المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

خامسا: أن يكون الاستخفاء بالدعوة مسترشدا ومستنيرا بسمات استخفاء النبي - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٨٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الفتاوى

- ‌ بيان ما يلزم من أحكام الزكاة

- ‌ كيفية أداء الزكاة، وكيفية توزيعها

- ‌ الأوقاف التي على جهات عامة كالمساجد والربط والمدارس والفقراء ليس فيها زكاة

- ‌ كيفية زكاة أموال الشركة

- ‌من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌زكاة المرتبات فيها تفصيل

- ‌الزكاة تكون فيما دار عليه الحول وهو بحوزة الإنسان

- ‌كيفية ضبط الموظف ومن له دخل للحول

- ‌ تعجيل الزكاة قبل تمام الحول

- ‌حكم زكاة ما يستلمه الطلاب من المكافأة الشهرية

- ‌الربح تبع الأصل وحوله حول أصله إلا إذا كان ربا

- ‌حول الدين

- ‌ما بلغ نصابا وحال عليه الحول ففيه زكاة

- ‌المال الموضوع في البنك الإسلاميحكمه حكم غيره من الأموال

- ‌حكم التعامل مع البنوك بالربا وزكاتها

- ‌حكم زكاة النقود العربيةوالأجنبية المجموعة على سبيل الهواية

- ‌حكم زكاة أقلام الذهب

- ‌كان الزوجان لا يصليان ثم التزما، فهل يجددان عقد الزواج

- ‌زوجها لا يصلي رغم نصيحتها له، هل تستمر معه

- ‌من مات وعليه صلاة

- ‌من ترك صلاة هل تقبل صلواته الأخرى

- ‌ غيبة الذين لا يؤدون الصلاة إطلاقا والاستهزاء بهم

- ‌هل تارك الصلاة مخلد في النار

- ‌حكم بول الغنم وروثها

- ‌ حكم الصلاة في ثوب فيه بقع من جرح دم

- ‌طهارة المكان

- ‌من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌بناء المتاجر تحت المسجد

- ‌البناء على المسجد

- ‌ضم مكان الحمامات إلى المسجد

- ‌بناء القبة فوق المسجد

- ‌الإصلاح في المسجد

- ‌دورات المياه حول المسجد

- ‌وضع الصور في المسجد والصلاة في مكان فيه صور

- ‌المحاريب في المساجد

- ‌وضع المآذن في المساجد وبناء القبور فيها

- ‌ الصلاة في مسجد فيه قبر

- ‌ حكم الإسلام في الصلاة في المسجد الذي فيه بعض القبور

- ‌ الصلاة في مسجد به ضريح ميت

- ‌الصلاة في المقابر

- ‌البحوث

- ‌التمهيد: فضل آية الكرسي:

- ‌تفسير الآية

- ‌الجملة الأولى قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}

- ‌الخاتمة:

- ‌عرش الرحمن في القرآن

- ‌التمهيد: تعريف العرش:

- ‌المبحث الأول: خلق الله للعرش:

- ‌المبحث الثاني: مكان العرش:

- ‌المبحث الثالث: استواء الله على العرش:

- ‌المبحث الرابع: صفات العرش:

- ‌المبحث الخامس: أحوال الملائكة مع العرش:

- ‌المطلب الأول: حملة العرش:

- ‌المطلب الثاني: عدد حملة العرش:

- ‌المطلب الثالث: الملائكة حول العرش:

- ‌الخاتمة:

- ‌تقريرات علماء الدعوة في الإيمان ومسائله

- ‌المقدمة:

- ‌تمهيد في بيان منزلة مسائل الإيمان:

- ‌الفصل الأول: مسمى الإيمان وحقيقته:

- ‌الفصل الثاني: الإسلام وصلته بالإيمان:

- ‌الفصل الثالث: زيادة الإيمان ونقصانه:

- ‌الفصل الرابع: حكم الاستثناء في الإيمان:

- ‌الفصل الخامس: مرتكب الكبيرة:

- ‌الخاتمة:

- ‌دعوة النبي صلى الله عليه وسلم في مرحلة الاستخفاء في العهد المكي"دراسة تحليلية

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: مرحلة الاستخفاء في ضوء النصوص:

- ‌المبحث الثاني: معالم دعوة النبي في مرحلة الاستخفاء:

- ‌المطلب الأول: ميدان الدعوة في مرحلة الاستخفاء:

- ‌المطلب الثاني: وسائل وأساليب الدعوة في مرحلة الاستخفاء:

- ‌المطلب الثالث: مضمون الدعوة في مرحلة الاستخفاء:

- ‌المطلب الرابع: أصناف المدعوين في مرحلة الاستخفاء:

- ‌المبحث الثالث: مفهوم الاستخفاء في دعوة النبي وسماتها:

- ‌المطلب الثاني: سمات الاستخفاء في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الرابع: تطبيقات الاستخفاء بالدعوة في العصر الحاضر:

- ‌المطلب الأول: الاستخفاء بالدعوة في المجتمعات الدعوية:

- ‌المطلب الثاني: الاستخفاء بالدعوة في المجتمعات (غير الدعوية):

- ‌الخاتمة:

- ‌المبحث الثاني: الاستئذان وأنواعه في السنة:

- ‌المطلب الأول: استئذان الرسول صلى الله عليه وسلم زوجاته، وأصحابه:

- ‌المطلب الثاني: استئذان الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الثالث: استئذان الناس بعضهم من بعض:

- ‌المطلب الرابع: الاستئذان والمرأة:

- ‌الخاتمة:

- ‌حديث شريف

الفصل: خامسا: أن يكون الاستخفاء بالدعوة مسترشدا ومستنيرا بسمات استخفاء النبي

خامسا: أن يكون الاستخفاء بالدعوة مسترشدا ومستنيرا بسمات استخفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة وهو ما تعطرت به ورقات هذه الدراسة حتى يكون له ثمرته وفائدته المرجوة.

ص: 335

‌الخاتمة:

بنهاية هذا المبحث تكون الدراسة قد أجابت بحمد الله تعالى عن كل التساؤلات التي أثيرت في نطاق موضوع استخفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله في العهد المكي، وانتهت إلى ما ستجمله في النتائج الآتية.

نتائج الدراسة:

1 – استخفاء النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بالدعوة هو مرحلة من مراحل الدعوة وهي ثابتة من خلال النصوص والأخبار على نحو ما ذكر، واستمرت ثلاث سنوات حيث طويت مرحلة الاستخفاء وابتدأت مرحلة الجهر بالدعوة.

2 – لم يكن استخفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة استخفاء مطلقا، بل كان استخفاء له سماته العامة والخاصة، ومتميزا بالحكمة والبصيرة، وهو ما تم الحديث حوله في طيات هذه الدراسة.

3 – كان الاستخفاء بالدعوة يقوم على الدعوة الفردية بوسيلة القدوة الحسنة، والقول المباشر الذي كان يتسم بأسلوب النصح، وتم الاقتصار على ذلك بناء على ما اقتضته طبيعة الاستخفاء.

ص: 335

4 – أن الاستخفاء بالدعوة بكامل تفاصيلها التي جاءت في الدراسة مرحلة من مراحل الدعوة إلى الله انتهت بقوله {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (1) وقوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (2) ولهذا فإن الاستنان بدعوته في العصر الحاضر مناط بمرحلة (الدعوة الجهرية) إذ هي الأصل وهو ما استقر عليه التشريع الإلهي هذا من جهة. من جهة أخرى العلة التي لأجلها كان (الاستخفاء بالدعوة) نجدها منتفية في العصر الحاضر في الجملة، باعتبار انتشار الإسلام اليوم وظهور مبادئه علنا على مرأى ومسمع من العالم خاصة في ظل وسائل الاتصال المتقدمة التي تصل بالدعوة إلى كل مكان دون تبعات أو خوف من وأد الدعوة كما كان في بداية الدعوة.

5 – إذا توفرت ظروف مقاربة للظروف التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في تلك المرحلة، وهذا محتمل في البلاد التي تتخذ سياسة (المجتمعات غير الدعوية) بأشكالها وأطيافها وهو ما حدث في الماضي كما تقدم، وسيحدث أيضا في آخر الزمان فقد جاءت الإشارة إليه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما

(1) سورة الحجر الآية 94

(2)

سورة المائدة الآية 3

ص: 336

بدأ غريبا .. (1)»، وبناء عليه فالاستخفاء بالدعوة حينئذ مشروع في حدود مسلك الرسول صلى الله عليه وسلم، بهدف مسايرة حال التضييق والتنكيل الذي قد تلقاه الدعوة وأتباعها مما يجعلها في أمان من الصدام لتتمكن الدعوة من البقاء حتى يتهيأ لها الانتقال من حال الضعف إلى حال القوة في الجانب الديني، كما فعل صلى الله عليه وسلم ولله عاقبة الأمور.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(1) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب: الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا، برقم: 208

ص: 337

صفحة فارغة

ص: 338

الاستئذان وأنواعه في ضوء السنة

للدكتور عبد العزيز بن أحمد الجاسم

تمهيد:

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد: فمن نعم الله - تعالى - على هذه الأمة، أن حباها بدين سماوي متكامل، من غير حول منها، ولا قوة، وإنما كان من فضل الله تعالى.

قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (1){وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (2){ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (3).

ومن هذه النعم، نعمة الآداب الاجتماعية، التي أتى بها الإسلام، وأرسى قواعدها، بين أفراد المجتمع المسلم.

وهذه الآداب الإسلامية متميزة، من حيث الهدف، والتطبيق.

(1) سورة الجمعة الآية 2

(2)

سورة الجمعة الآية 3

(3)

سورة الجمعة الآية 4

ص: 339

فهي توافق الفطرة السليمة، لأن الفطرة السليمة، تتنافي مع الغدر، والكذب، وهتك الأعراض.

ومن هذه الآداب التي أمر بها الإسلام، الاستئذان، إذ جاءت عدة آيات، تناولته، وبينت حكمه.

وقد ذكر الاستئذان في القرآن، مرتين، في سورة واحدة، ذكر في المرة الأولى بشكل عام، وأنه لا يجوز للمرء، أن يدخل بيت أحد، إلا بعد استئذانه، وسيأتي ذكر هذه الآيات في المطلب الثالث، من المبحث الثاني.

أما في المرة الثانية فقد ذكر حكم استئذان، ممن هو داخل البيت، فبينت الآيات أنه لا يجوز الدخول على أحد، وهو في حجرته، لكن استثنت الآيات صنفين من الناس، هما الخدم، والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم، فهؤلاء يجوز لهم الدخول، من غير استئذان، كما سيأتي بيان هذه المواطن، مع ذكر الآيات، في المطلب الثالث، من المبحث الثاني.

فهذه العناية الربانية، في هذا الأدب الاجتماعي، وذكره مرتين، في سورة واحدة، كدليل على حرمة البيوت، ودليل على أهمية الاستئذان، وأن الإنسان يجب عليه أن يمتثل لهذا الأدب الاجتماعي الرفيع.

ثم جاءت السنة النبوية، مؤكدة، ومبينة لهذا الاستئذان، الذي أمر الله به المسلم.

فذكر الاستئذان في القرآن الكريم، ثم تناول السنة له لدليل على أهميته، في حياة المسلمين.

ص: 340

لأن الاستئذان من السبل الوقائية، التي شرعها الإسلام، لكي لا يقع نظر الداخل على المحارم، وما يكره صاحب المنزل، أن يطلع عليه أحد.

إن المفاسد التي تحصل من الدخول المفاجئ على الناس، وهم في بيوتهم، لا تخفى على عاقل، إذ سيقع نظر الداخل، على عورة من في البيت، مما يجعل للشيطان بابا يلج فيه، فيقع هذا الداخل في أفكار شتى، من التصورات التي لا يرضاها الإسلام، بل قد يصل الأمر إلى أبعد من ذلك، فقد يقع البصر على امرأة، فتكون سببا في إثارة الشهوة، وربما تصل الأمور إلى أشياء لا يرضاها الله تعالى.

فمن أجل ذلك كان الاستئذان بمثابة حاجز يقي الإنسان، ويحفظ مشاعره من كل الأسباب، التي تؤدي إلى الفتنة.

وعندما نطبق هذا الأدب الاجتماعي الرفيع، نكون قد حافظنا على مشاعرنا، ومشاعر غيرنا، وبالتالي يكون المجتمع الإسلامي مجتمعا نظيفا، من كل الشوائب، والانحرافات، التي تجعله هابطا، كالحيوانات.

قد يظن بعض الناس، أن الاستئذان مقتصر على البيوت، التي يقطنها الإنسان، لكنه أعم من ذلك، فالاستئذان على أصحاب البيوت، نوع من أنواعه، كما سيأتي بيان ذلك.

واقتصر القرآن عليه، لبيان أهمية حرمة البيوت، لأنه من المعروف أن الإنسان عندما يكون في بيته، يكون في حاله لا يريد أن يطلع عليه أحد.

كما أن الاستئذان ليس مقتصرا بين البشر، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذن ربه في عدة أمور.

ص: 341

استأذنه في الدنيا، وسيستأذنه في الآخرة.

فمن ذلك ما أخرجه مسلم بسنده عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استأذنت ربي أن أستغفر لأمي، فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها، فأذن لي (1)» .

أما استئذانه في الآخرة ربه، فقد أخرج البخاري بسنده عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يحبس المؤمنون يوم القيامة، حتى يهموا بذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا، فيريحنا من مكاننا، فيأتون آدم، فيقولون: أنت أبو الناس، وخلقك الله بيده

الحديث بطوله إلى أن قال: فيأتون عيسى، فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فأستأذن على ربي

(2)» الحديث، كما أن الجمادات تستأذن من خالقها. عن أبي ذر - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: «قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر، حين غربت الشمس: "أتدري أين تذهب؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن، فيؤذن لها، ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها، وتستأذن فلا يؤذن لها، فيقال لها: ارجعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها، فذلك قوله تعالى:

(1) كتاب الجنائز - باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه في زيارة قبر أمه - 2/ 671 حديث رقم عام 976

(2)

كتاب التوحيد - باب قول الله تعالى: (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) - 13/ 4222 حديث 7440

ص: 342

(2)

».

ولأهمية الاستئذان أفرده أهل الحديث، وسموه "كتاب الاستئذان"، كما صنع الإمام البخاري، والترمذي، ومنهم من جعله داخلا في "كتاب الأدب" فهذا دليل أيضا على أهميته، والعناية به، فمن أجل ذلك أردت أن أكتب هذا البحث، لأظهر أهمية هذا الأدب الرفيع في الإسلام، وأن الاستئذان أنواع متعددة، كاستئذان الرعية من الراعي، واستئذان الجند من أميرهم، واستئذان الزوجة من زوجها، وغير ذلك.

ومما لا شك فيه أن الاستئذان في كل الأمور المتقدمة له أهمية كبيرة في حياة المسلمين.

وإذا حدث خلل، أو تفريط في بعض أنواعه، فإن الأمور ستكون فوضى. وجعلت هذا البحث في مقدمة، ومبحثين، وكل مبحث تحته مطالب، وخاتمة.

المقدمة: بينت فيها أهمية الاستئذان في الإسلام، وأنه أدب اجتماعي رفيع.

المبحث الأول: وتحته مطلبان:

المطلب الأول: معنى الاستئذان لغة، وحكمه.

المطلب الثاني: المنهج الذي اتبعته في هذا البحث.

المبحث الثاني: وتحته أربعة مطالب:

المطلب الأول: استئذان الرسول صلى الله عليه وسلم زوجاته، وأصحابه.

(1) صحيح البخاري كتاب بدء الخلق (3027)، صحيح مسلم كتاب الإيمان (159)، سنن الترمذي كتاب تفسير القرآن (3227).

(2)

سورة يس الآية 38 (1){وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}

ص: 343

المطلب الثاني: استئذان الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المطلب الثالث: استئذان الناس بعضهم من بعض.

المطلب الرابع: المرأة والاستئذان.

الخاتمة: تضمنت أهم الأمور التي توصلت إليها من هذا البحث.

ص: 344

المبحث الأول: وتحته مطلبان:

المطلب الأول: معنى الاستئذان لغة، وكيفيته، وبيان حكمه:

الاستئذان: أصل هذا الفعل "أذن"، زيدت الألف، والسين، والتاء، لتعطي معنى الطلب.

و"أذن" كسمع، يقال: أذن بالشيء إذنا، أذنا، وأذانة، إذا علم.

تقول: ذهبت إلى كذا، بإذنه، أي بعلمه، ومثله: إذا قلت: فعلت كذا بإذنه، أي بعلمه، أما إذا أردنا أن نعلم آخر، فيقال: آذنته - بالمد - بكذا، أوذنه، إيذانا، وإذنا، إذا أعلمته، قال: تعالى: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ} (1)، معناه: أعلموا أن كل من لم يترك الربا، بأنه حرب من الله ورسوله.

أما "الآذن": بكسر الذال، فهو الحاجب، في مدرسة، أو محكمة، أطلق عليه ذلك، لأنه لا يسمح لأحد بالدخول، إلا بعدما يأذن له. أما إذا قلنا: أذن أحمد لخالد أذنا، فهو بمعني استمع إليه. وفي الحديث:«ما أذن الله لشيء، كإذنه لنبي يتغني بالقرآن (2)» أي ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي .. ومثل ذلك قوله تعالى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} (3) أي - استمعت.

وإذا قلنا: آذنني الشيء: أي أعجبني، فاستمعت إليه.

(1) سورة البقرة الآية 279

(2)

البخاري التوحيد (7044)، مسلم صلاة المسافرين وقصرها (792)، النسائي الافتتاح (1017)، أبو داود الصلاة (1473)، أحمد (2/ 285)، الدارمي الصلاة (1488).

(3)

سورة الانشقاق الآية 2

ص: 344

وأما "الأذان" فهو الإعلام بدخول الوقت، قال تعالى:{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (1) أي إعلام من الله ورسوله.

قال في لسان العرب: والأذان: اسم يقوم مقام الإيذان: وهو المصدر الحقيقي، وقوله عز وجل:{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (2) معناه: وإذ علم ربكم. وأما "الأذن" فهي الأذن المعروفة.

قال أبو البقاء: "والأذن: بالضم، محبس جميع الصوت، قد خلقت غضروفية، لأنه لو خلقت لحمية، أو غشائية، لم يحفظ شكل التقعير، والتعميق، والتعريج الذي فيها. فسبحان من أسمع بعظم، كما أبصر بشحم، وأنطق بلحم"(3).

وتطلق هذه الأمور على عدة أمور، ينظر لسان العرب وغيره من كتب المعاجم، ويطلق "الإذن" على الإباحة، وهذا هو المراد في هذا البحث. قال في لسان العرب:"وأذن له في الشيء إذنا: أباحه له. واستأذنه: طلب منه الإذن. وأذن له عليه: أخذ له منه الإذن". وقال أبو البقاء: "أذن له بالشيء إذنا وأذينا: أباحه له"(4).

وقال الحافظ ابن حجر: "الاستئذان: طلب الإذن بالدخول، لمحل لا يملكه المستأذن (5) ".

(1) سورة التوبة الآية 3

(2)

سورة إبراهيم الآية 7

(3)

الكليات: ص72

(4)

المصدر السابق

(5)

فتح الباري: 11/ 1

ص: 345

قلت: اقتصر الحافظ ابن حجر على نوع واحد من الاستئذان، وهو الدخول إلى مكان، ليس من حقه أن يدخله. فالإنسان يطلب الإذن منه، في أي أمر، مما ليس له به حق. وشرع الاستئذان، من أجل الاحتراز من وقوع النظر إلى ما لا يريد صاحب المكان النظر إليه، ورؤيته، فيما لو دخل بغتة، من غير استئذان (1). كما أن "الإذن" لا يستعمل إلا بما فيه مشيئة، لأن الذي يستأذن، لا يأذن إلا بإرادته، ومشيئته، فإن شاء أذن، وإن شاء لم يأذن. ومن الكلمات التي لها صلة بالاستئذان " الاستئناس "(2).

وأصل الاستئناس: أنس: وأصل "أنس" في اللغة طلب الإيناس، فهو من الأنس، ضد الوحشة، وزيدت الألف، والسين، والتاء، لتعطي معنى الطلب. فالاستئناس: العلم بالشيء، يقال: استأنست: أي استعلمت.

قال الزجاج: معنى تستأنسوا: تستأذنوا. قلت: ونسب الحافظ ابن حجر هذا التفسير إلى الجمهور. قال رحمه الله: "والمراد بـ "الاستئناس" في قوله تعالى {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا} (3) الاستئذان، بتنحنح، ونحوه، عند الجمهور (4). ثم ذكر أن الإمام مجاهدا يقول بذلك.

وقال الفراء: "هذا مقدم ومؤخر، إنما هو: حتى تسلموا وتستأنسوا: السلام عليكم أأدخل؟ وقال: والاستئناس في كلام العرب النظر. يقال:

(1) انظر: فتح الباري: 11/ 9، ولسان العرب مادة "أنس".

(2)

ينظر لسان العرب مادة "أنس".

(3)

سورة النور الآية 27

(4)

فتح الباري: 11/ 8.

ص: 346

اذهب فاستأنس، هل ترى أحدا؟ (1). فيكون معناه: انظر من ترى في الدار.

قلت: لا يمكن أن يعلم من في الدار، إلا بعد الاستئذان. أما حكم الاستئذان: فهو واجب بلا خلاف، فلا يجوز لأحد أن يدخل مكانا، ليس من حقه دخوله، من غير إذن صاحبه، كما سيأتي حديث أبي موسى الأشعري، الدال على المنع.

المطلب الثاني: المنهج الذي اتبعته في هذا البحث:

اتبعت الأمور التالية في هذا البحث:

1 – ذكرت الأحاديث المقبولة، بقسميها الصحيحة، والحسنة.

2 – اعتمدت في هذا البحث، على مصادر السنة النبوية المشهورة، كالكتب الستة، ومسند الإمام أحمد.

3 – إذا كان الحديث في الصحيحين، أو أحدهما، فإني أكتفي بالعزو إليهما، أو أحدهما، إذ لا فائدة من كثرة التخريج، ما دام الحديث قد ثبتت صحته.

4 – شرحت الأحاديث شرحا مختصرا، ولم أتوسع بالشرح، لأن الهدف من البحث، هو إبراز أنواع الاستئذان، في السنة.

واعتمدت على كتب الشروح المعتمدة، كفتح الباري، وشرح السنة، وغيرهما.

5 – تجنبت الأحاديث الضعيفة، وشديدة الضعف.

(1) المرجع السابق

ص: 347