الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيلاحظ أن الصحابي، لم يتكلم إلا بعدما استأذن من الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ قال:"وائذن لي".
26 -
ومن الأمور التي يستأذن فيها، الذهاب إلى الجهاد، فلا يجوز لمن كان أبواه، أو أحدهما، على قيد الحياة، أن يذهب إلى الجهاد، إلا بعد استئذانهما. عن عبد الله بن عمرو أنه قال:«جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد! فقال: "أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما جاهد (1)» . وجاء عند أبي داود: «ارجع فاستئذنهما، فإن أذنا لك، فجاهد، وإلا فبرهما". (2)» فهذا الحديث دل على منع الجهاد إلا بعد الاستئذان من الوالدين، وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء.
قال الحافظ ابن حجر: "قال جمهور العلماء: يحرم الجهاد، إذا منع الأبوان، أو أحدهما، بشرط أن يكونا مسلمين، لأن برهما فرض عين عليه، والجهاد فرض كفاية، فإذا تعين الجهاد فلا إذن"(3).
(1) أخرجه البخاري - مع الفتح - كتاب الجهاد - باب الجهاد بإذن الأبوين - 6/ 140 - حديث 3004.
(2)
أبو داود الجهاد (2530)، أحمد (3/ 76).
(3)
فتح الباري: 6/ 140 وما بعدها
المطلب الرابع: الاستئذان والمرأة:
بما أن المرأة لها خصائصها، وطبائعها، جاءت عدة أحاديث، في الاستئذان، تخص المرأة وحدها.
وهذا دليل على اهتمام الإسلام بالمرأة، ورعايتها، وأن لها شخصيتها، وإرادتها.
وهذه الأحاديث تناولت جانبين، من استئذان المرأة:
الجانب الأول: استئذان ولي أمرها، منها.
الجانب الثاني: استئذان الزوجة ولي أمرها، في بعض الأعمال التي تقوم بها.
أما الجانب الأول: فقد جاءت فيه عدة أحاديث، توجب على الرجل استئذانها، فمن ذلك:
27 -
ما رواه الشيخان - واللفظ للبخاري - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت (1)» . والمراد من قوله: "حتى تستأمر" لا يعقد عليها إلا إذا أمرت بذلك صراحة، بخلاف البكر، فإنه يكفى سكوتها، لأنه قد تستحي من التصريح (2). أما ما يقوم به الآن بعض الأولياء، من تزويج بناتهم، من غير إذنهن، فهذا أمر غير جائز، ومن حق هذه المرأة، أن تذهب إلى القاضي، ليفسخ هذا العقد
(1) البخاري - مع الفتح - كتاب النكاح - باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما - 9/ 191 حديث 5136، ومسلم - كتاب النكاح - باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق، والبكر بالسكوت - 2/ 1036 حديث رقم عام 1419.
(2)
انظر فتح الباري: 9/ 192.
الجائر.
28 -
روى الإمام البخاري بسنده «عن خنساء بنت خذام الأنصارية، أن أباها زوجها، وهي ثيب، فكرهت ذلك، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد نكاحها (1)» فهذا الحديث صريح، في استئذان المرأة، ورضاها، وهو وإن كان صريحا في الثيب، فيقاس عليها البكر. وهذا ما ذهب إليه الإمام البخاري، إذ ترجم للحديث المتقدم بقوله: باب "إذا زوج الرجل ابنته، وهي كارهة، فنكاحه مردود".
قال الحافظ ابن حجر: "هكذا أطلق، فشمل البكر والثيب، ولكن حديث الباب، مصرح فيه، بالثيوبة، فكأنه أشار إلى ما ورد، في بعض طرقه". .
(1) كتاب النكاح - باب إذا زوج الرجل ابنته، وهي كارهة، فنكاحه مردود - 9/ 194 حديث 5138.
أما الجانب الذي تستأذن فيه المرأة ولي أمرها، فقد جاءت عدة أحاديث، فمن ذلك:
29 -
ما رواه الشيخان - واللفظ للبخاري - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل أن تصوم المرأة، وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه، وما أنفقت من نفقة على غير أمره، فإنه يؤدى إليه شطره (1)» . المراد بالصوم المنهي عنه صوم النفل، فهذا الحديث دل على أن حق الزوج آكد على المرأة من التطوع.
قال الحافظ ابن حجر: "وفي الحديث أن حق الزوج آكد على المرأة من التطوع بالخير، لأن حقه واجب، والقيام بالواجب مقدم على القيام بالتطوع"(2).
أما إدخال المرأة أحدا إلى بيت زوجها، من غير إذنه، فقد حرم الإسلام ذلك، لكن بعض الناس، يتخذون دارا خاصة بالضيوف، فإنه يجوز للمرأة إدخالهم عليها، إن كان الزوج قد أذن لها بذلك، وإن كان غائبا. أما نفقة المرأة من مال زوجها، من غير إذنه، فقد اختلف أهل العلم في ذلك. والصحيح: أنه يجوز لها أن تنفق إذا كان هذا الإنفاق بحدود العرف والعادة. أما إذا أنفقت وهي مفسدة في هذا
(1) صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب النكاح - باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه - 9/ 295 حديث 5195، ومسلم - كتاب الزكاة - باب ما أنفق العبد من مال مولاه - 2/ 711 حديث رقم عام 1026
(2)
فتح الباري: 9/ 296.