المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المحتويات * الافتتاحية * الرد على أحد الكتاب بشأن إيقاف صلاة التراويح - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٨٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌ بيان ما يلزم من أحكام الزكاة

- ‌ كيفية أداء الزكاة، وكيفية توزيعها

- ‌ الأوقاف التي على جهات عامة كالمساجد والربط والمدارس والفقراء ليس فيها زكاة

- ‌ كيفية زكاة أموال الشركة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌زكاة المرتبات فيها تفصيل

- ‌الزكاة تكون فيما دار عليه الحول وهو بحوزة الإنسان

- ‌كيفية ضبط الموظف ومن له دخل للحول

- ‌ تعجيل الزكاة قبل تمام الحول

- ‌حكم زكاة ما يستلمه الطلاب من المكافأة الشهرية

- ‌الربح تبع الأصل وحوله حول أصله إلا إذا كان ربا

- ‌حول الدين

- ‌ما بلغ نصابا وحال عليه الحول ففيه زكاة

- ‌المال الموضوع في البنك الإسلاميحكمه حكم غيره من الأموال

- ‌حكم التعامل مع البنوك بالربا وزكاتها

- ‌حكم زكاة النقود العربيةوالأجنبية المجموعة على سبيل الهواية

- ‌حكم زكاة أقلام الذهب

- ‌كان الزوجان لا يصليان ثم التزما، فهل يجددان عقد الزواج

- ‌زوجها لا يصلي رغم نصيحتها له، هل تستمر معه

- ‌من مات وعليه صلاة

- ‌من ترك صلاة هل تقبل صلواته الأخرى

- ‌ غيبة الذين لا يؤدون الصلاة إطلاقا والاستهزاء بهم

- ‌هل تارك الصلاة مخلد في النار

- ‌حكم بول الغنم وروثها

- ‌ حكم الصلاة في ثوب فيه بقع من جرح دم

- ‌طهارة المكان

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌بناء المتاجر تحت المسجد

- ‌البناء على المسجد

- ‌ضم مكان الحمامات إلى المسجد

- ‌بناء القبة فوق المسجد

- ‌الإصلاح في المسجد

- ‌دورات المياه حول المسجد

- ‌وضع الصور في المسجد والصلاة في مكان فيه صور

- ‌المحاريب في المساجد

- ‌وضع المآذن في المساجد وبناء القبور فيها

- ‌ الصلاة في مسجد فيه قبر

- ‌ حكم الإسلام في الصلاة في المسجد الذي فيه بعض القبور

- ‌ الصلاة في مسجد به ضريح ميت

- ‌الصلاة في المقابر

- ‌البحوث

- ‌التمهيد: فضل آية الكرسي:

- ‌تفسير الآية

- ‌الجملة الأولى قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}

- ‌الخاتمة:

- ‌عرش الرحمن في القرآن

- ‌التمهيد: تعريف العرش:

- ‌المبحث الأول: خلق الله للعرش:

- ‌المبحث الثاني: مكان العرش:

- ‌المبحث الثالث: استواء الله على العرش:

- ‌المبحث الرابع: صفات العرش:

- ‌المبحث الخامس: أحوال الملائكة مع العرش:

- ‌المطلب الأول: حملة العرش:

- ‌المطلب الثاني: عدد حملة العرش:

- ‌المطلب الثالث: الملائكة حول العرش:

- ‌الخاتمة:

- ‌تقريرات علماء الدعوة في الإيمان ومسائله

- ‌المقدمة:

- ‌تمهيد في بيان منزلة مسائل الإيمان:

- ‌الفصل الأول: مسمى الإيمان وحقيقته:

- ‌الفصل الثاني: الإسلام وصلته بالإيمان:

- ‌الفصل الثالث: زيادة الإيمان ونقصانه:

- ‌الفصل الرابع: حكم الاستثناء في الإيمان:

- ‌الفصل الخامس: مرتكب الكبيرة:

- ‌الخاتمة:

- ‌دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في مرحلة الاستخفاء في العهد المكي"دراسة تحليلية

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: مرحلة الاستخفاء في ضوء النصوص:

- ‌المبحث الثاني: معالم دعوة النبي في مرحلة الاستخفاء:

- ‌المطلب الأول: ميدان الدعوة في مرحلة الاستخفاء:

- ‌المطلب الثاني: وسائل وأساليب الدعوة في مرحلة الاستخفاء:

- ‌المطلب الثالث: مضمون الدعوة في مرحلة الاستخفاء:

- ‌المطلب الرابع: أصناف المدعوين في مرحلة الاستخفاء:

- ‌المبحث الثالث: مفهوم الاستخفاء في دعوة النبي وسماتها:

- ‌المطلب الثاني: سمات الاستخفاء في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابع: تطبيقات الاستخفاء بالدعوة في العصر الحاضر:

- ‌المطلب الأول: الاستخفاء بالدعوة في المجتمعات الدعوية:

- ‌المطلب الثاني: الاستخفاء بالدعوة في المجتمعات (غير الدعوية):

- ‌الخاتمة:

- ‌المبحث الثاني: الاستئذان وأنواعه في السنة:

- ‌المطلب الأول: استئذان الرسول صلى الله عليه وسلم زوجاته، وأصحابه:

- ‌المطلب الثاني: استئذان الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: استئذان الناس بعضهم من بعض:

- ‌المطلب الرابع: الاستئذان والمرأة:

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ ‌المحتويات * الافتتاحية * الرد على أحد الكتاب بشأن إيقاف صلاة التراويح

‌المحتويات

* الافتتاحية *

الرد على أحد الكتاب بشأن إيقاف صلاة التراويح لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ 7

* الفتاوى *

من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ 19

من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز 37

من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ 53

من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء 67

ص: 4

البحوث

الإيضاح والبيان لأفضل آية في القرآن للدكتورة: لولوة بنت عبد الكريم بن سعد المفلح 87

عرش الرحمن في القرآن للدكتور: عبد العزيز بن صالح العبيد 139

تقريرات علماء الدعوة في الإيمان ومسائله للدكتور: عبد الله بن محمد السند 169

دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في مرحلة الاستخفاء في العهد المكي للدكتور: علي بن أحمد الأحمد 263

الاستئذان وأنواعه في ضوء السنة للدكتور: عبد العزيز بن أحمد الجاسم 339

ص: 5

صفحة فارغة

ص: 6

الرد على أحد الكتاب بشأن إيقاف صلاة التراويح

لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فقد اطلعنا على ما كتبه أحد الكتاب، في صحيفة السياسة الكويتية يوم الجمعة 28 ربيع الآخر 1427 هـ الذي يوافقه 26 مايو 2006 م عدد رقم (13485)، تحت عنوان (إيقاف صلاة التراويح) وتعرض فيه لعدة أمور أهمها ما يلي:

أولا: ذكر اتفاق العلماء والفقهاء والمؤرخين على أن أول من جمع صلاة التراويح في جماعة هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.

ثانيا: ذكر اتفاق العلماء والمؤرخين على أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم لم يجمعها في جماعة.

ثالثا: ذكر أن صلاة التراويح والقيام تسبب الازدحام حول الكعبة والتدافع ونحو ذلك.

ص: 7

رابعا: طلب من هيئة كبار العلماء الاجتماع لاتخاذ قرار لإيقاف صلاة التراويح والتهجد في المسجد الحرام. وبرر ذلك بأن مكة المكرمة كلها حرم. وأن صلاة التهجد لم تصل في جماعة بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف إلا في العهد السعودي.

خامسا: أن أهل مكة حين يصلون في الحرم يسببون مضايقة للمعتمرين والزوار الذين عانوا مشقة السفر في سبيل القدوم لأداء العمرة.

سادسا: دعا إلى توزيع أئمة المسجد الحرام على المساجد الكبيرة في مكة لتقام صلاة التراويح بها بدلا عن إقامتهم لها في المسجد الحرام.

سابعا: لخص دعوته بقوله: (إن دعوتي تكمن في تفريغ المسجد الحرام لأداء صلاة العشاء والطواف بالكعبة المعظمة والسعي بين الصفا والمروة من دون ازدحام ولا فوضى أو مشكلات. وحتى نتمكن من القضاء على ظاهرة حجز الأماكن بالمسجد الحرام أو بيعها، أو تأجيرها بوضع السجاجيد

إلخ.

وبعد تأمل المقال رأيت أن أكتب توضيحا يبين للكاتب وللقراء الكرام حقيقة الأمر وذلك من وجوه:

الوجه الأول: أصل جمع الناس على صلاة التراويح كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل فصلى في المسجد فصلى رجال بصلاته فأصبح الناس

ص: 8

فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فأصبح الناس، فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال: أما بعد: فإنه لم يخف علي مكانكم لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها (1)». هذا لفظ البخاري، وفي رواية له بزيادة «وذلك في رمضان (2)» .

وفي رواية عند أبي داود عن أبي ذر رضي الله عنه قال: «صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، فلما كانت السادسة لم يقم بنا، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل فقلت يا رسول الله لو نفلتنا قيام هذه الليلة، قال فقال: "إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة، قال فلما كانت الرابعة لم يقم، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونساءه والناس فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال فقلت ما الفلاح؟ قال: السحور، ثم لم يقم بنا بقية الشهر (3)» .

قال ابن حجر رحمه الله لما ساق الحديث وشرحه: وفي حديث الباب من الفوائد - غير ما تقدم - ندب قيام الليل ولا سيما في رمضان جماعة؛ لأن الخشية المذكورة أمنت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك جمعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبي بن كعب

(1) البخاري الجمعة (882)، مسلم صلاة المسافرين وقصرها (761)، النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1604)، أبو داود الصلاة (1373)، أحمد (6/ 268)، مالك النداء للصلاة (250).

(2)

البخاري الجمعة (1077)، مسلم صلاة المسافرين وقصرها (761)، النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1604)، أبو داود الصلاة (1373)، مالك النداء للصلاة (250).

(3)

الترمذي الصوم (806)، النسائي السهو (1364)، أبو داود الصلاة (1375)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1327)، أحمد (5/ 163)، الدارمي الصوم (1777).

ص: 9

رضي الله عنه. انتهى المقصود من كلامه رحمه الله.

فأصل صلاة التراويح في جماعة ثابت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه عليه الصلاة والسلام لم يواظب عليها خشية أن تفرض على الأمة، فلما توفي صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي وأمنت خشية فرضية صلاة الليل في جماعة، جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجمع الناس عليها، وجعل إمامهم أبي بن كعب رضي الله عنه. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأما قيام رمضان فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سنه لأمته وصلى بهم جماعة عدة ليال وكانوا على عهده يصلون جماعة وفرادى، لكن لم يداوموا على جماعة واحدة لئلا تفرض عليهم، فلما مات النبي صلى الله عليه وسلم استقرت الشريعة، فلما كان عمر رضي الله عنه جمعهم على إمام واحد وهو أبي بن كعب الذي جمع الناس عليها بأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ا. هـ.

وقال أيضا رحمه الله: (وقيام رمضان قد سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الله قد فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه (1)» وكانوا على عهده صلى الله عليه وسلم يصلون أوزاعا متفرقين يصلي الرجل وحده، ويصلي الرجل ومعه جماعة، وقد صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم جماعة مرة بعد مرة وقال:«إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة (2)» لكن لم يداوم على الجماعة

(1) النسائي الصيام (2210)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1328).

(2)

الترمذي الصوم (806)، النسائي السهو (1364)، أبو داود الصلاة (1375)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1327)، أحمد (5/ 160).

ص: 10

كالصلوات الخمس؛ خشية أن يفرض عليهم، فلما مات أمنوا زيادة الفرض فجمعهم عمر على أبي بن كعب) ا. هـ

وبهذا يتبين أن دعوى الاتفاق المذكورة في صدر المقال غير صحيحة.

الوجه الثاني: طلبه من هيئة كبار العلماء الاجتماع لاتخاذ قرار لإيقاف صلاة التراويح والتهجد في المسجد الحرام، فلي معه وقفات:

الوقفة الأولى: التقدير للكاتب في أصل الطلب وأن الواجب الرجوع إلى أهل العلم في مثل هذه الأمور.

الوقفة الثانية: كنا نؤمل من الكاتب خصوصا وأنه مثقف ومتعلم أن تكون كتابته هذه إلى الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء أو إلينا في مكتبنا بالرئاسة العامة للإفتاء. لا أن تكون عن طريق الصحافة خصوصا أن الكاتب يعلم أن مثل هذه الصحف يقرؤها المتعلم والعامي ومن لا يدرك أبعاد الأمور، فالقضايا الشرعية العامة لا تطرح بمثل هذا الطرح.

الوقفة الثالثة: من الأدب مع العلماء طرح الإشكال عليهم وهم المرجع في التحقق من الإشكال، فإن وجد أنه إشكال واقعي يستحق النظر درسوه، فبحثوا عن الحل الشرعي المناسب، كما قال تعالى:{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (1).

(1) سورة النساء الآية 83

ص: 11

أما أن نطلب منهم أن يتخذوا قرارا نحدد لهم معالمه ونلزمهم بإصداره فهذا لا يليق بالعامي أن يفعله، فكيف برجل مثقف ومتعلم يصدر هذه العبارة:(فالمفروض أن يجتمع كبار علمائنا بهيئة كبار العلماء لاتخاذ قرار صلاة التراويح أو القيام والتهجد في المسجد الحرام من أول يوم رمضان)!

الوجه الثالث: أما دعوى الزحام أو القصد إلى تفريغ المسجد الحرام لأداء صلاة العشاء والطواف بالكعبة المعظمة والسعي بين الصفا والمروة.

فإن الزحام إن وجد في المواسم فإنه لا يرفعه ترك التراويح بل سيبقى؛ لأن من قصد المسجد الحرام سيبقى طائفا أو تاليا أو عاكفا أو مصليا، والحرم إنما وضع لذلك، يقول الله عز وجل:{وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (1) قال ابن كثير رحمه الله: وقد اختلف الفقهاء أيهما أفضل: الصلاة عند البيت أو الطواف به؟ فقال مالك رحمه الله: الطواف به لأهل الأمصار أفضل. وقال الجمهور: الصلاة أفضل مطلقا.

وفي سنن أبي داود وابن ماجه وغيرهما عن جبير بن مطعم رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا يطوف بهذا البيت ويصلي أي ساعة شاء من ليل أو نهار (2)» .

(1) سورة الحج الآية 26

(2)

الترمذي الحج (868)، النسائي مناسك الحج (2924)، أبو داود المناسك (1894)، ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1254)، أحمد (4/ 84)، الدارمي المناسك (1926).

ص: 12

والمقصود أن منع الناس من صلاة التراويح في المسجد الحرام لأجل تفريغه للطائفين تحكم لا يسنده الدليل.

ثم إن المسلمين لا يزالون يصلونها في المسجد الحرام منذ قرون، فقد أخرج الفاكهي بسنده إلى عكرمة بن عمار قال: أمنا عبد الله بن عبيد بن عمير في المسجد الحرام، وكان يؤم الناس فكان يقرأ بنا في الوتر بالمعوذات يعني في شهر رمضان.

وقال في نفس السياق: وقال بعض أهل مكة: كان الناس بمكة في قديم الدهر يقومون قيام شهر رمضان في أعلى المسجد الحرام، تركز حربة خلف المقام بربوة فيصلي الإمام دون الحربة والناس معه، فمن أراد صلى، ومن أراد طاف وركع خلف المقام .. ثم استرسل فيما أقره خالد القسري بعد.

وذكر ذلك الأزرقي بأتم من سياق الفاكهي، وأن خالدا القسري هو أول من أدار الصفوف حول الكعبة لما ضاق عليهم أعلى المسجد، فلما قيل له: تقطع الطواف لغير المكتوبة قال: فأنا آمرهم يطوفون بين كل ترويحتين سبعا .. إلى آخر ما ساق في خبره.

والمقصود أن صلاة التراويح جماعة في رمضان حول الكعبة أمر معهود منذ زمن قديم، ومن تتبع تواريخ مكة وكتب التراجم والرحلات علم ذلك واجتمع له عدة ممن أموا الناس في قيام رمضان بالمسجد الحرام.

ص: 13

أما ما ذكره الكاتب من أن المسجد الحرام يشمل حدود الحرم جميعها فهذا حق ونحن نقول به، ونقول بأن التضعيف الوارد في الحديث يشمل جميع الحرم بدلالة قول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} (1) ولكن هذا لا يبرر إيقاف صلاة التراويح في الحرم ومنع المصلين من صلاة القيام في الحرم.

وقبل أن أختم هذا البيان والإيضاح أحب التنبيه إلى أمر مهم وهو قول الكاتب: (وأن صلاة التهجد لم تصل في جماعة بالمسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف إلا في العهد السعودي).

والمقصود بصلاة التهجد في هذا السياق هو صلاة القيام في جماعة في رمضان، وتصلى آخر الليل بعد أن يصلي الناس أول الليل شيئا من التراويح، ثم ينصرفون للراحة أو العشاء ليتقووا على صلاة الليل، وهذا في العشر الأواخر.

والأصل في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأخير من رمضان، تقول عائشة رضي الله عنها:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر (2)» أخرجه مسلم.

(1) سورة التوبة الآية 28

(2)

البخاري صلاة التراويح (1920)، مسلم الاعتكاف (1174)، الترمذي الصوم (796)، النسائي قيام الليل وتطوع النهار (1639)، أبو داود الصلاة (1376)، ابن ماجه الصيام (1768)، أحمد (6/ 68).

ص: 14

فالعشر الأخير من رمضان لها مزيد فضل على غيرها من الليالي لفضلها، ولأن ليلة القدر فيها فالاجتهاد فيها مطلوب.

وأما دعوى أن العهد السعودي هو الذي بدأ بذلك فهذا باطل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كما مر معنا في أول هذا الإيضاح قد صلى بالناس في العشر الأخير أربع ليال كان آخرها إلى قريب الفجر حتى خشوا فوات الفلاح وهو السحور. فهذا هو الأصل.

وفي هذا السياق أحب أن أنبه إلى أمر مهم وهو أن بعض الكتاب - وأنا أربأ بأخينا الكاتب أن يكون منهم - ما فتئوا يذكرون أشياء في المشاعر المقدسة أو الشعائر الشرعية ويزعمون أن الدولة السعودية هي التي أحدثتها، وهذا غمز في هذه الدولة السلفية، التي حرصت على السير على ما سار عليه السلف الصالح من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وبقية الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وما عليه أئمة الدين، ولم يوجد في العهد السعودي في المشاعر ولا في الشعائر شيء مبتدع ولله الحمد والمنة، وهذا من فضل الله تعالى على حكام هذه البلاد المباركة.

وإنما هم حريصون أشد الحرص على السعي في التسهيل على الحجاج والمعتمرين والزوار بالتوسعة والتكييف وشق الطرق، وعمل ما من شأنه تسهيل القيام بالشعائر مع المحافظة على المشاعر.

ص: 15

هذا ما نشهد الله عليه مما علمناه من حكام هذه الدولة أدام الله بعز الإسلام عزها أسأل الله عز وجل أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وأن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى إنه سبحانه سميع مجيب.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 16