الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4- مجلس سيبويه مع الكسائي وأصحابه بحضرة الرشيد
حدثني أبو الحسن قال: حدثني أبو العباس أحمد بن يحيى، وأبو العباس محمد بن يزيد وغيرهما قال أحمد: حدثني سلمة قال: قال الفراء:
قدم سيبويه على البرامكة، فعزم يحيى على الجمع بينه وبين الكسائي، فجعل لذلك يوما، فلما حضر تقدمت والأحمر فدخلنا، فإذا بمثالٍ في صدر المجلس، فقعد عليه يحيى، وقعد إلى جانب المثال جعفرٌ والفضل ومن حضر بحضورهم، وحضر سيبويه فأقبل عليه الأحمر فسأله عن مسألةٍ أجاب فيها سيبويه، فقال له: أخطأت.
ثم سأله عن ثانية فأجابه فيها، فقال له: أخطأت. ثم سأله عن ثالثة فأجابه فيها فقال له: أخطأت. فقال له سيبويه: هذا سوء أدب!
قال: فأقبلت عليه فقلت: إن في هذا الرجل حدا وعجلة، ولكن ما تقول فيمن قال: هؤلاء أبون، ومررت بأبين، كيف تقول مثال ذلك من وأيت أو أويت. قال: فقدر فأخطأ. فقلت: أعد النظر فيه. فقدر فأخطأ. فقلت: أعد النظر، ثلاث مرات، يجيب ولا يصيب. قال: فلما كثر ذلك قال: لست أكلمكما أو يحضر صاحبكما حتى أناظره. قال: فحضر الكسائي فأقبل على سيبويه فقال: تسألني أو أسألك؟ فقال: لا، بل سلني أنت. فأقبل عليه الكسائي فقال له: ما تقول أو كيف تقول: قد كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو
هي، أو فإذا هو إياها؟ فقال سيبويه: فإذا هو هي. ولا يجوز النصب.
فقال له الكسائي: لحنت. ثم سأله عن مسائل من هذا النوع: خرجت فإذا عبد الله القائم، أو القائم؟ فقال سيبويه في كل ذلك بالرفع دون النصب. فقال الكسائي: ليس هذا كلام العرب، العرب ترفع في ذلك كله وتنصب. فدفع سيبويه قوله، فقال يحيى بن خالد: قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما فمن ذا يحكم بينكما؟ فقال الكسائي: هذه العرب ببابك، قد جمعتهم من كل أوب، ووفدت عليك من كل صقع، وهم فصحاء الناس، وقد قنع بهم أهل المصرين، وسمع أهل الكوفة وأهل البصرة منهم، فيحضرون ويسألون. فقال يحيى وجعفر: لقد أنصفت. وأمر بإحضارهم، فدخلوا وفيهم أبو فقعسٍ، وأبو زياد، وأبو الجراح، وأبو ثروان، فسئلوا عن المسائل التي جرت بين الكسائي وسيبويه، فتابعوا الكسائي وقالوا بقوله. قال: فأقبل يحيى على سيبويه فقال له: قد تسمع أيها الرجل. قال: فاستكان سيبويه، وأقبل الكسائي على يحيى فقال: أصلح الله الوزير، إنه قد وفد عليك من بلده مؤمِّلا، فإن رأيت ألا ترده خائبا. فأمر له بعشرة آلاف درهم، فخرج وصير وجهه إلى فارس، فأقام هناك حتى مات ولم يعد إلى البصرة.
قال أبو العباس: وإنما أدخل العماد في قوله: فإذا هو إياها، لأن ((فإذا)) مفاجأة، أي فوجدته ورأيته. ووجدت ورأيت تنصب شيئين، ويكون معه خبر، فلذلك نصبت العرب.