط، وبدلها هاهنا لنفي اللبس. ألا ترى أنها مبدلة في قولك ماء، فاعلم. فإذا صغرت قلت مويه، وإذا جمعت قلت أمواه ومياه. فمن قال هذا قال: فقولهم للشاء شوى، مما تقاربت ألفاظه بمداخلتها، وليس من لفظ شاة وشاءٍ
على هذا القول.
قال المبرد: فقلت للمازني: فما تقول أنت؟ قال: القول فيه أن علقي إذا لم ينصرف في النكرة فإنما هو اسم مأخوذ من لفظ علقي الذي ينصرف وليس به، والألف فيه ملحقة، فعلق على التأنيث، فهو مشتق من لفظه، ومعناه كمعناه. ألا ترى أنك تقول سبطر في معنى السبط ولفظه، وليس هو إياه بعينه ولا مبنيا عليه، وإنما هو بمنزلة اسم وافق اسما في معناه، وقاربه في لفظه. وكذلك لآل لصاحب اللؤلؤ. وهذا البناء لا يكون في ذوات الأربعة، وإنما هو اسم مشتقٌ من اللؤلؤ وفي معناه، وليس بمبني عليه. فإذا كان الألف في علقي للتأنيث لم يجز أن يكون واحدها علقاة، لأن تأنيثا لا يدخل على تأنيث.