الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الإمام البيهقي: وأقاويل أهل التفسير على أن العرش هو السرير، وأنه جسم مجسم خلقه الله تعالى، وأمر ملائكته بحمله (1).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: العرش موجود بالكتاب والسنة، وإجماع سلف الأمة وأئمتها (2).
(1) الأسماء والصفات ص 497.
(2)
مجموع الفتاوى 6/ 584.
المبحث الأول: خلق الله للعرش:
إن خلق العرش داخل في عموم المخلوقات كما في قوله جل وعلا: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (1).
وقد خص الله سبحانه وتعالى العرش بقوله: {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (2). قال الحافظ ابن حجر: إشارة إلى أن العرش مربوب، وأن كل مربوب مخلوق (3).
وقال تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (4).
(1) سورة الرعد الآية 16
(2)
سورة التوبة الآية 129
(3)
فتح الباري 13/ 405.
(4)
سورة المؤمنون الآية 86
وقال تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} (1). وقال تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (2). وقال تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} (3). وهذه الآيات تدل على ربوبية الله للعرش بجميع معاني الربوبية، كالخلق والتدبير.
واختلف العلماء: هل العرش أول مخلوق، أم أن القلم خلق قبله؟ على قولين مشهورين:
القول الأول: أن العرش هو أول المخلوقات، وهذا قول الجمهور (4).
واستدلوا بما أخرجه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء (5)» ، فدل الحديث على أن تقدير الخلائق كلها وقع بعد خلق العرش.
(1) سورة المؤمنون الآية 116
(2)
سورة النمل الآية 26
(3)
سورة الزخرف الآية 82
(4)
البداية والنهاية: 1/ 7، وشرح الطحاوية ص 265، وفتح الباري 6/ 289.
(5)
أخرجه مسلم في صحيحه ج 4/ 2044، كتاب القدر 2653.
القول الثاني: أن القلم أول المخلوقات: وهذا اختيار الإمام الطبري وابن الأثير (1).
واستدل من قال بهذا القول بحديث عبادة بن الصامت: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أول ما خلق الله تبارك وتعالى القلم، ثم قال له: اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: فاكتب ما يكون، وما هو كائن إلى أن تقوم الساعة (2)» .
والراجح هو قول الجمهور، وأن العرش أول المخلوقات لما يأتي:
1 -
أن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص دل على أن التقدير وقع بعد خلق العرش، أما حديث عبادة فدل على أن التقدير وقع عند أول خلق القلم؛ ولهذا بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بذكر العرش قبل ذكر كتابة المخلوقات في حديث عمران بن الحصين وفيه:«كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السماوات والأرض (3)» ، وهذا يدل على تقدمه على الكتابة.
2 -
أجابوا عن حديث عبادة بن الصامت: «أول ما خلق الله تبارك
(1) تاريخ الطبري 1/ 35، وابن الأثير 1/ 17.
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه 4/ 72، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قول الله تعالى:(وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده) 4/ 73.
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسنده 5/ 317، واللفظ له، وأبو داود في سننه، كتاب السنة، باب في القدر 5/ 76، والترمذي في سننه، كتاب القدر 4/ 458، وقال: حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في حاشية الطحاوية ص 264.